أعلنت الجائزة العربية للرواية "البوكر" عن قائمتها القصيرة المرشحة لحصد الجائزة في أبريل/نيسان المقبل.
هذه نبذة سريعة عن الروايات المرشحة وكاتبيها.
تضم القائمة مصرياً واحداً وكاتباً من فلسطين وكاتباً مغربياً وكاتباً لبنانياً وكاتبة واحدة من سوريا.
تحكي الروايات المرشحة واقعاً صعباً وملتبساً في آن، فمنها رواية عن كوابيس ما بعد الثورة المصرية، وأخرى عن واقع الشتات الفلسطيني منذ الخمسينات حتى الآن، وثالثة عن الهولوكوست اليهودي والنكبة الفلسطينية على أيدي الاحتلال الإسرائيلي، فيما تحكي رواية رابعة عن تشرذم العائلات العربية في أصقاع الأرض.
وتحكي رواية مغاربية عن أزمة الهوية الأمازيغية في المجتمع المغربي العربي، كما تحكي رواية لبنانية عن حارس الموتى الذي يتعلم أبجدية الموت المختلف عن الحرب الأهلية في ثلاجة حفظ الموتى بأحد المشافي.
خمسون ألف دولار أميركي
تبلغ قيمة الجائزة للرواية التي انطلقت فعالياتها في عام 2008 خمسين ألف دولار أميركي، بالإضافة إلى فوز كل المرشحين الستة في القائمة القصيرة بعشرة آلاف دولار.
ويتم تسليم الجائزة في أبريل/نيسان المقبل في أبوظبي بدولة الامارات العربية المتحدة التي ترعى المسابقة بالتعاون مع جائزة البوكر العالمية.
الروايات المرشحة
"عطارد" عن الثورة وكوابيسها
للمصري محمد ربيع
عطارد الذي يأخذ اسمه من أقرب الكواكب إلى الشمس هو ضابط ممن شهدوا هروب الشرطة المصرية من الشوارع في 28 يناير/كانون الثاني 2011. ليظهر في الرواية بعد عقد وعدة أعوام من تلك الأحداث.
تقول أحداث الرواية التي تدور في مصر تحت احتلال غير واضح المعالم وفلول الشرطة القديمة تتولى قيادة المقاومة الشعبية بين الأطلال المحطمة للقاهرة، فهل هو واقع أم كابوس أم ملامح من يوم القيامة؟ هناك إشارات كثيرة في الرواية تدل على أن الأحداث تدور في الجحيم، وتتراكم العلامات لحظة بعد أخرى، ولكن سرعان ما يكتشف القارئ أن الأحداث تدور على الأرض، وهذه نقطة مفصلية في الرواية.
فالجحيم على الأرض، وقوانين الأرض هي المسيطرة، ويلتقي البطل بطفلة تلمسه ليعرف القانون عن طريق هذه اللمسة السحرية. ويكتشف أن عليه أن يقتل أكبر عدد من البشر حتى يموتوا ويذهبوا إلى الجنة. ليصبح هدف النقيب أحمد عطارد قتل أكبر عدد ممكن من البشر لـ"تخليصهم".
فالسلطة الذكية المتحكمة في المشهد المستقبلي الغامض بحسب الرواية تعذب الناس بالأمل. "لو وصلت لليقين بأنك في الجحيم فسيختفي الأمل وسيكون العذاب أخف. العذاب لن يصبح نفسياً وإنما بدنياً فقط".
تكشف الرواية الفنتازية عبر ذلك الجحيم اليومي من القتل العشوائي، ما شهده الواقع الفعلي من مجازر وأحداث تلت ثورة يناير في مصر. فأحداث الرواية تقدم ببساطة – أو بدون بساطة في الواقع – خيالات وهواجس "الثورة المضادة" وقد تحولت إلى كابوس في مستقبل غير بعيد.
ومحمد ربيع روائي مصري شاب ولد في القاهرة سنة 1978. وتخرج في كلية الهندسة عام 2002، صدرت له رواية "كوكب عنبر" (2010)، وحصل عنها على جائزة ساويرس الثقافية، كأفضل رواية لشباب الكتاب في عام 2012. كما صدرت له رواية "عام التنين" سنة 2012 ثم رواية "عطارد" عام 2014.
