لا تتوقف مظاهر العنصرية الإسرائيلية عن التجدد على مدار الساعة ضد فلسطينيي 48، رغم مزاعم المساواة التي لا تصمد أمام اختبار الواقع، وآخرها وجود مئات الآلاف منهم بدون منازل أو مساحات محمية من الصواريخ.
بعكس ما هو الحال في البلدات والمدن اليهودية التي تحظى بنظام محكم من التحصين الأمني، ما يؤكد أن إسرائيل لا تستطيع مغادرة أطباعها العنصرية والتمييزية ضد غير اليهود، حتى في زمن الحروب والمواجهات العسكرية.
تمثلت آخر المظاهر العنصرية الإسرائيلية في حرمان فلسطينيي 48 من الأماكن المُحصّنة والملاجئ للوقاية من الصواريخ، بل والترحيب والتهليل لسقوط قتلى منهم خلال قصف إيراني.
ووصلت ذروة الإهمال بسقوط صاروخ إيراني على بلدة طمرة، أسفر عن مقتل أربعة من عائلة الخطيب، وهي الأم منار، وابنتاها شذى وهالة، وقريبتهم منار، وصولاً إلى حرمان فلسطينيي الضفة الغربية من الوقود اللازم لحياتهم اليومية بعد إغلاق مصافي النفط التي استهدفتها الصواريخ الإيرانية.
المنازل المحصنة لليهود فقط
لم تبدأ السياسة الإسرائيلية بالتمييز العنصري ضد فلسطينيي 48 مع اندلاع الحرب مع إيران، بل منذ سنوات طويلة، ورغم النداءات والمناشدات بمساواتهم باليهود على صعيد توفير الملاجئ والمنازل المُحصّنة لحمايتهم، لكن دون جدوى، ويشمل ذلك مدن طمرة وشفاعمرو ومجد الكروم وترشيحا والناصرة وسخنين ووادي عارة وغيرها.
الأيام الأخيرة من العدوان الإسرائيلي الجاري ضد إيران شهدت سقوط صواريخ على بلدة طمرة الفلسطينية، مما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، بجانب أضرار في الممتلكات، ما كشف عن خطورة المشكلة الفعلية المتمثلة في عدم توفير مساحات محمية لهم، والثمن يدفعونه من أرواحهم.
على عكس المنازل والمرافق اليهودية التي تحظى برعاية وعناية الدولة بشكل كامل، ورغم نقل الشكاوى لقيادة الجبهة الداخلية، وطرح المعاناة أمام صُنّاع القرار على مختلف المستويات في الحكومة، لكن أحداً لم يُعرهم انتباهاً.
مع العلم أن التخفيضات المالية في الموازنة الجديدة لعام 2025 ظهرت قاسية على فلسطينيي 48 بشكل خاص، وتجلّت آثارها السلبية في معاناتهم من عدم توفر ملاجئ وأماكن مُحصّنة يلجأون إليها عند كل قصف يستهدف الدولة، مما أوجد مزيداً من الفجوات الهائلة بينهم وبين اليهود.
ولقد كشفت الأيام الخمسة الماضية عن حرمان الفلسطينيين داخل إسرائيل من كافة مرافق الحماية، بل وجدوا أنفسهم من دون مأوى، لا سيما من يسكنون فيما تصفها الحكومة بـ"القرى غير المعترف بها"، خاصة في منطقة النقب في الجنوب، ممن أقدموا في المواجهة الحالية على ارتجال حلول للبقاء على قيد الحياة في ظل القصف المتبادل.
وفي غياب أي خيار توفره الدولة لهم مثل اليهود، فإنهم يضطرون للاختباء تحت الجسور على الطرق بين المدن، عقب رفضها الاعتراف بقراهم وتوفير الخدمات الأساسية لهم، فيما يدخل اليهود إلى المناطق المحمية عندما يدق ناقوس الخطر.
حفر الخنادق في الأرض بديلاً للملاجئ، والاحتماء بحاويات القمامة من الصواريخ!
مع العلم أن القرى البدوية المنتشرة في جنوب فلسطين المحتلة لا تتمتع بأي حماية من الصواريخ، مما يضطرهم إلى القيام بوسائل بدائية للوقاية منها، ومن ذلك حفر خنادق في الأرض، ودفن الحافلات القديمة، ومحاولة إنشاء ملاجئ مؤقتة لأنفسهم بأيديهم.
