«زومبي» كان أوّل قائد إفريقي يؤسِّس دولة للمسلمين في البرازيل

عادةً ما نعتبر كلمة زومبي تعبيراً عن هؤلاء الموتى الأحياء الذين يمشون في الظلام بأشكالٍ شبه بشريّة والدماء تتقاطر من أفواههم، لكنّ ما لا نعرفه أنّ زومبي هو اسمٌ لقائدٍ إفريقيّ، ورث خاله زومبا في مقاومته للمستعمر المستعبد لهم، وأسَّس دولةً في البرازيل.

عربي بوست
تم النشر: 2019/08/23 الساعة 14:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/23 الساعة 14:38 بتوقيت غرينتش
القائد زومبي محرر العبيد

عادةً ما نعتبر كلمة زومبي تعبيراً عن هؤلاء الموتى الأحياء الذين يمشون في الظلام بأشكالٍ شبه بشريّة والدماء تتقاطر من أفواههم، لكنّ ما لا نعرفه أنّ زومبي هو اسمٌ لقائدٍ إفريقيّ، ورث خاله زومبا في مقاومته للمستعمر المستعبد لهم، وأسَّس دولةً في البرازيل، فما هي قصة هذا البطل زومبي، الذي ربّما تحرّكت الدعاية الغربية عبر قرون لاعتبار أنّ اسم زومبي هو دليل على الموتى الأحياء، أي "الأفارقة" الذين أسسوا دولةً أطلق عليها المستعمر "مستعمرة القرود"!

البداية من عند زومبا.. خال زومبي المناضل الذي خانته حصافته السياسية

كانت البرتغال في القرن السادس عشر قوّة بحرية وعسكرية لا يستهان بها، بدأت في التطلُّع للأمام والاستعمار، وكانت البرازيل من ضمن مستعمراتها الكثيرة، لكنّ الاستعمار يتطلَّبُ أيضاً قوى عاملة، تستطيع أن تعمّر هذه المستعمرات، ومن هنا جاءت للبرتغاليين فكرةٌ ستغير كثيراً في تاريخ العالم: استجلاب العبيد من إفريقيا لإعمار المستعمرات في أمريكا اللاتينية.

زومبي
تمثال للقائد زومبي في البرازيل

وبدأت البرتغال في استجلاب العبيد، وبأرقامٍ مليونيّةٍ ضخمة، فقد جلبت من دولة بِنين وحدها 3 ملايين شخص، وقد وصلت أعداد العبيد في البرازيل وحدها نصف مليون عبدٍ إفريقي، بينما كانت أعدادها في مجمل أمريكا اللاتينية 13 مليون إفريقي!

جاء العبيد ومعهم أيضاً مهاراتهم الإفريقية في الزراعة والهندسة المعمارية، فقد علّم الأفارقة العبيد "سيدهم الأبيض المستعمر" ما لم يكن يعرفه من تقنياتٍ زراعية، لكنّ التقنيات العسكرية للأسف كانت في يد المستعمر وليس الأفارقة ليدافعوا بها عن أنفسهم.

ومع مرور الزمن بدأت تنشأ بعض الكيانات الإفريقية داخل البرازيل والمستعمرات الجديدة في أمريكا اللاتينية، عبر الهرب من المستعمر إلى الأدغال والأحراش في الغابات، وبدأ أول هذه المجتمعات بالظهور في مستعمرة أطلق عليها "مستعمرة باهيا"، إذ هرب إليها المئات من الأفارقة وكوّنت ما يشبه "الإمارة" عام 1579، وبدأت الحروب..

تأسس أيضاً كيانٌ جديد اسمه "مستوطنة بالماريس"، كان قائدها جانجا زومبا وهو خال القائد زومبي الذي هو موضوع هذا التقرير. كان زومبا – وفقاً لبعض المصادر – ابناً لابنة ملك الكونغو الذي قاد نضال شعبه ضد المستعمر البرتغالي، لكنه خسر في معركةٍ كبيرة بالنهاية، كانت مستوطنة بالماريس في مجملها من رجال دولتي أنغولا والكونغو الذي أرسلوا عبيداً للبرازيل.

