عنوان الراوية "ألف شمس مشرقة" يشير إلى قصيدة "كابول" التي كتبها الشاعر الفارسي صائب التبريزي (1601-1677م). وهو يرمز أيضاً إلى شخصية "مريم"، إنها أكبر شمس مشرقة في الرواية.
"مريم" تلك الفتاة يتيمة الأب وهو حي، يتيمة الأم وهي حبيسة وجعها.. تُرمى إلى قدمي رجل يكبرها ضعف عمرها مطلق من أجل التخلص منها، تنطفئ وتظلم تحت طبقات كثيرة جداً من الظلم والقهر النفسي والجسماني؛ لأنها طفلة غير شرعية لرجل غني من خادمته "نانا"، وهو "جليل" المتزوج من ثلاث نساء. ولأن مريم ابنته غير الشرعية يوفر جليل لها ولوالدتها منزلاً في منطقة مهجورة في هيرات غرب أفغانستان. وهناك تكبر مريم بعيداً عن العالم.
تقرر مريم زيارة والدها في منزله عند زوجاته الشرعيات، وحين تعود تجد أن والدتها قد انتحرت شنقاً خشية من عدم عودة ابنتها لها، فتنتقل الفتاة غير الشرعية إلى منزل جليل. وهناك ترتب زوجات جليل الثلاثة زواجاً لمريم من رجل بشتوني يدعى "رشيد"، يعيش ويعمل في العاصمة كابول. حينما تصبح مريم حاملاً، يتحدث رشيد مع زوجته بطريقة تقول إن المولود القادم لا بُد من أن يكون من جنس الذكور.
شمس أخرى تشرق الى جانب مريم.. إنها ليلى صاحبة قلب عفوي مغرم محطم
يجمع بينهما ذاك الزوج المسمى رشيد.. تقترب الشمسان ثم تلتحمان وتصيران شمساً واحدة..
"ليلى"، ذات الـ14 عاماً، عندما يُقتل والداها "حكيم" و"فريبا" بصاروخ استهدف منزلهم في كابول. تكون ليلى على علاقة سرية مع صديق طفولتها "طارق". تحمل ليلى طفلاً من طارق، بينما يريدها "رشيد" زوجته الثانية. الرواية تدور فيما بعد حول الفاصل بين زوجتي رشيد، مريم وليلى، ثم الصداقة فيما بينهما في نهاية المطاف كضحيتين لهذا لرجل القذر.
وحين تحاول الزوجتان الهرب من منزل رشيد، يخونهما رجل أفغاني في محطة الباصات باستيلائه على أموال ليلى، وهذا ما يجعل رشيد أكثر إهانة وكرها لزوجتيه.
وبعد سنوات حين تسيطر حركة طالبان على البلاد وتصل إلى كابول تقتل مريم رشيد لإنقاذ ليلى من محاولته قتلها. تعدم طالبان مريم وتهرب ليلى إلى باكستان للزواج من طارق. تعود ليلى إلى أفغانستان للعمل في دار للأيتام بعد زوال حكم طالبان.
قصة إنسانية من الدرجة الأولى تخطف الأنفاس تشدك حتى آخر صفحة من صفحاتها.. تجعلك قطعاً تكره الرجال جميعاً بقصد أو بدون قصد، المتمثلين في شخصية رشيد الزوج وجليل الأب المتخاذل.. من أكثر ما أثر فيّ لحظة قتل رشيد.. وكذلك عودة طارق كانت أكثر من مفاجأة..
يكتب خالد حسيني ليعكس صورة (مريم وليلى) خلال الحرب الأفغانية معالجاً قضايا الأنثى وزواج القاصرات والصراعات الإثنية ودور المرأة وأحقيتها في التعليم ودورها الرئيس في بناء المجتمع.
يتحدث خالد حسيني عن الحياة في أفغانستان حسب آرائه الشخصية. يستورد الكثير من الأفكار الليبرالية التي تسود المجتمع الأميركي ليروي الحياة والثقافة الأفغانية من خلال كاميرا أميركية وإثنية.
لكن المؤلف، الذي يملك ثقافة غربية يحاول عكسها على الثقافة الشرقية في بلاده، فقط ليسترضي الجمهور الغربي. هل يشعر القارئ أن ليلى فتاة أفغانية أم فتاة فرنسية؟!
يكرر كتابات المستشرقين عبر التاريخ الاستعماري، من أن الرجل المسلم يضطهد المرأة، والرجل المسلم هو نموذج للوحش الجنسي والفجور وإلى آخره.. "جليل متزوج من ثلاثة نساء"، "قلب الرجل هو رديء، شيء رديء. لا يوجد مثل رحم الأم"، "رشيد يميز بين ابنه وابنته على أساس الجنس"، "رشيد يجبر مريم على ارتداء البرقع، بينما يخبئ المجلات الإباحية في صناديقه".
بينما الصورة الإيجابية الوحيدة للمسلم في الرواية هي شخصية الملا فيض الله: "رجل مسن يزور مريم بانتظام لتعليمها القرآن الكريم".
كما يكرر أيضاً المعركة حول الحجاب. على الرغم من أن الرواية مليئة بالإيمان بالله، لم يشر المؤلف إلى أن هناك نساءً يخترن بأنفسهن تغطية رؤوسهن وأجسادهن وفقاً للتقاليد أو الديانات، برأيي الشخصي أعتقد أن المؤلف لم يحترم اختيارات وحرية المرأة.
كذلك يكرر المؤلف المكائد الاستعمارية بين المجموعات العرقية، أنا أعلم أن هناك صراعاً بين الجماعات الإثنية في أفغانستان، ولم يكن بحاجة إلى تقسيم الأسر والأفراد في الرواية حسب الإثنيات والأعراق. صدقاً لقد شعرت أن كاتب الراوية كأنما هو هنري كيسنغر.
كما يعتقد أن الاحتلال السوفيتي قد قام ببناء البنية التحتية من أجل الشعب وعمل على تحسين تعليم النساء في البلاد، ولكن وعلى مر التاريخ يبني الاستعمار في المستعمرات لخدمة نفسه وبهدف خداع الشعوب بالشعارات البراقة، فهذا هو الاستعمار بالتأكيد. رغم أنه نجح في كشف جرائم الاحتلال السوفيتي لأفغانستان وكان هذا شيئاً إيجابياً.
الرواية مليئة بالأحداث منها المؤلم، وهو ما يطغى على الرواية، ومنها المفرح، وهو النادر.. البداية مؤثرة ثم يخفت التأثير مع بداية القسم الثاني، حين تتحول الأحداث من قصة إلى أخرى، ليعود التشويق واللعب على أوتار مشاعر القارئ في القسم الثالث، ثم حين تندمج قصة مريم وليلى اللتين تتمحور حولهما الرواية.
كانت تجربة مؤلمة.. رغم سوء الترجمة.. وتحيز الكاتب.. لكن لو استطعت أن تفصل كل هذه المغالطات التاريخية لاستمتعت بقراءة حالة إنسانية..
العنوان عبقري والرواية بحق رائعة!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.