- نواب ومستوطنون يقتحمون القاعدة المحتجز بها الجنود
- جريمة بشعة ضمن سلسلة واسعة من الجرائم
- معتقل سديه تيمان سجن سئ السمعة
- هل تحاول إسرائيل استغلال الجريمة لتجميل وجهها، والتملص من تحقيقات الجنائية الدولية؟
- التركيز على اقتحام القاعدة وليس الجرائم
- وزراء إسرائيليون يتضامنون مع الجنود ويرفضون اعتقالهم
- هل يريد جيش الاحتلال أن يصبح بطل القصة؟
- يبدو أنها جزء من محاولة لتبييض وجه إسرائيل.. وهذه خطواتها
- إسرائيل كانت تحاول التملص من ملف هذا المعتقل
جاء الكشف عن جريمة الاعتداء الجنسي بحق أسير فلسطيني في معتقل سديه تيمان من قبل عشرة جنود إسرائيليين لتؤكد المعلومات عن الجرائم البشعة بحق الأسرى الفلسطينيين، ولكنها تكشف أيضاً عن محاولة الجيش الإسرائيلي لذر الرماد في العيون بالإدعاء بأنه يحاسب جنوده عن الانتهاكات.
في 29 يوليو/تموز 2024، داهمت الشرطة العسكرية للاحتلال معسكر سدي تيمان العسكري الذي تحول لمعتقل بعد إصابة أحد الأسرى الفلسطينيين بالشلل نتيجة اعتداء جنسي جماعي مارسه بحقه 10 من جنود الاحتياط الذين يخدمون في القاعدة الواقعة بجنوب إسرائيل .
وذلك إثر فتح الشرطة العسكرية تحقيقاً بإيعاز من النيابة العسكرية بعد أن تم نقل الأسير إلى المستشفى ولديه إصابات خطيرة في فتحة الشرج، وهي علامات شديدة للاغتصاب باستخدام أدوات تعذيب حادة.
نواب ومستوطنون يقتحمون القاعدة المحتجز بها الجنود
وعقب اعتقال الجنود اخترق مشرعون ومتظاهرون من اليمين المتطرف محيط المعتقل الإسرائيلي سئ السمعة يوم الاثنين، بعضهم ملثمون ومسلحون، حيث تمكنوا من اقتحام القاعدة في ساعات المساء، رغم إطلاق قنابل الغاز عليهم، ثم اقتحام المحكمة العسكرية في القاعدة، كما اقتحموا قاعدة عسكرية في بيت ليد بوسط إسرائيل، حيث اشتبكوا مع قوات الأمن قبل إخلاءهم مساء أمس الإثنين.
وتم تصوير عضو الكنيست اليميني المتطرف تسفي سوكوت عضو الحزب الصهيوني الديني الذي يتزعمه وزير المالية بتسلئيل سموتريش وهو ينزلق عبر السياج ويدخل المنشأة.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه أوقف جولة "مناقشات أمنية حاسمة بشأن التصعيد في الشمال مع حزب الله بسبب هذه التطورات.
وزار رئيس أركان جيش الاحتلال تسي هليفي، القاعدة، منتقداً المحتجين، فيما طلب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التحقيق فيما إذا كان وزير الأمن الداخلي المتطرف إيتمار بن غفير قد منع الشرطة الإسرائيلية من إيقاف مثيري الشغب.
وقال غالانت إن "اقتحام مدنيين لقاعدة للجيش الإسرائيلي هو حادث خطير يضر بشكل خطير بالديمقراطية الإسرائيلية ويصب في مصلحة عدونا أثناء الحرب"، حسب تعبيره.
كما أدان زعيم المعارضة يائير لابيد الانتهاك، منتقدا "الإجرام الخطير الذي يقوم به (أعضاء الكنيست) الذين يضعفون ويفككون الجيش الإسرائيلي، ويضعفون ويفككون دولة إسرائيل، ويقضون على أسس قوتنا من الداخل"،، حسب تعبيره.
جريمة بشعة ضمن سلسلة واسعة من الجرائم
تأتي هذه الجريمة البشعة وسط سيل معلومات عن الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين، ومنها استشهاد أكثر من 40 معتقلاً تحت التعذيب في السجن نفسه.
