ما حجم ثروة آل كابوني، وكيف خسر كل شيء إلى أن انهار في البكاء؟

تقول الأسطورة إنّ رجل عصابات شيكاغو آل كابوني قضى أيامه الأخيرة في البحث عن كنزٍ دفنه في ولاية فلوريدا الأمريكية ثم فقده لاحقاً، لكنه فشل في العثور على الكنز، ومع الكنوز المخبأة هذه قد لا نعرف حجم ثروة آل كابوني الحقيقية.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/05/15 الساعة 11:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/15 الساعة 11:35 بتوقيت غرينتش
آل كابوني - الشبكات الاجتماعية

تقول الأسطورة إنّ رجل عصابات شيكاغو آل كابوني قضى أيامه الأخيرة في البحث عن كنزٍ دفنه في ولاية فلوريدا الأمريكية ثم فقده لاحقاً، لكنه فشل في العثور على الكنز، ومع الكنوز المخبأة هذه قد لا نعرف  حجم ثروة آل كابوني الحقيقية.

ففي أوج سلطته، جنّد آل كابوني أكثر من 600 رجل عصابات في كافة أنحاء شيكاغو. ولا يزال حجم الثروة التي جمعها رجل العصابات سيئ السمعة محل جدلٍ حتى يومنا هذا، لكن موقع All That's Interesting الأمريكي حاول تقدير صافي ثروته.

الصعود للثراء

بدأ صعود كابوني إلى الثراء حين صار زعيماً للجريمة المنظمة في شيكاغو خلال العشرينيات. وكان ذلك الاتحاد، المعروف باسم "سلاح فرسان شيكاغو"، يحظى بتدفقات أرباح من مصادر تتراوح من البيع غير المشروع للخمور وصولاً إلى البغاء.

وبصفته زعيماً للعمليات المُربحة، لم يقتصد كابوني في إنفاق المال مُطلقاً، بدءاً من شراء أجنحة فنادق فاخرة وانتهاءً بالانتقال إلى فلوريدا بدلاً من منزله الأصلي في شيكاغو.

ونظراً لأنّ كابوني كان يستعمل النقود النقدية في الغالب ولا يترك الكثير من الأدلة الورقية؛ فمن الصعب مقارنته مع رجال العصابات الآخرين على مرّ التاريخ؛ إذ قالت حفيدة شقيقه ديردري ماري كابوني إنّه أخفى ودفن ثروةً لا حصر لها، لكنّه كان مُضطّرباً بشدة إبان الإفراج عنه من السجن ولم يستطِع أن يتذكر مكانها.

هناك إجماعٌ عام على أنّ صافي ثروة آل كابوني كان يُقدّر بنحو 100 مليون دولار، أو 1.5 مليار دولار بأسعار العملات اليوم. ورغم أنّ الرقم الثاني يبدو براقاً أكثر، لكن الرقم الأول لا يزال مُثيراً للإعجاب في عصرٍ شهد الكساد الكبير.

تفاصيل صافي ثروة آل كابوني

كان آل كابوني فرداً في عدد من عصابات شوارع نيويورك أثناء فترة المراهقة، لكن صعوده الحقيقي بدأ حين دعاه رجل العصابات جوني توريو إلى العمل لصالح بيغ جيم كولوسيمو في شيكاغو عام 1919.

وأثناء عمله حارساً في أحد مواخير كولوسيمو، أُصيب بالزهري، وهو مرض إن تركه دون علاج، سيُؤثّر على أوضاعه المالية وحياته اللاحقة، لكنه كان أكثر تركيزاً على بناء إمبراطوريته في عام 1925. إذ كان في الـ26 من عُمره حين استقال توريو وسلّمه كرسي القيادة في سلاح فرسان شيكاغو. فضربت الأرباح عنان السماء.

أحد مشاريعه الخاصة كان متجر Hawthorne Smoke Shop الذي يبيع التبغ، ويُدير عملية مقامرة على طراز الكازينو أيضاً. وفي عام 1924 أظهرت سجلات المتجر صافي دخل وصل إلى 300 ألف دولار -أي نحو 3.6 مليون دولار وفقاً لمعايير اليوم. وفي الوقت ذاته كان ماخور Harlem Inn يجني 230 ألف دولار سنوياً (أو نحو 2.7 مليون دولار).

وللتوضيح، أدار كابوني قاعات مقامرة ومواخير من هذا النوع في كافة أنحاء المدينة. وكانت كافة مُعاملاته قائمةً على النقد السائل؛ لأنّ مجالات تجارته كانت غير قانونية تماماً، وبالتالي لم يكُن يُبلِغ سوى عن الدخل الذي جناه بصورةٍ قانونية، مثل مبيعات التبغ.

