وافقت إحدى محاكم الاستئناف، بولاية نيويورك، على السماح للمدعي العام بالولاية بالتحقيق في عددٍ من الشركات التي لها علاقة بعملة (USDT) مشفرة تسمي التيثر. وفي حين لا توجد اتهامات رسمية بالاحتيال أو سوء السلوك، فإن رأي المحكمة المنبثقة عن المحكمة العليا في نيويورك يفسح الطريق أمام تنفيذ مكتب المدعي العام أوامر الاستدعاء الرسمية. وقد سعت الشركات التي وُجِّهت إليها هذه الأوامر، ومن بينها شركة Tether القابضة المحدودة ومنصة تداول العملات المشفرة Bitfinex، إلى إبطال هذه الأوامر في المحكمة، لكنها لم تنجح.
التيثر.. عملة مشفرة أم احتيال؟
تأتي الأنباء في وقتٍ غير ملائم لبروك بيرس، صانع عملة التيثر المشفرة، البالغ من العمر 39 عاماً، الذي أعلن هذا الأسبوع ترشحه لرئاسة الولايات المتحدة. وقال ممثل عن مكتب المدعي العام بولاية نيويورك إنه "لا يمكنه تأكيد أو نفي" ما إذا كان التحقيق يشمل بيرس.
وفي 2014، صنع بيرس، المرشح الرئاسي المستقل ببرنامج صديق للتكنولوجيا، عملة التيثر (USDT) التي تمكِّن المستثمرين في العملات المشفرة من دخول الصفقات والخروج منها بسرعة وسلاسة. فعلى عكس البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى، عملة التيثر تستهدف استقرار السعر، وكل توكن تيثر مدعوم بدولار أمريكي حقيقي. لكن على عكس الدولارات التقليدية، لا يمكن تحويل ونقل عملات التيثر فورياً، في حين أن صرف الأصول المشفرة عبر البنوك يتطلب أياماً، ولا تدعم أغلب البنوك هذه الخدمة من الأصل.
بحلول نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2018، بدأت تُثار أسئلة حول ما إذا كانت العملة المشفرة مدعومة بالفعل بدولارٍ لكل توكن، وبدأ مكتب المدعي العام الأسبق تحقيقاً رسمياً في المسألة. لكن بعد التوصل إلى عددٍ من الأدلة الواعدة، قدمت شركتا Tether وBitfinex طلب استئناف أدى إلى تعطيل التحقيق مؤقتاً.
لكن بعد بتّ المحكمة في المسألة وإصدار رأيها، يمكن للتحقيق الآن أن يستمر. ويمكن أن تؤثر نتائج التحقيقات التي ستكشف عنها المدعية ليتيتا جيمس على العديد من ملاك العملة المشفرة، التي تصل قيمتها السوقية إلى 10 مليارات دولار، وربما تمهد الطريق لخروج منافسين جدد خاضعين للوائح التنظيمية الرسمية.
وقالت جيمس في تصريحٍ لمجلة فوربس: "إن قرار اليوم يمنح مكتبنا القدرة على استعمال قدراته الاستقصائية الواسعة والشاملة في حماية أهل نيويورك. حتى العملات المشفرة تقع تحت طائلة القانون. ونحن سعداء بقرار المحكمة وسنستمر في حماية مصالح المستثمرين في السوق".
رسمياً، تشمل القضية شركتي BFXNA المحدودة وBFXWW المحدودة، المملوكتين بالكامل لشركة iFinex المشغلة لمنصة تداول العملات المشفرة Bitfinex، وشركة Tether القابضة المحدودة التي تمتلك شركات Tether المحدودة وTether Operations وTether International. ومع أن بيرس لم يُذكر في حكم المحكمة، فهو مؤسس شركة Tether في 2014، وأحد مؤسسي شركة Block.One التي أنشأت عملة الإيوس (EOS) المشفرة، التي تقع في المرتبة الحادية عشرة من حيث القيمة السوقية، بقيمة 900 مليون دولار، وأيضاً أحد مؤسسي شركة Blockchain Capital، وهي من أكبر شركات رأس المال الاستثماري في عالم العملات المشفرة.
وبعد وقت قصير من بدء جيمس تحقيقها في شركات المرشح الرئاسي، أصدرت ثلاثة استدعاءات؛ طلباً لمعلومات ترجع إلى عام 2015. وفي أثناء التحقيق حصل الفريق على معلومات بأن الشركات المعنية حين لم تتمكن من الحصول على دعم المؤسسات البنكية "لجأت إلى كيانٍ أجنبي لمعالجة إيداعات العملات وعمليات السحب".
على وجه التحديد، زعم مكتب المدعي سابقاً أن شركة Bitfinex سلمت أكثر من 850 مليون دولار إلى شركة معالجة المدفوعات Crypto Capital Corp في بنما، من أجل معالجة طلبات السحب المقدمة من العملاء. وحين فشلت الشركة في تنفيذ المتفق عليه أخفت الشركات المعنية خسائرها بطرقٍ لم تحددها المحكمة، ما أدى بالبعض إلى التساؤل ما إذا كانت الشركات بدأت في "طباعة" عملات تيثر جديدة غير مدعومة بالدولار الأمريكي.
وفي ذلك الوقت تقريباً، غيرت شركة Tether الكلام المكتوب على موقعها، من أن كل توكن مدعوم بدولارٍ أمريكي، إلى أن "التوكنات مدعومة باحتياطي شركة Tether"، الذي يتضمن عملات غير محددة، و"مقابلات للنقد" و"أصول أخرى وعائدات قروض من شركة Tether لأطراف ثالثة". وبعدها، نجحت الشركات المعنية في إيقاف التحقيق ولو مؤقتاً.
وقال المستشار القانوني لشركة Bitfines ستو هوغنر في بيانٍ: "كما فعلنا منذ بداية هذا التحقيق، سنحترم حكم المحكمة. ولا تعليق لدينا بخصوص هذه المسألة الآن".
وعلى عكس المتوقع، زادت القيمة السوقية لعملات التيثر من 4.1 مليار في سبتمبر/أيلول 2019 إلى 10 مليارات اليوم، رغم الشكوك المحيطة بكون التوكنات مدعومة بالدولار، ما يزيد من موثوقية القيمة المقترحة لعملة التيثر. لكن مع الوقت، زادت القيمة السوقية لعملة مستقرة أحدث، وهي كوين الدولار الأمريكي (USDC)، التي أنشأتها منصة العملات المشفرة Coinbase وشركة Circle، إلى مليار دولار اليوم، ووصلت قيمة منافسٍ جديد، وهو عملة الداي (DAI)، إلى 190 مليون دولار. وأي خسارة ستتعرض لها عملة التيثر ستفيد هؤلاء المنافسين، والعكس بالعكس.
لكن ما يهم بيرس على وجه الخصوص هو توجه جديد مرتبط بترشحه لرئاسة الجمهورية. فمنذ جائحة كوفيد-19 خرجت عدة مشاريع قوانين في الكونغرس، مطالبةً بإنشاء "دولار رقمي" شبيه بالتيثر، لكن يصدره بنك الاحتياطي الفيدرالي. ومع استئناف التحقيق في عملة بروك بيرس، سيتعين الإجابة عن تساؤلات متعلقة بتضارب المصالح.