تخزن كل ما تقوله بهدف تحليل شخصيتك.. نعم، الهواتف الذكية تستمع لكل كلمة نقولها وهذه خطورتها

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/04 الساعة 21:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/05 الساعة 07:38 بتوقيت غرينتش
Using cellphone

الهاتف الذكي يستمع لكل ما يقوله صاحبه، يسجل ويحلل المعلومات وفق برامج الذكاء الصناعي، فماذا تعرف كل هذه الشركات عنّا، وهل نحن بمأمن من التجسس التكنولوجي الجديد؟ خوارزميات الذكاء الاصطناعي تسهل التجسس عبر الهواتف التي لا تغيب عنا ليلاً ونهارا.

ومع اتساع قدرة الهاتف الذكي على تتبع تحركات صاحبه أو حتى التقاط صور خفية له، يزداد القلق بشأن انتهاك الخصوصية عن طريق الأنظمة نفسها التي تعد بتسهيل الحياة.

قد لا يكون هناك الكثير من الأدلة على ذلك، ولكن اتضح أن هذه الفرضية لا تتنافى بشكل كبير مع الحقيقة.

خوارزميات الذكاء الاصطناعي تسهل التجسس عبر الهواتف

بدأ الباحثون في جميع أنحاء العالم بتطوير العديد من خوارزميات الذكاء الاصطناعي المختلفة والقوية التي يمكن أن تستخلص الكثير من المعلومات عن مستخدمي الهاتف، انطلاقاً من الصوت فقط.

على الرغم من أن هذه التكنولوجيا بدأت للتو في الظهور بشكل فعلي في العالم الحقيقي، إلا أن هذه القدرات المتنامية، خاصة في ظل اصطحاب الهاتف معنا على مدار الساعة، يمكن أن يكون لها آثار خطيرة على خصوصيتنا الشخصية.

بدلاً من تحليل كل كلمة يقولها الشخص، يمكن للذكاء الاصطناعي الذي تم تطويره أن يتلقى كمية هائلة من المعلومات الشخصية، انطلاقاً من لهجة كلامنا فقط.

يمكنها تحديد اللغة والمكان والصحة وحتى إذا ما كنت مستلقياً

ويمكن للذكاء الاصطناعي تحديد كل شيء عن هويتك ومن أين أتيت وتحديد موقعك الحالي وجنسك وعمرك وما اللغة التي تتحدث بها؛ كل ذلك فقط من خلال نغمة صوتك عند التحدث إلى شخص ما.

وإذا لم يكن هذا الأمر مقنعاً بما فيه الكفاية، يمكن  لنظم الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على الصوت أن تحدد ما إذا كنت مستلقياً.

كما تحلل حالتك الصحية ومستوى لياقتك البدنية وحالتك العاطفية الحالية، وما إذا كنت ثملاً أم لا.

بل توجد أنظمة قادرة على اكتشاف ما تأكله عندما تتحدث وفمك ممتلئ بالطعام، وفق ما نشر موقع The conversation الأميركي.

بالإضافة إلى ذلك، تدرس مجموعة كبيرة من الأبحاث إمكانية تشخيص الحالات الطبية انطلاقاً من الصوت، وفق مجلة Scientific American.

تحلل الأصوات المحيطة بالشخص ومحادثات الآخرين

تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي أيضاً تفسير الأحداث بدقة من خلال الأصوات، وذلك عبر الاستماع إلى التفاصيل مثل اصطدام السيارات أو طلقات الرصاص أو الصوت الناتج عن الضوضاء الخلفية.

ويمكن للأنظمة الأخرى تحديد موقف المشاركين في المحادثة، أو التقاط الرسائل غير المعلنة أو اكتشاف طبيعة المشاكل بين المتحدثين، وفق موقع ieeexplore.

يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي الذي تم تطويره العام الماضي أن يتنبأ، فقط من خلال الاستماع إلى النغمة التي استخدمها الزوجان عند التحدث مع بعضهما البعض، ما إذا كانا سيواصلان حياتهم سوياً.

تحيل هذه الأمثلة إلى نماذج من تقنية الذكاء الاصطناعي الحالية التي طورتها مختبرات الأبحاث في جميع أنحاء العالم.

التعلّم الآلي للخوارزميات يمكنّها من التوصل لاستنتاجات

كل هذه التقنيات، بغض النظر عما تحاول معرفته عنك، تستخدم التعلم الآلي.

يتضمن ذلك تدريب خوارزمية من خلال قدر كبير من البيانات التي وقع تصنيفها، حتى تتوصل إلى استخلاص المعلومات انطلاقا من البيانات.

من خلال معالجة آلاف أو ملايين التسجيلات، تبدأ الخوارزميات بالتدريج في استنتاج أي خصائص للبيانات، غالباً من خلال التغيرات البسيطة التي تطرأ على الصوت، ذات صلة بتصنيف معين.

على سبيل المثال، يمكن للنظام المستخدم للكشف عن جنسك تسجيل الكلام speech communication من هاتفك الذكي، ومعالجته لاستخراج "الميزات"، وهي مجموعة صغيرة من القيم المميزة التي تمثل جزءاً من تسجيل أكبر للكلام.

