ترغب شركة SpaceX في توفير شبكة إنترنت فضائي فائقة السرعة لكل مكان حول العالم من خلال مشروعها الطموح Starlink، الذي أصبح على وشك التنفيذ في أرض الواقع.
وكانت الشركة حددت يوم الخميس، 16 مايو/أيار 2019، لإطلاق 60 قمراً صناعياً تجريبياً للمساعدة على تطوير شبكتها العملاقة التي تخطط لها.
ويسعى إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي للشركة، لإعادة تحديد طريقة تفكير الناس في الوصول للإنترنت، بحيث لا يعد مرتبطاً بالخطوط الأرضية، وتنتقل خدمات إنترنت الأقمار الصناعي من خانة الفضول العلمي إلى خدمات قابلة للتطبيق لعشرات الملايين.
ومع إبطال هيئة الاتصالات الفيدرالية لمبدأ حيادية الشبكة، تحظى Starlink بفرصة الحفاظ على هذا المفهوم لعملائها، أو مواصلة تجاهل المبدأ كما فعل مزودو خدمات الإنترنت الأرضية.
هناك الكثير من النقاشات الدائرة حول هذا الشأن، ولكننا لا نعرف بعد.
الخطة تتضمن 12 ألف قمر
حسب ما ذكر موقع Inverse الأمريكي، تخطط Starlink لإطلاق كوكبة من 12 ألف قمر صناعي، بما يفوق حجم الأقمار الصناعية لنظم الإنترنت التي تعمل حالياً، في مدار منخفض نسبياً. وزعم ماسك إن زمن الاستجابة والانتظار، على خلاف الأنظمة الأخرى، سيكون منخفض بما يكفي للحصول على أوقات استجابة فائقة السرعة واللازمة لألعاب الفيديو.
وبإمكان العملاء الاتصال من أي مكان في العالم في نطاق كوكبة الأقمار الصناعية من خلال محطات أرضية.
ومن الممكن أن يحقق هذا المنظور إيرادات هائلة تفوق أرباح SpaceX الحالية، وتوفير التمويل اللازم للسفر إلى المريخ ليصبح البشر فصيلة تعيش على عدة كواكب.
ما هو موعد إطلاق المشروع؟
كان من المتوقع أن يطلق مشروع SpaceX 60 قمراً صناعياً يوم الأربعاء، 15 مايو/أيار، شرق قاعدة كيب كانافيرال للقوات الجوية في فلوريدا، لكن الرياح الشديدة أخرت الإطلاق لليوم التالي.
وكانت الظروف المناخية مواتية بنسبة 70% يوم الأحد، 12 مايو/أيار، السابق لعملية الإطلاق. وسيحاول المعزز الصاروخي الهبوط على منصة الصواريخ Of Course I Still Love You في المحيط الأطلسي.
وشارك ماسك صورة للصاروخ "Falcon 9" المجهز بـ 60 قمراً صناعياً وهو جاهز للانطلاق.
وعند مقارنة تلك الحمولة بسيارة تيسلا رودستار التي أرسلها ماسك في الرحلة الأولى للصاروخ "Falcon Heavy"، يصبح الفارق في الأحجام واضحاً.
للأسف، يبدو أن تلك الأقمار الصناعية لن تستخدم في الكوكبة النهائية. إذ قالت غوين شوتويل، رئيسة SpaceX، في مؤتمر الأقمار الصناعية 2019 في واشنطن العاصمة يوم 7 مايو/أيار إن عملية الإطلاق الأولى ستكون بدون روابط للإنترنت التي ستكون موجودة في الأقمار الصناعية المستقبلية، مما يعني أن الغرض الأساسي لتلك الأقمار الصناعية الستين هو التجربة والاختبار فقط.
وقالت شوتويل في تلك المناسبة: "إنها أقمار صناعية ذات قدرات عالية، ولكنها بدون روابط إنترنت فضائية. أطلق عليها الأقمار الصناعية من (فئة الاختبار). وهي مجهزة بهوائيات رائعة، وأنظمة متكاملة".
أقمار تجريبية لكنها تمهد الطريق
وبالرغم من كون تلك الأقمار الصناعية تجريبية، سوف تقدم الكثير من المعلومات عن كيفية عمل الكوكبة أو شبكة الأقمار العملاقة أفضل من التجارب السابقة. وأكد ماسك على أن تلك الأقمار الصناعية خضعت لعمليات تصميم إنتاجية كبيرة، على عكس الأقمار الصناعية التجريبية الأولى " Tintin". وأطلقت الشركة سابقاً اثنين من الأقمار الصناعية التجريبية في فبراير/شباط 2018 للاتصال بست محطات أرضية.
وإذا نجحت تلك الأقمار الصناعية الستون، ستمهد الطريق لـ Starlink لإطلاق العديد من الأقمار الصناعية اللاحقة هذا العام. وذكرت شوتويل في نفس المؤتمر أن SpaceX قد تجري من اثنين إلى ست عملات إطلاق بمشروع Starlink هذا العام بناء على النتائج التي سنحصل عليها من عملية الإطلاق يوم 15 مايو/أيار.