وقام آخرون بحفر قنوات قرب منازلهم، وإغلاقها من الأعلى، صحيح أن هذه وسائل ضعيفة، لكن الأطفال على الأقل لا يعودون يبكون عندما يسمعون أصوات إنذارات سقوط الصواريخ، في محاولة من ذويهم لإشعارهم بالأمان.
مع أن الحديث يدور عن قرابة مائة وخمسين ألفاً من سكان النقب، دون حماية، رغم أن أجواءهم امتلأت بالانفجارات خلال الأيام القليلة الماضية، مع استمرار بكاء أطفالهم.
وأسفرت الأيام الأخيرة من تبادل القصف الصاروخي بين إسرائيل وإيران عن انكشاف الفشل العميق، بل المنهجي في كثير من الأحيان، في نظام الدفاع عن الفلسطينيين، من حيث عدم وجود ملاجئ عامة في بلداتهم.
وحقيقة أن معظم منازلهم لا تحتوي على وسائل حماية، بل إن الأخطر من ذلك أن الدولة لا تضع أنظمة دفاع جوي فوق البلدات الفلسطينية، وهو أمر شعر به فلسطينيو 48 بشدة خلال العام والنصف الماضيين أثناء العدوان الجاري على غزة.
مع أن الأرقام تتحدث عن نفسها، فوفقاً لتقرير مراقب الدولة، فإن 60 من أصل 71 بلدة فلسطينية لا يوجد بها ملجأ عام واحد، و46% من فلسطينيي 48 لا يملكون القدرة على الوصول إلى مكان الحماية المطلوب.
وفي مدينة طمرة، التي شهدت مأساة بسقوط أم وبناتها خلال القصف الإيراني الأخير، ويبلغ عدد سكانها 37 ألف نسمة، لا يوجد ملجأ عام واحد. أما مدينة صفد التي تسكنها أغلبية يهودية، ورغم أنها مدينة مماثلة في عدد السكان، فيوجد بها 138 ملجأ عاماً؛ وفي مستوطنة "متسفيه أفيف" قرب طمرة، وعدد سكانها 1100 مستوطن فقط، فيوجد 13 ملجأ عاماً!
وفي حين أن بلدة رهط في النقب، التي تبعد ثلاثين كيلومتراً عن قطاع غزة، ويسكنها 80 ألفاً، لا يوجد فيها أي ملجأ عام، فإن مستوطنة أوفاكيم، التي تبعد ذات المسافة عن القطاع، وعدد سكانها 40 ألفاً، فيها عشرات الملاجئ، في حين أن 120 ألفاً من فلسطينيي 48، الموزعين على 35 بلدة عربية، ليس لديهم أي حماية على الإطلاق من الصواريخ أو شظايا صواريخ القبة الحديدية.
الحكومة تمنع تزويد المنازل بوسائل الحماية بحجة عدم الترخيص
أكثر من ذلك، فإن الخطط الحكومية لاستدراك هذه المعاناة لا توفر حلولاً حقيقية، لأنه على سبيل المثال، ليس ممكناً بناء غرفة محمية في المنازل التي بُنيت بدون ترخيص، وهي ظاهرة شائعة في التجمعات السكانية الفلسطينية بسبب عدم وجود تخطيط منظم.
وتضع الحكومة العراقيل الكثيرة لمنح تراخيص البناء لهم، بل إن الحكومة لم تُوافق على أي مشروع بناء حضري للفلسطينيين منذ عام 2010، مقارنة بأكثر من 5600 مشروع في التجمعات السكانية اليهودية، التي تحظى بتوفير الملاجئ بالمواصفات العصرية.
ويشكو فلسطينيو 48 من عدم وجود ملاجئ عامة مثل تلك الموجودة في التجمعات اليهودية، لأن معظم منازلهم قديمة، ولا يوجد بها ملاجئ طوارئ، فيما تعمل الدولة على عرقلة توسّع البلدات الفلسطينية، وبالتالي هناك عدد أقل من الأحياء والمنازل الجديدة مقارنة بالبلدات اليهودية، التي تنمو بشكل يومي تقريباً، بل إنها تحظى بتوفير أنظمة الدفاع الجوي دوناً عن نظيرتها الفلسطينية.
