يتساءل متابعو مباريات كرة القدم عن سر الدلال الزائد والحماية اللذين يوليهما المدربون ومديرو الفرق لبعض النجوم كـ"رونالدو وميسي ونيمار" وغيرهم، بحيث تجدهم عاجزين عن توجيه مجرد لوم رقيق لهم أو حتى إبداء ملاحظة عابرة، فما بالك باستبدالهم حتى في أيام نحسهم أو من أجل إراحتهم في مباراة هامشية أو مضمونة النتيجة.
ويذهب البعض إلى أن هؤلاء النجوم يصل بهم التمادي على دور المدربين حد تحديد طريقة اللعب وتشكيلة الفريق، أو حتى استبدال المدربين، مستغلين بريق نجوميتهم والحظوة التي يتمتعون بها لدى الجماهير وملاك الفرق.
ولا تنحصر هذه الظاهرة في كرة القدم أو الرياضة عموماً، وإنما تتعداهما إلى مختلف المجالات التي تتطلب وجود أشخاص موهوبين كالفن والصحافة والمؤسسات المختلفة، فالمديرون وقادة المؤسسات يعون تماماً القيمة المضافة لهؤلاء النجوم للمؤسسة، وأنهم من يصنعون الفارق والإنجاز، لكن ذلك لا يأتي بالمجان، ولا بد من ثمن مادي ومعنوي يتعين على المؤسسة دفعة لاستقطاب هؤلاء وضمان استمرارهم وتوهجهم، خاصة في ظل المنافسة المحمومة على استقطاب الكفاءات في عصر العولمة وذوبان الحدود.
أما النجوم بدورهم ومن منطلق وعيهم التام بأهميتهم ومركزيتهم في المؤسسة، فإنهم غالباً ما يغالون في مطالبهم بالمعاملة التفضيلية وتمييزهم عن زملائهم والتغاضي عن زلاتهم وهناتهم، كما يغلب عليهم التمرد على الأنظمة والقوانين التي تحكم عمل المؤسسة، وكراهيتهم العميقة للإدارات التي لا يرون فيها إلا عائقاً بيروقراطياً يحد من قدرتهم على الإبداع والتوهج، كما أنهم يرون في كل إنجاز يحققه الفريق أو المؤسسة نتاجاً شرعياً لإبداعهم هم الأحق بحصاده، والاستحواذ على نصيب الأسد منه، ولا يقبلون لأحد أن يشاركهم النجومية أو أن يخطف بعض بريقهم.
لا يمكن لأي قائد أو مدير أن يتجاوز أو يتغاضى عن أهمية الموهوبين والنجوم في فريقه، لكن الوجه الآخر للحقيقة الذي يجب أن لا نتغاضى عنه أنه من دون الموارد التي توفرها المؤسسة لن يكون بإمكان هؤلاء أن يتألقوا ويبرزوا، فهذه الموارد هي التربة الخصبة التي تحتضن النبتة وتوفر لها كل عوامل النمو لتزهر وتثمر، فالحاجة بين النجوم والمؤسسة متبادلة، ولا يمكن لأحدهما التقدم بمعزل عن الآخر.
مهمة القائد أو المدير في هذه المؤسسات بالغة الصعوبة والتعقيد، فإن هو حاول دفع نجومه على غير رغبتهم، وبالغ في الضغط عليهم، سيدفعهم حتماً إما إلى الإحباط وبالتالي عدم الإنجاز، وإما إلى التمرد عليه وإفشاله، وإن هو بالغ في سلبيته وأسلم لهم القياد سيؤدي بهم ذلك إلى الطغيان والفوضى وتفكك الفريق.
على المدير أن يبرهن للجميع عن القيمة المضافة التي يشكلها للفريق، وأن عدم إتقانه لبعض جوانب التقنيات الدقيقة في العمل لا يعني الانتقاص من دوره كقائد ذي رؤية ثاقبة وتفكير استراتيجي يضبط إيقاع الفريق ويوجه دفته نحو الهدف المنشود، كما يجب عليه تجنب الرهان على حصان واحد مهما بلغت قيمته وقوته، وأن يسعى دوماً إلى إعداد البديل الجاهز لكل عضو في الفريق؛ كي لا يكون رهينة لأحد.
بقدر ما تشكل مجاورة النجوم متعة وإثراء، فإنها قد تحرق صاحبها ما لم يمتلك الأدوات الضرورية للتعامل معها.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.