إضافة للحالة المزرية التي ظهر عليها الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم والتي قارنها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بالحالة الجيدة نسبياً للأسرى الإسرائيليين الذين خرجوا من غزة رغم المجاعة في القطاع وهول القصف الإسرائيلي، بل كشف العديد منهم عن حسن معاملة المقاومة لهم وهي الشهادات التي دفعت على ما يبدو سلطات الاحتلال لتقييد إدلاء الأسرى الإسرائيليين بالتصريحات.
وأشار محامي "هيئة شؤون الأسرى" الفلسطينيين، خالد محاجنة، خلال الزيارات التي قام بها لمعتقلَي "عوفر" و"سديه تيمان"، فضلاً عن شهادات االأسرى الذين أُفرج عنهم أخيراً من سجون الاحتلال، إلى وجود تعذيب جسدي ونفسي ممنهج، يمارسه سجّانو جيش الاحتلال بلا رقابة أو قيود رادعة من أحد، إذ مُنح السجانون، منذ بداية الحرب، تصريحاً مفتوحاً لممارسة كل أساليب التعذيب، بما فيه الجنسي، بحق الأسرى، حسبما ورد في تقرير لصحيفة "الأخبار" اللبنانية.
وقد وثق المحامون العديد من حالات التعذيب والعنف الجنسي ضد المعتقلين من غزة، مما كشف عن نمط قاتم من الانتهاكات داخل معسكر سدي تيمان العسكري، حسب تقرير لمؤسسة الضمير لحقوق الإنسان.
وعلى الرغم من هذه الحالات الموثقة جيدًا، فإن 99% من التحقيقات في جرائم التعذيب والانتهاكات التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين لم تحرز تقدمًا، مما أدى إلى عدم مساءلة مرتكبيها أو تداعياتهم، وهو ما أدى لتحولها لنهج شائع.
معتقل سديه تيمان سجن سئ السمعة
وكان من بين الموقوفين في الجريمة رائد في القوة 100.
وتشير الشهادات التي حصلت عليها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إلى أن أعضاء القوة 100 تورطوا في عدة حوادث عنف في الأشهر الأخيرة.
وسبق أن نقل تحقيق لشبكة "سي إن إن" الأمريكية في مايو/أيار، عن مبلغين اسرائيليين ومعتقلين فلسطينيون سابقين وشهود العيان وقوع انتهاكات واسعة النطاق في معتقل سدي تيمان، بما في ذلك تعصيب العينين وتقييد الحركة الجسدية بشكل مفرط وتكبيل الأيدي لفترات طويلة مما أدى إلى إصابات خطيرة.
وقال أحد المبلغين لشبكة CNN إن الأطباء قاموا في بعض الأحيان ببتر أطراف السجناء بسبب الإصابات الناجمة عن تكبيل أيديهم المستمر.
هل تحاول إسرائيل استغلال الجريمة لتجميل وجهها، والتملص من تحقيقات الجنائية الدولية؟
ويبدو أن بشاعة الجريمة الأخيرة دفعت سلطات الاحتلال لمحاولة الاستفادة منها عبر توقيف الجنود لإظهار أنها تحقق في انتهاكات جنودها أمام الرأي العام الدولي خاصةً أن مثل هذه التحقيقات مهمة بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية التي لا تتدخل عادة إلا في حالة قصور أجهزة إنفاذ القانون المحلية.
كما أن الجيش الإسرائيلي قد يكون معنياً بهذه الجريمة لأنها بها درجة عالية من الفوضى التي يهمه مواجهتها أكثر من الانتهاكات بحق الفلسطينيين.
التركيز على اقتحام القاعدة وليس الجرائم
وبالفعل يلاحظ، أن تغطية الإعلام الإسرائيلي والدولي للقضية تركز على فتح تحقيق في الجريمة وليس في تفاصيلها البشعة، وكذلك في اقتحام النواب والمستوطنين المتطرفين للقاعدة لمنع توقيف الجنود، وليس بشاعة الجريمة أو أنها جزء من نهج شائع.
كما أن تصريحات قادة المعارضة مثل يائير لابيد وبيني غانتس وكذلك وزير الدفاع يوآف غالانت تركز على خطورة اقتحام القاعدتين والتحذير من خلق حالة ميليشياتية التي تزعزع تراتبية قيادة الجيش الإسرائيلي وانضباطه وليس أن الجريمة دليل على وصول وحشية الجنود إلى مستوى مرعب.
