أحيا الأتراك في منطقة أهلات بمدينة بيتليس التركية الذكرى الـ 947 لمعركة "ملاذكرد" التي انتصر فيها السلطان السلجوقي ألب أرسلان على الإمبراطور البيزنطي رومنوس ديوغونيس في العام 1071، وأسره ممهداً السبيل أمام الأتراك للتوغل في الأناضول.
وشهدت فعاليات إحياء الذكرى إقبالاً جماهيرياً واسعاً.
من أراد الانصراف فلينصرف، ما ها هنا سلطان يأمر وينهى!
كانت المعركة على وشك الاندلاع في 26 أغسطس/آب 1071، حينما عرض السلطان أرسلان الهدنة على ديوغونيس ورفضها الأخير.
نظر السلطان إلى جيشه المكون من 20 ألف مقاتل، وألقى نظرة على جيش الروم الهائل الذي قدّر عدده بـ 200 ألف مقاتل، عرض أرسلان على جنوده الرحيل لمن أراد، وأوصاهم باتباع قيادة ابنه إذا قتل في المعركة.
أرسلان والإمبراطور الأسير.. ماذا جرى في "ملاذكرد"؟
لكن المعركة لم تجر كما كان متوقعاً لها، فسرعان ما رجحت كفة جيش السلاجقة بقيادة أرسلان وانقشع غبار المعركة عن جثث الروم تملأ ساحة "ملاذكرد" شرق تركيا الحالية.
ويتحمل الجنود المحترفون والمرتزقة من وحدات النخبة البيزنطية مسؤولية الهزيمة؛ إذ فرّ عدد كبير من المرتزقة وسكان الجبال الأناضولية مبكراً ونجوا من المعركة.
ووقع الإمبراطور البيزنطي أسيراً في أيدي السلاجقة، لكن السلطان أطلق سراحه بعد أن تعهد بدفع فدية قدرها مليون ونصف دينار، وأن يطلق أسرى المسلمين، ويلتزم بالصلح لنصف قرن ويدفع الجزية السنوية ويقر بسيادة السلاجقة على المناطق المفتوحة ومنها الأناضول.
ودولة السلاجقة التي حكمت إيران وأفغانستان ووسط آسيا، وتوسعت غرباً حتى شملت العراق والشام والأناضول بعد نصر ملاذكرد، هي دولة سُنية تأسست على يد سلالة تركية تنحدر من قبيلة من أتراك الأوغوز وسط آسيا.
وظهرت الدولة السلجوقيَّة عندما قاد طغرل بك، حفيد سلجوق، حرباً مع الدولة الغزنوية في إقليم خراسان الكبرى، تمكَّن على إثرها من السيطرة على مدينتي مرو ونيسابور، ثم دخل في صراع مع الدولة البويهية الشيعية في إيران والعراق، ولبى دعوة السلطان العباسي القائم بأمر الله فدخل بغداد وأخرج منها البويهيين وقضى على نفوذهم في العراق وفارس.
ولاحقاً تحرك السلطان طغرل بك غرباً ليضم جورجيا وأرمينيا، واستأنف ابن أخيه ألب أرسلان مقاليد الحكم من بعده ومدَّ سلطان الدولة حتى سواحل بحر إيجه جنوب غربي تركيا الحالية.
ما بعد "ملاذكرد" ليس كما قبلها!
تغيرت الأناضول تماماً بعد هذه المعركة؛ وانتشرت اللغتان العربية والفارسية في الأناضول، وانحسر نفوذ البيزنطيين كثيراً حتى كاد ينحصر في القسطنطينية (إسطنبول الحالية)، والتي فتحها السلطان العثماني محمد الثاني بعد نحو 400 عاماً من معركة "ملاذكرد".
