يزخر الوطن العربي عن غيره من بقاع الأرض بالكثير من المناطق الأثرية والعريقة، ولديه عددٌ كبير للغاية من قطع الآثار، التي يُسرق منها الكثير ويتمّ بيعه عبر ما يعرف بـ "مافيا الآثار"، أو ما تمَّت سرقته في عهد الاستعمار أيضاً، ليتمّ عرضه في النهاية في متاحف عالميَّة.
فيما يلي نستعرض بعضٍ من أبرز هذه القطع الأثرية العربية المعروضة في المتاحف العالمية:
الآثار المصرية المسلوبة منذ قديم الزمن
لاشكّ أن جمهورية مصر العربية صاحبة الرقم القياسي في عدد القطع الأثرية المفقودة والمنهوبة من قلب مواقعها الأثرية والتي تعدّى عددها ثلاثة ملايين قطعة وتستمر عمليات "السلب" منذ وقتٍ طويل وحتى الآن، على الرغم من القيود التي تضعها السلطات الأمنية المصرية في الحفاظ على تراث مصر القديمة.
من ضمن هذه الآثار، "القبة الفلكية لمعبد دندرة" الموجود في متحف اللوفر والتي انتزعها أحد هواة النهب التراثي، الذي كان يُدعى "سباستيان لويس" والذي ادّعى أنها اكتشفت أثناء الحملة الفرنسية وهُرّبت عن طريق النيل وكوفيء السارق بحوالي 150 ألف فرنك من الملك اللويس الثامن عشر.
كما يوجد رأس الملكة نفرتيتي المعروض بمتحف برلين بألمانيا، وحجر رشيد الشهير الذي مثَّلَ صراعاً بين القوات الإنجليزية مع القوات الفرنسية وكان من ضمن الآثار التي سّلمتها القوات الفرنسية إلى الاحتلال البريطاني في مصر، مع بعض وريقات البردي وبردية هارس التي يتزيّن بها المتحف البريطاني.
رأس الملكة نفرتيتي
وكذلك "تمثال سخم كا" الذي بيع في مزادٍ علني وتمثال نصفي لأحد النبلاء يُعرض في متحف الفن الراقي في بوسطن، كما تتواجد بعض الأوعية الفخارية الأثرية والودائع والمجوهرات الثمينة التي كانت تنتمي للملك رمسيس الرابع والمعروضة في متحف المتروبوليتان.
كما أنّ سيف الملك الفرعوني توت عنخ آمون "سيف المنجل" وتمثال آخر لأبي الهول يعرض في المتحف الإسرائيلي في تل أبيب، كما تُعرض أيضاً في روما حوالي ثمان مسلّات مصرية تنتمي لتحتمس الثالث والرابع.
أمَّا في متحف اللوفر فهناك قناع الملكة نفرتيتي الذهبي وتمثال الكاتب الجالس ورأس لتمثال الملك رع – ابن الملك خوفو- في مدخل الجناح المصري بالمتحف.
نذكر أيضاً أعمال النسيج الخاصَّة بقصر إبريم التي كانت موجودةً في النوبة المصرية، وتمثال الملك خفرع الجالس على مقعده وخرطوشاً منقوشٌ به اسم الملك وبجانبه زوجته على يساره.
وتمثال الملكة حتشبسوت وعمدة طيبة "سن نفر" وتوابيت للأسرتين الحادية والثانية والعشرين في متحف اللوفر، والبرديات الآرامية التي توثّق حياة اليهود في مصر التي هُرّبت إلى سويسرا عن طريق جنيف.
الآثار المنهوبة من الأراضي السودانية
خلّف الاستعمار الأراضي السودانية خالية تقريباً من آثارها العريقة التي تُزيّن الآن الكثير من متاحف العالم. منها ما نقله الاستعمار والإنجليزي، فضلاً عن الآثار التي دُمّرت.
من بين هذه القطع الأثرية التي سُلبت من الأراضي السودانية "الجدران الكاتدرائية الخاصة بكنيسة فرس" المعروضة في متحف وارسو البولندي والتي عُثِر عليها من قبل البعثة البولندية في شمال السودان وتم استعارتها للدراسة والتحليل خارج السودان لكنَّها لم ترجع بعد.
وكذلك قطع لأهراماتٍ ملكيّة تخصُّ غرفة دفن الملك "أسبالتا" المعروضة في متحف الأفروأميركيين، وذهب "الملكة أماني" الذي نُهب من الهرم السادس بواسطة الطبيب الإيطاليّ "جوزيف فرلبين" الذي قدِم إلى السودان كطبيب عسكري في جيش "محمد علي باشا" والذي قام بتهريبها إلى ألمانيا حتى استقرت بالمتحف المصري في برلين.
كذلك هناك قطع أثرية موجودة بالمتحف المصري بجامعة كارل ماركس بلايبزج في روسيا، وشظايا معمارية أخرى تُعرض في معهد آثار السودان الموجود في جامعة همبولدت.
