في شهر ذي الحجة من كل عام هجري، يسافر قرابة الخمسة ملايين مسلم حول العالم إلى مكة المكرَّمة لقضاء شعائر محدَّدة تسمَّى مناسك الحج، وتعتبر رحلة الحج واجباً وفرضاً على كل مسلم بالغ مرة واحدة في العمر، فهو أحد أركان الإسلام الخمسة.
ورغم أن الحج موجود قبل الإسلام منذ عهد إبراهيم عليه السلام، وموجود كذلك بطرق أخرى في أديان مختلفة، فإن مناسك الحج الإسلامية هي تلك الموروثة عن النبي محمد، الذي قال "خذوا عني مناسككم"، ومذكورة في القرآن بالتحديد.
فرض الحج في العام التاسع الهجري على كل شخص مسلم قادر ومستطيع، ويحج السنة والشيعة بطوائفهم الاثنى عشرية والزيدية والإسماعيلية والفرق الاعتقادية الأخرى، ورغم أن معظم مناسك الحج تتشابه بين السنة والشيعة بشكل عام، لكن بعض الشيعة يجعلون زيارة قبور الأئمة وآل البيت فعلاً مستحباً ملحقاً بالحج، وفيما يلي عرض لأبرز الفروق بين المذاهب الفقهية الأربعة، التي تمثل الاعتقاد السني ويتَّبعها أغلب المسلمين، وبين الشيعة، والفرق الأخرى.
مناسك الحج.. كيف يبدأ؟
أركان الحج هي الإحرام: إنّ الإحرام هو نيّة الدّخول في الحج، ويتمثّل الإحرام في الالتزام بالمكان والزمان المحدّدين من قِبل النبي محمد عليه الصلاة والسلام وتسمى بالميقات، والوقوف بجبل عرفة: هو الركن الأساسي بالحج، فالحجّ عرفة، ويبدأ الوقوف بجبل عرفة المبارك من مغرب يوم 8 من ذي الحجّة، وقِيل من طلوع فجر اليوم 9 من ذي الحجّة، وطواف الإفاضة: يبدأ وقت الطواف بعد الوقوف بعرفة والمُزدلفة، والسعي بين الصفا والمروة.
ويبدأ الحج بالنية والإحرام، ثم طواف القدوم، ثم السعي بين الصفا والمروة، ثم الذهاب إلى منى يوم التروية والمبيت فيها ثم الوقوف بعرفة في يوم التاسع من ذي الحجة وصلاة الظهر والعصر جمع تقديم مع التلبية والدعاء، وبعده النزول إلى مزدلفة، حيث يصلي الحجاج المغرب والعشاء جمع تأخير ويبيتون في مزدلفة، ثم رمي جمرة العقبة، ثم حلق الشعر أو تقصيره، أخيراً طواف الإفاضة حيث يتحلل الحجاج ثم يعودون إلى منى، ثم يطوفون طواف الوداع.
المذاهب الفقهية السنية
للحج شعائر ومناسك عند المذاهب الفقهية السنية منها الركن (التي لا يقبل الحج من دون أي منها)، والواجب، والسنة، والمندوبات (أي الأعمال المستحبة) والمحظورات المبطلة للحج وغير المبطلة، والأهم في المناسك هو حضور القلب في أداء المناسك ليكون مقبولاً
ركنان فقط عند الأحناف
اعتبر الأحناف أن للحج ركنين فقط، وهما الوقوف بعرفة، ومعظم طواف الزيارة، وهو أربعة أشواط والثلاثة الباقية المكملة للسبعة، واجبة وليست ركناً، واعتبر الإحرام شرطاً للصحة واعتبروا السعي بين الصفا والمروة واجباً لا ركناً.
وأربعة أركان عند المالكية والحنابلة، وأكثر عند الشافعية
وأركان الحج عند الشافعية هي الإحرام والوقوف بعرفة وطواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة والحلق أو التقصير والترتيب، بينما أركان الحج عند المالكية والحنابلة أربعة فقط هي: الإحرام والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي.
والإحرام ينعقد بالنية عند المذاهب الثلاثة لقوله صلّى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" عدا الأحناف الذين يضيفون لها قولاً أو فعلاً من خصائص الإحرام مثل التلبية أو التجرد من المخيط من الثياب.
الشيعة الاثنى عشرية.. ما هو طواف النساء؟
لا توجد فوارق كبيرة بين الحج عند الشيعة الإمامية والسنة، لكن الشيعة الاثنى عشرية يعتقدون أن التمتع فرض على كل من كان منزله يبعد مسافة 88كم عن مكة المكرمة، ويعتبر مستحباً عندهم زيارة المدينة المنورة وزيارة قبر النبي محمد وابنته فاطمة الزهراء (رغم أنهم لا يعرفون قبراً محدداً لها) ومقبرة البقيع التي دفن فيها عدد من الصحابة والأئمة وقبر علي بن أبي طالب.
وعند الشيعة يسمى الطواف الأخير طواف النساء، ويعتبر فرضاً لا يتم الحج إلا به.
واقرأ أيضاً..
رحلة الحياة والموت إلى مكة.. كيف سارت قوافل الحجاج قديماً من قارات العالم المختلفة إلى مكة؟
