كشفت مصادر فلسطينية في غزة لـ"عربي بوست"، عن تواصل "جهات إسرائيلية"، مع موظفين في هيئة الشؤون والمعابر في القطاع، الذين يتلقون رواتبهم من السلطة الفلسطينية، لتعرض عليهم تسلم إدارة معبر رفح، ولكن بشكل مشروط.
وفقاً للمصادر، فإن الشرط المرتبط بذلك، "ألا تكون مرجعية الموظفين هي السلطة الفلسطينية، في إدارتهم لمعبر رفح، وإنما لطرف ثالث"، لم تحدده.
الموظفون في هيئة الشؤون والمعابر في غزة، هم العاملون في المعابر مع الجانب الإسرائيلي قبل الحرب؛ مثل معبر إيريز المخصص للمشاة والمركبات، ومعبر كرم أبو سالم المخصص لنقل البضائع، وكانوا يتلقون رواتبهم من السلطة الفلسطينية.
إذ تنقسم إدارة المعابر في غزة قبل الحرب، إلى معابر مع الجانب الإسرائيلي؛ مثل إيريز وكرم أبو سالم، تديرها السلطة الفلسطينية والاحتلال، ومعبر وحيد مع مصر، وهو معبر رفح، تحت إدارة حكومة غزة -التي تقودها حماس منذ "الحسم العسكري" في غزة عام 2007- والجانب المصري.
الموظفون يرفضون دوراً لهم بإدارة معبر رفح
بحسب ما أكدته المصادر، فإن موظفي المعابر الذين جرى التواصل معهم، رفضوا العرض المقدم لهم، وأن ذلك لا يكون إلا من خلال السلطة، أو بتفاهم وتنسيق بين المكونات الفلسطينية، وأن موافقتهم تعني اتهامهم بـ"الخيانة والعمالة للاحتلال".
مصادر أخرى من رام الله، أوضحت أن الجهة التي قامت بالتواصل مع الموظفين هي "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال، التي كانت تنسق حركة المعابر الإسرائيلية مع قطاع غزة، مع موظفي السلطة الفلسطينية في المعابر مع الجانب الإسرائيلي قبل الحرب.
يأتي موقف موظفي المعابر التابعين للسلطة، في حين تجري جهود أخرى منفصلة من مدير المخابرات ماجد فرج، للتجهيز لسيناريو إدارة السلطة لمعبر رفح، ولكن ليس عن طريق موظفيها في المعابر الحدودية الأخرى مع الجانب الإسرائيلي، وإنما من خلال الموظفين المستنكفين في رفح، وبتأمين من قوة أمنية قام بتشكيلها في جنوب غزة، وفق تقرير سابق لـ"عربي بوست".
بهذا الخصوص، قال مصدر حكومي في غزة، لـ"عربي بوست"، إن جيش الاحتلال يحاول فرض صيغ مدنية ومحلية لإدارة معبر رفح، بصيغة شبيهة لما كان عليه الوضع عام 2005، بحيث يشارك بإدارة معبر رفح من خلال طرف ثالث لا يكون السلطة الفلسطينية.
وأضاف أنه يريد توفير هذه الصيغة لوضعها على الطاولة، عندما يتحدث مع الأمريكيين وأطراف عربية بما يتعلق بمعبر رفح الذي أغلقه بعد السيطرة عليه في 7 مايو/أيار 2024، بعيداً عن كل من حماس والسلطة الفلسطينية أيضاً.
صيغة 2005 لإدارة معبر رفح
وقال المصدر الحكومي إن ما يقوم به الاحتلال يعني محاولة منه للعودة إلى اتفاقية 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية، والاتحاد الأوروبي، باعتباره طرفاً في اللجنة الرباعية الدولية، التي كانت تتولى الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
نصّت حينها الاتفاقية التي عُرفت باسم "الاتفاق بشأن الحركة والوصول" (AMA)، على آلية لتشغيل معبر رفح بين الجانبين المصري والفلسطيني، على أن يكون الاتحاد الأوروبي ضمن بعثة حدودية دولية، طرفاً ثالثاً يشرف على تطبيق والالتزام بالقواعد والآليات المعمول بها في الاتفاق.