وبمجرد إكمال SpaceX لعدة عمليات إطلاق ناجحة، ستبدأ شبكتها في التشكّل سريعاً. وقال ماسك يوم الأحد، 12 مايو/أيار عبر تويتر إن حوالي ست عمليات إطلاق أخرى لـ 60 قمراً صناعياً قد تكون كافية للحصول على تغطية "بسيطة"، بينما 12 عملية إطلاق ستكون كافية لتغطية "متوسطة". وهذا يعني أنه بنهاية العام، سيكون لدى SpaceX كوكبة أساسية من الأقمار الصناعية جاهزة وتعمل.
كيف ستعمل شبكة الإنترنت الجديدة؟
يرتبط النظام بمحطة أرضية بحجم علبة البيتزا تقريباً تتصل بالأقمار الصناعية في السماء، باستخدام شعاع هوائي موجه. وتقدمت الشركة في شهر فبراير/شباط للحصول على إذن بتركيب مليون محطة أرضية.
وتستخدم الأقمار الصناعية أشعة الليزر للاتصال بكل محطة أرضية. وعلّق مارك هاندلي، أستاذ نظم الشبكات بكلية لندن الجامعية، بأن ذلك قد يجعل الاتصال بين أي نقطتين على سطح الكوكب أسرع بمقدار 50%، لأن الضوء سرعته في الفراغ أعلى من سرعته خلال أسلاك الألياف البصرية.
وتخطط SpaceX لإطلاق 4,409 أقمار صناعية في الكوكبة الأولى. كل منها يزن حوالي 400 كيلوغرام. سيكون مدار 1,584 منها فوق سطح الأرض بمسافة 550 كيلومتراً، بينما سيكون البقية على مسافة 1,150 كيلومتراً. وحصلت الشركة على الإذن الخاص بذلك المشروع من هيئة الاتصالات الفيدرالية في شهر مايو/أيار.
وبالنسبة للنفايات الفضائية، قالت الشركة لهيئة الاتصالات الفيدرالية إن احتمال إصابة أي منها لأي شخص على الأرض "صفر"، حيث من المتوقع أن تحترق الأقمار الصناعية خلال الغلاف الجوي.
ما سعر خدمة الإنترنت من Starlink؟
بسبب انحراف مشروع Starlink بالفعل عن مخططاته الأولية، قد يبدو مفهوماً عدم إعلان SpaceX عن أسعار محددة حتى الآن. ولكن دعم أجيت باي، رئيس هيئة الاتصالات الفيدرالية للخطة يلفت الانتباه إلى الأخبار المرعبة المتعلقة بحيادية الشبكة، حيث تفرض الشركات أسعار أعلى للوصول الأسرع للمواقع المفضلة.
بإمكان Starlink أن توفر للعملاء مليارات الدولارات، حتى إذا لم يختاروا إنترنت SpaceX. وذكر تقرير لموقع BroadbandNow أن مثل تلك الكوكبة من الأقمار الصناعية قد توفر للأسر الأمريكية ما يصل إلى 30 مليار دولار سنوياً. وذلك لأن المنافسة القوية ستجعل الأسعار تنخفض.
هناك حوالي 104 ملايين أمريكي لديهم مقدم خدمة إنترنت سلكية وحيد في منطقتهم، بتكلفة حوالي 68 دولاراً شهرياً. بينما 75 مليون أمريكي لديهم خياران، ويدفعون حوالي 59 دولاراً شهرياً. بينما هناك 14 مليون مستخدم لديهم خمسة خيارات أو أكثر ويدفعون 47 دولاراُ فقط شهرياً، لذا دخول Starlink إلى المنافسة قد يهبط بالأسعار نتيجة زيادة المنافسة.
خدمات إنترنت الأقمار الصناعية تتوفر حالياً بحوالي 50 دولاراً شهرياً. وإذا أرادت SpaceX المنافسة مع الشركات الأخرى، قد لا يكون سعر مثل هذا منطقياً.
من ينافس Starlink؟
هناك عدد من المنافسين لشركة SpaceX يسعون بإطلاق كوكبة عملاقة من الأقمار الصناعية. هناك OneWeb، والتي أطلقت أقمارها الصناعية الستة الأولى في فبراير/شباط الماضي، والتي تستهدف الوصول إلى 900 قمر صناعي وتشغليهم بحلول عام 2021.
بينما يمتلك جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لأمازون، خطة أخرى بإرسال 3236 قمراً صناعياً ضمن مشروع Kuiper. وتمتلك كل من SpaceX و Blue Origin نفس الأهداف النهائية باستخدام مشروعاتهم الحالية كمرحلة لاستعمار الفضاء، ولكن رؤية بيزوس تتضمن هياكل طافية في مدارات حول الأرض وليس مدناً على المريخ.
ونجاح أي من تلك المبادرات يعتبر نجاحاً للفكرة نفسها ويصبح تحقيق أي منها أقرب إلى الواقع.
تواجه SpaceX تحدي "الزمن"، حيث منحت هيئة الاتصالات الفيدرالية مهلة للشركة حتى 29 مارس/أذار 2024 لإطلاق 50% من الأقمار الصناعية المستهدفة. وبعد حوالي ثلاث سنوات، ستحتاج الشركة إلى إكمال كوكبة الأقمار الصناعية.
ماسك لديه ثماني سنوات فقط لتغيير مستقبل الوصول لخدمات الإنترنت.