ولعبت الهزيمة الكبيرة للجيش البيزنطي وأسر الإمبراطور رومانوس الرابع ديوجين دوراً حاسماً في تقويض السلطة البيزنطية في الأناضول وأرمينيا وكان من تداعيات كارثية ملاذكرد على البيزنطيين أن أدت إلى الصراعات الأهلية والأزمات الاقتصادية التي أضعفت بشدة قدرة الإمبراطورية البيزنطية في الدفاع عن حدودها بشكل كافٍ. وأدى هذا إلى دخول الأتراك إلى وسط الأناضول – وبحلول عام 1080م أصبحت مساحة 78 ألف كيلومتر مربع (30 ألف ميل مربع) في حوزة الأتراك السلاجقة.
واستغرق الأمر ثلاثة عقود من الصراع الداخلي قبل أن يعيد ألكسيوس الأول (1081 إلى 1118) الاستقرار إلى بيزنطة. ويقول المؤرخ توماس أسبريدج: "في عام 1071 ، سحق السلاجقة جيشًا إمبراطوريًا في معركة ملاذكرد (في شرق آسيا الصغرى) ، وعلى الرغم من أن المؤرخين لم يعودوا يعتبرون هذا الأمر بمثابة انقلاب كارثي تمامًا للبيزنطيين ، إلا أنه لا يزال المؤرخون يرون ملاذكرد باعتبارها المرة الأولى في التاريخ التي أصبح فيها الإمبراطور البيزنطي أسير قائد مسلم.
احتفالات شرق تركيا.. وطائرات تجوب الأجواء غرباً
قدم فريق "النجوم التركية" التابع لسلاح الجو التركي، الأحد، استعراضاً مثيراً في أجواء ولاية أفيون قره حصار غربي البلاد، في إطار الاحتفالات التي تشهدها تركيا سنوياً في ذكرى المعركة.
واحتشد المواطنون في مجمع "أحمد نجدت سيزر" بجامعة قوجه تبه في أفيون، للاستمتاع بمشاهدة العروض الجوية المتنوعة لـ "النجوم التركية". و"النجوم التركية"، أو كما يعرف باللغة التركية (تورك يلدزلَرى) تأسس في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1993، وهو فريق استعراض جوي تابع للقوات الجوية التركية.
Turks' first step into Anatolia: Battle of Manzikert
In 1071, Seljuk Turks defeated the Byzantines in Manzikert. The victory allowed Turks to enter Anatolia. This is the story.
Geplaatst door TRT World op Maandag 27 augustus 2018
ويستخدم الفريق ثماني مقاتلات من طراز F-5 أثناء عروضه؛ ما يجعله الفريق الوحيد في العالم القادر على الاستعراض بهذا العدد من المقاتلات – بحسب وكالة الأنباء التركية الرسمية "الأناضول" -.
وهنأ الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، شعبه بمناسبة الذكرى السنوية الـ947 لمعركة "ملاذكرد" التي انتصر فيها السلاجقة الأتراك على الإمبراطورية البيزنطية.
وقال أردوغان إن انتصار "ملاذكرد" في العام 1071، وضع الأجداد من خلاله أسس حضارة مثّلت العدل والرحمة والسلام، مؤكداً أن الجمهورية التركية هي ثمرة مقاومة ملحمية ضد أقوى دول العالم، وقامت على أسس متينة وضعت مع انتصار "ملاذكرد".
وشدّد على أن تمسك الشعب التركي بهذه الأرض منذ نحو ألف عام، رغم جميع الهجمات الداخلية والخارجية، هو بفضل "روح ملاذكرد".
وزار الرئيس التركي المقبرة السلجوقية بمنطقة "أخلاط" بولاية بتليس شرقي تركيا، ضمن الاحتفالات وتجول في المقبرة بصحبة مرافقيه من الوزراء والقادة العسكريين، واستمع لشرح من المسؤولين عن المقبرة، التي تعد أكبر مقبرة إسلامية تركية تاريخية. وتلا أردوغان أدعية للشهداء المدفونين في المقبرة التي تضم 8 آلاف و200 قبر.
اقرأ أيضأً..
لماذا تتصارع "نسور" أوروبا في كأس العالم؟ خلافٌ مسيحي قديم على "بيزنطة الثانية" و"روما الثالثة"