شنّت السلطات الأردنية، اعتقالات طالت متظاهرين وناشطين، عقب مظاهرات حاشدة قرب سفارة الاحتلال الإسرائيلي في العاصمة عمّان، وحوّلتهم إلى الادعاء العام، منذ الإثنين، 25 مارس/آذار 2024، وسط مطالبات شعبية بالإفراج عن معتقلي التضامن مع غزة بالأردن، أو "معتقلي الرابية" كما يُطلق عليهم، وهي المنطقة التي تقع فيها السفارة الإسرائيلية.
قام الأمن الأردني، باعتقال العشرات من المتظاهرين بعد قمع الاحتجاج، في حين استدعى العديد من الناشطين الآخرين، واعتقلهم بتهم مختلفة، بحسب ما أكدته مصادر لـ"عربي بوست" في هذا التقرير.
نحو 200 من معتقلي التضامن مع غزة بالأردن
"الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن"، تجمع للناشطين والسياسيين الأردنيين للتضامن مع قطاع غزة، أكد لـ"عربي بوست"، أنه يتابع قضايا المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوا بسبب مشاركتهم في الفعاليات المتضامنة مع غزة، ويقوم بتوكيل المحامين عنهم.
من جهته، قال العضو في الملتقى الوطني، الناشط الأردني خالد الجهني، لـ"عربي بوست"، إن السلطات الأمنية الأردنية قامت في يوم الإثنين فقط، باعتقال 200 شخص متضامن مع غزة.
وأفاد بأنه قبل فعالية يوم الإثنين التي شهدت محاصرة سفارة الاحتلال الإسرائيلي في عمّان من المتظاهرين، كانت قوات الأمن قد اعتقلت 200 شخص منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولكنها أفرجت عنهم باستثناء 5 ناشطين، إلا أنه مع اعتقال 200 شخص آخرين، فإن المجموع يقرب من 205 معتقلين.
أكد الجهني كذلك أن "المعتقلين الـ200، يجري عرضهم على المدعي العام الثلاثاء، 26 مارس/آذار 2024، الذي يأمر بالإفراج أو الاعتقال بعد توجيه التهم لمعتقلي التضامن مع غزة بالأردن.
إخفاء قسري
لكنه عبر عن إحباطه، بسبب أن الادعاء العام يقوم أحياناً بالإفراج عن بعض المعتقلين بكفالة أو بدونها، "لكن الحاكم الإداري يقوم باحتجازهم، واقتيادهم إلى جهات غير معلومة، إذ لا يتم إخبار أهلهم بأي مركز أمني هم يقبعون"، وفق قوله.
بحسب الجهني، فإن ابنه من بين المعتقلين، وهو طالب جامعي شارك في المظاهرات الشعبية المتضامنة مع قطاع غزة والمقاومة الفلسطينية، مشيراً إلى أنه لا يعرف حتى الآن بمكان احتجاز نجله، وأن السلطات ترفض الإفصاح عن ذلك حتى الآن.
تواصل "عربي بوست" مع العديد من أهالي المعتقلين، الذين أكدوا الأمر ذاته، باقتياد العناصر الأمنية لأبنائهم إلى وجهات غير معلومة، وباتوا لا يعرفون المراكز الأمنية المحتجزين فيها، كما أن محاميهم لا يعرفون أماكنهم، ولا يستطيعون الوصول إليهم للدفاع عنهم، وحضور استجواباتهم.
تهم مختلفة بينها الجرائم الإلكترونية
بحسب الجهني، فإن معتقلي التضامن مع غزة بالأردن، توجه لهم تهم مختلفة، من بينها "التجمهر غير المشروع"، و"الاعتداء على رجالات الأمن"، و"الجرائم الإلكترونية"، بسبب آراء الناس التي يعبرون عنها بما يتعلق بالحرب في غزة.
وقال إن أغلب المعتقلين هم من فئة الشباب، وتحديداً طلبة الجامعات، الذين شاركوا في الفعاليات الحاشدة نصرة لغزة، وإن دراستهم قد تكون مهددة بسبب الاعتقال.
بما يتعلق بمتابعة قضايا معتقلي التضامن مع غزة بالأردن، قال إن "تحالف فجر للحريات"، و"الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية المواطن"، يقومان بمتابعة جميع الموقوفين، وإن هناك تواصلاً مستمراً بينهما وبين السلطات، لا سيما لمعرفة أماكن احتجازهم، وتطورات قضاياهم.
حول أسباب الاعتقال، قال الجهني: "هناك من هو منزعج بهذه الكثافة في الفعاليات الاحتجاجية، لا سيما القريبة من سفارة الاحتلال، على الرغم من أن هذه الاحتجاجات تقوي الدولة الأردنية في ممارسة الضغوط على الجانب الإسرائيلي لمنع التهجير، ووقف الحرب على المدنيين".