كان تأسيس هذا الكيان عام 1605 من مجموع 9 مستوطنات أنشأها الأفارقة، كانت تحت قيادة القائد الشجاع زومبا. حققت بالماريس اكتفاءً ذاتياً من المحاصيل الغذائية، وكان قادة التسع مستوطنات من أقاربه: أبنائه وإخوته وأبناء إخوته، ومن بينهم القائد زومبي ابن أخته.

كانت نهاية القائد الكبير زومبا غير متوقّعة، فقد آثر السلامة ووافق على اتفاقٍ عرضه عليه قائد البرتغاليين يقضي بتبعية بالماريس للبرتغاليين مع احتفاظها بوضعها الذاتي، لكنّ هذه الاتفاقية لم تعجب العديد من قادته وعلى رأسهم زومبي، الذي قرر قيادة انقلابٍ على خاله لتكملة النضال ضد البرتغاليين. لاحقاً توفي زومبا بالسمّ، وفقاً للمصادر المتاحة، وبدأ عهد زومبي.

زومبا
بعد الانقلاب على زومبا أصبح زومبي هو القائد

عهد زومبي

بعد سقوط زومبا قاد زومبي مستوطنة بالماريس، وبدأ من جديد حروبه مع البرتغاليين التي استمرّت 17 سنة منذ عام 1678 إلى عام 1695. وفي إحدى المعارك الرئيسية الأخيرة أصيب زومبي إصابةً بالغةً في إحدى قدميه، وقُبض على أحد أتباعه الذي ساوموه على حياته ليدلّهم على مخبأ زومبي.

وبالفعل، اختار الرجل حياته على حياة قائده، ودلّهم على مخبئه فوصلوا إليه وأسروه. وبالطبع قتلوه على الفور في 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1695، وقُطع رأسه وعُرض في إحدى المدن الكبرى إرهاباً لكلّ "العبيد الأفارقة" الذين قد يفكرون في  الثورة أو التمرُّد. ليس هذا وفقط بل تمّ تشويه أعضائه التناسلية ومثّلوا بجثته تماماً وعرضوها على الجمهور، كما تمّ بيع الأسرى من جديد في مناطق أخرى كي يتأكد البرتغاليون أنهم لن يجتمعوا مرةً أخرى ضدّهم.

ما بعد زومبي

بالتأكيد كانت ثورة زومبا ومن بعده زومبي وقيادتهما للنضال ضد المستعمر البرتغالي الذي استعبدهم وقعٌ إيجابي للغاية على أذهان ومشاعر بقية "العبيد" الآخرين في ربوع أمريكا اللاتينية، ولم تكن ثورتهم هي الأولى أو الأخيرة، فقد استطاع مسلمون أفارقة تأسيس مستعمرة باهيا والنضال ضد البرتغاليين، كان أغلب هؤلاء الأفارقة المسلمين من دولة مالي.

أخمدت أيضاً ثورة مستوطنة باهيا في النهاية، فلم يكن لدى المستضعفين الأفارقة القدرة ولا التطور العسكري لمواجهة قوة عسكرية ضخمة مثل البرتغال في ذلك الوقت.

وفي عام 1960 بدأ الاحتفال بيوم الوعي الأفرو – برازيلي في يوم 13 مايو/أيار، لأنه كان تاريخ العبودية في البرازيل، بينما طالب بعض البرازيليين بأن يكون الاحتفال بهذا اليوم هو 20 نوفمبر/تشرين الثاني، أي يوم إعدام القائد زومبي على يد البرتغاليين، وقد كان بالفعل، والآن ينتصب أكثر من تمثال للقائد زومبي في البرازيل باعتباره قائداً للنضال ضد المستعمر.

علامات:
تحميل المزيد