انعكست روحانيات شهر رمضان في الإنتاج الأدبي لأشهر الكتاب والأدباء العرب؛ فتحدثوا في أكثر من عمل عن أجواء الشهر وتأثيره على علاقتهم بأنفسهم والله والآخرين، في حين تعمق البعض الآخر في حال الأمة الإسلامية التي كانت وما زالت ساحة صراع يأبى أن ينتهي.
فيما يلي مقتطفات وذكريات لعظماء الأدب المصري في لحظات تجلي وتحليلات تستحق الوقوف عندها ومقارنة الأمس باليوم:
محمود السعدني
"أنا أحب رمضان وأعبده، ولكن رمضان في الصيف يختلف عن رمضان في الصقيع، ولو كنت من سكان الإسكيمو لما كان لرمضان في نفسي أي معنى ولا أي مغزى ولا كان له مني كل هذا الاهتمام".
ويتابع، "من أجل البرد الذي يفتك بالجو هذه الأيام، ومن أجل البرد الذي في داخلي على رأي قطامش، لزمت داري ليالي رمضان المباركة على كنبة، رأسي ملفوف بخيشة، وعلى كتفي لحاف، وحول وسطي الشين، وفي قدمي شراب صوف كان يستعمله العساكر الأميركان في الحرب العالمية الأخيرة، وعندما ألقيت نظرة على نفسي في المرآة، لقيت ذقني نابتة، وحواجبي منتوفة، وعيني محمرتين كأنهما عينا دجاجة مريضة، وقهقهت جداً لمنظري وانبسطت".
عباس محمود العقاد
يقول عن الشهر، "الإرادة إذن هي فضيلة الفضائل في الصيام. متى عرفت هذه الحكمة فآداب رمضان كلها محصورة فيها مستفادة من معناها، ولا حاجة بالصائم إلى أدب، غير أن يذكر أنه يريد الصيام، وأنه يقوم بفريضة يطلبها ويعلم نفعها ويحمل جهدها، وإن لم تكن مفروضة عليه، فليس من أدب رمضان أن يتململ الصائم وأن يتجهم لمحدثيه وأن يبدو منه ما يدل على الضيق بالفريضة كأنه مكره عليها مطيع لها بغير رضاه".
نجيب محفوظ
يرى أن "التضامن في المجتمع الإنساني الذي جعل للفقير حقاً في مال الغني، معالج بذلك الفقر ومشكلاته وعواقبه مع مراعاة ما يوسع به الاجتهاد على المؤمن المفكر في إيجاد الحلول الجديدة في الظروف الاجتماعية الجديدة، ومنها الدعوة الحقة إلى الأخوة الإنسانية دون تفرقة بين أسود وأبيض أو أسمر وأصفر إلا بالإيمان بالله والإنسان، ومن هذه المبادئ أيضاً التسامح الديني الذي جعل من بلاد الإسلام في العصور المظلمة الوطن الوحيد الذي لا يلقى الإنسان فيه اضطهادا بسبب عقيدته الدينية، وأخيرا وليس آخرا مبدأ الجهاد في سبيل الحق الذي يدعو المسلم للعمل على تحقيق هذه المبادئ بما في وسعه من قوة القلب أو اللسان أو اليد".
علي أحمد بكثير
يقول، "ظللت منذ أكثر من ثلاثين سنة كلما أقبل شهر رمضان المبارك تمثلت أمام عيني صورة هي من نسج الخيال، ولكنها أثبت في قلبي وأرسخ في يقيني من كثير من الحقائق الملموسة، صورة موكب يعبر الزمن ويخترق اللانهاية ويدور في الفلك، حيث يتم دورته مرة كل عام في مطلع هذا الشهر الكريم.. موكب عظيم يتلألأ بنور الله ويتضوع بأنفاس الفردوس وتظلله أجنحة الملائكة وينتظم ملايين الملايين من الصائمين والصائمات من أمة محمد (صلى الله عليه وسلم)".
فكري أباظة
يجري حديثاً مع شهر رمضان فيسأل والشهر يجيب، "ما رأيكم في حال الدول والأمم الإسلامية، وقد بلغ عدد أبنائها حوالي سبعمائة مليون، ما بالها ممزقة مبعثرة لا ترقى إلى مصاف الدول العظمى لا في قوتها العسكرية ولا في مكانتها العلمية ولديها كل المؤهلات ومنها دول إسلامية مؤمنة موحدة ولكنها في الوقت نفسه شيوعية ملحدة؟! ومنها دول حارب بعضها البعض الآخر، ويُقتل ويشرد المسلمون والمسلمات؟ ومنها دول وأمم إسلامية تنحاز إلى جانب دول غير إسلامية ضد دول إسلامية؟ ومنها دول شعوبها مسلمة على طول الخط، ولكن دين الدولة الرسمي ليس إسلامياً وإنما علماني؟"
"قال "رمضان العظيم": يا بني ليس الخطأ خطأ الإسلام ـ ولا دين الإسلام، ولا قرآن الإسلام، وإنما الخطأ هو خطأ بعض العلماء المسلمين الذين تعسفوا في التفسير وتزمتوا فيه، وتنافسوا في هذا التعسف وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا}".