الانطباعات والآراء الجيدة والسيئة حول الكتب والروايات، هي ما تحدد إن كنت ستقوم باقتناء ذاك الكتاب لتقرأه أو تترك تلك الرواية المرفوفة في مكانها.
تشكل مجموعات القراء على مواقع التواصل الحل الأنسب لاستجلاب انطباعات وآراء ونقود تساعد على اختيار ماذا ستقرأ مستقبلاً، لكن لماذا قد تجد كتباً وروايات يتم اقتيادك نحو قراءتها وهي تكاد تكون فارغة المحتوى؟
بعض الروايات والكتب تأخد أكبر من حجمها، وتتصدر الكتب الأكثر مبيعاً، وذلك بسبب عدوى تسري في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي عدوى الانطباع الجيد، يكفي لتضليلك أن يبهر أحدهم بقصة ما ويضع منشور جيداً حولها، ويكون هناك عدد لا بأس به من الناس المجاملين في التعاليق، والذين لا يمارسون النقد بشكل منهجي ومدروس لكي يتم التطبع مع الرواية أو الكتاب.
بما أنك ستقرأ أيها القارئ العزيز بانطباع جيد وفكرة متسللة، أن أفضل القراء أشادوا بها (المجاملون) فإن المقروء حتى لو لم يعجبك لن تشكك بذوق العامة وسترجع الأمر لقلة وعيك أو أنك غير مؤهل بشكل كاف لتقف على ما وجده غيرك من هؤلاء القراء المحنكين!
ستتوقف عند منشورات الرواية أو الكتاب وستذكر بضع الاقتباسات الجميلة وترحل بغصة حلق خوف من رهاب الجماعة.. وتهافت الأصوات المنتقدة، ولو كان نقدك بناءً.
شخصياً سوف يفور دمي إن شهدت أحدهم يقزم من روايتي المفضلة لإرنيست هيمنغواي "الشيخ والبحر" وسأدافع بقوة عنها، ومثل هذا التعصب لكتاب ما قد يجعلك تتجنب وضع نقد صريح خوفاً من الهلاك بين ألسنة المخدوعين بانطباع جيد صدر لهم، وحملوه معهم طوال سبر أغوار الكتاب، وكان العامل الذي جعلهم يغضون الأبصار عن بعض الانزلاقات الخطيرة ونقط الضعف المكشوفة في الكتاب.
ما ينطبق على عدوى الانطباع الجيد ينطبق أيضاً على عدوى الانطباع السيئ المعلن لرواية أو كتاب مبغوض يخالف معتقدات شريحة معينة أو فكر أعضاء مجموعة القراء التي أنت منظم إليها.
هذا قد يجعلك هذه المرة تتجنب القراءة في الكتاب المعني بالأمر متأثراً بالآراء السلبية، وبناءً على العدوى المتفشية التي أصابتك وجعلتك عبداً للانطباعات الأولية.
قد تتشجع ويساورك الفضول وتختار المواجهة وتحاول التسلح والاستعداد لمعركتك مع هذا العدو الذي يكرهه الجميع ويحذرون بانطباعاتهم السيئة من شر الغواية، ستفوز حتماً كما فعل معظم المتطبعين قبلك وتنضم إليهم.
لكنك إن فكرت في القراءة وترك انطباعاتك الأولية جنباً قد تنصعق وتجد في ساحة المعترك خصيم الجماعة يحتضنك، ويغدق عليك من العطاء ما تفتقد وستكون من القلائل الناجين من هذه العدوى.
عدوى الانطباع الأولي تولد التطبع والتدجين وتحدف في العقول ما قد يكون في الأصل ليس انطباعاً ورأياً مجمعاً عليه، بل هو انطباع واحد لشخص وحيد أو قلة متحدة جاهدوا في تعميم مبلغهم.
في الأخير احذر يا صديقي القارئ هذه العدوى وأبحر ولا تنسَقْ مع انطباع.. ولو كان به إجماع.
اتركه خارجاً وأبحر.. أبحر
لعلك الاستثنائي الوحيد الذي يجري في مجرى الرياح
ولعل الآخرين ليسوا إلا أسرى لعدوى الانطباع
عدوى الانطباع ثم التطبع الذي يجرف أغلبهم وراءه.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.