هل تسعى لإتقان فن القراءة باحتراف؟ إقرأ لهؤلاء

قد يبدو السؤال عن كيفية القراءة ساذجاً أو مبتذلاً، فالقراءة من المهارات الأوليّة التي نتعلمها في المدارس، لكن هذا السؤال موجه للقرّاء الذين لا يرون في القراءة متعةً يوميةً أو وسيلةً لقضاء الوقت. هذا السؤال موجّه لمن يسعون نحو القراءة الاحترافيّة، بوصفها جهداً وتقنيّة تشابه الكتابة أو سبيلاً من أجل الكتابة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/05/29 الساعة 13:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/05/29 الساعة 13:52 بتوقيت غرينتش

قد يبدو السؤال عن كيفية القراءة ساذجاً أو مبتذلاً، فالقراءة من المهارات الأوليّة التي نتعلمها في المدارس، لكن هذا السؤال موجه للقرّاء الذين لا يرون في القراءة متعةً يوميةً أو وسيلةً لقضاء الوقت.

هذا السؤال موجّه لمن يسعون نحو القراءة الاحترافيّة، بوصفها جهداً وتقنيّة تشابه الكتابة أو سبيلاً من أجل الكتابة.

لن نتعرض في هذه القائمة لنظريات القراءة، بوصفها اختصاصية وترتبط بالنقد الأدبي كـ "نظرية التلقّي" أو النظريات النقديّة المشابهة لها، بل سنقدم قائمة بأشهر الكتب عن القراءة التي تبحث فيها وتقنياتها، مع ذكرٍ لأهم القرّاء الذين استفادوا وكتبوا عن القراءة ووظّفوها في التأليف.

خورخي لويس بورخيس (1899-1986)



يعتبر الكاتب الأرجنتيني من أشهر كُتاب القصص، وتعود قدرة بورخيس وخياله الفذ – بالرغم من أنه أعمى – إلى قراءاته المعمّقة، فالأخير – وحسب من عاصروه – كان يقضي كامل وقته بين الكتب، يستفيد من كل ما يقع تحت يده في سبيل توليد الحكايات، لتعكس نصوصه ثقافة واطّلاعاً هائلين، سواء في المضمون الذي يشابه الخيال العلمي أحياناً أو التقنيات المتنوعة، والتي تصل حتى تقنية المعاجم أو الفهارس أو الفرضيات اللامنطقية، ومن أشهر المؤلفات التي تعكس تقنياته بالقراءة هي "أبراج بابل" و"كتاب الرمل".

"القراءة فعل سابق على الكتابة، هي أكثر استقلالاً، أكثر تمدناً، وأكثر تثقيفاً".

البيرتو مانغويل (1948-الآن)



ذاع سيط مانغويل كقارئ وكاتب عن القراءة، خصوصاً أنه كان أحد مرافقي بورخيس، حيث كان يقرأ له الكتب. يغوص مانغويل في عوالم القراءة والكتب ليجعل منها عالمه الخاص خصوصاً في أعماله "المكتبة في الليل" و"مذكرات القراءة".

يسعى الأخير لبناء عوالم جديدة متخيلة، يعكس فيها قراءاته المعمقة ورؤيته للنص بوصفه وثيقة، لدرجة أنه ألف معجماً للكائنات الأسطورية، فالقراءة لديه أشبه بمنهجية يستمد منها مادته الأدبية.

"قد لا تغير الكتب معاناتنا، قد لا تحمينا من الشرّ، قد لا تخبرنا ما الجميل أو ما الخيّر، وبالتأكيد لن تحمينا من قدرنا المحتّم في القبر، لكن الكتب، تمنحنا خيارات لامتناهية، احتمالات للتغيير، احتمالات للتنوير".

دانيال بيناك (1944-الآن)


الكاتب والروائي الفرنسي بيناك يرى في الكتابة متعة ورياضة. لا يعتبر من عملاقة القرّاء كسابقيه، لكنه يقدم رؤيته المرتبطة بعالم القراءة وتقنياتها خصوصاً في كتابه "متعة القراءة" ليطرح نصائح للقراء سواء كانوا طلاباً أو محترفين.

لكننا نراه لاحقاً في كتابه "مذكرات جسد"، يسائل العلاقة بين النص والجسد وينتصر للأخير، مستعيداً النصوص المرتبطة به التي تعكس وضعياته، حتى أنه كتب "وثيقة حقوق القرّاء"، وما المسموح لهم بالقيام به كي يستفيدوا من وقتهم في القراءة.

"الوقت الذي نقضيه في القراءة، هو كالوقت الذي نقضيه ونحن نحب أحدهم، كلاهما يطيل العمر".

ادواردو غاليانو (1940-2015)



ينتمي غاليانو إلى كبار القرّاء، لكن الأخير لا يعتمد على الخيال بصورة كاملة، بل نراه ينبش في التاريخ يعيد قراءته وتقديم الحكايات المرتبطة به وبأحداثه المفصلية، فكتابه "الشرايين المفتوحة لأميركا اللاتينية".

يعتبر من أشهر المؤلفات التي تتناول تاريخ تلك المنطقة. كما في أنه في كتابه "كرة القدم بين الشمس والظل" يعيد تقديم هذه الرياضة بصورة مختلفة بوصفها صناعة متكاملة وصراع على رأس المال.

"في كل كتبي أحاول أن أكشف أو أساعد على كشف الروعة التي تحويها التفاصيل، الصغائر، اللامعروف، والشفقة التي يحويها ما هو كبير ومعروف".

اومبيرتو ايكو (1932-2016)



يتربع ايكو على عرش هائل من المؤلفات، معرفته الموسوعية تجعل القارئ يقف مصدوماً أمامه، فالأخير موسوعيّ، يقرأ التاريخ شبه كامل ليقدم رؤيته وتحليلاته، فيجعل مما قرأه مرجعاً لبناء أعماله الأدبية والفنية، ككتابه "نزهة في غابات السرد"، حيث يتحدث عن أسلوبه في القراءة واختيار المواد التاريخية والأبحاث في سبيل إنشاء بناء سردي محكم.

يكشف الاطلاع على تجربة ايكو المتنوعة أن القراءة ليست الجزء الأساسي من الكتابة فقط، بل وهي الحامل الأساسي لها، بوصفها تمتلك تقنيات وأساليب تتجاوز القراءة السطحية أو المعرفة بالحكاية فقط.

"الكتب ليست موجودة كي نصدقها، بل كي نسائلها، حين نقرأ كتاباً علينا أن لا نسأل أنفسنا ما الذي يقوله؟ بل ما الذي يعنيه".