ليس أمام المسنة عيشة بنت أحمد علي سوى التمسك بمهنة صناعة الأثاث المنزلي بطريقته التقليدية التي توارثتها عن آبائه،. فهي مصدر كسبها قوتها منذ بداية ثمانينيات القرن المنصرم، رفقةً عدد من زميلاتها اللواتي قررن خوض غمار العمل اليدوي، وتوفير لقمة العيش من خلال مهنة تاريخية تحافظ على إحياء التراث التقليدي للبادية الموريتانية.
تقول عيشة لـ "عربي بوست" إن مهنة صناعة الأثاث المنزلي تواجه العديد من المصاعب، "لعل أبرزها فقدان آليات حديثة للعمل بدل الاعتماد على العمل التقليدي اليدوي الذي يأخذ الكثير من الوقت، كما يبطئ من سرعة الإنتاج كونه يحتاج قدرة تركيز فائقة ويتم من خلال الإمساك بإبرة كبيرة وأسلاك تمت صناعتها من جلود الغنم".
وطالبت عيشة – وهي رئيسة تعاونية النصر النسوية المتخصصة في صناعة الأثاث المنزلي -، وزارة الثقافة الموريتانية بتوفير دعم لمهنتها يتركز أساساً على جلب معدات حديثة تساعد النساء العاملات في المجال، وتكون وسيلة للتسريع من وتيرة العمل الذي يحتاج الكثير من الوقت والجهد نتيجة اعتماده على وسائل بدائية لم تفلح جهود النسوة الذاتية في التغلب عليها رغم المكابدة لسنين.
صناعات متنوعة
وتقول رئيسة تعاونية النصر النسوية، "رغم من أن صناعة الأثاث المنزلي مهنة تقليدية قديمة، فإنها استطاعت توفير العديد من المنتوجات التي يقبل عليها كافة الموريتانيين، كما تجذب السياح الأجانب".
وتوضح أنها وزميلاتها يعملن على صناعة العديد من قطع الأثاث المنزلي كالمخدات (الوسائد)، وحافظات الشاي، ومستلزمات الخيمة الموريتانية التقليدية.
طموح رغم الصعاب
في الزاوية الأخرى من الكوخ المتهالك وسط مبنى المعرض الوطني بالعاصمة نواكشوط، تزاول لال بنت سيد محمد عملها الروتيني، مؤكدةً أن لديها أملاً كبيراً في أن تشهد صناعة الأثاث تحسناً في المستقبل، رغم ما تواجه من صعاب يترجمها انعدام الآليات الحديثة وغياب الرعاية الرسمية للمهنة، وإهمالها نهائياً من طرف الجهات الرسمية، رغم أنها من أهم المهن اليدوية.
وقالت بنت سيد محمد لـ "هافنغتون بوست عربي"، إن الجهات الرسمية المعنية بدعم التراث في البلد ترفض تقديم مساعدات مادية ومعنوية للنساء العاملات في المهنة، كما أن جهودهم المتواضعة لم تسمح لهن بالتواصل مع أي جمعيات أو هيئات غير حكومية تعنى بدعم الثقافة مهما كان نوعها".
أحلام اليوم فرص الغد
كما طالبت بنت سيد محمد ورفيقاتها وزارة الثقافة والصناعة التقليدية بتوفير أماكن ملائمة لعرض بضاعتهن، ومنحهن قروضاً مالية ميسرة لزيادة المنتوج، إضافةً إلى تنظيم معارض للمهن التقليدية، حتى يتسنى لهن عرض ما صنعوا من أعمال متراكمة لبيعه.
وأكدت النسوة العاملات في سوق صناعة الأثاث المنزلي على أن السلطات المحلية مطالبة بتوفير مساعدات للمهنة من أجل استمراريتها، والحفاظ عليها بوصفها مهنة تقليدية تكابد من أجل البقاء في وسط أصبح أقرب للمدينة منه إلى البادية وحياتها القديمة.