وأحياناً تكون البلدات الفلسطينية "محظوظة" بقربها من المدن اليهودية، فتكون محمية ضمن نطاق تغطيتها، وهو ما حصل في سقوط الصواريخ الإيرانية مؤخراً، وقبلها حزب الله، وقبل ذلك حماس، منذ عشرين شهراً.
لجنة الطوارئ التي شكلتها لجنة المتابعة ولجنة رؤساء السلطات المحلية العربية أعلنوا أن ما حصل في مدينة طمرة قبل يومين هو نتيجة تحذيراتهم منذ سنوات من غياب الحماية التي لا توفرها الدولة لهم، مما أصبح يشكل خطراً وجودياً على فلسطينيي 48.
وحمل رئيس اللجنة، محمد بركة، حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن وقوع هذه الكارثة، معتبراً أن تجاهل حاجة الفلسطينيين لإجراءات الحماية جزء من سياسة التمييز الممنهج، فيما دعا رئيس اللجنة الوطنية لرؤساء السلطات المحلية، مازن غنايم، إلى اتخاذ خطوات فورية لحماية فلسطينيي 48 في قراهم ومدنهم، معتبراً أن مدينة طمرة قُتلت مرتين: مرة بالصاروخ، وأخرى بكراهية الحكومة لهم.
سياسة عنصرية موجّهة
لقد كشف إهمال السلطات الإسرائيلية للبلدات الفلسطينية، وحرمانها من إجراءات الحماية أسوةً بنظيراتها اليهودية، عن توفّر سياسة مُتعمّدة، وتحريض عنصري موجّه، ويُشكّل نتيجة طبيعية لسنوات من التمييز ضد فلسطينيي 48، حتى أصبح تهديداً مباشراً لحياتهم، لأن الصواريخ الأخيرة حوّلت بيوتهم إلى كومة من الأنقاض في لحظات قليلة، وشهادة دامية على مأساتهم الصعبة، وتضرر أكثر من مائتي منزل ومبنى، ومقتل وإصابة العشرات.
ولا يتوقف الأمر عند حرمان الفلسطينيين من الملاجئ والمباني المحصّنة، بل وصل إلى منظومة القبة الحديدية التي تتصدى للصواريخ، لأنها تُصنّف المناطق الفلسطينية في النقب بأنها مناطق مفتوحة، لا بأس إن سقطت الصواريخ فوق رؤوس أهلها.
ما يكشف عن استهتار مفضوح بأرواحهم، وسياسات تهميش وإهمال تتمثل بالنقص الحاد في أعداد الملاجئ، والمنشآت الوقائية، وأدوات التعامل مع حالات الطوارئ، بسبب غياب الدعم الحكومي.
وكشفت العديد من الدراسات المسحية أن جزءاً كبيراً من البلدات الفلسطينية لا يوجد فيها ملاجئ عامة بتاتاً، فيما يوجد ملجأ واحد في بلدات أخرى، ويكون داخل المدارس أو رياض الأطفال أو الحضانات، مما يُصعّب الوصول إليها.
ليتال بيلر، الباحثة في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، كشفت أن البلدات الفلسطينية تفتقر إلى الهياكل الوقائية عند مقارنتها بالبلدات اليهودية، مما يُجبر الفلسطينيين على العيش في حالة من الخطر الدائم، والمساس بحقوقهم الأساسية في الحياة، والرفاهية الجسدية، والمساواة، لأن الدولة لم تستكمل حمايتهم من خطر إطلاق الصواريخ والقذائف.
فيما أكد مراقب الدولة أن 15% من جميع السكان الذين يعيشون على بُعد 9 كيلومترات من الحدود الشمالية غير محميين بشكل صحيح، 60% منهم من الفلسطينيين.
ورغم أن إسرائيل يوجد بها أكثر من مليون ملجأ، يحتمي بها الإسرائيليون عند سقوط الصواريخ، وتُعدّ جزءاً من روتينهم اليومي، لكن جمعية "الجليل" العربية للبحوث الصحية في المجتمع العربي كشفت أن 70% من المدن والقرى الفلسطينية ما زالت خالية من الملاجئ والغرف الواقية، وكذلك يعيش 90 ألف فلسطيني عربي في منطقة النقب دون ملاجئ أو غرف آمنة، مما يدفعهم للعثور على مآوٍ بدائية في قنوات المياه، والمباني المهجورة، والحفر، وحاويات القمامة الملقاة على الأرض، لأن الدولة لا ترفض توفير وسائل الحماية لهم فقط، بل تعمل باستمرار على الحيلولة دون إيجاد حلول بديلة لهم.
