في هذه الزاوية، نقبض على خطأ لغوي مشهور سوّل له إهمالنا أو جهلنا أن يظهر على اللافتات أو المنتجات أو في وسائل الإعلام. هذا، لننبّه وننوّه ونصحّح، لا لنفضح. وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح.
هنا عليّ التنبيه إلى العدد 10، فحين يكون هذا العدد مفرداً، فإنه يخالف المعدود، فنقول: عشر نساء، وعشرة رجال، أما إذا كان مركباً كما في قولنا 15، فإنه يوافق المعدود، فنقول خمسة عشر صبياً، وخمس عشرة فتاة.
ومن الأشياء اللافتة في العدد 10 هو أن تشكيله يتغير وفق حالته من الإفراد أو التركيب، فنقول عَشَرة رجال (بفتح الشين)، وعَشْر نساء (بتسكين السين)، ونلاحظ هنا أن العدد مفرد (أي أنه غير مركب مع عدد آخر)، لكننا في حال كان العدد مركباً، نقول خمسة عَشَر رجلاً (بفتح الشين)، وخمس عَشْرة امرأة (بتسكين الشين).
يبدو أن الرياضيات حينما تختلط بالنحو تفقد الكثير من يقينياتها وقطعياتها!
عرض خاص: هديتكم "ساري" جميل!
الخطأ: العرض ساري حتى نفاذ الكمية.
الصواب: العرض سارٍ حتى نفاد الكمية.
الجملة بصيغتها الحالية تعني أن العرض الترويجي هو عبارة عن "ساري" (وهو رداء هندي جميل)!
هذه ليست مزحة! هذا فعلاً ما يتبادر إلى ذهني حين أقرأ هذه الإعلانات! أما إذا كان قصدهم أن العرض مستمر سريانه، فكان عليهم أن يكتبوا "العرض سارٍ"، فـ"سارٍ" من الأسماء المنقوصة، والاسم المنقوص هو أي اسم ختم بياء غير مشددة ما قبلها مكسور. (عليّ مثلا ليس اسماً منقوصاً؛ لأن ياءه مشددة، وظبْي ليست اسماً منقوصاً؛ لأن ما قبل الياء ليس مكسوراً).
والأسماء المنقوصة (مثل سارٍ، قاضٍ، محامٍ) -انقص الله أعداءكم- تحذف ياؤها إلا في حالة النصب (رأيت قاضياً)، أو في حالة التحلية بأل التعريف أو الإضافة (المحامي، محامي الشركة). وفيما عدا ذلك، تحذف الياء ويعوض عنها بتنوين كسر يُذكِّر بها.
أمثلة:
العمل جارٍ (وليس جاري ولا جارتي!).
المكان خالٍ (وليس خالي وليس خالتي!).
أنا محامٍ (وليس أنا محامي).
تحول فلان من جانٍ (وليس جاني) إلى مجنيّ عليه.
مهلا! هذا ليس الخطأ الوحيد في هذين الإعلانين، فكتابة "نفاذ" بالذال غير صحيح أبداً. يقال الحكم نافذ، أي: واجب تنفيذه، ويقال: فلان نافذ، أي له نفوذ، وكل هذه المعاني لا تستقيم مع المقصود من الإعلان.
الصحيح أن يقال "نفاد" بالدال وليس الذال، وخطأ أن نقول: "عذراً، نفذت جميع نسخ الكتاب الفلاني"؛ بل الصحيح هو "نفدت". هل ما زلتم غير قادرين على استساغة الكلمة بالدال؟ هل ما زال في النفس شك؟ إليكم إذاً القول الفصل:
"إن هذا لرزقنا ما له من نَفَاد" (سورة ص، الآية 54)، "قل لو كان البحر مداد لكلمات ربي لَنَفِدَ البحر قبل أن تَنْفَدَ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً" (سورة الكهف، الآية 109).
ولاحظوا أيضاً أن مَن كتب الإعلان الثاني أخطأ حتى في كتابة كلمة "ساري"؛ إذ كُتبت بألف مقصورة بدلاً من الياء. عجباً.. كل هذه الجنايات اللغوية في عبارة صغيرة ومتكررة!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.