مرت الذكرى السابعة والتسعون لحظر الولايات المتحدة الأميركية الكحول، بموجب التعديل الثامن عشر للدستور الأميركي الذي جرى في أكتوبر/تشرين الأول عام 1919.
حيث تم حظر بيع وتصنيع وشرب المشروبات الكحولية بالولايات المتحدة فيما يعرف بقانون "فولستد" (نسبة إلى النائب أندرو فولستد، رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب)، في حين دخل القانون حيز التنفيذ بحلول يناير/كانون الثاني 1920.
وقد طُبق القانون، بشكل حازم، في الفترة من 1919 إلى 1922؛ إذ خَفّضت الطبقة العاملة من استهلاكها للكحول بسبب ارتفاع سعره لقلة المعروض منه، وأُغلقت الحانات، في حين استمر حظر الكحول بالولايات المتحدة حتى عام 1933، حيث أُطلق عليها "سنوات الجفاف"؛ إذ مُنع بيع الخمور إلا في الوصفات الصغيرة التي تستخدم لأغراض طبية.
فشل القانون وإلغاؤه
إلا أن حركات ودعوات عدة خرجت لإلغاء حظر الكحول بشكل قانوني، فبحلول 1928 شكَّل الحزب الديمقراطي، بقيادة آل سميث، ائتلافاً من سكان المدن والكاثوليك المعارضين لحظر الخمر.
كما تحول قطاع كبير من الرأي العام الأميركي ضد حظر الكحول، بسبب الآثار السلبية الاقتصادية والثقافية للقرار؛ إذ رأى البعض أن الضرائب التي كانت تُجنى من بيعه، والتي تبلغ نحو 500 مليون دولار سنوياً تحقق فوائد للولايات المتحدة أكثر أهمية من محاولة التخلص من التبعات الأخلاقية لشرب الكحوليات.
يضاف إلى ذلك أن حدود الولايات المتحدة الكبيرة جعلت من الصعب السيطرة على تهريب الكحوليات، فضلاً عن قلة عدد الأشخاص الموكل إليهم تنفيذ حظر استخدام الكحول؛ إذ بلغ عددهم 1500 شخص بحلول 1920، فيما ساعد تدني رواتبهم على سهولة حصولهم على رشى.
وقد انتشرت الحانات التي تبيع المشروبات الغازية، التي كانت تستخدمها ستاراً لبيع الكحول، كما انتشرت الجريمة المنظَّمة والعصابات وجرائم القتل، لذلك جرى تشكيل هيئة قانونية لدراسة إمكانية السماح ببيع الكحول والبيرة بشكل محدود، ليتم إلغاء قانون فولستد في 5 ديسمبر/كانون الأول 1933 من خلال التعديل الحادي والعشرين للدستور.
ولم تكن الولايات المتحدة الأميركية هي الوحيدة التي سنّت قانوناً لحظر تناول المشروبات الكحولية، وهنا نقدم لك قائمة بالدول التي حظرت تناول المسكرات:
فنلندا
بالتزامن مع تجربة أميركا لحظر الكحول، أصدرت فنلندا قراراً بحظر تناول الكحول وبيعه وتصنيعه عام 1919، إلا أنه مع الضغط الشعبي الذي تعرضت له حكومة فنلندا، قررت إلغاء القانون في 5 أبريل/نيسان 1932.
العراق
يُعد العراق أحدث الدول التي أصدرت قانوناً يُجرّم الخمر، ففي 22 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أقر البرلمان العراقي قانوناً يمنع بيع واستيراد وصناعة المشروبات الكحولية.
وقد أقر القانون عقوبة المخالفين بغرامة تراوحت بين 10 إلى 25 مليون دينار عراقي (8 إلى 21 ألف دولار)، وذلك بعدما تقدم القاضي والنائب البرلماني محمود الحسن بمشروع القانون؛ إذ أكد أن الدستور العراقي يحظر أي تشريع يخالف الشريعة الإسلامية.
فيما هاجم عدد من المسؤولين بإقليم كردستان العراق القرار واعتبروه تعدياً على الحرية الشخصية، بينما أكد آخرون أن القانون بمثابة التأييد لأفكار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، كما عارض عدد من المسيحيين القرار باعتباره يتعارض مع حقوق الأقليات في البلاد، فضلاً عن أنه يهدد اقتصادهم الذي يعتمد على تجارة الكحول.
تشيك
التشيك أيضاً أصدرت قانوناً يحظر المشروبات الكحولية في 14 سبتمبر/أيلول 2012، كما منعت جميع المشروبات التي يدخل فيها بنسبة أكثر من 20%.
إعلان التشيك منع الخمور جاء بعد وفاة نحو 25 مواطناً، بعد تأثرهم بمادة الميثانول الموجوده بالكحول، فيما أصيب عشرات الأشخاص بالعمى ودخل آخرون في غيبوبة.