موجة غضب من شماتة يهودية في مقتل فلسطينيين
لم تكتفِ إسرائيل بإهمال فلسطينيي 48، وتعريضهم للموت المحقّق، بل صدرت العديد من ردود الفعل اليهودية التي عبّرت عن "فرحها البارز" بشكل خاص من سقوط القتلى في طمرة، حيث ظهر مقطع فيديو لشباب يهود يضحكون عند رؤية الصاروخ الذي سقط في طمرة، ويُغنّون "لتحترق قريتكم".
فيما زعم يانون ماغال، الإعلامي المقرّب من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أنه "ليس كل من في طمرة يحب إسرائيل"، أما ناتي كاليش، مقدم البرامج في إذاعة "كول حاي"، فوضع تعليقاً ساخراً بجوار ابتسامة ضاحكة على المنشور العنصري، مما أثار المزيد من الانتقادات.
وكشفت هذه السلوكيات العنصرية عن حالة مرضيّة من الشماتة والسادية، بل والغطرسة أيضاً، حتى إن القنوات التلفزيونية الإسرائيلية نشرت عنواناً بارزاً مفاده أن القتلى الذين سقطوا من الصواريخ الإيرانية جاء بسبب وجودهم في مناطق غير محمية، دون إشارة لكونهم فلسطينيين.
عضو الكنيست أحمد الطيبي طالب الشرطة باعتقال الشباب اليهود بتهمة التحريض على القتل، لكنها لم تُعلن حتى الآن عن أي اعتقالات في صفوفهم، رغم أنها قبل أيام سارعت لاعتقال شباب من أم الفحم عبّروا عن فرحتهم بالصواريخ الإيرانية، مع أن سكان طمرة أكدوا أن فيديو الشباب اليهود وهم يفرحون بسقوط الصاروخ علينا، وقتل عائلاتنا، "لم يفاجئنا، بل يثير المرارة، لأن الشرطة على الأرجح لا تمنح هذه الإساءة العلنية أي اهتمام، لأن أحد كبار الصحفيين في إسرائيل يُبرّر مقتل بناتنا على الهواء مباشرة، فماذا يا ترى لو حدث العكس، لا داعي لشرح ما كان سيحدث حينها".
عضو الكنيست السابق عوزي برعام اعتبر هذا السلوك العنصري من قبل الشبان اليهود وبعض الإعلاميين، الذين رحّبوا بمقتل عدد من فلسطينيي 48 بسبب الصواريخ الإيرانية، بأنه "ليس شوكة في ظهر إسرائيل، بل شوكة في وجهها، في شكل صورتها".
فيما وجّه عضو الكنيست أيمن عودة اتهامات خطيرة للحكومة ووزراء اليمين في أعقاب تلك الهتافات التي هلّلت لسقوط الصواريخ في طمرة، وسقوط العديد من القتلى والجرحى فيها.
واعتبر أن "أصوات نتنياهو، وبن غفير، وسموتريتش، ومُحبّي الحروب، وكل من يدعمهم في هذه الدولة، لأن هذه السلوكيات العنصرية تحظى بدعم من جهات عليا، بدل أن يُجرى التحقيق مع هؤلاء العنصريين واعتقالهم".
وانضمت عضوة الكنيست نعمة لازمي من حزب العمل إلى سلسلة الإدانات، وكتبت أنه "لا يوجد إنسان يهودي أو إسرائيلي يؤيد هتاف (لتحترق قريتكم) تجاه بلدة عربية تعرضت لصاروخ إيراني، هذا عار واشمئزاز".
أما المحامية عبير بكر، فأكدت أننا "لن نصمت، ولن نتوقف عن النضال، وتقديم كل فاشي قذر للعدالة، فرح بموتنا، وبحزن عائلاتنا على من قُتِلوا بسبب الصاروخ"، وأعرب رئيس بلدية طمرة، موسى أبو رومي، عن الغضب الشديد من هذه التسجيلات، وطالب الشرطة باعتقال العنصريين، ومحاكمتهم، مثلما يحدث عندما يظهر فلسطينيون فرحين بسقوط صواريخ على البلدات اليهودية.
