نشرت صحيفة The Guardian البريطانية، تقريراً عن أفضل 3 روايات كتبها سوريون وتقع أحداثها في سوريا الثورة وكذلك المجتمع السوري إبان حكم حافظ الأسد، وما سبقه من احتلال الفرنسيين.
إليك الروايات الثلاث:
"الجانب المظلم للحب"، تأليف رفيق شامي
تلك الرواية الأثرية عن الحب المحرم، هي قطعة فسيفساء غنية بالقصص المُجمَّعة والمتراصَّة بعناية. قراءتها ليست سهلة، باستطراداتها الكثيرة، وتنوُّع شخصياتها، لكنها مُجزية للغاية.
في قلب الرواية قصة حب، تشبه قصة روميو وجولييت، تدور بين فريد مشتاق ورنا شاهين، اللذين ينتميان إلى عشيرتين مسيحيتين، إحداهما كاثوليكية، والأخرى يونانية أرثوذكسية، بينهما صراع دامٍ استمر عبر الأجيال. العشيرتان أصلهما من قرية معلا الجبلية، وتنتقل العداوة بينهما إلى دمشق، التي يصفها الكاتب وصفاً غنياً مُفعَماً بالحب.
قصة العاشقين سيئي الحظ تتناول الحب والرغبة والخيانة والانتقام، وتكشف سوءات المجتمع الذكوري. وتتنقل أحداث الرواية بين معظم محطات تاريخ سوريا المضطرب في القرن العشرين، حيث الاحتلال الفرنسي، والانقلابات العسكرية، والوحدة مع مصر، والحرب مع إسرائيل.
ولا يُسلِّط شامي الضوء فقط على الجانب المظلم من الحب، والعنف والقمع باسم الدين، مما جعل فريد يدفع الثمن غالياً بسبب انتماءاته الراديكالية.
وتأتي الجملة التالية على لسان إحدى شخصيات الرواية: "المعرفة قفل، ومفتاحه سؤال، لكن ليس مسموحاً لنا بأن نسأل في هذا البلد".
المؤلف، الذي هرب من سوريا عام 1970، والذي يحيا الآن في ألمانيا، يقول إنَّ ما ألهمه لكتابة تلك الرواية هو أنه شهد "قتلاً شرفياً" في شوارع دمشق عام 1962.
"مديح الكراهية"، تأليف خالد خليفة
تستكشف رواية خليفة متعددة الطبقات صعود التطرف الديني في سوريا من منظور أنثوي.
تدور أحداثها في بداية ثمانينيات القرن العشرين، إبان الصراع الدامي بين الإخوان المسلمين ونظام حافظ الأسد، الذي راح ضحيته الآلاف.
الراوية، التي لا يُذكر اسمها، شابة نشأت في بيت جديَّها بمدينة حلب، مع عماتها الثلاث، تنتهك عزلتها الأحداث المضطربة التي حدثت في بلدها.
وتحت تأثير عمها، تصير متدينة ومتحفظة، ويزداد تطرفها حتى تعلن أنها مجاهدة. ثم يثير حماسها العداء الطائفي، إذ أنها تؤمن بأننا "نحتاج الكراهية لنعطي معنى لحيواتنا".
وبينما يتصاعد الصراع، و"تسقط الجثث على الجانبين كالتوت الناضج"، يتورَّط أفراد العائلة في المعركة والقمع الشرس الذي يليها. ثم تُسجَن الفتاة وتُعذَّب بسبب صلاتها مع الإسلاميين. وفي أثناء فترة سجنها الطويلة والقاسية تدرك أنَّ "الكراهية تستحق المديح لأنها تحيا بداخلنا كما يفعل الحب".
لتلك الكراهية أصداءٌ في الحرب الأهلية الوحشية التي تدور في البلد اليوم.
مُنِعَت الرواية في سوريا. ورغم خلافات الكاتب، الذي يشتهر أيضاً بأنه كاتب سيناريو، مع الحكومة، فهو لا يزال يحيا في دمشق.
"البلد المُحتَرِق: السوريون في الثورة والحرب"، تأليف روبن ياسين كساب وليلى الشامي
يجمع كتاب "بلد يحترق" بين أقوال الشهود العيان وبين تحليلات بليغة ليؤرخ تأريخاً شاملاً لثورة سوريا عام 2011. إنه ينقل التاريخ من وجهة نظر الناس، ويمنح الفرصة للمواطنين العاديين، الذين واجهوا "عالم الخوف" تحت حكم الأسد، لكي يُعبروا عن أنفسهم.
تُقدِّم الفصول الأولى سياقاً تاريخياً، وتشرح كيف انتقلت الطائفة العلوية، التي تنتمي إليها عائلة الأسد، من هامش المجتمع إلى متنه المهيمن، حتى حازت السلطة في ستينيات القرن العشرين. ومثَّلَت ديكتاتورية حافظ الأسد واجهةً زائفةً من الاشتراكية والعلمانية، أخفت وراءها رأسمالية المحاسيب والطائفية.
وقد منح تولي بشار السلطة، بعد موت أبيه عام 2000، الناس آمالاً في الإصلاح، الذي لم يحدث. وحين نزل المتظاهرون السلميون إلى الشوارع عام 2011، كان رد فعل النظام وحشياً. وبعد "تعميد الرعب" هذا، صارت الثورة أشرس. صارت الثورة مسلحة، وانشق الثوار إلى جماعات، وكان عدداً متزايداً من المقاتلين ينتمون إلى الجماعات الإسلامية.
وبعد ذلك، صار البلد مكاناً "للحروب بالوكالة، والنزاعات بين السنة والشيعة، والتدخلات الأجنبية". ونتج عن ذلك أكبر أزمة لاجئين حدثت منذ الحرب العالمية الثانية.
ويتحسَّر الكاتبان على فشل المجتمع الدولي في دعم حركات المعارضة المعتدلة، ومنع تفتت البلد وتشوهه.
"البلد المُحتَرِق" كتابٌ ذكي وساخط ومتعاطف بشدة، يخبرنا عن الكثير مما نحتاج إلى أن نعرفه عن سوريا.
ياسين كساب وليلى سوريان بريطانيان، الأول روائي ومعلِّق، والثانية ناشطة.