من “الإنسان الأول” إلى “جنة عدن”.. ماذا يحدث لو تبادل الأدباء هذه الروايات التي لم تكتمل؟

إثر وفاته لم يتمكن القراء من معرفة أين اختفى إيدوين، وخصوصاً أن الكثيرين من بعده حاولوا أن يتنبأوا بما حصل بالاعتماد على المخطوطات والدلائل التي تركها وراءه

عربي بوست
تم النشر: 2018/02/27 الساعة 08:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/02/27 الساعة 08:59 بتوقيت غرينتش

اقترح الناقد الفرنسي بيير بيارد في كتابه "ماذا لو غيرت الكتب مؤلفيها"، فرضية تقوم على أساس قراءة بعض الأعمال الأدبية باعتبار أن مؤلفها كاتب آخر، في محاولة لإعادة تعريف العلاقة بين الكاتب والكتاب الذي يؤلفه، متجاوزاً نظرية "موت المؤلف" التي تحرر النص من سلطة المؤلف وتمنح القارئ حقه في الوصول إلى لذة النص كما قال الفرنسي رولان بارت -، نحو طريقة أخرى تقوم على أساس "التقمص"، وذلك في سبيل تقديم رؤية جديدة للأعمال الأدبيّة، وما نقوم به في هذه المقالة هو محاولة ربط روايات غير مكتملة بكتاب محتملين مناسبين لإكمالها.

لغز إيدوين دروود – تشارلز ديكنز



فارق الكاتب الإنكليزي الشهير تشارلز ديكنز – صاحب رواية قصة مدينتين وأوليفر تويست وغيرها- الحياة في العام 1870 وأثناءه كان في منتصف روايته الأخيرة "لغز إيدوين دروود".

وإثر وفاته لم يتمكن القراء من معرفة أين اختفى إيدوين، وخصوصاً أن الكثيرين من بعده حاولوا أن يتنبأوا بما حصل بالاعتماد على المخطوطات والدلائل التي تركها وراءه.

ماذا لو افترضنا أن الرواية كانت مكتوبة مثلاً من قبل الكولومبي الشهير غابرييل غارسيا ماركيز – صاحب الروايات الشهيرة الحب في زمن الكوليرا ومائة عام من العزلة؟

ربما أرجع ماركيز حقيقة اختفاء إيدوين لأنه تحول إلى شجرة أو فراشة. أو ربما جعله بطلاً في قرون سابقة بحيث يمكن أن يبني على سيرته مائة عام أخرى من عزلة ما.

أصل لورا- فلاديمير نابوكوف



ترك الروائي الروسي المعروف فلاديمير نابوكوف صاحب رواية "لوليتا" وصية لأصدقائه يقول لهم فيها إن عليهم إتلاف أي عمل له لم يكمله. وحين مات في العام 1977 لم يُطِع أصدقاؤه وصيته ولم يتلفوا روايته الناقصة "أصل لورا"، التي كتبها عن سيدة قررت إنهاء حياتها بالانتحار تاركه زوجها الطبيب يتساءل لماذا ينتحر الإنسان.

وقد كتب نابوكوف الرواية في 138 ورقة تشبه البطاقة الصغيرة ولم يرض عن عمله غير المكتمل فأوصى زوجته بإحراقها لكنها لم تجرؤ على ذلك.
http://maakom.com/site/article/2981

وفي العام 2009 قام ابنه ديميتري بنشر الرواية التي تتحدث عن الحب والموت وتعقيداتهما لكن دون أن نعرف ماذا يحدث نهاية لشخوصها الكثيرة، لكن لنتخيل لو كان المؤلف هو الفرنسي الشهير ألبير كامو صاحب رواية "الغريب" فهل من الممكن أن تكون نهاية الرواية التراجيديّة أكثر وضوحاً أو غموضاً مما جاءت عليه حيث يبقى الجميع وحيدين ليكتشفوا أن الحب لم يكن إلا وهماً.

الغريب الغامض- مارك توين



عمل الروائي الأميركي الشهير مارك توين أحد رواد الكتابة الروائية في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين على ثلاثة مخطوطات من روايته "الغريب الغامض" وحينما فارق الحياة في العام عام 1910 لم يكمل أياً من المخطوطات لكن ما يجمع المخطوطات الثلاثة هو موضوع انتقاد الأنظمة الدينية.

وبعد ست سنوات من موته تم نشر الرواية عبر تجميع أجزاء متخلفة منها لكن من دون نهاية واضحة، لكن لنتخيل إن كان المؤلف هو الشاعر الروائي الفرنسي ميشيل هولبيك المولود في العام ١٩٥٨ صاحب رواية "استسلام" التي يحذر فيها من أسلمة المجتمع الفرنسي وكيف يمكن لهذه المنظومة الدينية أن تنهار أمام انتقادات شخوص هولبيك الهذيانيّة والرافضة لكل القيم الدينية وخاصة الإسلام بسبب اعتناق أمه للدين الإسلامي.

واير من هيرمستون – روبرت لويس ستيفنسون


عرف الكاتب الإسكتلندي ستيفنستون بروايته الأشهر "جزيرة الكنز"، وحين توفي كان يعمل على رواية كانت آراء الكثيرين من حوله تقول أنّها ستكون رائعته الأدبيّة، وهي رواية ملحميّة تدور أحداثها خلال حروب نابليون في القرن التاسع عشر وتحكي عن رحلات أركي واير، والتأثيرات التراجيديّة للحرب على الأسرة والحب والعلاقات الاجتماعيّة.