"سماء قريبة من بيتنا" للسورية شهلا العجيلي
تحكي الرواية عن مصائر مأساوية لشخوص يعيشون في ظلّ تحوّلات كبرى كانت نتيجة للحركة الاستعماريّة لعالمنا العربي، وتنتمي شخصيّات الرواية إلى مناطق متنوعة، وتعيش في حقبة تاريخيّة تمتدّ منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر حتى الوقت الراهن، من خلال تتبع تاريخ وجذور العائلات التي ينتمون إليها، في كل من سوريا وفلسطين والأردن وأوروبا الشرقية وإفريقيا وفيتنام وأميركا الجنوبية، وشرق آسيا.
وتروي حكاياتهم قصصاً لإرادة الحياة في لحظات العشق والسعادة والبهجة، التي تحاربها إرادات استعمارية وديكتاتورية، تؤدي إلى الحرب والسرطان والموت.
وتلتقي شخصيات الرواية: هانية، وجمان، ويعقوب، ورشيد، ونبيلة، وناصر، في عمّان ليحكوا عن علاقاتهم ببيريكتش، وإبراهيمو، ويان، وكورين، وجون، والتي ترمز للعلاقات بين العرب والمستعمر، وتمتد العلاقات جغرافيا من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب.. من كاليفورنيا إلى برلين، ومومباسا، وهانوي، وحلب، والرقّة، ودمشق، واللدّ، وحيفا، ويافا، ويوركشاير، وكابول. وهنا تتناول الرواية خدعة الجغرافيا، حيث تتماهى وتتشابه أحزان البشر، وأحلامهم.
ومن خلال قصص سقوط العائلات في سوريا، وفلسطين، والعراق، وصربيا، وفييتنام، تكشف الرواية عما تفعله الحرب فينا وكيف تغير مفاهيم الهويّة، والوطن، وعن صناعة مصائر البشر ومجتمعاتهم.
والروائية شهلا العجيلي كاتبة سورية-أردنية من مواليد 1976. حاصلة على دكتوراه في الأدب العربي الحديث والدراسات الثقافية من جامعة حلب بسوريا، وتعمل بتدريس الأدب العربي الحديث في جامعتي حلب والجامعة الأميركيّة في مادبا- بالأردن.
أصدرت مجموعة قصصية بعنوان "المشربيّة" (2005) ودراسات نقدية عديدة، من بينها: "الرواية السوريّة/ التجربة والمقولات النظريّة"٬ (2009) "فهل تصبح شهلا الاسم النسائي الثاني الذي يفوز بالبوكر العربية بعد رجاء عالم التي فازت بنصف الجائزة عن روايتها طوق الحمام في عام 2011، حيث اقتسمت الجائزة مع محمد الأعشري؟
"نوميديا"
قصة حب – وانتقام – أمازيغية للمغربي طارق بكاري
مثلما فاجأ التونسي شكري المبخوت قراء العربية العام الماضي بالفوز بالبوكر عن روايته الأولى الطلياني، يدخل المغربي طارق بكاري مسابقة هذا العام بروايته الأولى التي نجحت في دخول القائمة القصيرة المرشحة لحصد الجائزة. فهل يكرر بكاري ما فعله المبخوت؟
تحكي رواية نوميديا عن العشق كبديل للمصير القدري ومقاومة له، حيث يدخل مراد اللقيط المغربي الذي أهانه أهل القرية التي وجدوه فيها، في قصص عشق متعددة لتعويض ما حرمه منه القدر منه من نسب يمتد إليه.
ودخل اللقيط في قصص متعددة للحب منها مع خولة التي تحمل منه، ومع "نضال" زميلته في الدراسة والعمل النضالي، ثم عشق جوليا المستعمرة، وعشقه الأخير لنوميديا، الأمازيغية الخرساء.