من جانبه، دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الهدوء في سدي تيمان وقال إنه "يدين بشدة عملية الاقتحام"، بالطبع دون أن يدين الاعتداء على السجين الفلسطيني مثله مثل قادة المعارضة.
وزراء إسرائيليون يتضامنون مع الجنود ويرفضون اعتقالهم
في المقابل يدافع الوزراء المتطرفون عن سلوك الجنود ولسان حالهم يقول إننا أرسلناهم ليفعلوا ذلك.
وكان وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين من بين المشرعين الذين عبروا عن دعمهم للجنود المحتجزين، قائلا "إنه "شعر بالصدمة عندما رأى صورا قاسية لجنود معتقلين"، وأنه "من المستحيل قبول ذلك".
وكتبت وزيرة المواصلات ميري ريجيف من حزب الليكود على موقع X أن "اعتقال جنودنا الذين يدافعون عن البلاد يعد خطوة خطيرة في زمن الحرب. يجب أن يركز نظام العدالة العسكرية على حماية جنودنا، وليس استرضاء أعدائنا"، حسب تعبيرها.
وكتب يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي ، على موقع X عقب اعتقال الجنود أن النيابة العامة "إجرامية ومعادية للصهيونية".
هل يريد جيش الاحتلال أن يصبح بطل القصة؟
لقد تحول النقاش الإعلامي والسياسي من الجريمة وغيرها من الجرائم بحق الفلسطينيين إلى مسألة الحفاظ على النظام العام، ظهرت فيه المؤسسة العسكرية هي البطلة بفتحها التحقيق ورفضها اقتحام قواعدها.
وكأن المشكلة في سلوكيات بعض الجنود والمجموعات والقادة المتطرفين وليست في الاحتلال وممارساته التي مهدت لهذه الجرائم وحمت مرتكبيها.
يبدو أنها جزء من محاولة لتبييض وجه إسرائيل.. وهذه خطواتها
ويبدو أن ذلك يأتي ضمن محاولة أوسع لتبيض وجه إسرائيل، عقب تزايد الانتقادات الدولية والتي آخرها تلك التي وجهتها نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس بعد ترشحها عن الحزب الديمقراطي للوضع الإنساني في غزة وتأكيدها على أنها لن تصمت عليها.
وفي هذا الإطار، أفادت تقارير من قطاع غزة، بأن شركة كهرباء غزة بدأت العمل في غرب مدينة دير البلح وسط القطاع، لإعادة تشغيل محطة تحلية المياه والصرف الصحي عبر طاقة من شركة الكهرباء الإسرائيلية، وسيكون ذلك أول استخدام للطاقة الإسرائيلية في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب.
وذكر المنسق الإسرائيلي، أن الغرض من الكهرباء هو إنساني؛ لمنع التلوث وتفشي الأمراض في القطاع الأمر الذي قد يعرض أيضًا دولة إسرائيل للخطر.
إسرائيل كانت تحاول التملص من ملف هذا المعتقل
وقبل أسابيع، كانت إسرائيل تحاول التملص من ملف معتقل سدي تيمان الذي وقعت فيه الجريمة.
ففي وقت سابق من هذا الشهر، في أعقاب احتجاج دولي على تقارير عن سوء المعاملة في معتقل سدي تيمان، أخبر نتنياهو المحكمة العليا الإسرائيلية أنه أمر بإنهاء عمليات السجن للفلسطينيين طويلة الأمد في المعتقل (الذي تسميه مركز الاحتجاز)، وقصر استخدامه على الاستجوابات الأولية والاحتجاز المؤقت.
وقد تم بالفعل نقل الغالبية العظمى من السجناء إلى خارج المنشأة الصحراوية، وفقًا لبيان الحكومة الإسرائيلية المقدم إلى المحكمة في ذلك الوقت.
ولكن جريمة معتقل سدي تيمان ستظل ماثلة في الأذهان للأبد، وستذكر دوماً بالجرائم الأخرى التي ارتكبت بحق عدد غير معروف من الأسرى الفلسطينيين ولكنها لم تكشف بعد.