أشار أيضاً إلى أن هناك محاولة لتشويه صورة معتقلي التضامن مع غزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال من سماهم "الذباب الإلكتروني"، لتخويفهم، ودفع الناس إلى عدم الخروج إلى الشارع، في حين أنه يتم إيقاف ناشطين عبر السوشيال ميديا فقط لتعبيرهم عن رأيهم المتضامن مع غزة، والداعي إلى المشاركة في الفعاليات التضامنية مع غزة وتوجيه تهم متعلقة بالجرائم الإلكترونية.
عن أسباب الاعتقال، أوضح أن "السبب هو مشاركة المعتقلين في المظاهرات التضامنية مع غزة، لا سيما القريبة من سفارة العدو الإسرائيلي"، معتبراً أن أي تهمة بغير ذلك توجه لهم فهي غير واقعية.
عرض المعتقلين على الادعاء العام
شقيق أحد متعقلي التضامن مع غزة، (م.خ) قال لـ"عربي بوست"، مفضلاً عدم ذكر اسمه، خوفاً من تأثير ذلك على قضية أخيه، إن السلطات الأردنية قامت باعتقاله إلى جانب العشرات من محيط مسجد الكالوتي الذي لا يبعد كثيراً عن سفارة الاحتلال في عمّان.
أوضح أن شقيقه "شارك إلى جانب الآلاف في احتجاج يطالب السلطات الأردنية بالتحرك لإغلاق السفارة الإسرائيلية، وبخطوات عملية لنصرة الفلسطينيين في غزة، وعدم الاكتفاء بالإنزالات الجوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع".
شدد كذلك على أن شقيقة لا ينتمي إلى أي حزب أو حراك أو تنظيم، وإنما دافعه كما الذين خرجوا في المظاهرات هو نصرة الفلسطينيين في غزة، الذين يعانون من الإبادة الجماعية، وسط سكوت العالم بأكمله عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي.
اعتبر أيضاً أن "اعتقال السلطات الأردنية للمتظاهرين إنما هو أمر لا يصب في مصلحتها"، مؤكداً أن "السماح في خروج المظاهرات في الأردن يمثل ضغطاً على الإسرائيليين الذين يحتاطون من محيطهم، ويرون بمثل هذه التحركات تهديدات، إنما هي موجهة للاحتلال وليس للداخل الأردني".
انتقد كذلك أنه "في حين أن الآلاف يخرجون في الدول الأوروبية باستمرار، ولا يتم قمعهم أو إسكاتهم أو اعتقالهم وتوجيه التهم إليهم، نرى دولنا تحاول كتم الأصوات القليلة التي تنادي بالحرية للشعب الفلسطيني ولنصرة قضيته أمام عدوان وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي".
وجه رسالته إلى السلطات الأردنية بالإفراج عن شقيقه وبقية معتقلي التضامن مع غزة، مؤكداً أن "أقل القليل هو الوقوف مع أهلنا في غزة، وهذا أمر لا يدين المرء بل يُشرّفه".
زوجة أحد معتقلي التضامن مع غزة بالأردن، أفادت لـ"عربي بوست"، بأنها "لا تعرف مكان زوجها أيضاً، وأنه اقتيد إلى مكان مجهول منذ اعتقاله خلال مظاهرة الكالوتي، وإنه كان من بين العشرات الذين اعتقلوا للسبب ذاته".
اعتبرت في حديثها أنه "من المحبط أن نرى في بلدنا أن رجالنا يعتقلون بسبب نصرتهم لأهلهم في غزة وفلسطين، بل توجيه التهم بالتظاهر غير المشروع والاعتداء على رجال الأمن، بسبب مشاركتهم في المظاهرات العفوية التي شارك فيها زوجي من بين الآلاف من الناس".
قالت إن زوجها جرى تحويله إلى المدعي العام، وإنها لا تعرف أخباره، وكذلك الأمر بالنسبة لمحاميه الذي حاول الوصول إليه، إلا أنه أكد كذلك لـ"عربي بوست"، منع السلطات له من الوصول إلى موكله، مفضلاً عدم الحديث أكثر حول هذا الموضوع، قبل عرضه على المدعي العام، الذي قد يفرج عنه.
حاول "عربي بوست" التواصل مع الجهات الرسمية للتعليق على كل ذلك، إلا أنه لم يتلق رداً حتى الآن.
يشار إلى أن الآلاف من الأردنيين، مساء الإثنين 25 مارس/آذار 2024، شاركوا في وقفة تضامنية مع قطاع غزة طالبت بإغلاق سفارة الاحتلال الإسرائيلي في الأردن، في حين واجهت السلطات الأمنية المتظاهرين بالقمع وإطلاق غاز مسيل الدموع بغزارة لتفريق المحتجين، ومنعتهم من الاقتراب من السفارة.
يذكر أن الأردن يشهد باستمرار فعاليات تضامنية مع أهالي غزة، وسط العدوان المستمر والحرب الإسرائيلية المدمرة ضدهم، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، راح ضحيتها عشرات آلاف الشهداء، معظمهم من الأطفال والنساء، ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.