وفي النهاية قدّرت الحكومة أنّ دخل سلاح فرسان شيكاغو سنوياً وصل إلى 50 مليون دولار من تهريب الكحول، و25 مليون دولار من المقامرة، ونحو 10 ملايين دولار من المخدرات والبغاء. ولا عجب في أنّ تلك العمليات ظلّت بعيدةً عن الأعين والأيدي لسنوات.

لكن، كيف خسر كابوني أمواله؟

كان من الجلّي أنّ الويسكي الخاص بكابوني يأتي من كندا عبر ميشيغان. وكان الكثير من ذلك الويسكي يأتي من نيويورك أيضاً، بمساعدة فرانكي ييل الذي علّم كابوني الكثير قبل أن يُغادر بروكلين.

في هذا الوقت سيطرت عصابة بيربل سيئة السمعة على نهر ديترويت، وتستخدم سيارةً خفيفة الوزن للتحرّك فوق سطحها المُتجمّد. في حين كانت ديترويت تُمِدَّ أمريكا بـ75% من الخمور غير القانونية إبان فترة حظر الكحوليات في الولايات المتحدة، وكان ذلك من دواعي سرور كابوني الذي تربّح من سلسلة التوريد.

ولا شكّ أنّ العصابات المُنافِسة كانت تُحاول السطو على سائقيه باستمرار، ناهيك عن اضطرار السائقين إلى الفرار من وكلاء الحظر على الطريق خشية التعرّض للسرقة أو القتل أو التوقيف.

إذ قال أحد رجال كابوني المُخضرمين إنّ أخطر أجزاء الرحلة كان "امتداد الطريق بين غاري وبين مدينة ميشيغان بطول الكثبان الرملية لبحيرة ميشيغان" تستمر الشائعات حول أنّ هناك أكواماً من الويسكي لا تزال مدفونة سراً في تلك المنطقة إلى يومنا هذا.

بينما كان كابوني غاضباً بسبب الأرباح التي يفقدها نتيجة القيود القانونية أو انتقام المُنافسين، لكنّه كان يجني ما يكفي لدرجة أنّه لم يتأثّر مالياً. لكن الأموال المدفونة تحوّلت إلى مشكلةٍ حقيقية حين تدهورت قواه العقلية وهو في السجن.

فقد كان كثير النسيان إبان الإفراج عنه من السجن لدرجة أنّ حفيدة شقيقه أفصحت لاحقاً عن حديثٍ مُقلق أجراه مع جدها رالف، اعترف خلاله كابوني بأنّه دفن كومةً من النقود ولم يستطِع العثور على مكانها. 

وقال رالف إنّ شقيقه "كان يحمل نظرةً عاجزة مُثيرة للشفقة على وجهه وهو يقول: "لا أعلم أين هي.. لا أعلم أين هي بحق الجحيم. وضعت مجموعةً من مفاتيح صناديق الإيداع وأسماء الحسابات في مُختلف البنوك داخل صندوق متين. ودفنت الصندوق، لكنّني لم أعثر عليه حين عُدت للحفر عقب خروجي من السجن. ثم ظنّنت أنّني دفنته في مكان آخر، ولكنّني لم أعثر عليه هناك أيضاً حين نظرت".

وأوضح كابوني أنّه ضيّع ثروة كانت ستعيش لأجيال. ويُزعَم أنّ رجل العصابات الضخم المُرعب انهار في البكاء حينها.

أين يُصنّف كابوني عند مقارنته بأغنى رجال العصابات في التاريخ؟

من المثير للسخرية أنّ ثروة آل كابوني كانت هي سبب سقوطه؛ إذ لم يُقدّم إقرارات ضريبة الدخل الفيدرالية على الإطلاق، وزعم أنّه لا يملُك دخلاً يخضع للضريبة. وحين تعقّبت دائرة الإيرادات الداخلية الأموال؛ اكتشفت أنّه جنى دخلاً يُقدّر بملايين الدولارات دون دفع أيّ ضرائب (أُدين بـ22 تهمة تهرُّب ضريبي).

لكن صافي ثروة آل كابوني -الذي يُقدّر بـ1.5 مليار دولار في يومنا هذا- لا يرقى إلى مستوى زعماء العصابات الآخرين؛ إذ قُدّرت ثروة خواكين غوزمان لويرا (إل تشابو) مثلاً بنحو 6 مليارات دولار بأسعار العملة اليوم. وفي الوقت ذاته، يتفوّق بابلو إسكوبار أيضاً على كابوني بصافي ثروة قُدّر بأنّه يصل إلى 100 مليار دولار بأسعار العملة اليوم.

وكان كابوني لا يتورّع عن فعل أيّ شيء من أجل الحصول على المال بمقاييس عصره، لكنّه كان طيب القلب مع جموع الناس؛ إذ افتتح واحداً من أوائل مطاعم الفقراء في شيكاغو أثناء الكساد الكبير. لكن كنزه المدفون الغامض كان أكثر ما أثار اهتمام الناس إثر وفاته.

تحميل المزيد