على ارتفاع أكثر من 390 كيلومتراً، تدور محطة الفضاء الدولية المأهولة بـ6 رواد فضاء كحد أقصى، يجرون التجارب والبحوث؛ من أجل تعزيز معرفتنا بكيفية عمل الأشياء في الفضاء.
هناك عدد من أنظمة دعم الحياة على متن محطة الفضاء الدولية لضمان أن تكون إقامة الطاقم هناك مريحة قدر الإمكان في الفضاء. وأهم ثلاثة أشياء يحتاجها الإنسان للبقاء هي الماء والغذاء والأكسجين.
وفي هذا التقرير نوضح كيف يحصل رواد الفضاء على مياه الشرب وهواء التنفس على متن المحطة الفضائية الدولية، ولماذا لا ينقلونها إلى الفضاء
النقل إلى الفضاء باهظ الثمن
حتى أصغر الأشياء، عند محاولة نقلها إلى الفضاء يجب تسجيلها وحسابها، فحمل الأشياء إلى الفضاء باهظ الثمن والتكلفة، حيث يتكلف نقل الكيلو الواحد إلى الفضاء حوالي 3600 دولار باستخدام صاروخ SpaceX. لذا فإن نقل المياه من الأرض للفضاء أمر غير صحيح من الناحية المادية، وكان من الأفضل إيجاد حلول أخرى وأساليب مبتكرة للحصول على الماء والأكسجين بدلاً من نقلهم من الأرض إلى محطة الفضاء الدولية.
ويوجد في محطة الفضاء الدولية نظام للتحكم البيئي ودعم الحياة ECLSS، وفيه يمكن الحصول على الماء، وكذلك الأكسجين اللازم لتنفس رواد الفضاء في مقصورة المحطة.
التحليل الكهربائي للمياه لإنتاج الأكسجين
يلجأ رواد الفضاء في محطة الفضاء الدولية لتحليل الماء كهربياً للحصول على الأكسجين اللازم لتنفسهم.
ويشير التحليل الكهربائي على التحلل أو الفصل الكيميائي لسائل أو محلول يحوي على أيونات، وتتم العملية عبر تمرير تيار كهربي عبر المحلول. لذا، فعندما نقول تحليل كهربائي للماء، فنحن نعني تقسيم الماء إلى مكوناته الأساسية (الأكسجين والهيدروجين) عبر تمرير تيار كهربائي فيه.
الأمر ليس صعباً، فالأكسجين الذي نتنفسه هنا على الأرض يأتي أيضاً من انقسام الماء، ولكنه ليس مجرد عملية ميكانيكية، على عكس التحليل الكهربائي للماء في محطة الفضاء الدولية. فهناك العديد من الكائنات الحية مثل، النباتات، والأشجار، والطحالب، والبكتيريا الزرقاء، تعمل على تحليل جزيئات الماء كواحدة من الخطوات في عملية التمثيل الضوئي (العملية التي تحول ضوء الشمس والماء إلى طعام).
يتكون كل جزيء من الماء (H2O) من ذرتين من الهيدروجين وذرة واحدة من الأكسجين (H2o🡪2H2+O22)، وعند تشغيل تيار كهربائي عبر الماء، يفصل هذان المكونان ويعاد توحيدهما كهدروجين وأكسجين غازيان.
نظام توليد الأكسجين OGS هو جزء من نظام التحكم البيئي ودعم الحياة (ECLSS) على متن محطة الفضاء الدولية. ويكون جهاز التوليد من حامل صمم بواسطة وكالة ناسا لتحليل الماء لإنتاج الأكسجين الغازي، ثم يتم ضخ الأكسجين المنتج بهذه الطريقة في جو المقصورة في محطة الفضاء الدولية.
ماذا إن حدث عجز في المياه اللازمة لتوليد الأكسجين؟
توفر خزانات الأكسجين المضغوطة نسخة احتياطية للطريقة الرئيسية لإنتاج الأكسجين القابل للتنفس (أي التحليل الكهربائي). تحمل سفن الشحن غير المأهولة خزانات الأكسجين هذه وتسلمها إلى المحطة الفضائية. يتم تخزين هذه الخزانات في المحطة الفضائية وتستخدم كلما لزم الأمر.
يمكن للطاقم أيضاً إنتاج الأكسجين كيميائياً عن طريق إشعال عبوات SFOG (وقود صلب مولد للأوكسجين)، والتي تتكون من بيركلورات الليثيوم. يمكن لكل علبة توفير كمية محدودة من الأكسجين لأحد أفراد الطاقم ليوم واحد فقط.
كما أوضحنا، يحصل رواد الفضاء على متن المحطة الفضائية الدولية على أكسجين التنفس من التحليل الكهربائي للماء، لكن من أين يأتي كل هذا الماء؟
إعادة التدوير هي كلمة السر للحصول على الماء
المكون الحيوي الآخر لنظام التحكم البيئي ودعم الحياة ECLSS، هو نظام تدوير المياه WRS، والذي يعمل جنباً إلى جنب مع نظام توليد الأكسجين. فيعد نظام تدوير المياه WRS أحد مكونات ECLSS التي توفر المياه النظيفة عن طريق إعادة تدوير بول الطاقم والعرق والمكثفات الأخرى في المقصورة والنفايات الناتجة بسبب نشاط المركبات الإضافي.
يفقد الرواد في محطة الفضاء الدولية كمية معينة من الماء في كل مرة يقومون فيها بالزفير أو العرق. قد لا يكون تنفس الفرد الواحد أو قطرات عرقه كافية بتجديد إمدادات المياه، لكن محطة الفضاء الدولية مصممة لدعم طاقم مؤلف من خمسة أو ستة أشخاص.
تساعد الأبخرة الناتجة عن أعمال الزفير والتعرق هذه على الحفاظ على رطوبة المقصورة المحيطة، ويتم تكثيفها في نهاية المطاف وتستخدم لتجديد مصدر المياه العام لمحطة الفضاء الدولية.
المياه التي يتم جمعها يتم وضعها من خلال اختبارات صارمة بحيث تكون نقية تماماً وجاهزة لإعادة استخدامها لدعم المتطلبات اليومية للطاقم وحيوانات المختبر والأنشطة خارج المركبة.
ثم يتم استخدام هذا الماء لإجراء التحليل الكهربائي وخلق هواء تنفس للحفاظ على الحياة على متن الطائرة.
الروس لا يعيدون تدوير البول
ليس كل رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية يشربون المياه المعاد تدويرها التي تحتوي على البول المعاد تدويره. يتم تقسيم محطة الفضاء الدولية إلى قسمين، أحدهما تديره روسيا والآخر من الولايات المتحدة، ولديهما نظامان مختلفان للمياه. يستخدم قسم محطة الفضاء الدولية التي تديرها روسيا نظاماً مختلفاً لتنقية المياه يستخدم فقط المياه الناتجة عن جريان الدش والمكثفات ولا يستخدم البول لإعادة تدوير المياه.
بالإضافة إلى ذلك، يقوم طرفا محطة الفضاء الدولية بتطهير المياه بطريقتين مختلفتين. منذ عام 1981، تستخدم ناسا اليود لتطهير المياه، وهي عملية تتطلب تصفية المياه لأن الكثير من اليود يمكن أن يسبب مشاكل في الغدة الدرقية. تستخدم روسيا الفضة لتطهير مياهها منذ إطلاق الاتحاد السوفيتي لمحطة مير عام 1986.