تستخدم الإنترنت نحوُ 4.6 مليار شخص يومياً. نميل إلى التفكير في إنترنت صديقة للبيئة لناحية مساعدة الجهات على تخفيف استخدام الورق وإنقاذ الأشجار من الزوال عبر الاعتماد على الموجات الأثيرية، لكن الخوادم التي تستضيف كل تلك البيانات تنتج كميات هائلة من الانبعاثات، تاركةً وراءها بصمة كربونية عملاقة.
يوجد اليوم نحو 30 مليار جهاز متصل بالإنترنت في العالم، حسب موقع The Conversation، من ضمنها أجهزة الكمبيوتر الشخصية والهواتف الذكية وأجهزة التلفزيون والأجهزة اللوحية، إضافة إلى عدد لا يحصى من الأجهزة التي تستخدم الإنترنت بطرق أكثر دقة، مثل المركبات الذكية وأنظمة المنزل الذكي والساعات الذكية، والتي يطلق عليها اسم إنترنت الأشياء.
تلعب هذه التقنيات المتصلة بالإنترنت بالفعل دوراً رئيسياً في الانتقال إلى مستقبل طاقةٍ أنظف؛ على سبيل المثال، العدادات الذكية المنزلية التي يتم طرحها في العديد من البلدان، تساعد في مراقبة استخدام الطاقة المنزلية وبالتالي تقليلها.
ولكن نظراً إلى أننا نعتمد على الإنترنت في معالجة واستخدام وتخزين مزيد من البيانات، فإن الطاقة التي تستهلكها في ازدياد، لذا يبحث العلماء في أن تكون الإنترنت أكثر استدامة؛ حفاظاً على مستقبل الكوكب.
خوادم ماصة للطاقة
وتشير تقديرات الأبحاث إلى أنه بحلول عام 2025، يمكن أن تستخدم صناعة تكنولوجيا المعلومات 20% من إجمالي الكهرباء المُنتَجة وانبعاث ما يصل إلى 5.5% من انبعاثات الكربون في العالم، وهو أعلى من إجمالي انبعاثات معظم البلدان باستثناء الصين والهند والولايات المتحدة.
وتأتي نسبة متزايدة من استهلاك طاقة تكنولوجيا المعلومات من مراكز البيانات؛ وهي المباني المستخدمة لتخزين البيانات وأجهزة الكمبيوتر، والتي يتم توصيلها دائماً بشكل مباشر بشبكة الكهرباء المحلية.
في معظم البلدان، يتم استخدام مصادر غير متجددة للكهرباء، ونحو 50% من مراكز البيانات الآن "فائقة النطاقات"، مما يعني أنها تحتوي على أكثر من 5000 خادم وهي أكبر بشكل عام من 1000 متر مربع.
يتم استخدامها عادةً من قِبل اللاعبين الرئيسيين في صناعة البيانات مثل Microsoft Azure أو Google Cloud أو Amazon Web Services (AWS)، التي تستضيف وحدها 5.8% من جميع المواقع على الإنترنت.
يحاول عدد من مراكز البيانات هذه تقليل تأثيرها البيئي، لتأمين فواتير طاقة أقل.
بدورها أعلنت شركة Google عن هدفها المتمثل في تحقيق مراكز بيانات تعمل بالطاقة المتجددة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع بحلول عام 2030، وبدأ تشغيل أول مركز بيانات من هذا القبيل، عام 2020، بالقرب من لاس فيغاس.
لتشغيل مثل هذه المراكز من الطاقة المتجددة فقط، فإن تحديد موقعها في المناطق ذات الرياح الوفيرة أو الطاقة الشمسية أو الطاقة الحرارية الأرضية أو الطاقة الكهرومائية أمر حيوي.
استهلاك الإنترنت للطاقة
وشهد العقد الماضي ظهور اتجاه آخر: استضافة الويب التي تعمل بالطاقة المتجددة، إذ يختار عدد متزايد من مالكي مواقع الويب الدفع لمنصات مثل AWS للحصول على مساحة لتخزين الملفات على خوادم الويب العملاقة.
في محاولة لتقليل التأثير البيئي لجميع استخدامات الطاقة، يختار البعض شراء تعويضات -مدفوعات تعوض نظرياً عن انبعاثات الكربون، من خلال دعم توليد طاقة منخفضة الكربون- بينما يشتري آخرون الطاقة من مصادر متجددة لتتناسب مع إجمالي استهلاكهم للطاقة.
وفي الوقت نفسه، قام عدد متزايد من الشركات بتركيب أنظمة طاقة متجددة مثل الألواح الشمسية أو توربينات الرياح مع بطاريات احتياطية لتزويد البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات بالطاقة مباشرة.
هل تستطيع الشمس تشغيل الويب؟
يتم تقديم حل آخر محتمل للتصفح بشكل أكثر استدامة من خلال مبادرات مثل Solar Protocol وLow Tech Magazine.
هذه المواقع المبتكرة تعمل بالطاقة الشمسية بالكامل، تسمح استراتيجيات تصميم الويب سريعة الاستجابة والصديقة للبيئة الخاصة بهم -بما في ذلك الصور ذات الألوان المنخفضة- بتشغيل مواقع الويب بكفاءة أعلى بناءً على التقييم في الوقت الفعلي لأشعة الشمس المتاحة.
يعمل موقع Solar Protocol، على سبيل المثال، عبر شبكة من الخوادم الشمسية الموجودة في جميع أنحاء العالم.
عندما يزور المستخدم الموقع، يتم تسليم محتواه من الخادم الذي يتلقى أكبر قدر من الطاقة الشمسية في ذلك الوقت.
يتم أيضاً تغيير دقة موقع الويب ديناميكياً وفقاً للطاقة التي يتم توليدها بواسطة الألواح الشمسية.
عندما ينخفض مستوى الطاقة الشمسية أو البطارية إلى ما دون حد معين، بسبب يوم غائم على سبيل المثال، تصبح مواقع الويب منخفضة الدقة.
ويتحول الموقع إلى تنسيق أساسي نصي فقط عندما تكون السحب مغلقة بالفعل وتكون الطاقة منخفضة جداً. ولعل التحدي الذي يواجهه المصممون والمهندسون هو توسيع نطاق تقنيات توليد الطاقة في مثل هذه المواقع؛ للمساعدة في تشغيل عدد هائل من المواقع الأخرى على الويب، وجذب الشركات لاعتمادها