أثار الملياردير الأمريكي إيلون ماسك جدلًا مؤخرًا بسبب تعليقاته خلال أسبوع مليء بأعمال الشغب التي قام بها اليمين المتطرف في المملكة المتحدة. إذ صرح ماسك على منصته الاجتماعية، إكس، أن حربًا أهلية في بريطانيا أصبحت "حتمية"، مما أثار ردود فعل قوية من مسؤولي الحكومة البريطانية و المطالبة بتفعيل قانون الإنترنت.
فيما ندد المتحدث باسم رئيس الوزراء "كير ستارمر" بتعليقات ماسك، مؤكدًا على الأثر الضار لمثل هذه الخطابة خلال فترة من الاضطرابات الشديدة. تغذي إحباط الحكومة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر العنف والمعلومات المضللة، مع وجهة نظر نقدية لماسك لعدم بذله جهدًا كافيًا لتنظيم المحتوى الضار على إكس.
كما تسارعت المناقشات حول قانون السلامة عبر الإنترنت، المراد تطبيقه في المملكة المتحدة، والذي يهدف إلى فرض تدابير صارمة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي للسيطرة على انتشار المحتوى الضار. يمنح القانون المُعلق وهو قانون السلامة عبر الإنترنت، السلطة لمنظم الإعلام أوفكوم لفرض غرامات كبيرة، وقد تصل إلى 10% من إجمالي الإيرادات العالمية للشركات إذا فشلت في إزالة المحتوى الذي يروج للعنف أو الإرهاب.
يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها ضرورية لمحاسبة منصات وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة في أعقاب الأحداث التي تُظهر الإمكانات التي تمتلكها وسائل التواصل الاجتماعي لتغذية العنف والفوضى.
منصة إكس ودعم اليمين المتطرف
منذ استحواذ إيلون ماسك على منصة "إكس" مقابل 44 مليار دولار في نهاية عام 2022، فحسب موقع "theatlantic" الأمريكي واجه إيلون ماسك انتقادات مستمرة بسبب تحولات السياسة والمحتوى على المنصة. كان الهدف المعلن من الاستحواذ تعزيز حرية التعبير، مع تقليل القيود التي كانت مفروضة على المحتوى في ظل الإدارة السابقة.
ومع ذلك، شهدت المنصة تحولاً يمينيًا، حيث أعاد ماسك فتح حسابات لعدد من الشخصيات اليمينية المتطرفة التي كانت محظورة سابقًا بسبب خرقها لسياسات الأمان على رأسهم حساب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
بالإضافة إلى ذلك، تورط ماسك بشكل مباشر في نشر نظريات المؤامرة والترويج لأفكار تحمل إشارات عنصرية، بما في ذلك الادعاءات بأن سياسات الهجرة للرئيس الأمريكي جو بايدن تهدف إلى جمع الأصوات الانتخابية لصالح الحزب الديمقراطي.
فيما استغل ماسك منصته لدعم وسائل الإعلام المنحازة إلى اليمين المتطرف، مثل قناة "فوكس نيوز"، وتعزيز رسائل عدد من المذيعين الإذاعيين المحافظين.
فيما اتهم ماسك بالترويج لنظريات المؤامرة المعادية للسامية ونظريات تبديل السكان، التي تحمل إيحاءات عنصرية وتهدد الوئام الاجتماعي. وقد استنكرت الإدارة الأمريكية هذه التصرفات، معتبرةً إياها ترويجًا للكراهية العنصرية والمعادية للسامية، مما يتعارض مع القيم الأمريكية الأساسية.
تعزز سلوكيات ماسك الجدل حول حرية التعبير وتأثيرها على السلوك الاجتماعي، حيث يبرر دعمه لهذه القضايا بأنه يحاول إعادة التوازن إلى منصة كانت، وفقًا لرؤيته، متحيزة ضد اليمين المحافظ. ومع ذلك، فإن نتائج أفعاله تظهر غالبًا تقديم الدعم لأيديولوجيا محددة بدلاً من تحقيق التوازن المدعى.
هذه التحركات، يظهر ماسك كشخصية مثيرة للجدل تحتضن بنشاط المناهج والأيديولوجيات التي يروّج لها اليمين المتطرف، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه الأفعال على النسيج الاجتماعي والسياسي في مختلف المجتمعات حول العالم.
