تكشف صور الأقمار الصناعية التي رصدها "عربي بوست"، أعمال إنشاء وبناء جديدة في منطقة البيدر في غزة، حيث أقيم لسان بحري مؤقت، في وقت استأنف فيه المطبخ العالمي أعماله في إقامة الرصيف البحري العائم، بحسب مصادر كشفت عن رفض صيادين في غزة استخدام قواربهم ضمن العمليات الأمريكية لنقل المساعدات من السفن إلى شاطئ القطاع.
تظهر في الصور منطقة حديثة الإنشاء، قامت فوق ركام المنازل المدمرة بفعل القصف الإسرائيلي على المنطقة، التي شهدت كذلك إقامة خط عازل يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، ومن المزمع أن تشهد إقامة الرصيف البحري في غزة.
بحسب المخطط الأمريكي المعلن لهذه المنطقة، وفق ما أعلنته وزارة الدفاع الأمريكية، فيمكن التكهن بأن المنطقة الحديثة الإنشاء والتي لا يزال العمل جارياً عليها، هي مكان اصطفاف الشاحنات لتحميل المساعدات القادمة من البحر، بعد نقلها من اللسان البحري إلى الشاطئ.
المنطقة الجديدة المرتبطة بالرصيف البحري في غزة
تقع المنطقة الجديدة في "البيدر" في مدينة غزة، وتبلغ مساحتها نحو دونم واحد (ألف متر مربع)، وتبعد عن اللسان البحري أمتاراً قليلة جداً، وبحسب ما رصده "عربي بوست"، فإن هذه المنطقة قامت بين الفترة 8 – 27 أبريل/نيسان 2024.
ولا يزال العمل على المنطقة جارياً حتى الآن، في تمهيد الأرض ونقل الركام حول المنطقة واستخدامه في عملية إنشاء الرصيف البحري.
يتضح كذلك في الصورة مناطق تجريف واسعة، أزالت ركام المنازل المدمرة لتصبح قاحلة تماماً، ولا تظهر عليها أي معالم.
وسبق أن رصد تقرير سابق لـ"عربي بوست" المباني الجديدة على الخط العازل، وتفاصيل عنها.
صيادو غزة يرفضون الانخراط بالرصيف البحري
كشفت مصادر فلسطينية لـ"عربي بوست"، عن رفض الصيادين في مدينة غزة استخدام قواربهم في عمليات إنزال المساعدات ونقلها من السفن إلى الرصيف البحري، إذ إن بعض سفن الشحن الكبيرة غير مخصصة للإنزال من خلال الرصيف البحري، وتحتاج إلى سفن لوجستية أو حتى سفن صغيرة الحجم لنقل المساعدات التي تحملها.
حاول "عربي بوست" التواصل مع عدد من الصيادين، إلا أنهم رفضوا الحديث عن الموضوع خوفاً من استهداف قواربهم، والانتقام منهم، لكنهم أكدوا حدوث تواصل معهم من خلال "المطبخ العالمي" للمشاركة في إنزال المساعدات الإنسانية في حال وصولها بحراً، إلا أنهم رفضوا إشراك قواربهم في عمليات الإنزال هذه، لا سيما أن الصيد ممنوع عنهم منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأكدت مصادر فلسطينية لـ"عربي بوست"، استئناف "المطبخ العالمي" أعماله في بناء الرصيف البحري، ولكن بوتيرة أضعف مما كانت عليه سابقاً، بعد الاستهداف الإسرائيلي له في مطلع أبريل/نيسان 2024، ما أدى إلى مقتل 7 من متطوعيه الأجانب.
إعلان بدء إنشاء الرصيف البحري
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، على موقعها الإلكتروني، في 25 أبريل/نيسان 2024، البدء بأعمال بناء رصيف بحري مؤقت لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وذلك عقب وصول أولى سفنها الخمس التي ستشارك في عمليات إقامته.
ووصلت السفينة "ROY P.BENAVIDEZ" في 22 مارس/آذار 2024 إلى ساحل قطاع غزة، بحسب ما رصده "عربي بوست" عبر مواقع تتبع السفن.
في حين أعلنت واشنطن أن سفينة "USAV MONTERREY" رست على بعد أميال فقط من شاطئ غزة، الجمعة 26 أبريل/نيسان 2024، وأنها ستشرع بأعمال بناء الرصيف البحري.
بحسب مسؤول في البحرية الأمريكية، فإن ما يقرب من 260 بحاراً أمريكياً من فرقة "Naval Beach Group 1" يشاركون في مهمة إنشاء رصيف عائم طوله 270 قدماً (نحو 550 متراً)، على بعد 3 أميال بحرية قبالة غزة.
وأوضح البنتاغون، في استعراض صحفي، تفاصيل المخطط الأمريكي لبناء الرصيف البحري في غزة، موضحاً أن "بحارة سيعملون على تشغيل عبارات الجسر المتصلة بالرصيف، لإنزال المساعدات، وسيقومون بتفريغ البضائع في شاحنات لتوصيل المساعدات إلى غزة".
وأضاف: "إنها عملية معقدة، يشارك فيها ما يصل إلى 1000 جندي أمريكي، وسيتم تجميع قطع الرصيف البحري مثل الليغو LEGOS".