عادةً، تمثل الميزات معلومات السعة والتردد في كل فترة متتالية من 20 ملي ثانية من الكلام. وطريقة تقلب هذه الميزات ستكون مختلفة قليلاً بين الذكور والإناث عند الكلام.

بيانات هائلة تصب في محيط الشركات الكبرى

لن تقوم أنظمة التعلم الآلي فقط بتتبع هذه الميزات، ولكن أيضاً عدد المناسبات وعلى أي نحو، وبأي طريقة تتغير الميزات بمرور الوقت.

وفي الوقت الذي يتم فيه التسجيل في الهاتف الذكي، يتم إرسال المقاطع إلى خوادم الإنترنت التي تقوم باستخلاص الميزات، وحساب احصائياتها، والتعامل مع التعلم الآلي.

تم إنشاء نظم الذكاء الاصطناعي لأول مرة لأداء المهام المفاهيمية التي تتطلب عادة توظيف ذكاء الإنسان.

في الوقت الحالي، تقوم معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي بأداء مهام تتطلب قدراً من التحليل والفهم، مما يعني أنها توفر معلومات للإنسان للتصرف بدلاً من العمل تلقائياً.

لها استخدامات مفيدة في الطب وقوانين السير

على سبيل المثال، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي الصوتية المخصصة لمراقبة الطريق أن تنبه موظفي التحكم في حركة المرور إلى صوت تحطم سيارة.

كما أن التشخيص الطبي المستند إلى الصوت من شأنه أن ينبه الطبيب إلى نتائج مثيرة للقلق.

ولكن لا يزال يتعين على الإنسان اتخاذ قرار يستند إلى المعلومات التي سيقدمها الذكاء الاصطناعي له.

لكنها تفتح المجال للتصرف دون تدخل البشري

يشهد الذكاء الاصطناعي في حد ذاته تغييراً. بدأت العديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي تتجاوز القدرات البشرية، حتى أن بعض الأجهزة قادرة على التصرف دون تدخل بشري.

تعد Amazon Echo وGoogle Home مثالين على الذكاء الاصطناعي الذي يتمتع بقدرات خاصة على تفكير.

يمكن أن يستجيب هذا النوع من الذكاء الاصطناعي للأوامر مباشرة ويمكنه أيضاً أن يتصرف وفقاً لهذه الأوامر، مثل عندما نطلب من أليكسا تشغيل الأضواء أو تشغيل الستائر الذكية.

وبدأت في استكشاف ما نفكر فيه من نمط سلوكنا

في الوقت الذي صممت فيه معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي لمساعدة الناس، يمكن لهذه التقنيات أن تبدو أشبه بشرطة الفكر Thought police، التي تحدث عنها جورج أورويل عام 1984.

ويمكن للمراقبة الصوتية (والفيديو) أن تكتشف بالفعل أفعالنا، لكن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي ذكرناها بدأت في اكتشاف ما وراء ذلك: ما نفكر فيه، حتى لو لم نتحدث عنه بصوت عالٍ.

مسألة وقت فقط قبل أن يستغل المحتالون التكنولوجيا

تؤكد معظم شركات التكنولوجيا أن أجهزتها لا تسجل ما نقوله إلا إذا ما طلبنا ذلك، ولكن هناك أمثلة تحيل إلى عمل أليكسا على تسجيل كلامنا عن طريق الخطأ.  

وقد أظهر الباحثون أن الأمر لا يتطلب الكثير لتحويل هاتفك إلى ميكروفون يعمل دائماً، كما أشار تقرير سابق لـ BBC.

قد يكون الأمر مسألة وقت فقط قبل أن يبدأ المسوقون والمحتالون في استخدام هذه التكنولوجيا لفهم كيفية تفكيرنا بالضبط واستهداف نقاط ضعفنا.

وإلى أن ينظّم الأمر، انتبه لما تقوله أمام هاتفك

تعمل منظمات مثل The World Privacy Forum, Fight for the Future and the Electronic Frontier Foundation على ضمان حق الناس في الخصوصية في مواجهة أنظمة الاستشعار الرقمية، والحق في الانسحاب من أنظمة المراقبة التجارية.

في الأثناء، عندما تقوم بتحميل تطبيق أو لعبة على هاتفك الذكي في المرة القادمة، ويطلب منك الوصول إلى جميع أجهزة الاستشعار على جهازك، فقط تذكر ما أنت بصدد السماح لهذه التطبيقات بفعله.

يمكن لهواة جمع البيانات أن يصبحوا على معرفة عميقة بك تماماً مثل أقرب صديق لك وربما أفضل، لأن هاتفك ينتقل معك في كل مكان، وربما يستمع إلى كل حرف تنطقه.

ولكن في حين يمكن أن نثق بصديق حقيقي في حياتنا، هل يمكننا قول الشيء نفسه عن الجهات التي تجمع بياناتنا؟

تحميل المزيد