قانون الإنترنت وتصريحات إيلون ماسك
قانون السلامة عبر الإنترنت في المملكة المتحدة "قانون الإنترنت"، الذي تم تقديمه لأول مرة في البرلمان في مارس 2022، يمثل خطوة بارزة نحو تنظيم المحتوى الرقمي لحماية المستخدمين، خاصة الأطفال، من المحتوى الضار وغير القانوني على الإنترنت. تشمل الأنواع المستهدفة من المحتوى الإساءة الجنسية للأطفال، جرائم الكراهية، الاحتيال، التحريض على العنف والإرهاب.
تعكس القوانين الجديدة جهودًا مكثفة لجعل الشركات المشغلة لمنصات التواصل الاجتماعي مسؤولة بشكل أكبر عن المحتوى الذي يظهر على منصاتها. تم التركيز بشكل خاص على حماية الأطفال، حيث يطلب القانون من الشركات إزالة المحتوى غير القانوني بسرعة ومنع الأطفال من الوصول إلى المحتوى الضار وغير المناسب للعمر. كما يتطلب القانون من الشركات تطبيق تدابير التحقق من العمر ونشر تقييمات المخاطر.
بالإضافة إلى ذلك، يعالج القانون مشكلات الاستغلال الجنسي والإساءة عبر الإنترنت بشكل صارم. فقد تم تقديم تعديلات على القانون تشمل جعل مشاركة الصور الحميمة دون موافقة جريمة يمكن مقاضاة مرتكبيها، وتعزيز حماية النساء والفتيات من العنف والإساءة عبر الإنترنت.
القانون يوفر أيضًا أدوات تمكين للمستخدمين البالغين، حيث يسمح لهم بالتحكم في المحتوى الذي يرونه عبر الإنترنت. وقد أدخلت تعديلات تشريعية تلغي بعض الواجبات السابقة المفروضة على البالغين وتقدم بدلاً من ذلك وسائل لتمكين المستخدمين من التحكم في التجربة الرقمية الخاصة بهم. تشمل هذه التعديلات الجديدة تمكين البالغين من استخدام أدوات لتصفية المحتوى الضار الذي لا يرغبون في رؤيته.
من النقاط المهمة في القانون هو تأكيد الحكومة البريطانية على أن هذا التشريع يمثل فرصة فريدة لتغيير العالم الرقمي بشكل يعود بالنفع على الأجيال القادمة. هذا القانون، الذي يتم تطبيقه في سياق ردود فعل على تصريحات مثل تلك الصادرة عن إيلون ماسك، يعزز من مطالبات بتنظيم أشد للمحتوى على الإنترنت ويعكس الحاجة المتزايدة لحماية أفضل في الفضاء الرقمي.
تأثير قانون السلامة عبر الإنترنت على منصات التواصل الاجتماعي
قانون السلامة عبر الإنترنت "قانون الإنترنت" يمثل تحولاً كبيراً في كيفية تعامل منصات التواصل الاجتماعي مع المحتوى والإعلانات، وذلك بفرض مجموعة من القيود والتدابير لضمان حماية المستخدمين. سنستعرض فيما يلي الغرامات والعقوبات المفروضة على الشركات المخالفة ودور هيئة أوفكوم في تنظيم المحتوى.
- الغرامات والعقوبات على الشركات المخالفة:
يفرض القانون عقوبات قاسية على الشركات التي تخالف التوجيهات، بما في ذلك:
- غرامات مالية كبيرة: يمكن أن تصل الغرامات إلى 18 مليون جنيه إسترليني أو 10% من إجمالي الإيرادات العالمية للشركة، أيهما أكبر.
- إجراءات قانونية: يمكن مقاضاة الشركات المخالفة ومديريها إذا فشلوا في الامتثال لطلبات المعلومات من أوفكوم.
- قيود على النشاط: في الحالات الأكثر خطورة، يمكن لأوفكوم أن تطلب من مزودي الدفع والمعلنين ومقدمي خدمات الإنترنت قطع العلاقات مع المواقع المخالفة.
- دور أوفكوم في تنظيم المحتوى:
أوفكوم OfCom هي هيئة تنظيمية للاتصالات في المملكة المتحدة التي تأسست في أبريل/ أيار 2003، لديها دور محوري في تنظيم المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تقوم بـ:
- مراقبة المحتوى: لضمان الامتثال للقانون، تراقب أوفكوم المحتوى وتعد التوجيهات ومدونات الممارسة التي تحدد كيفية التزام المنصات بواجباتها.
- تطبيق العقوبات: تفرض أوفكوم العقوبات على الشركات المخالفة ولديها القدرة على إصدار توجيهات لتعديل السلوكيات أو حتى منع بعض الخدمات من العمل في المملكة المتحدة.
