عادةً ما يذهب المرضى إلى الجراحين لإجراء العمليات الجراحية، التي تتم بدورها في غرف مجهزة وبها أحدث المعدات، من أجل إجراء جراحة تكلَّل بالنجاح في نهايتها.
ولكن هل تخيلت يوماً أن هناك من أجروا جراحات لأنفسهم، بعيداً عن الغرف المجهزة، من أجل البقاء على قيد الحياة؟
هناك بالفعل من قاموا بذلك، اقرأ فقط السطور التالية، لتتعرف على قصصهم الغريبة.
– طبيب روسي أزال زائدته الدودية في أنتاركتيكا
شارك الطبيب الروسي ليونيد روجوزوف في الرحلة الاستكشافية الروسية السادسة للقارة القطبية الجنوبية. كان روجوزوف الطبيب الوحيد في محطة نوفولازارفسكايا Novolazarevskaya الروسية.
في مارس/آذار من عام 1961، انعزل روجوزوف ورفاقه داخل المحطة عن العالم الخارجي، بسبب الشتاء القطبي.
وفي 29 أبريل/نيسان من العام ذاته، عانى روجوزوف أعراض التهاب الزائدة الدودية، التي تتمثل في الضعف العام، والغثيان، والحمى مع ألم بالجزء السفلي الأيمن من الجسم.
وبالطبع، كان يعلم بصفته طبيباً أنه لا بد من إجراء جراحة لاستئصال الزائدة الدودية، كي يستمر في البقاء على قيد الحياة.
ولكن بسبب الظروف المناخية في أنتاركتيكا، والعواصف الثلجية بهذا الوقت من العام، كان الانتقال من المكان أمراً مستحيلاً.
رغم لجوئه إلى المضادات الحيوية المتوافرة، فإن حالته العامة ازدادت سوءاً. لم يكن لدى روجوزوف أي خيار سوى إجراء العملية على نفسه.
بدأت العملية في الساعة 2:00 بالتوقيت المحلي في اليوم الأول من شهر مايو/أيار، بمساعدة سائق وأخصائيي الأرصاد الجوية، الذين كانوا يوفرون الأدوات ويحملون مرآة لمراقبة المناطق غير المرئية مباشرة، في حين كان روجوزوف بوضع شبه مستلقٍ.
بعد 30-40 دقيقة، بدأ روجوزوف أخذ فترات راحة قصيرة، بسبب الضعف العام والدوار. وأخيراً أزال الزائدة الدودية المتأثرة بشدة، ووضع المضادات الحيوية في التجويف البريتوني وأغلق الجرح.
استمرت العملية نفسها ساعة و45 دقيقة. في أثناء العملية، التقط الفريق المساعد صوراً للعملية.
واجه روجوزوف عدة صعوبات في أثناء الجراحة، فالمرآة تنقل له الصورة معكوسة. كما أنه في أثناء الجراحة أصاب الأعور، فاضطر إلى استئصاله، ونزف كثيراً من الدماء.
بعد العملية حدث تحسُّن تدريجي في الحالة العامة لروجوزوف. عادت درجة حرارة الجسم إلى طبيعتها بعد خمسة أيام، وتمت إزالة الغرز بعد سبعة أيام من العملية، واستأنف مهامه المعتادة في نحو أسبوعين.
– مكسيكية أجرت جراحة قيصرية لنفسها
في 5 مارس/آذار عام 2000، أجرت سيدة مكسيكية تبلغ من العمر 40 عاماً -وتدعى غينيس راميريز بيريز- عملية قيصرية ناجحة لنفسها، نجت فيها هي وجنينها.
كانت غينيس أماً لسبعة أطفال، وفقدت طفلها الثامن عقب ولادته.
كانت غينيس في شهر الحمل السابع، حينما شعرت بألم الولادة في منتصف النهار، واستمر معها إلى منتصف الليل.
خافت غينيس أن تفقد جنينها مثل طفلها السابق الذي وُلد ميتاً، فأرادت أن تلد في أقرب وقت، كي تحافظ على حياته حينما شعرت بتوقف حركته.
ولأنها لا تمتلك هاتفا، وأقرب مشفى على بُعد 80 كيلومتراً تقريباً، عزمت غينيس على إجراء الجراحة لنفسها.
وهنا، شربت غينيس 3 أكواب من مشروب كحولي مركَّز، واستخدمت سكين مطبخ طوله 15 سم لإجراء الجراحة.
تمكنت غينيس من الوصول إلى الرحم بعد شق جرح طولي بطول 17 سم، وأخرجت جنينها، وقطعت الحبل السُّري بمقص، ثم فقدت الوعي.
حينما استعادت غينيس وعيها، ضمدت جرحها بالملابس، وأرسلت أحد أبنائها لطلب المساعدة.
بعد عدة ساعات، وصل المساعد الصحي، ووجد غينيس وابنها على قيد الحياة، فخاط جرحها، ونقلهما إلى أقرب عيادة على بعد ساعتين ونصف الساعة.
خضعت غينيس بعد 6 أيام لجراحة لإصلاح المضاعفات الناجمة عن تلف الأمعاء، وخرجت من المستشفى بعد 10 أيام، وشُفيت بالكامل.
– طبيب هولندي أزال الحصوات من مثانته
في عام 1651، أجرى الهولندي جوان ليتايوس، المعروف باسم جان دي دووت، عملية جراحية لنفسه بمساعدة أخيه.
