بعد مرور 49 سنة على هبوط اثنين من البشر على سطح القمر وإعادتهما إلى الأرض بأمان، أصدرت وكالة الفضاء Nasa التسجيلات الصوتية الكاملة لمهمة أبولو 11، التي تبلغ مدتها 19 ألف ساعة، وفق صحيفة Daily Mail البريطانية.
وركَّز معظم سكان العالم على المحادثة الأولى بين الأرض والقمر فقط، التي دارت على الساعة الرابعة مساءً و18 دقيقة، حسب التوقيت الصيفي الشرقي، في 20 يوليو/تموز سنة 1969، أثناء هبوط نيل أرمسترونغ وبز ألدرن على مركبة النسر Eagle، قبل 30 ثانية فقط من نفاد الوقود.
لكن، تم تسجيل كل المحادثات في تلك المهمة، وقد تم رفع التسجيلات الصوتية على الإنترنت، بعد رقمنة ضخمة أجريت على الأشرطة الأصلية.
وكانت مئات المحادثات الصوتية بين مراقبي الرحلة والفرق الأخرى الداعمة للبعثة، تدور في كل دقيقة من المهمة على نظام اتصال داخلي معقَّد.
وقالت وكالة ناسا، إن "القصة التي لم تُروَ عن تلك المهمة التي دامت 8 أيام و3 ساعات، ونفَّذها أرمسترونغ وألدرن ومايكل كولينز، أنها كانت تتلقى الدعم من خلال فريق مراقبة البعثة على مدار الساعة، بالإضافة إلى العديد من مواقع الاتصالات والدعم في جميع أنحاء العالم".
وانطلق مستكشفو الفضاء الثلاثة على الساعة 9 صباحاً و32 دقيقة، في 16 يوليو/تموز سنة 1969، من مركز كينيدي للفضاء في ولاية فلوريدا، وهبطوا على القمر في 20 يوليو/تموز.
ومن ثم، صعدوا مرة أخرى على الساعة الواحدة مساء و51 دقيقة، في 21 يوليو/تموز، وحطّوا وسط المحيط الهادي على الساعة 12 و50 دقيقة، بعد ظهر يوم 24 يوليو/تموز.
ونسقت غرف الدعم متعددة الأغراض المتمركزة على الأرض كل التفاصيل الفنية والتخطيطية والإدارية، واتخاذ القرارات التي تتحكم في الرحلة مع مديري رحلة طيران أبولو 11، وهم كليفورد تشارلزوورث وجيري غريفين وجين كرانز وغلين لوني.
ودارت المحادثات عبر ما يُسمَّى "بحلقات اتصالات". كما سُلّمت هذه الحلقات التي ربطت الجو بالأرض بين طاقم أبولو 11 وغرفة التحكم لوسائل الإعلام ولعامة الناس، وفاءً من وكالة ناسا بمسؤوليتها إزاء مشاركة أعمالها مع الجمهور الأميركي.
لكن هناك حلقات محفوظة في خزائن سرية..
مع ذلك، فإن "الحلقات التي دارت خلف الكواليس" التي ناقش فيها الخبراء تفاصيل أنظمتهم، وأحياناً ناقشوا فيها تفاصيل حياتهم، يتم الاحتفاظ بها حتى الآن في خزائن خاصة يُتحكم في مناخها.
وقال مارك جيير، مدير مركز لندون بي جونسون للفضاء "إننا نقترب من الذكرى السنوية الخمسين لإنجاز أبولو، ويسرني حقاً أن هذا المصدر أصبح متاحاً".
وأضاف جيير: "تقدم لنا الخبرة أفضل الدروس، ذلك أنه مع استمرار عملنا لتوسيع استكشاف الإنسان لنظامنا الشمسي، والعودة إلى القمر وإلى المريخ، أصبحنا نقف على أكتاف العمالقة الذين صنعوا أبولو".
وتابع أن "هذه الأشرطة تقدم لمحة فريدة عن كل ما يتطلبه الأمر لصنع التاريخ، وما الذي سيتطلبه صنع المستقبل".
وقال جون هانسن، الباحث الرئيسي في هذه الجهود، إن "الجهد هو وسيلة للمساهمة في الاعتراف بالعدد الذي لا يحصى من العلماء والمهندسين والمتخصصين الذين عملوا خلف الكواليس في برنامج أبولو، من أجل تحقيق النجاح. هؤلاء هم حقاً الأبطال، وراء أبطال أبولو 11".
بالإضافة إلى دراما الحياة والموت التي جدّت إثر تهديد أنظمة كمبيوتر مركبة Eagle بإفشال عملية الهبوط، توفر المحادثات أيضاً نظرة ثاقبة "للعقل البشري"، الذي جعل من رحلة أبولو ممكنة، من بينها العديد من اللحظات الفكاهية.
وقد أشار هانسن إلى أحد المواضع، حين كان اثنان من مراقبي الرحلة من وكالة ناسا يعملان مع بز ألدرن بشكل خاص، لأن المستشعر الذي يقيس تنفسه لم يكن يعمل على الوجه الصحيح.
وخلال هذا التسجيل الصوتي، بدأوا في البحث في الأسباب، وطرح عدد من الأسئلة، وربما مرت في الأثناء ما بين 10 إلى 15 دقيقة.
وفي نهاية المطاف، أخبر بز، من منطلق الدعابة، موظفي وكالة ناسا قائلاً: "حسناً، إذا توقفت عن التنفس، فسأحرص على إخباركم".
وعلى الرغم من أن بيانات التسجيلات الصوتية التي تبلغ مدتها 19 ألف ساعة من رحلة أبولو 11، تمثل إنجازاً كبيراً سيوفر إمكانية فهم أفضل لهذه المهمة، إلا أنها لا تمثل سوى 25% من السجل الصوتي لمشروع أبولو الكامل.
أما ما تبقى من تسجيلات، فما زالت بحاجة إلى رقمنة ونسخ، وهي تغطي رحلات اختبار أبولو المبكرة في مدار حول الأرض، ومهمتَي الاختبار التي أرسلت أبولو 8 حول القمر، في ديسمبر/كانون الأول سنة 1968، ووضع أبولو 10 في مدار حول القمر، في مايو/أيار في سنة 1969، ومهمات أبولو الخمس اللاحقة التي هبطت على القمر.
فضلاً عن "الفشل الناجح" الذي شهد انهيار أبولو 13، بسبب انفجار خزان الأوكسجين والمجهود الذي بذلته غرفة التحكم، وجميع الحلول الابتكارية التي أمكنها حشدها من أجل إحضار الطاقم المؤلف من ثلاثة أفراد بأمان إلى الأرض.