كشف باحثون متخصصون بتاريخ مصر الفرعونية في جامعة كورتن الأسترالية عن أصل ما يُسمَّى زجاج الصحراء الليبية، أو زجاج بحر الرمال الأعظم. وهو عبارة عن شظايا شفَّافة صغيرة خضراء اللون، يمكن العثور عليها في مناطق واسعة من غربي مصر.
وحسب موقع Express البريطاني، فقد اعتاد المصريون القدماء بعد عثورهم على المعدن الجميل، دمجه في مجوهراتهم المزخرفة. فعندما اكتشف الباحث البريطاني وعالِم الآثار هوارد كارتر كنز الملك توت عنخ آمون عام 1922، عثر ضمنه على درع مزخرفة بجعران كامل منحوت من هذا الزجاج الصحراوي.
لغز مصر الفرعونية الذي حيَّر العلماء والمستكشفين
وقد أشعل هذا الاكتشاف المذهل سباقاً للعثور على ذلك المعدن الغامض في عهد مصر الفرعونية وهو ما يظل حتى يومنا هذا محل جدالٍ محتدم.
ومن بين النظريات التي لاقت قبولاً واسعاً، أن هذا الزجاج الأخضر المصفرَّ قد تكوَّن قبل 29 مليون عام، عندما انفجر أحد الكويكبات داخل الغلاف الجوي للأرض.
ومن الممكن أن تكون الصخور الناتجة عن ذلك الانفجار قد تناثرت على أرض الصحراء المصرية، وصبَّت حرارةً كبيرة جداً على الرمال.
وبذلك تحوَّلَت الرمال إلى الحالة السائلة، ثم تصلَّبَت مرةً أخرى في صورة معدن المَرْو الشبيه بالزجاج، وهو ما اكتشفه المصريون القدماء لاحقاً.
لكن أرون كافوسي، من جامعة كورتن، يعتقد أن زجاج الصحراء تكوَّن بعد اصطدم أحد النيازك بالصحراء المصرية بسرعة كبيرة جداً.
وقد عرض نظريته المضادة في دورية Geology العلمية بعد دراسةٍ مُكثَّفة للعينات الزركونية في الزجاج الليبي.
فبحسب كافوسي، تُظهِر معادن الزركون علاماتٍ معدنية أخرى (مادة الريديت) تتشكَّل خلال الاصطدامات القوية للنيازك.
يقول كافوسي: "لا يزال الأمر محلَّ نقاشٍ مستمرٍ حول ما إذا كان الزجاج قد تشكَّل خلال اصطدام أحد نيازك أم خلال انفجارٍ جوي يحدث عندما تنفجر الكويكبات المعروفة بالأجرام القريبة من الأرض، وتطلق طاقةً في غلاف الأرض الجوي".
غير أن نظرية سقوط النيازك تبقى "الأقرب" إلى التصديق
ويضيف: "بإمكان كلٍّ من سقوط النيازك والانفجار الجوي أن يتسبَّب في الذوبان؛ لكن اصطدام النيزك هو فقط ما يمكنه توليد موجات اصطدام من شأنها تشكيل معادن ذات ضغطٍ عالٍ، ولذلك فإن العثور على أدلة على تكوُّن الريديت يؤكِّد أنه تكوَّن نتيجة لاصطدام نيزك ما".
ويقول كافوسي إن نظرية الانفجار الجوي في عهد مصر الفرعونية قد توسَّعَت مصداقيتها بعد الانفجار المشابه وغير المتوقع لنيزك إقليم تشيليابنسك الروسي عام 2013.
إذ شهدت الواقعة سقوط نيزك بطول 65.6 قدم (20 متراً) عبر الغلاف الجوي دون سابق إنذار، وانفجاره في الهواء، مُلحِقاً آنذاك أضراراً بأكثر من 7 آلاف مبنى.
لكنَّ هذه الحادثة لم تشهد ذوبان أيِّ مواد على سطح الأرض مثلما حدث في حالة النيزك المصري.
يقول كافوسي: "لقد أشارت النماذج السابقة إلى أن زجاج الصحراء الليبية يدل على انفجار جوي كبير بقوام 100 ميغاطن، لكن نتائجنا تُظهر غير ذلك".