تعتمد "نيوميديا" الرواية الأولى لكاتبها المغربي الشاب طارق بكاري على البناء المتعدد الخيوط فإلى جانب مراد، الراوية الأساسي، والشخصية الفاعلة المركزية، هناك أحداث رواية داخلية عن "مراد الوعل" لجوليا، العشيقة الفرنسية التي تبحث عن موضوع لروايتها، ثم مذكرات خولة، الحبيبة الأساسية في حياة مراد والتي ماتت بعيداً عنه، وهي تحمل جنينها وثمرة حبهما.
قصة مراد تمتد منذ ولادته كطفل لقيط ومغادرة بلدته "إغرم"، ونزوحه إلى مدينة كبيرة أتاحت له الدراسة والالتحاق بالجامعة بمدينة فاس، حيث عاش تجربة مواجهة الطلبة اليساريين مع السلطات، وحتى عودته إلى إغرم وشرائه فندقا في عمق الجبل، ليختلي بذكرياته ومأساته التي تشبه مأساة يونانية.
عودة مراد مسقط الرأس لم تؤد للتصالح مع نفسه ومعالجة الشرخ في هويته التي تعاني التشظي تحت أكثر من خيبةٍ وخيانة من أسئلة عن اللغة الأم الأمازيغية، وعلاقته بالثقافة العربية والنضال من أجل تحرير المجتمع، والعلاقة بالمرأة والحب والجنس وبالآخر – المستعمر – الذي يعود بصورة أخرى إلى بلاده من خلال شخصية جوليا.
وطارق بكاري من مواليد مدينة ميسور، شرق المغرب، سنة 1988. حاصل على شهادة الإجازة في الأدب العربي من جامعة محمد بن عبدالله، فاس (2010)، ودبلوم التخرج في المدرسة العليا للأساتذة في مدينة مكناس (2011). يعمل منذ سنة 2011 أستاذاً للغة العربية في مدينة مكناس. له مجموعة من المقالات والأعمال الإبداعية المنشورة ورقيا وإلكترونيا. صدرت له سنة 2015 روايته الأولى "نوميديا".
"مديح لنساء العائلة".. قصة الشتات الفلسطيني
محمود شقير
يحكي الروائي الفلسطيني المقدسي محمود شقير في روايته سيرة منّان عبداللات ونسائه وأولاده ونسائهم، وعلاقاتهم المتشعبة وتنقلاتهم شرقا وغربا كنموذج للأسر الفلسطينية التي كانت ضحية التشريد بأنواعه.. فهناك مَن تشرّد داخل الوطن، وهناك من حاول البحث عن ذاته بعيدا، وفقد البوصلة في الغربة.
مديح نساء العائلة التي تعد جزءا ثانيا لرواية شقير السابقة "فرس العائلة" وإن كان من الممكن بحسب كاتبها قراءتها منفصلة، ترصد كذلك واقع الاغتراب الذي يعانيه الفلسطيني ويعيشه في أرضه وبين أهله، وكيف أن سلطات الاحتلال تحكم قبضتها على الفلسطينيين وتحول حياتهم إلى جحيم في ظل الاستبداد الذي تمارسه بحقهم.
وتركز الرواية على دور المرأة الفلسطينية في حفظ التراث والعادات والأعراف الفلسطينية، وفي تماسك الأسرة.
ومن خلال قصص نساء عائلة عبداللات وتكريما لهن، "يكتب محمد بن منّان تاريخ العشيرة التي هاجرت قبلا من باديتها وتستعد اليوم لهجر بداوتها في عصر التحولات السياسية والاجتماعية بعد النكبة، وبذور الصراع التي بدأت تنمو في فلسطين منذ الخمسينيات".
ومحمود شقير كاتب فلسطيني ولد في جبل المكبّر، في القدس، 1941 في العام أصدر 45 كتابا، وكتب 6 مسلسلات تلفزيونية طويلة، و4 مسرحيات. تُرجم العديد من قصصه إلى اللغات الإنكليزية، الفرنسية، الألمانية، والصينية. وهو حائز على جائزة محمود درويش للحرية والإبداع 2011.