وأكد أن لواء النقل السابع المتمركز في قاعدة لانجلي-يوستيس المشتركة في فيرجينيا، بدأ بالفعل في تجميع المعدات اللوجستية على الشاطئ لإنشاء الرصيف، وتجهيز المراكب المائية التي ستسهم في التركيب.
وأوضح أن الرصيف البحري في غزة، سيكون على شكل جسر أو (لسان بحري طويل) يبلغ (حوالي 550 متراً) وبعرض مسارين، أحدهما للشاحنات ذهاباً، والآخر إياباً.
وقال: "إنه يشبه نظام LEGO ضخم بمجموعة من قطع الفولاذ بطول 40 قدماً (12 متراً)، التي يمكن ربطها معاً لتشكل رصيفاً ولساناً بحرياً.
أضاف أنه ستكون هناك حاجة لسفن ومراكب صغيرة لإنزال المساعدات من فوق متن سفن المساعدات الكبيرة.
لم تحدد وزارة الدفاع الأمريكية مكان الرصيف البحري في غزة بشكل رسمي بعد، إلا أن صور الأقمار الصناعية تكشف بدء العمليات في منطقة البيدر بمدينة غزة، إذ بدأت بإقامة لسان بحري بالتعاون مع "المطبخ العالمي" (World Central Kitchen).
وفقاً لما أعلنه الجيش الأمريكي، فإن 5 سفن أمريكية تشارك في عمليات بناء الرصيف البحري في غزة، وهي من لواء النقل السابع في الجيش، انطلقت من قاعدة لانغلي-يوستيس المشتركة، وقاعدة كورونادو البحرية البرمائية، وكلاهما في فيرجينيا.
وأكد اللواء في القوات الجوية بات رايدر، وهو سكرتير صحفي في البنتاغون، في تصريحات نشرتها وزارة الدفاع، أن "جميع السفن اللازمة لبناء الرصيف البحري باتت موجودة بالفعل داخل منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتقف على أهبة الاستعداد، لبدء البناء عندما نتلقى الأمر بذلك".
رصد "عربي بوست" هذه السفن الخمس، وتبين أن واحدة منها قرب غزة حالياً، وهي "ROY P.BENAVIDEZ"، في حين أن 3 سفن منها ترسو بالوقت الحالي في جزيرة "كريت" أكبر الجزر اليونانية، وهي سفن: "USAVs Monterrey، وUSAV Matamoros، وSP4 James A. Loux".
أما السفينة الخامسة، "2nd LT John P. Bobo"، فأعلنت الولايات المتحدة أنها تعرضت لحريق في 25 أبريل/نيسان 2024، بعد انطلاقها بوقت قليل من فيرجينيا، ما تسبب بعودتها، بينما كانت في طريقها إلى شرق البحر المتوسط لتسليم معدات وإيصال أفراد، لأعمال بناء الرصيف البحري في غزة.
بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، فإنه "ليس من الواضح كيف سيؤثر حريق السفينة على بناء الرصيف العائم والتأخر بإنجازه.
سفينة "بوبو" كانت بطريقها إلى الرصيف البحري في غزة قبل أن تعود بسبب حريق/ (Pole Star)
موعد الانتهاء من الرصيف البحري
وفقاً للبنتاغون الأمريكي، فإنه من المتوقع أن يبدأ تشغيل الرصيف البحري بحلول أواخر أبريل/نيسان 2024 أو أوائل مايو/أيار 2024.
وقال مسؤول في البنتاغون بعد حريق سفينة "بوبو"، إنها كانت تحمل معدات لن تؤثر على القدرة التشغيلية الأولية للرصيف البحري.
وأكد بات رايدر، المتحدث باسم البنتاغون، الخميس 25 أبريل/نيسان 2024، أن السفن العسكرية الأمريكية المتمركزة قبالة الشاطئ بدأت في بناء الرصيف المؤقت في البحر "JLOTS"، أو ما يدعى "Over-the-Shore"، أي رصيفاً أو لساناً بحرياً.
وأضاف أن الحريق "لا يؤخر بأي حال من الأحوال" المهمة الجارية، وقال إن عمليات تسليم المساعدات قد تكون جاهزة للعمل بحلول أوائل مايو/أيار 2024.
يذكر أنه في 7 آذار/مارس 2024، أعلن الرئيس جو بايدن أن الجيش الأمريكي سيبني ميناءً مؤقتاً على ساحل غزة، لإيصال المساعدات الإنسانية، وأن ذلك سيستغرق نحو 60 يوماً لإنجازه.
وكان تصريح بايدن، صدر بعد الإعلان عن ممر بحري من قبرص إلى غزة، تشرف عليه واشنطن والإمارات، بتنفيذ من "المطبخ العالمي" الذي يقوم بتجهيز وتحميل المساعدات، وقام بإيصالها لمرة واحدة في تجربة للممر، وإنزال المساعدات في شمال غزة بحراً، في 16 مارس/آذار 2024، إلا أنه بعد الاستهداف الإسرائيلي لمتطوعين في المطبخ العالمي لم تصل مزيد من المساعدات البحرية حتى الآن.