ورغم أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو علّق على احتفال بعض اليهود بسقوط ضحايا في بلدة طمرة، زاعماً أن "الصواريخ لا تفرّق بين اليهود والعرب"، لكنه تجاهل حقيقة أن حكومته تتعمّد حرمانهم من نظام الحماية، ولا تتعامل مع الفلسطينيين واليهود على حد سواء.
ففيما تتمتع المجتمعات اليهودية بشبكة شاملة من الملاجئ المحصّنة الثابتة والمتنقلة، تعاني نظيرتها الفلسطينية من نقص حاد في هذه المرافق الحيوية، مما يترك الفلسطينيين عرضة لخطر الحروب دون حماية.
حرمان الفلسطينيين من الوقود في الضفة الغربية لصالح الإسرائيليين
يواجه الفلسطينيون في الضفة الغربية لليوم الثالث على التوالي شُحّاً كبيراً في توفير الوقود، عقب الإغلاق الإسرائيلي المشدد على المعابر، وبين المدن والقرى، ووقفها تزويد محطاتهم بالوقود، بذريعة إغلاق مصافي النفط التي استُهدفت من الصواريخ الإيرانية، مما أيقظهم في الأيام الأخيرة على أزمة وقود حادة، نفدت معها الكميات المُخزّنة، وتدافع الفلسطينيون بالآلاف للتزود به وتخزينه، وسط شعور بالخوف من استمرار الأزمة، لأن إسرائيل لا تُزوّد الفلسطينيين بكميات كبيرة كما كان في السابق.
وفي ضوء أن إسرائيل تحدد الكمية المطلوبة للسوق الفلسطيني من الوقود، فإنها هذه المرة، وبحجة الحرب مع إيران، تتخوف من استمرارها، وهي لا تتحمل ذلك، مما دفعها لإعلان حالة الطوارئ، التي تشمل بالدرجة الأولى الاهتمام بأنفسهم وحاجاتهم، ولا يكترثون للفلسطينيين، الذين باتوا يصطفون بطوابير بالمئات أمام محطات الوقود، خوفاً من توقف تدفقه إلى الضفة الغربية، بسبب قرار إسرائيلي يحرمهم من حاجتهم الأساسية له لصالح الإسرائيليين، الذين لم يتأثروا بهذه الأزمة بعد.
مع العلم أنه يتم تزويد السوق الفلسطيني بالمحروقات من خلال شاحنات يتم تعبئتها من المحطات الإسرائيلية، وتتراوح سعتها ما بين 25 ألف لتر و38 ألف لتر، وتشمل الثلث من البنزين، والثلثين من السولار، وهي كميات تكفي في الظروف الطبيعية بين ثلاثة وأربعة أيام، مما يعني تحكّماً إسرائيلياً مباشراً في هذه الكميات، وتجعل الفلسطينيين تحت رحمتهم، في كل ما يتعلق باستخدامات الوقود من المركبات، والمستشفيات، والأسواق، وغيرها من الخدمات الأساسية.
وفور بدء الأزمة، شهدت الضفة الغربية شللاً في خدمات النقل العام والمواصلات نتيجة لنفاد الوقود، فيما تتزايد المخاوف من تأثّر القطاعات الحيوية كالصحة والأمن والخدمات البلدية، في حال استمر الوضع الحالي دون توريد وقود جديد، وكل ذلك عقب الإعلان الإسرائيلي عن توجه لإيقاف تشغيل مصفاة حيفا (مجموعة بازان) بعد استهدافها بصاروخ إيراني.
مع العلم أن هيئة البترول الفلسطينية تستورد غالبية احتياجاتها من الوقود، 90 مليون لتر شهرياً، عبر شركات إسرائيلية، وتعتمد بدورها على مصافي حيفا كمصدر أساسي للإنتاج، ومع أي توقف مفاجئ، قصير الأمد، فقد تواجه الضفة تأخيرات في التوريد، مما سيعمل على تشكيل ضغوط على المرافق الحيوية مثل النقل والصحة، وتفاقم الاحتجاجات والاحتقان الشعبي.