- تعزيز الشفافية: تعمل على تعزيز الشفافية في سياسات المحتوى وتقديم أدوات تمكن المستخدمين البالغين من التحكم في المحتوى الذي يرونه والتفاعل معه.
تسعى هذه التدابير إلى تعزيز الأمان عبر الإنترنت وحماية المستخدمين من المحتويات الضارة والمضللة، بينما توازن بين الحفاظ على حرية التعبير والمسؤولية التنظيمية.
دول تطبيق قانون الإنترنت
باتت الإنترنت أداة أساسية في حياتنا اليومية، لكن بعض الدول تفرض قوانين صارمة تحد من حرية استخدام الإنترنت. إذ تقوم بتطبيق قانون الإنترنت وتعزز الرقابة عليه من قبل الحكومة، لعل من أشهر الدول التي تطبق هذا القانون نجد:
- الصين:
تعد الصين من أكثر الدول صرامة في تنظيم استخدام الإنترنت. تستخدم الحكومة الصينية نظامًا شاملاً يُعرف بـ "الجدار الناري العظيم" لمراقبة وفلترة المحتوى الذي يمكن للمواطنين الوصول إليه.
- إيران:
في إيران، يوجد تحكم حكومي شديد على الإنترنت. الحكومة لديها القدرة على قطع الإنترنت بشكل كامل، كما حدث خلال الاحتجاجات والأزمات السياسية.
- كوريا الشمالية:
تمتلك كوريا الشمالية أحد أكثر أنظمة الإنترنت تقييدًا في العالم، حيث يُسمح فقط لعدد قليل من النخبة بالوصول إلى الإنترنت العالمي، بينما يُحصر السكان الآخرين في شبكة داخلية محدودة.
- روسيا:
روسيا تسعى أيضًا لتعزيز قدرتها على التحكم في الإنترنت من خلال قوانين تسمح للحكومة بفصل البلاد عن الإنترنت العالمي في حالات الطوارئ الوطنية.
- تركيا:
تقوم تركيا في بعض الأحيان بالتحكم في المحتوى الإلكتروني خلال الأحداث السياسية الكبرى وأوقات الحروب وقد اعتمدت قوانين تسمح بحجب المواقع ومراقبة البيانات.
هذه الدول تعتبر من الأمثلة على النظم التي تسعى للسيطرة على معلومات من خلال القيود الشديدة على الإنترنت. السياسات المتبعة تختلف من دولة لأخرى، لكن الهدف المشترك هو الحفاظ على الاستقرار ومنع الانتشار السريع للمعلومات التي قد تُعتبر ضارة أو مزعزعة للنظام القائم.
العقوبات المفروضة على مخترقي قانون الانترنت
العقوبات المفروضة على الأشخاص في حالة خرقهم لقوانين الإنترنت تختلف بحسب نوع الانتهاك والدولة التي تُطبق فيها القوانين. هنا بعض الأمثلة على العقوبات التي يمكن فرضها:
- غرامات مالية: قد تُفرض غرامات كبيرة على الأفراد الذين ينتهكون قوانين الإنترنت، خاصة إذا كانت الانتهاكات تشمل القرصنة أو نشر محتوى غير قانوني.
- السجن: في الحالات الجدية، مثل الاختراق الأمني أو الهجمات الإلكترونية التي تؤدي إلى خسائر كبيرة، يمكن أن يُحكم على الأفراد بالسجن.
- منع الوصول إلى خدمات الإنترنت: في بعض الحالات، قد يُحظر على الأفراد الذين يخترقون قوانين الإنترنت الوصول إلى شبكات أو خدمات معينة عبر الإنترنت.
- مصادرة الأجهزة: يمكن مصادرة الأجهزة الإلكترونية المستخدمة في ارتكاب جرائم إلكترونية كجزء من العقوبة أو لمنع حدوث المزيد من الانتهاكات.
- مراقبة وتتبع: قد يُطلب من الأفراد الذين ارتكبوا جرائم إلكترونية الخضوع لمراقبة الكترونية أو أن يكونوا تحت تتبع تقني لضمان عدم تكرار الانتهاكات.
هذه العقوبات تهدف إلى ردع الأفراد عن ارتكاب انتهاكات عبر الإنترنت وتعزيز الأمان الإلكتروني. القوانين والعقوبات المحددة تعتمد بشكل كبير على التشريعات المحلية والإطار التنظيمي لكل دولة.