ارتفعت الحرارة والرطوبة في منطقة الخليج العربي إلى مستويات عالية مؤخراً وسط مخاوف من تأثير التداخل بين ارتفاع الحرارة في الخليج مع الرطوبة المتزايدة على حياة البشر في بعض المناطق.
ويرجع الحرارة في الخليج الذي صاحبه رطوبة عالية إلى وجود قبة حرارية شديدة فوق منطقة الخليج العربي، إضافة إلى أن الخليج العربي يملك أعلى درجات حرارة مياه في العالم، فضلاً عن تأثير تغير المناخ الذي يسببه الإنسان.
وتحدث "القبة الحرارية" عندما تحبس منطقة مستمرة من الضغط العالي الحرارة في مكان واحد تماماً كغطاء القدر، ويمكن أن تستمر لأيام وحتى لأسابيع.
ارتفاع الحرارة في الخليج ليس المشكلة الوحيدة
المشكلة ليست في ارتفاه درجات الحرارة في الخليج فقط، بل التقاء درجات حرارة مرتفعة مع رطوبة مرتفعة، وهو ما يخلق شعوراً بدرجات أعلى مما هو مسجل، وتكون تأثيراتها على البشر من خلال الحرارة المرتفعة وحدها.
وشهدت بعض المواقع في الخليج ارتفاعاً كبيراً في مؤشر الشعور بالحرارة، والذي يحتسب الحرارة والرطوبة معاً (مع عوامل أخرى) وبالتالي يكشف عن كيفية شعور الإنسان بالحرارة.
وسجل هذا المؤشر درجات تتراوح بين 60 إلى 65 درجة مئوية في بعض المناطق، حسبما ورد في تقرير لصحيفة the Washington Post الأمريكية.
وارتفعت درجات الحرارة في مطار الخليج الفارسي الدولي في عسلوية، بإيران، إلى (42) درجة مئوية يوم الأربعاء الماضي و(41) درجة مئوية يوم الخميس، ولكن سجل مؤشر الشعور بالحرارة في كلا اليومين 65 درجة مئوية.
في دبي، ارتفعت درجة الحرارة إلى 45 درجة مئوية يوم الثلاثاء الماضي وارتفع مؤشر الشعور بالحرارة إلى 62 درجة مئوية. وتشمل مؤشرات الشعور الحرارة الشديدة الأخرى في الأيام الأخيرة 61 درجة مئوية في أبو ظبي و58 درجة مئوية في قاعدة خصب الجوية في عمان.
كانت درجات حرارة الهواء القصوى الأسبوع الماضي – بشكل عام بين 41 و46 درجة مئوية – أي أعلى إلى حد ما من المعتاد. لكن الرطوبة هي التي كانت مفرطة، وقفزت إلى نسب تدور في الثمانينيات بزيادة تتراوح بين (27 إلى 32%).
وأدت الرطوبة العالية إلى رفع مؤشرات الشعور بالحرارة بمقدار (16 درجة مئوية ) فوق درجات حرارة الهواء الفعلية.
تأثير حوض السباحة.. لهذه الأسباب الخليج العربي لديه المياه الأكثر حرارة في العالم
وترتبط مستويات الرطوبة الشديدة بدرجات حرارة المياه الشبيهة بحوض السباحة في الخليج العربي (لأنه شبه مغلق) وهي المياه الأكثر حرارة في العالم.
ووفقاً لبيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بالولايات المتحدة، فإن درجات حرارة سطح البحر دافئة تصل إلى 35 درجة مئوية.
إلى حد كبير بسبب الرطوبة المرتفعة، ظلت درجات الحرارة الدنيا ليلاً دافئة بشكل استثنائي، وفي كثير من الحالات بقيت فوق 29 درجة مئوية. وانخفضت درجات الحرارة في إيران شهر، بإيران، فقط إلى 36 درجة مئوية ليلة الأربعاء، وهي ليلة يوليو/تموز الأكثر حرارة على الإطلاق.
وجد تحليل أجرته صحيفة the Washington Post أن درجة حرارة الكرة الأرضية مقرونة بالرطوبة التي تقيس كمية الإجهاد الحراري على جسم الإنسان، وصلت إلى (36 درجة مئوية) في مطار الخليج الفارسي الدولي في إيران و35 درجة مئوية في دبي، متجاوزة عتبة الـ(32 درجة مئوية) التي قال الباحثون إنها تشكل خطراًً على بقاء الإنسان إذا طال أمد هذه الحرارة.
وتأخذ درجة حرارة الكرة الأرضية المقرونة بالرطوبة، والتي تم حسابها باستخدام بيانات من محطات الأرصاد الجوية القريبة، في الاعتبار مزيجاً من درجة الحرارة والرطوبة والرياح والغيوم.
منطقة الخليج مهددة بتجاوز عتبات الحرارة التي تهدد الحياة خلال العقود القادمة
وحدد الباحثون أن الخليج العربي من بين المناطق التي من المرجح أن تتجاوز بانتظام عتبات الحرارة التي تهدد الحياة خلال السنوات الثلاثين إلى الخمسين القادمة.
تم تصنيف دبي مؤخراً على أنها المدينة التي لديها أخطر حرارة صيفية في العالم، مع حرارة خطيرة في 89 في المائة من أيام الصيف، حسب تقرير الصحيفة الأمريكية.
درجات الحرارة في الخليج سجلت أيضاً الأسبوع قبل الماضي، وفقاً لمؤرخ الطقس ماكسيميليانو هيريرا. حيث شهدت الإمارات العربية المتحدة درجة حرارة عالية حارقة بلغت 50.5 في حين بلغت في أدرار بالجزائر، (50 درجة مئوية).
وصلت المدن في كل من الكويت والعراق إلى 52 درجة مئوية، وسجلت الأحساء، المملكة العربية السعودية، رقماً قياسياً بلغ 51 درجة مئوية.
تأثير قبة الخليج الحرارية يصل إلى أوروبا الشرقية وشمال إفريقيا وحتى إندونيسيا
ونشرت نفس القبة الحرارية الموجودة في منطقة الخليج حرارة قياسية شمالاً إلى أوروبا الشرقية، وغرباً إلى شمال أفريقيا، وشرقاً إلى الهند وباكستان وإندونيسيا.
في أوروبا الشرقية، تجاوزت درجات الحرارة المرتفعة 40 درجة مئوية، مع بقاء بعض المواقع فوق 29 درجة مئوية في الليل.
كان الجو حاراً جداً في اليونان يوم الأربعاء الماضي لدرجة أن المسؤولين أغلقوا معبد الأكروبوليس لمدة خمس ساعات، وفقاً لوكالة أسوشيتد برس.
الشهر الماضي كان يونيو الأعلى حرارة على الإطلاق
وارتفاع الحرارة في الخليج بهذا الشكل القاسي في يوليو/تموز الجاري جاء بعد أن وصلت درجة الحرارة إلى (52 درجة مئوية) في المملكة العربية السعودية في يونيو/حزيران مما أدى إلى مئات الوفيات بسبب ضربة الشمس أثناء الحج.
واجتاحت الحرارة الخطرة والمسجلة أرقاما قياسية القارات الخمس في يونيو/حزيران 2024، والذي كان أكثر شهر يونيو/حزيران حرارة على الأرض على الإطلاق وفقاً للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية.
يقول العلماء إن موجات الحرارة في الخليج وغيرها من مناطق العالم تظهر كيف جعل تغير المناخ الذي يسببه الإنسان درجات الحرارة التي تهدد الحياة أكثر شيوعاً.