لماذا يعبّر فوز غالاوي عن “غضب مرير” من المؤسسة الحاكمة في بريطانيا؟ هكذا قلبت الحرب على غزة الموازين

عربي بوست
تم النشر: 2024/03/03 الساعة 08:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/03/03 الساعة 08:51 بتوقيت غرينتش
جورج غالاوي يقف بجانب علم فلسطين الذي اتخذه شعاراً لحملته الانتخابية/ رويترز

أصابت حالة من الفزع الحكومة البريطانية، بعد فوز السياسي المخضرم جورج غالاوي في الانتخابات البرلمانية، حيث شنَّ رئيس الوزراء ريشي سوناك هجوماً على غالاوي، ووصف فوزه بـ"المقلق للغاية"، مشيراً إلى أن حكومته تتجه لشنّ حملة ضد الاحتجاجات المرتبطة بغزة. وقال سوناك في إشارة إلى غالاوي: "من المقلق للغاية أن الانتخابات الفرعية في روتشديل شهدت عودة مرشحٍ ينكر الفظائع المرتكبة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ويُمجِّد حزب الله".

فوز غالاوي يعبّر عن الاستياء من المؤسسة السياسية في بريطانيا

تقول صحيفة Financial Times البريطانية إن الفوز الساحق الذي حققه جورج غالاوي في الانتخابات التكميلية في روتشديل يعبر عن الغضب الذي يشعر به كثير من المسلمين إزاء موقف حزب العمال من إسرائيل، وأيضاً عن الاستياء المتنامي إزاء المؤسسة السياسية البريطانية قبل الانتخابات العامة هذا العام.

ولفت غالاوي إلى أن فوزه سيمثل "تحولاً جذرياً في عشرات الدوائر الانتخابية البرلمانية"، التي يشعر فيها المسلمون والكثير من المواطنين الآخرين "بغضب مرير" إزاء القصف الإسرائيلي لقطاع غزة. 

وهذه هي المرة الثالثة التي يحرج فيها غالاوي، وهو خطيب مفوه يتمتع بشخصية كاريزمية، طُرد من حزب العمال عام 2003 بسبب انتقاده لحرب العراق، حزبه السابق، بفوزه بمقاعد كان يسيطر عليها الحزب في السابق.

الحرب على غزة تلقي بظلالها على الانتخابات البريطانية

تقول فايننشيال تايمز إن فوز غالاوي يعد علامة على أن الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين يلقي بظلاله على السياسة البريطانية، وخاصةً حزب العمال المعارض.

إذ أعلن السير كير ستارمر، زعيم حزب العمال، دعمَه لإسرائيل في أعقاب هجمات حماس، في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ولم يتحول إلا تدريجياً لموقف أكثر انتقاداً لحكومة نتنياهو مع قصف الجيش الإسرائيلي لغزة.

وواجه كثير من أعضاء البرلمان من حزب العمال انتقادات في الأشهر الأخيرة، بسبب موقف الحزب من هذه القضية، حتى إن بعضهم تلقَّى تهديدات بالقتل. ويخشى البعض من أن يؤدي غضب من حرب غزة إلى خسارتهم أغلبية الأصوات لصالح حزب المحافظين.

وتقدّمت بالفعل مجموعة من المرشحين المستقلين المؤيدين للفلسطينيين لبعض المقاعد، في المناطق التي تضم أعداداً كبيرة من السكان المسلمين لخوض الانتخابات العامة هذا الخريف. وقال جون ماكتيرنان، المستشار السابق إبان حكومة حزب العمال برئاسة توني بلير: "أظن أن على حزب العمال ألا يستهين بهذا الأمر".

وقال لهيئة الإذاعة البريطانية BBC: "لا يوجد 100 جورج غالاوي، ولا حتى ثلاثة، أو خمسة، أو ستة. لكن المشكلة هي أن هذا كان حكماً بطريقة أو بأخرى على البرلمان، الذي انعقد الأسبوع الماضي، وعجزه عن التوصل إلى موقف يرى معظم الناس في بريطانيا أنه لا بد أن يكون وقفاً فورياً لإطلاق النار… ووضع حد للقتل في غزة، فوزه تعبير عن ذلك".

وفاز غالاوي بـ12335 صوتاً في روتشديل، وفاز ديفيد تولي، رجل الأعمال، بـ6638 صوتاً. وفي المقابل حصل حزب الديمقراطيين الأحرار على 2164 صوتاً فقط، وحزب المحافظين على 3731 صوتاً، وحزب الإصلاح البريطاني على 1968 صوتاً.

فوز غالاوي
الآلاف يتظاهرون في لندن تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على غزة/ عربي بوست

المرشحون المستقلون يهددون الأحزاب الرئيسية

قلَّل محللون من خطورة فوز غالاوي على فرص حزب العمال في الانتخابات العامة. وقال كريس هوبكنز، مدير الأبحاث السياسية في مؤسسة سافانتا لاستطلاعات الرأي، إن استطلاعات الرأي التي أجرتها شركته تشير إلى أن حزب العمال لا يزال يحتفظ بنحو 62% من أصوات المسلمين على مستوى البلاد.

وقال: "من الناحية الواقعية يعتبر غالاوي مستقلاً إلى حد ما، وقد أفاد كثيراً من غياب حملات الأحزاب الرئيسية في روتشديل".

لكن الأداء القوي للمرشحين المستقلين في روتشديل يسلط الضوء على انعدام الثقة في البرلمان البريطاني. إذ تُظهر بيانات رسمية نُشرت يوم الجمعة، الأول من مارس/آذار، أن ثقة الجمهور في الأحزاب السياسية انخفضت إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق في أي مؤسسة عام 2023.

ومن المرجح أيضاً أن يؤدي انضمام غالاوي الوشيك إلى مجلس العموم، وتوعده بمعاقبة زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، لتساهله الشديد مع إسرائيل وحربها على غزة، إلى زيادة التوترات السياسية في البرلمان.

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك هذا الأسبوع عن حزمة بقيمة 31 مليون جنيه إسترليني، لتعزيز حراسة أعضاء البرلمان والسياسيين المحليين الآخرين، بعد ارتفاع حجم التهديدات للنواب في عام يشهد الانتخابات العامة، وتفاقم التوترات المجتمعية جراء الحرب في غزة.

وقال بن شمشون، الرئيس التنفيذي لشركة الأبحاث Thinks Insight & Strategy، إن استطلاعات الرأي التي أجرتها شركته تشير إلى أن الجمهور ازداد تشاؤماً من السياسة البريطانية، مقارنةً بما كان عليه منذ سنوات.

وقال: "رأينا في الآراء العامة أن السياسة كالمعتاد لا توفر إجابات، فعند سؤال الأغلبية عن أي الحزبين الرئيسيين يرون أنه من المرجح أن يحل المشكلات التي نواجهها، يقولون "لا هذا ولا ذاك"، أو "لا نعرف"، مقارنةً باختيار أي من الحزبين".

وأضاف: "وحين يرى الناخبون أن الأحزاب الرئيسية لا تقدم حلولاً فليس مستغرباً أن يغتنموا فرصاً مثل الانتخابات التكميلية للتعبير عن استيائهم".

تحميل المزيد