"نحن اللي سقينا النيل.. من دمنا الفاير.. ما بننكتم نسكت.. في وش عميل جاير.. الطلقة ما بتحرق.. بيحرق سكات الزول حبوبتي كندانة"، قصيدة ثورية أشعلت بها الناشطة السودانية آلاء صالح التظاهرات، على وقع مشاركات نسائية لافتة في الاحتجاجات بالبلاد، لتصبح الأغنية أيقونة حراك.
وذاع صيت آلاء صالح، طالبة الهندسة المعمارية البالغة من العمر 22 عاماً، حينما التُقطَت لها صورة وهي تقف على سيارة مُرتديةً رداء أبيض طويلاً، وتخاطب حشداً كبيراً من المتظاهرين، في وقتٍ سابق من الأسبوع الأول من أبريل/نيسان 2019.
اعتلت صالح سطح سيارة وردَّدت بعض أبيات الشعر، ليردد المتظاهرون بعد كل بيت تقوله "ثورة"، فما أصل القصيدة؟
ظهرت في حراك 2013
القصيدة الثورية من التراث الشعبي السوادني، والأغاني التراثية في الأغلب لا يُعرف كتابها الأصليون، لأن عمرها طويل تتداولها الأجيال، استخدمها السودانيون للتعبير عن رفضهم حكم البشير إبان ثورات الربيع العربي في 2013، حين خرج آلاف منهم مطالبين برحيل النظام، ليتعرَّضوا للقمع الأمني، ويسقط عشرات الضحايا بين قتلى ومعتقلين.
وأعيد نشر القصيدة على مواقع التواصل الاجتماعي، في ديسمبر/كانون الأول 2018، مع بداية ظهور الحركة الاحتجاجية، ضد نظام البشير، لكنها لم تأخذ الصدى الذي لاقته حين ردَّدتها الناشطة آلاء صالح.
وتثمّن كلمات الأغنية مشاركة المرأة في حركة الاحتجاجات؛ إذ تشير إلى "الكنداكة"، والكنداكة لقب تاريخي من الموروث السوداني، يطلق على الملكات النوبيات قديماً، كما تستخدم للدلالة على النساء المشاركات في التظاهرات الثورية بشجاعة، والكنداكة أصبحت أحد رموز الثورة السودانية، بعد الصورة التي التقطت لها وهي تردد أبيات القصيدة.
وبدا أنها خَلقت حالةً ثورية متكاملة، أثارت تعليقات المتابعين على مواقع التواصل، ليس فقط بكلمات القصيدة ولكن بمظهرها التقليدي الذي كانت له دلالات عدة.
دلالات الثوب الأبيض..
ارتدت آلاء الزيّ الشعبي التقليدي السوادني الأبيض، والثوب الأبيض هو رمز للديمقراطية والسلام، وكان اللون الأبيض هو اللون الذي تبنته الطالبات المتظاهرات في جامعة الأحفاد للسيدات بمدينة أم درمان، بعدما نظمن وقفة احتجاجية وهن يرتدين الثوب الأبيض، وندَّدن خلالها بالأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
ما ألهم الكثيرين لإظهار دعمهم للمرأة ولحركة الاحتجاجات التي انطلقت من جامعة الأحفاد بارتداء ملابس مماثلة.
أقراط الأذن التي ارتدتها أيضاً كانت لها دلالة، إذ يرمز شكل الشمس في السوادن إلى الأنوثة، فسلَّطت الناشطة بالملابس والإكسسوات التي ارتدتها والشِّعر الذي ردَّدته الضوءَ على دور المرأة السودانية في الحراك.
ومشاركة النساء في الاحتجاجات بالسودان ليست أمراً مستحدثاً، فخلال العام 1946 خرجت أول طبيبة في البلاد، خالد زاهر، إلى الشارع، احتجاجاً على الحكم البريطاني، وحينها تم القبض عليها وجلدها، وكانت غالباً ما تبدأ الاحتجاجات والتظاهرات بزغرودة نسائية.
كلمات القصيدة
يا والدة أعفيلي..
وعدي القطعتو معاك..
إنو الكلام ممنوع.. في شلة الحكام
يا والدة دمي بفور.. لما البلد تغلي..
لما العساكر ديل.. الشوهو الإسلام
جايبين تفاهاتم..
سجنونا باسم الدين..
حرقونا باسم الدين..
حقرونا باسم الدين..
كتلونا باسم الدين..
الدين بريء يمة..
الدين بقول الزول.. إن خلى حقو يموت..
بيخاوي في شيطان..
الدين بقول تمرق..
تمرق تقيف في الضد.. وتواجه الحكام..
الدين بقول الزول.. إن شاف غلط منكر..
ما ينكتم يسكت..
ببقى الغلط ستين..
كوز السجم بيغرف.. في خيرنا ويتمتع..
نحن السقينا النيل.. من دمنا الفاير..
ما بننكتم نسكت.. في وش عميل جاير..
الخوف عديم الساس.. وأنا جدي ترهاقا..
حبوبتي كنداكة.. وعبدالفضيل الماظ..
فراس بشيلو الرأس..
يمة الشباب بحيو.. وأنا بالسكوت ميت