يحتوي متحف بوسطن كذلك على أساور وأجزاء فخّارية من المحار ومشغولات جُمعت من "جبَّانة صنام" قبالة جبل البركل، ويحتوي متحف معهد الدراسات الشرقية في جامعة شيكاغو على الأرشيف الفوتوغرافي الأقدم المعني بالصروح السودانية.
الملك السوداني أسبالتا
كما يضُمُّ متحف برلين تمثال "ملك نبتة أرماتيلكو" وتمثال "الملك نستسن" وأشهرهم كبش من جبل البركل الذين هُرّبوا بواسطة البعثة الملكية البروسية برئاسة ريتشارد لبسيوس، وصفائح برونزية مُطعّمة بالفضة تخص سيدة سودانية تُدعى تاكوشيت مع تواجد لتمثال راكع أيضاً من البرونز للملك السوداني أسبالتا في متحف الآثر الوطني بأثينا.
ولا ننسى كذلك اللوحة المعروضة في صالة والترز للفنون الموجودة في بالتيمو بالولايات المتحدة والتي عُثر عليها في مروى وتخص الملك "تانيدأماني"، ويقابلها تمثال "سأسد أبادماك".
تاريخ فلسطين "المنهوب"داخل أراضيها
في مدخل متحف إسرائيل -والذي يعتبره الكثيرون أضخم المتاحف بالعالم- ستجدُ تماثيلاً كنعانية ضخمة بالقُدس المحتلة، إلى جانب الملايين من القطع الأثريَّة الأخرى الموجودة بالمتحف.
كما يوجد أيضاً جماجم مُحنّطة لزعماء كنعانيين، وهناك أيضاً الأجزاء الخاصة بسور القدس القديمة التي نُقشت عليها آياتٌ قُرآنية، كما يحتوي متحف روكفلر على أجزاء من بوابات المسجد الأقصى وعتبات كنيسة القيامة الرخامية وقطع صخرية منحوتٌ عليها آيات من القرآن الكريم.
القطع الأثرية الليبية المُهرّبة إلى متاحف العالم
لم تسلم ليبيا من تواجد كبير لمافيا الآثار وخصوصاً في الفترة الأخيرة من ثورة 2011، ومن الآثار التي تم تهريبها منذ فترةٍ طويلة تمثالاً لسيدة رومانية بقصر فرساي هروباً من بيرنيكي "بني غازي القديمة" بالقرن السابع عشر وصولاً إلى قصور الملك لويس الرابع عشر، والذي انتهى به المطاف إلى أحد معروضات متحف اللوفر.
تمثال السيدة الرومانية
يعتبر هذا التمثال أول التماثيل الليبية المُهرّبة إلى أوروبا مع بعض القطع الأخرى، مثل تمثال الأميرة برنيقي ولوحات مقبرة بوادي بلغدير وجدارية لطفل صغير وتماثيل الإمبراطور بايوس وأواني فخارية أيضاً بمتحف اللوفر.
ومن أشهر المعروضات الليبية الأثرية في المتاحف الغربية التمثال البرونزيّ الذي هُرّب من معبد أبولو في مدينة قورينا ويعرض حالياً ضمن مقتنيات المتحف البريطاني.
وتمثال أبولو الرخامي الذي قُطّع بعناية إلى 121 قطعة وأعيد تجميعه في المتحف البريطاني، وتمثال الفتاة "قورينا" التي تصارع أسداً بنفس المتحف، وبعض مجموعات العملة وتماثيل تيكوتا في متحف كوبنهاغن ومدريد، وإناء حفظ الموتى المعروض بمتحف فيينا، وتمثال فينوس الرائع في وسط جامعة بنسلفانيا.
آثار منهوبة من دولٍ عربية أخرى
لم تخل معظم الدول العربية من تواجد مكثّف لمافيا تجارة وتهريب الآثار والتلاعب بالتراث العربي وبيعه إلى مختلف المتاحف الأجنبية.
فقد فقدت العراق كميّاتٍ كبيرة من تاريخها بما في ذلك الأرشيف اليهودي العراقي الذي يعرض بمتاحف إسرائيلية واعتبرته إسرائيل استعادةً لإرثهم اليهوديّ، وتمثالاً للملك السومري أنتمينا وبوابة عشتار المعروضة في متحف بيرغامون في برلين.
بوابة عشتار
إلى جانب كنوز مملكة أكاديا وتمثال رأس النمروذ المفقودة، وننتقل إلى القطع التراثية المنهوبة من المغرب حيث نجد المخطوطات والوثائق المغربية في خزانة السلطان المولي زيدان في مكتبة الأسكوريال بمدريد جنباً إلى جنب مع المخطوطات اليمنية والقطع الأثرية التي نُهبت من جامع مدينة أبي عنان، وجامع القرويين وضريح المولى إدريس بمدينة فاس المغربية، والتي تعرض في متحف اللوفر ومكتبتي أكسفورد والكونغرس الأمريكي.
كما أنَّ هناك تواجد للآثار السورية أيضاً من منطقة تدمر والمتمثلة في تمثال الملكة زنوبيا "ملكة تدمر" والتي يتزين بها متحف باراكو الإيطالي.