"حارس الموتى"
جورج يرق
"كأن هذه الجثث ليست سوى نوافذ أطل منها على السماء". يقولها بطل رواية حارس الموتى وكأنه يقذف بنا في قلب الحرب الأهلية اللبنانية، حيث يتدرب عابر على السلاح ويعمل قناصا ويشترك في معارك. لكن موت صديقه الغامض يجعله يترك السلاح ويعود إلى حياة التشرد إلى أن يعثر على عمل في مشفى، في ثلاجة الموتى نهارا وفي قسم العمليات الجراحية ليلا. فيتعلم أبجديات الموت ويعاين تفاصيلة القاسية من حشو الجثث وتنظيفها وتهيئتها لتسليمها إلى أهل الميت.
هذا إلى جانب أبجديات الوحشية الثانوية من اقتلاع الأسنان والأضراس الملبسة ذهبا من أفواه الموتى وبيعها. بين الموتى يمكن للعابر الحي أن يصحو من غيبوبته المعنوية، وعندما يتعرض للخطف من قبل مجهول ويقذف به في مكان لا يعرفه، يبدأ رحلة تذكر ما فعله وما اقترفه لعله يتوصل إلى معرفة خاطفه.
وجورج يرق روائي لبناني من مواليد 1958. عمل محررا وكاتبا حرا في صحف ومجلات لبنانية عدة، منها "النهار"، "اللواء"، "الحياة"، "الصياد" و"جسد". صدرت له روايته الأولى "ليل" في عام 2013.
"مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة"
ربعي المدهون
حيثما تذكر فلسطين تذكر إسرائيل، إنه ذلك التلازم القدري بين اسم القاتل واسم الضحية.. وفي "كونشرتو الهولوكوست والنكبة" التي تفتح أفقا جديدا للرواية الفلسطينية، يتناول الروائي ربعي المدهون مأساة فلسطين من كل جوانبها، حيث يطرح المدهون في روايته أسئلة حول ما تعرض له اليهود في الهولوكوست، وما تعرض له الفلسطينيون من عذاب ومعاناة في المجازر والحروب.
الرواية التي تنقسم إلى 4 أقسام، يمثل كل منها إحدى حركات الكونشرتو لتأخذ الحكايات الأربع بعدها في التكامل حول أسئلة النكبة، والهولوكوست، وحق العودة. إنها رواية الفلسطينيين المقيمين في الداخل الذين وجدوا أنفسهم يحملون الجنسية الإسرائيلية قسرا. كما أنها رواية الفلسطينيين الذين هجروا من أرضهم إلى الشتات ثم حاولوا العودة إلى بلادهم المحتلة.
"خذوا بعضي وكل روحي إلى عكا يعتذران لها حارة حارة. خذوا ما تبقى مني وشيعوني حيث ولدت، مثلما ستشيعني لندن حيث أموت. يا أصدقائي وأحبتي، يوماً ما، لا أظنه بعيداً، سأموت. أريد أن أدفن هنا وأن أدفن هناك".
هذه هي وصية إيفانا الفلسطينية الأرمنية، التي أحبت في صباها طبيبا بريطانيا في زمن الانتداب، فأنجبت منه بنتا اسمها جولي، وهربا بها إلى لندن عشية نكبة عام 1948. وبعد سنوات طويلة، وقبل وفاتها توصي إيفانا ابنتها أن تحرق جثتها وتنثر نصف رمادها فوق نهر التايمز، وتعيد نصفه الآخر إلى موطنها الأصلي: عكا القديمة.
وربعي المدهون كاتب فلسطيني ولد في مدينة المجدل عسقلان، في جنوب فلسطين عام 1945. هاجرت عائلته خلال النكبة عام 1948 إلى خان يونس في قطاع عزة. تلقّى تعليمه الجامعي في كل من القاهرة والإسكندرية ولكن أُبعد من مصر سنة 1970 قبل التخرج بسبب نشاطه السياسي.
عمل محررا أو كاتبا في صحف ومجلات. من مؤلّفاته "السيدة من تل أبيب" (رواية، 2009) التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2010، و"مصائر.. كونشرتو الهولوكوست والنكبة" (رواية، 2015).