محمد صادق، روائي مصري من مواليد 1987، يتمتع بشعبيةٍ كبيرةٍ بين أوساط الشباب، وينتظرون رواياته بفارغ الصبر.
صدرت روايته الأولى "طه الغريب"، في عام 2010، ثم "بضع ساعات في يومٍ ما" عام 2012. وفي عام 2014، صدرت روايته الثالثة "هيبتا"، التي احتلت قوائم الكتب الأكثر مبيعاً منذ صدورها، وحُولت لفيلم سينمائي فيما بعد.
وفي عام 2015، صدرت روايته الرابعة "أنستا حياة"، وأصدرت دار نشر "الرواق" روايته الجديدة "أنت.. فليبدأ العبث"، في أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول عام 2016.
"لولا الجنون ما كان الشغف"
بهذه الجملة، يبدأ "محمد صادق" روايته الجديدة، على لسان البطل الرئيسي "حازم كتخدا"، الذي يلعب دور مؤلف روايات مشهور، يبحث عن فكرةٍ مجنونةٍ لروايته القادمة، يعيش من خلالها اختيارات البشر، ومشاعرهم المدفونة، وكيف يمكن إيهامهم بالقيود، فهل سيستجيبون لها أم يحاربونها؟
كثير من الأسئلة والتعقيدات، نكتشفها خلال صفحات الرواية، حتى نصل إلى نهايتها، التي انقلبت على رأسِ مؤلفها! فهل الإنسان مخيرٌ أم مسير؟ كان هذا على رأس الأسئلة التي يحاول أن يكتشفها مؤلف الرواية وأبطالها معاً خلال الأحداث.
نعم، يحاول الأبطال معرفة ذلك، فأبطالُ الرواية ليسوا شخصياتٍ وهمية، بل حقيقية، وقعوا عقوداً مع "حازم كتخدا" على أن يتابعهم، ويحركهم لمدة ثلاثة أشهر؛ كي تكون حياتهم واختياراتهم أحداث الرواية، وما عليهم سوى طاعة أوامره، وتنفيذها في حينها.
ويصنع المؤلف كل الحبكات التي تمكنه من تحريك أبطال الرواية كعرائس الماريونيت -مستغلاً جهلهم- كي يصنع علاقاتٍ مزدوجة بين أبطال الرواية، دون أن يدري أحدٌ منهم بذلك، ليصبح الأبطال الستة في علاقات ثنائيةٍ مختلفة!
لكن لماذا ذهب هؤلاء الأبطال لحازم كتخدا كي يكتب عنهم؟
إنه الملل، ومحاولة كسر حواجز النفس، والخوض في أي تجربةٍ جديدةٍ بمشاعر مختلفة تكسر روتين الحياة.
لذلك كان كلٌّ منهم مستعداً تماماً، لتنفيذ كل ما يطلبه منه المؤلف، ولو كان أمراً غريباً أو مدمراً أحياناً؛ لتسليمهم التام له وبتفكيره.
ونلاحظ كيف أصبح إعطاء الأوامر شهوة المؤلف يشعره ذلك بأنه يسيّر حياة البشر، فيستمتع بردود أفعالهم، ويستلهم منها أقوى الحبكات لروايته، ويلعب دائماً على احتياجات الأبطال لما يفتقدونه في حياتهم الحقيقية!
"والفارق الوحيد بين الحر والعبد: أن العبد حين أتى الاختيار الحق انحنى ووضع القيود على عنقه وابتسم راضياً خوفاً من جنون الحرية أما الحُر فركض بعيداً".
حين انقلب السحر على الساحر!
عندما أصبحت الأحداث أكثر تعقيداً في حياة الأبطال الواقعية، واندمجت أحداث الرواية مع الحقيقة، بدأ كل واحدٍ منهم في التعرض لمشاكل حقيقية؛ نتيجة تنفيذ أوامر المؤلف، التي تمثل في الحقيقة اختياراتهم التي ارتضونها لأنفسهم، مع محاولاتهم إنكار ذلك، ويحاول المؤلف مواجهتهم بحقيقة أنفسهم، التي يتهربون منها.
تتصاعد المواجهة بين المؤلف والأبطال، حتى تصل إلى ذروتها في نهاية الرواية؛ عندما يقرر أحد الأبطال التمرد الكامل عليه -بل وإيذاءه- عندما يرفض محو الرواية.
تتسم الرواية بلغةٍ بسيطةٍ تماماً، تعتمد بشكلٍ كبير على اللغة العامية المصرية، وتستخدم مصطلحات الشباب الدارجة، ويبرز فيها دور شبكات التواصل الاجتماعي في حياة الشباب اليومية، بجانب اعتماد الرواية على حياة الأبطال الجنسية؛ عاملاً لجذب فضولِ الشباب، خاصة مع استخدام أسلوب الإثارة والتشويق، الذي لازم أحداث الرواية من بدايتها إلى نهايتها.