أعماله بحجم مدن وقد تصل حدّ ارتفاع ثمانية طوابق، بدأت من بيروت إلى تونس ودبي وصولاً إلى سنغافورة وألمانيا، هو لا يحتاج إلى أكثر من جدار ضخم وألوان حتى تنطق تلك الجدران حروفاً عربية.
السياسة التي فرّقت اللبنانيين وجعلت من جدران المدينة ملصقات ترويجية بيضاء من الصعب إزالتها، هي التي جذبت يزن الحلواني لطمس تلك الشخصيات مع ما جرّته لهذا البلد من مشاكل، وجعل هذه الجدران لوحات ذات هوية عربية تمثّل حقيقة شعب هذا البلد.
حلواني الذي جذبته الجدران وجد في مساحاتها الواسعة مكاناً يفترش عليها أعمالاً لا يمكن إدراجها إلا تحت مسمّى الغرافيتي من خلال استخدامه ألواناً قوية وحروفاً أجنبية ولكن الأمر تغيّر بالنسبة إليه مؤخراُ، فالشاب الذي وقعت بين يديه صدفة كتاباً للخط العربي غيّرت من أسلوب رسمه وجعلت من هذا الخط بمختلف أنماطه هدفاً لتحويل جدران العالم إلى لوحات ذات هوية عربية.
فيروز تغني ودرويش يلقي شعراً
من السهل بالنسبة لحلواني تحويل الجدار إلى لوحة ناطقة، وذلك من خلال إضافة الحروف العربية جانب الصورة التي يرسمها، لوحات كثيرة رسمها على الجدران منها صورة فيروز في شارع الجميزة ببيروت تجبر المارون على دندنة أغنياتها وذلك بسبب الدقة المرسومة بها من جهة ومن جهة أخرى طريقة وضع الحروف العربية معها، ولا يتوقف الأمر لدى حلواني عند هذا الحد الذي أوضح بقوله
لـ "عربي بوست" إنّ ما يقوم به هو " بهدف خلق تفاعل بين الجدار والناس من جهة بالإضافة إلى خلق رابط مع هذا المكان فيروز وصباح تغنيان، ومحمود درويش يلقي شعراً".
"الجدار هو كالكتاب يمكننا من خلاله رواية قصّة تعيش مع الناس تفاصيل حياتهم، على اختلاف اتجاهاتهم السياسية وأوضاعهم الاجتماعية، كباراً أم صغاراً كانوا" بهذه الكلمات وصف حلواني علاقته مع جدران مدينته، وأضاف "شعب غني ثقافياُ مثل لبنان يستحق أن تروى قصصه على جدران العالم".
للحكومة اللبنانية خطوطها الحمراء!
إنّ تنفيذ أي عمل ضخم من الأعمال التي قام بها حلواني لم يتطلّب منه سوى تعريف صاحب المنزل بالمشروع والحصول على موافقته، إلاّ المشاريع التي امتدّت على مساحات واسعة منها جدارية شارع الحمراء أو اللوحة التي امتدّت على أحد الأبنية الضخمة وهنا اصطدم مع الحكومة اللبنانية والتي على حدّ قوله "لم تقتنع أنّ ما أقوم به مجاناً بل حتى أنها وصفته إضاعة للوقت"، ودخل في دوامة الروتين والمعاملات القانونية للحصول على الموافقة.
الجدران بالنسبة لحلواني مقدسة من المستحيل أن يتعدّى عليها أو أن يرسم دون الحصول على الموافقة، الأمر الذي أجبره انتظار 7 شهور للحصول على إذن من بلدية بيروت كي يرسم المغنية اللبنانية صباح على أحد الأبنية بارتفاع ثمانية طوابق استغرقت منه 6 أيام قضاها تحت الشمس، وهو غالباً ما ينفّذ أعماله في ظروف جوية مختلفة بهدف تجميل واجهة المدينة.
الجدارن هي من تختاره
وعن السؤال حول كيفية اختيار الحلواني الجدار المناسب لأعماله قال "أنا لا أختار الجدار هو من يختارني، أشعر أنه يناديني لأرسم عملاً معيناً وخاصة في تلك الأماكن التاريخية بشكل عام عناصر المدينة تساعدني في عملي" وأضاف "إن الجدار ليس ملكي ولهذا السبب لا أقوم بتوقيع أعمالي باسمي لأنني أهدف من هذه الأعمال خلق تواصل ثقافي واجتماعي بين الشخصية المرسومة والمارة ولا دور لاسمي بينهما، دوري ينتهي بانتهاء الرسم".
الشاب الذي رسم إلى اليوم أكثر من 200 لوحة منذ أكثر من ثمانية سنوات يحلم إلى أن يرسم لوحة في كل جدار من جدران العالم ويخلق من الحروف العربية أعمالاً تنشر الثقافة العربية، وحلمه الأكبر هو "أن يرسم لوحة على برج خليفة" على حدّ قوله.