وليتمكن من إجراء الجراحة، أجبر جان دي دووت زوجته على الذهاب إلى سوق السمك، وطلب المساعدة من أخيه.
تمكن جان دي دووت من استخراج حجر بحجم البيضة تقريباً يزن ما يزيد على 100 غرام من مثانته، من خلال شق جرح في منطقة العجان، للوصول إلى الحصوة الكبيرة.
طلب جان دي دووت من شقيقه أن يحمل كيس الصفن وهو يقطع جسده بسكين.
وجلس في وضع القرفصاء ليوسِّع الجرح، واستخدم يديه للوصول إلى الحجر الكبير الموجود بالمثانة، ونجح في ذلك.
فقد أمسك الجرح بأصابعه، واستخدم اليد الأخرى للإمساك بالحصوة الكبيرة.
لم تكن تلك العملية الأولى لإزالة حصى من مثانة جان دي دووت، فقد أجرى جراحتين سابقتين على أيدي جراحين متخصصين.
وثّق الطبيب نيكولاس تولب، رئيس بلدية أمستردام، بالقرن السابع عشر، تلك العملية الجراحية في كتابه Observationes Medicae الذي نُشر في عام 1972.
لاقت تلك القصة تشكيكاً في أوانها، وفي القرن العشرين أيضاً، فقد اتفقوا على أنه ليس من السهل إخراج حجر بتلك الطريقة التي فعلها جان دي دووت.
وقال بعضهم إن الحجر من الممكن أن يكون قد تحرك بالفعل من مكانه، بسبب الشقوق الناتجة عن العمليتين السابقتين بطريقة أو بأخرى، وانتهى به الأمر في الأنسجة أسفل الجلد مباشرة، وهو ما يفسر تمكُّن جان دي دووت من إخراجه.
– جرَّاحٌ أمريكي أجرى جراحة لنفسه 3 مرات
إيفان أونيل كين جراحٌ من ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، أجرى جراحة لنفسه ثلاث مرات.
بدأت قصته عن الجراحة الذاتية في عام 1919، عندما بتر إحدى أصابعه، لمنع انتشار العدوى.
ولكن في 15 فبراير/شباط 1921، عندما كان عمره 60 عاماً، نال شهرة واسعة، لكونه أول من يجري استئصالاً لزائدته الدودية.
وفقاً لصحف ذلك الوقت، كان السبب الأول هو اكتساب ثقة المرضى الذين ترددوا قبل الجراحة.
استخدم كين المرايا للتمكن من إجراء الجراحة الذاتية، فجلس على طاولة العمليات مدعوماً بالمساند، وخلفه ممرضة تمسك برأسه، في حين يجري هو العملية، وحينما وصل إلى الزائدة الدودية رفعها للأعلى، ثم قطعها، وترك مهمة إغلاق الجرح لمساعديه، وعاد لمنزله في اليوم التالي، لاستكمال التعافي.
أما المرة الثالثة، فكانت في عام 1932، بسن السبعين، أجرى عملية جراحية مرة أخرى لنفسه في مستشفى كين ساميت.
وهذه المرة بسبب فتق إربي بسبب حادث ركوب الخيل قبل ست سنوات.
هذه المرة حرصت وسائل الإعلام على تصوير العملية، وتمكن كين بعد مرور 36 ساعة فقط من العودة لمزاولة مهنته مرة أخرى.
– طبيبة أمريكية أجرت اختبار الخزعة لنفسها
في البداية، لنعرف أن الخزعة هي عملية طبية تتطلب إزالة نسيج حي من الجسم، للتحقق من سلامته أو وجود مرض به، وعادة ما يجريها طبيب جراح.
الدكتورة جيري لين نيلسن هي طبيبة أمريكية تتمتع بخبرة واسعة في مجال الطوارئ.
في عام 1998، تم التعاقد معها لقضاء عام بمحطة أبحاث أموندسن سكوت في أنتاركتيكا، حيث ستكون الطبيبة الوحيدة خلال فصل الشتاء.
في أوائل مارس/آذار عام 1999، اكتشفت الدكتورة جيري نيلسن ورماً في صدرها الأيمن.
بعد استشارة الأطباء الأمريكيين عبر البريد الإلكتروني ومحادثات الفيديو، أجرت خزعة عليها.
كانت النتائج غير حاسمة، لأن المواد المستخدمة في الموقع كانت قديمة جداً بحيث لا تسمح بإجراء تشخيص دقيق. تقرر بعد ذلك إرسال طائرة عسكرية، لإسقاط الإمدادات والأدوية لعلاجها.
باستخدام الإمدادات الجديدة، أجرت خزعة أخرى سمحت بإرسال مسح أفضل إلى الولايات المتحدة، حيث تم تأكيد أن الخلايا سرطانية. بمساعدة فريقها الطبي المؤقت، بدأت نيلسن العلاج الكيماوي الذاتي.
في أكتوبر/تشرين الأول، أُرسلت طائرة نقل عسكرية قبل عدة أسابيع من الموعد المحدد، لإعادتها إلى المنزل.
بمجرد عودتها إلى الولايات المتحدة، أجريت لها عديد من العمليات الجراحية واستئصال الثدي.
أصبحت نيلسون متحدثة تحفيزية وكتبت كتاباً عن تجربتها. تم لاحقاً تحويل الكتاب Ice Bound إلى فيلم مصنوع تلفزيونياً، من بطولة سوزان ساراندون.