إلا أنه بعد نحو أسبوعين من قرار الحظر وبحلول نهاية سبتمبر، قررت الحكومة التشيكية السماح ببيع كل المشروبات الكحولية التي صُنعت قبل يناير 2012.
البحرين
وافق مجلس النواب البحريني في مايو/أيار 2010 على قانون يحظر على المسلمين شرب الخمر، بينما سمح لغير المسلمين بشربه في أماكن حددتها الحكومة.
وتدرجت البحرين في قرار حظر الخمر؛ إذ منعته في يوليو/تموز 2014 بفنادق الـ3 نجوم؛ إذ يعاقب القانون البحريني بالسجن أو الغرامة للأشخاص الذين يظهرون في حالة سُكر بالأماكن العامة أو يقودون تحت تأثير الكحول.
القانون الذي جاء نتيجة ضغوط برلمانية، طالبات بما سمته "سياحة نظيفة"، واجه اعتراضات كبيرة من جانب عدد من النواب الذين أشاروا إلى آثار القرار السلبية على الاقتصاد، فيما طالب بعضهم بأن يشمل القرار المسلمين وغير المسلمين؛ لكون البحرين دولة مدنية.
الإمارات
تفرض دولة الإمارات العربية المتحدة شروطاً صارمة على تناول الكحول وبيعه وصناعته في إماراتها المختلفة، في حين تمنعه بشكل نهائي وحازم بالشارقة.
بينما تُجيز الحكومة لغير المسلمين في الإمارات المختلفة (عدا الشارقة) امتلاك الكحول وفق تراخيص تعطيها لهم الحكومة، مع حظر تناولها في الأماكن العامة، كما يُسمح ببيع الكحول في المطاعم والفنادق والمتاجر التي حصلت على ترخيص، فضلاً عن السماح بدخوله للبلاد بكمية محدودة.
ويعاقب القانون الإماراتي شارب الخمر بتطبيق "حد شرب الخمر" بجلده 80 جلدة، وفق المادة 313 من قانون العقوبات الاتحادي للإمارات لسنة 2005.
فيما لا يقام حد شرب الخمر على غير المسلمين وإنما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 1000 درهم ولا تزيد على 2000 درهم إماراتي أو بإحدى هاتين العقوبتين.
إيران
تحظر إيران على المسلمين شرب الكحول وتصنيعه وبيعه، إلا أنها سمحت لغير المسلمين باستهلاك الكحوليات، لكنها وضعت قيوداً صارمة على ذلك.
إيران التي توقفت عن إنتاج الخمر منذ الثورة الإسلامية التي اندلعت عام 1979 وأغلقت جميع مصانع الخمور والحانات، سمحت حكومتها للأقليات الدينية بها بتناول الخمور في أعيادهم الدينية فقط.
إذ تعتبر إيران تعاطي الخمور جريمة كبرى وتعاقب شاربها بـ80 جلدة وغرامة 500 دولار، في حين ترقى العقوبة إلى الموت في حال ضبط الشخص نفسه يشرب الكحول للمرة الثالثة.
ورغم الإجراءات والعقوبات الصارمة على شرب الكحوليات، فإن ظاهرة الإدمان بدأت تتفشى بالدولة؛ إذ بلغ عدد المدمنين بحلول عام 2014 نحو 200 ألف مدمن، هذا فضلاً عن تهريب كميات كبيرة من الكحول من الحدود العراقية، ولجوء بعض المواطنين إلى تصنيعه في منازلهم من العنب.
المملكة العربية السعودية
تحظر المملكة العربية السعودية بيع أو شرب أو استيراد الكحول على أراضيها، كما يخضع القادمون للمملكة لتفتيش صارم لضمان عدم دخول الكحول إليها؛ إذ ينطبق منع تناول الكحول على الأجانب والمواطنين السعوديين على حد سواء.
فحسب BBC ، فقد خضع مواطنون بريطانيون لعقوبة الجلد بالسعودية لتناولهم الكحول، منهم مواطن بريطاني يُدعى كارل أندريه يبلغ من العمر 74 عاماً، كما أشارت صحيفة Daily Mail البريطانية إلى أنه حُكم على 4 بريطانيين بالجلد 500 جلدة لكل منهما لتناولهما الكحول بشكل غير قانوني بالمملكة، وذلك بعد أن ألغت المحكمة حكماً بسجنهم بالتهمة ذاتها.
فيما يواجه من يُتهمون بتناول الكحول في السعودية عقوبة الجلد بالسياط والسجن، حيث تعتبر الشريعة الإسلامية مصدراً أساسياً للقانون بالمملكة العربية السعودية.
ورغم الإجراءات الصارمة التي تفرضها المملكة، فإن تصريحات رسمية لمسؤولين بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالسعودية تؤكد أن صناعة الخمور تنتشر بالسعودية، وأن معدلات انتشار مصانع الخمور تزداد وتوجد في مدن (الرياض وجدة وأبها).