ولنفترض مثلاً أن الروائي الروسي الشهير ليو تولستوي صاحب الحب والسلام هو من كتب هذه الرواية فكيف يمكن له أن يكملها، ويرسم معالم انهيار الطبقة البرجوازية العليا التي سحقتها الحرب في ظل نمو طبقة جديدة وصعود القوى الكولونياليّة.

البرج العاجي – هنري جايمس


يعتبر هنري جيمس من أشهر الكتاب الأميركيين المعاصرين، وكانت نهاية القرن التاسع عشر فترة ملهمة بالنسبة له وتعتبر روايته غير المكتملة "البرج العاجي" تعليقاً روائياً واجتماعياً على طبقة الأغنياء وطبيعة العلاقات الأسرية في ظل المجتمع الصناعي وآثار الثروة على العلاقات الاجتماعيّة.

ويعود السبب وراء عدم اكتمالها إلى أنه مات في عام 1916 مع ذلك نشرت الرواية بعد عام، من وفاته ولنفترض أن الرواية كتبها الروسي "إيفان تورجينيف"، الذي تغوص رواياته في العلاقات الاجتماعية والطبقيّة وتأثير البرجوازية على طبقة الفلاحين، فهل ستحوي الرواية صراعاً بين أفراد الأسرة وإهانات متبادلة كما في روايته الآباء والبنون قد تصل حد المبارزة بالمسدسات.

جنة عدن – إيرنست هيمنغواي


بدأ هيمنغواي كتابة روايته "جنة عدن" في العام 1946 وبقيت غير مكتملة حتى تاريخ انتحاره بعدذلك 15 عاماً.



الرواية تتحدث عن دايفيد وكاثرين اللذين تزوجا حديثاً وخلال شهر العسل يقع الزوجان في حب شابة تدعى ماريتا، ما يؤدي إلى سلسلة من الأحداث غير المتوقعة التي لا ندري كيف تنتهي، في المخطوط غير المكتمل وقعت الرواية في 800 صفحة ما يخالف أسلوب هيمنجواي صاحب العجوز والبحر في الكتابة المكثفة وعندما نشر المخطوط، لم ينشر بأكمله بل اضطر الناشر إلى حذف بعض الفصول من الرواية ما أثار ضده النقاد ومؤرخي الأدب.

لكن لنتخيل أن قصة الحب المتشعبة هذه ألفها الكاتب الساخر والمخرج السينمائي المعروف وودي آلن وحولها إلى فيلم "في أفلامه الشهيرة" كل ما تريد معرفته عن الجنس والحب والموت في القاهرة كيف يمكن أن تنتهي هذه الصراعات في ظل علاقات الحب المتشعبة هذه وهل من الممكن أن يكون الأمر مجرد نزوة أو قصة عشق بين ثلاثة أطراف تبقى مستمرة للأبد وهل سيقدم هزالات بطريقته الساخرة المعروفة أم يتخلى عن السخرية.

الملك الشاحب – دايفيد فوستر والس


انتحر الروائي دافيد فوستر والس في عام 2008 بعمر السادسة والأربعين وكان يعتبر من أهم الأصوات الروائية في أمريكا، وبعد نشر روايته الأشهر "دعابة غير منتهية" في عام 1996 بدأ بالعمل على "الملك الشاحب" الذي استمر في تطوير مخطوطها حتى انتحاره.

وهي رواية معقدة ذات طبقات متعددة تتمحور حول الحياة اليومية لموظفي مكتب الجمارك وتفاصيلها التي تمتلئ بالملل والضجر من الحياة، ووصل عدد صفحات المسودة إلى صفحة 500، وحسب ما قال قبل انتحاره أنه لم ينجز سوى ثلثها فقط، مع ذلك بعد وفاته نشرت المخطوطة في عام 2011، ولنتخيل أن الرواية كتبها النمساوي ستيفن سفايج صاحب رواية "24 ساعة في حياة امرأة "و"شفقة خطرة" والذي يغوص في تفاصيل شخصياته وتفاصيل حياتها والتي عادة ما تنتهي بمأساة أو اكتشاف كذبة كبرى. فهل سيمكننا ساعتها معرفة سر انتحار الروائي الأميركي من خيوط القصة لو كتبها سفايج؟

الإنسان الأول – ألبير كامو


فارق الفرنسي كامو الحياة مصادفة، في حادث سيارة عام 1960 وقبل رحيله كان يعمل على رواية باسم "الإنسان الأول" وتستند في تفاصيلها إلى طفولته في الجزائر وتتناول العلاقة بين الجزائريين والاستعمار الفرنسي وسياساته وتأثيرها على الصداقة والأسرة، وبعد وفاته قامت ابنته بتحرير المخطوط الناقص ونشرت الرواية في العام 1994.

لكن لنتخيل أن الرواية كتبها التشيكي ميلان كونديرا صاحب المزحة وخفة الكائن التي لا تحتمل والذي اختبر النظام الشيوعي ونقده في رواياته وكيف يمكن لشخصيات كامو أن تبدو لو أن كونديرا أكمل الرواية وخصوصاً أن العبثيّة والموت المفاجئ متوقعة في روايات الاثنين.

علامات:
تحميل المزيد