وأوضح المصدر أن طلب الاحتلال من موظفي المعابر الذين رفضوا عرضه ألا تكون هناك مرجعية لهم من السلطة الفلسطينية في حال موافقتهم على العمل في معبر رفح، يعني أنه يريد أن تكون مرجعيتهم من خلال طرف ثالث عربياً كان أو دولياً، كما كان الحال مع الاتحاد الأوروبي والبعثة الحدودية الدولية عام 2005.
وأفاد بأن عمليات عبور معبر رفح كانت حينها تتم بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والجانب الإسرائيلي ومصر، حتى إنه كان يحوي كاميرات توفر للاحتلال الوصول إليها في المعبر.
كان تدخل الاتحاد الأوروبي حينها في إدارة معبر رفح، كضامن أمام الجانب الإسرائيلي، لا سيما أن قطاع غزة كان لا يتمتع حينها بالسيادة الفلسطينية، وإنما يخضع للحكم الذاتي تحت سلطة الاحتلال.
وكانت تتم مشاركة البيانات في معبر رفح مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي كان يملك حق الاعتراض على مرور أي شخص أو مركبة.
لهذا الغرض أسّس الاتحاد الأوروبي حينها (مهمة الاتحاد الأوروبي للمساعدة الحدودية)، التي عُرفت حينها بمسمى "EUBAM Rafah".
استمر ذلك حتى يونيو/حزيران 2007، عند الانقسام الفلسطيني، والحسم العسكري، الذي أفضى إلى سيطرة حماس على السلطة في غزة.
مقترح الصيغة المحلية أمام مقترح شركة أمريكية
يأتي الحديث عن محاولة الاحتلال إيجاد صيغة محلية لإدارة معبر رفح، في حين سبق أن كشفت صحيفة "هآرتس"، الثلاثاء 7 مايو/أيار، عن أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تبحث تسليم المعبر لشركة أمن أمريكية خاصة، لإدارته بعد انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، التي بدأها بشكل محدود حتى الآن.
وقالت إن جيش الاحتلال تعهد بعدم الإضرار بمنشآت المعبر لضمان استمرار تشغيله، في حين نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميللر، علمه بموافقة "إسرائيل" على نقل إدارة معبر رفح.
وأوضحت الصحيفة أنه وكجزء من جهود "إسرائيل" للتوصل إلى اتفاق بشأن عملية رفح، تجري المفاوضات مع شركة خاصة في الولايات المتحدة متخصصة في مساعدة الجيوش والحكومات في جميع أنحاء العالم المنخرطة في صراعات عسكرية.
لم تذكر الصحيفة الإسرائيلية اسم الشركة، لكنها أشارت إلى أنها عملت في العديد من دول أفريقيا والشرق الأوسط، حيث قامت بحراسة المواقع الاستراتيجية مثل حقول النفط والمطارات وقواعد الجيش والمعابر الحدودية الحساسة.
وقالت إنها توظف قدامى المحاربين من وحدات النخبة في الجيش الأمريكي.
يُذكر أن الجيش الإسرائيلي أطلق، الإثنين 6 مايو/أيار 2024، عملية عسكرية وصفها بـ"المحدودة"، في مدينة رفح، معلناً بعدها بيوم واحد فقط، أنه سيطر على الجزء الفلسطيني من معبر رفح، وقطع الطريق بين المعبر وشارع صلاح الدين.
ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي يهدد باجتياح كامل لمدينة رفح، التي يسكن فيها نحو 1.3 مليون شخص، بسبب عمليات النزوح من شمال القطاع، بشكل قسري، بسبب المجازر والعمليات الإسرائيلية ضد المدنيين.
وخلّف عدوان الاحتلال منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أكثر من 34 ألف شهيد، وعشرات آلاف الجرحى، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بحسب ما أكدته وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، وبيانات الأمم المتحدة، وسط تحذيرات دولية من تداعيات إنسانية كارثية في حال اجتياح رفح جنوب قطاع غزة.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.