يحتفل محرّك البحث العالمي جوجل بذكرى ميلاد مفيدة عبدالرحمن الـ 106، وهي أول محامية مصرية وعربية تمارس مهنة المحاماة، وهي أيضاً أول امرأة متزوّجة تتخرّج في الجامعة بكلية الحقوق.
وُلدت مفيدة عبدالرحمن في 20 يناير/كانون الثاني عام 1914، في وقتٍ لم يكن تعليم المرأة معروفاً بكثرة، فضلاً عن تخرّجها في أهمّ جامعة عربية بذلك الوقت: جامعة فؤاد الأوّل (جامعة القاهرة الآن).
كان والدها خطاطاً للمصحف الشريف، ويُذكر أنه كتبه بيده 19 مرّة. دخلت مفيدة عبدالرحمن مدرسةً داخليةً للبنات، وكانت تتمنى أن تدرس الطبّ اقتداءً بأختها توحيدة عبدالرحمن، التي أصبحت لاحقاً أول طبيبة يتمّ توظيفها في الحكومة المصرية عام 1933. لكنّ قصة توحيدة ومفيدة مختلفة بعض الشيء.
وراء كل امرأة عظيمة رجل عظيم
درست توحيدة الطبّ من خلال ابتعاثها لدراسته في بريطانيا مع بعثة "كتشنر"، ثمّ عملت بمستشفى كتشنر وأصبحت كبيرة الطبيبات في وزارة المعارف إلى أن استقالت عام 1954، لكنّ أختها الصغيرة مفيدة كان لها مسارٌ آخر.
في البداية أرادت مفيدة أن تدرس الطبّ اقتداءً بأختها، لكنّها تزوّجت قبل امتحانات البكالوريا من محمد عبداللطيف، وهو كاتب وتاجر مصاحف محبّ للعلم والدراسة، فاقترح على زوجته عودتها للدراسة واقترح عليها أن تدرس الحقوق.
تقدمت مفيدة لدراسة الحقوق، إلا أن عميد الكلية رفض الإذن لها بدراسة الحقوق بعد علمه أنها متزوجة، وبعدما قابل زوجها وأخذ موافقته التحقت بكلية الحقوق ولديها ابنها الأكبر عادل، وتخرّجت في الكلية عام 1935 ولديها 5 أبناء.
وما إن تخرّجت حتى بدأت في المرافعة أمام القضاء، وبهذا أصبحت أول امرأة مصرية وعربيّة تمارس مهنة المحاماة في المحاكم، بعدما كانت المرأة الأولى التي تتخرّج في كلية الحقوق أيضاً، وفي بداياتها تلك كان أجرها بسيطاً للغاية، فكانت توافق على أن يكون أجرها عن قضيّةٍ ما سلّة فاكهة مثلاً، وفق ما نشر موقع الأهرام ويكلي المصري.
كانت أولى قضاياها مرافعة في قضية قتل، واستطاعت إقناع القاضي ببراءة موكلها، ومن هنا أصبح اسمها شهيراً، ويذكر أنها كانت تدخل المحكمة وتترافع عن قضاياها وهي حامل.
مفيدة عبدالرحمن.. "أول امرأة" دائماً!
مفيدة عبدالرحمن هي أول امرأة تتخرّج في كلية الحقوق بمصر، وأيضاً أوّل متزوجة وأمّ تتخرّج في الكلية، وكذلك هي أوّل امرأة تمارس المحاماة بشكل مباشر، وهي أيضاً أوّل سيدة تشغل منصب عضو مجلس إدارة بنك عام 1962 (بنك الجمهورية)، كما أنها انتخبت عام 1959 عضواً في مجلس الأمة (البرلمان المصري) وظلّت نائبة عن حي الغورية والأزبكية بالقاهرة طيلة 17 عاماً.
كما أنها ترأست الاتحاد الدولي للمحاميات والقانونيات بالقاهرة بعد جهودها داخل المحاكم العسكرية، وكانت أيضاً هي أوّل امرأة تترافع أمام محكمة عسكرية في مصر، كما شغلت عضوية مجلس نقابة المحامين، وتقاعدت عن العمل حين بلغت الثمانين من عمرها، وتوفيت عام 2002 عن 88 عاماً.
لكنّ القضية التي لا يزال يذكرها التاريخ لها، كانت عام 1951 عندما دافعت عن النسويّة المصرية الشهيرة: درية شفيق.
اندلعت "المظاهرة النسائية" في فبراير/شباط عام 1951، وبدأت المسيرة من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، بقيادة درية شفيق هذه المظاهرة المكونة من 1500 امرأة وفتاة مصرية تطالب بحقوق المرأة والسماح للنساء بالاشتراك في الحياة السياسية.
عطّلت المسيرة البرلمان المصري طيلة 4 ساعات، ويقال إنّ تلك التظاهرة هي التي ساعدت في حصول المرأة المصرية على حق الانتخاب والترشح في دستور 1956.
بعد مرور شهر على أحداث هذه المسيرة النسائية، استدعيت درية شفيق للمثول أمام المحكمة بتهمة اقتحام البرلمان، في هذه الأحداث برز اسم مفيدة عبدالرحمن عندما ترافعت كمحامية عن درية شفيق.