طَرْقٌ على النحاس في سوق العبيد كان سبباً في بداية وزن الشعر العربي.. لمحة عن حياة الفراهيدي

عربي بوست
تم النشر: 2019/05/15 الساعة 12:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/05/15 الساعة 12:36 بتوقيت غرينتش

فقير زاهد، عمل في صمت حتى مماته، لكنه غيّر وجه التاريخ، وكان له الفضل في وضع علم العَروض ورسم تشكيل الأحرف العربية بالحركات الكتابة، حتى إنه درس الموسيقى خصيصاً ليضبط تشكيل أحرف اللغة العربية، فكان له أثر عظيم في وضع قواعد اللغة العربية، فماذا تعرف عن الخليل بن أحمد الفراهيدي؟

وُلد الفراهيدي في عام 718 في عمان، انتقل منذ طفولته إلى البصرة التي درس فيها حتى اعتُبر واحداً من شيوخ علماء المدرسة البصرية التي يُنسب إليها وضع قواعد اللغة العربية.

عاش فقيراً رغم كل ما قدمه للبشرية، وعلى الرغم من أن أساتذة عظاماً تتلمذوا على يدَيه مثل سيبويه، والأصمعي، والنضر بن شميل، فإن الفراهيدي فضَّل أن يعيش مغموراً بحياة بسيطة، لم يعرفه أحد إلا بعد مماته، وعُرف بأدبه الجمّ، وحُسن خُلقه، وجميل معاشرته للناس.

كيف طرأت فكرة العَروض للفراهيدي؟

حسب ما ورد في سيرته، كان الفراهيدي يسير في سوق العبيد، فسمع طَرْقاً على إناء من نحاس بشكل منتظم، فلمعت في ذهنه فكرة العَروض، والعَروض هو ميزان الموسيقى والشعر، الذي تميز به الشعر عن الكلام المنتظم.

أوحت له فكرة الموسيقى التي خرجت من طَرْق النحاس بضبط أوزان الكلام، فاخترع علم العروض وحصر فيه أوزان الشعر في 15 وزناً، أو ما عُرف ببحور الشعر، واهتم بضبط القوافي، وهي الأحرف الأخيرة من نهايات الكلام، التي تُلزم الشعراء بنهايات واحدة في آخر القصائد، فكان له الفضل في ابتداع منهج لعلم جليلٍ أخرج أجيالاً من الشعراء من بعده، وسهّل عليهم مهمة النظم.

وعلم العروض هو الميزان الدقيق الذي يزن صحيح أوزان الشعر، لكن أساس كلمة العَروض هي كلمة مشتقة من العَرَض، وهي أحد مسميات مكة المكرمة، وأراده الفراهيدي بهذا الاسم تبركاً بمكة التي وضع فيها أساس هذا العلم.

وضع أول معجم عربي

أشار الفراهيدي في كتبه وشروحه إلى بعض المسائل النحوية، إذ إنه لم يتميز في علم العروض وحده، لكنه كان من قامات علوم الفلك والرياضيات والشريعة الإسلامية ونظرية الموسيقى والتقاليد الإسلامية النبوية، وقيل إن براعته في اللغة العربية مستمدة، أولاً وقبل كل شيء، من معرفته الواسعة بالتقاليد الإسلامية النبوية، وكذلك تفسير القرآن، إضافة إلى أنه وضع أول معجم لعلوم اللغة العربية.

ورتَّب الخليل كلمات المعجم بطريقة قامت على الترتيب الصوتي، فبدأ بالأصوات التي تخرج من الحلق، وصولاً للأصوات المنطوقة من الشفاه، وجمعها في معجم أطلق عليه معجم "العين".

وله العديد من  المؤلفات، مثل كتاب النّغم، وكتاب العروض، وكتاب الشواهد، وكتاب الإيقاع.

طوَّر أحرف اللغة العربية

طوَّر الفراهيدي أيضاً علم النقط والتشكيل في اللغة العربية، ولولا الجهود التي قدمها لكن الخط العربي معقد القراءة والكتابة، إذ كان الخط العربي غير منقوط، فكانت الحاء تتشابه مع الخاء والجيم، وكل نظائرها من الحروف المنقوطة، ولم تعرف من قبله الحركات؛ إذ وضع أساس التشكيل والحركات، الضمة والفتحة و الكسرة.

توفِّي الخليل بن أحمد عام 786 بعد أن ترك تراثاً أدبياً ولغوياً سار عليه علماء اللغة العربية من بعده حتى اليوم.

علامات:
تحميل المزيد