حمل لوحة ساخرة تحمل شجرة جوز الهند، أو صورة المظليات، كانا من أغرب أسباب اعتقالات مظاهرات بريطانيا المؤيدة لفلسطين، إذ تدقق الشرطة البريطانية في اللافتات والصور التي يحملها المتظاهرون الذين يخرجون بعشرات الآلاف بشكل أسبوعي منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
وفي وقت تخرج فيه تظاهرات بمئات الآلاف، وتقديرات بوصول إحدى تظاهرات لندن إلى مليون متظاهر، وذلك في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حسب ما نقلته صحيفة Middle East Monitor البريطانية، تدقق الشرطة البريطانية فيما يحمله أو يردده المتظاهرون، سواء خلال التظاهرات أو بعدها، إذ تعلن في بعض المرات عقب انتهاء التظاهرات عن اعتقالات أو مطالبات بتقديم معلومات عن بعض الأشخاص الذين يتم التقاط صور لهم.
صحيح أن أعداد الاعتقالات محدودة للغاية مقارنةً بأعداد المشاركين في التظاهرات السلمية، ويخرج المعتقلون في معظم الحالات، إلا أن بعض حالات الاعتقالات أثارات استغراباً بسبب سطحية الأسباب أو غرابتها، ونستعرض هنا أشهرها.
أغرب اعتقالات مظاهرات بريطانيا المؤيدة لفلسطين
3 شابات يحملن صور مظليات
أدينت 3 شابات، الثلاثاء 13 فبراير/شباط 2024، لتعليقهن صور مظليات أو طائرات شراعية على حقائبهن وملابسهن، إذ قالت إحدى أفرع الشرطة في لندن (شرطة متروبوليتان) إن الصور "تدعم حماس"، وإنهن أدن بـ"بارتكاب جريمة إرهابية" بعد تحقيق أجرته شرطة العاصمة عقب التظاهرة التي انطلقت وسط لندن في 14 أكتوبر/كانون الأول 2023.
نشرت الشرطة اللندنية أيضاً أسماء وأعمار الشابات بعد إدانتهن، وهن: هبة الحايك (29 عاماً)، وبولين أنكوندا (26 عاماً)، ونويموتو تايوو (27 عاماً). وقالت إن الشابات "أثرن شكوكاً بأنهن أعضاء أو مؤيدات لمنظمة محظورة"، وتقصد حماس، إذ أضافت أن "أفراد حماس استخدموا الطائرات الشراعية" في عملية 7 أكتوبر/كانون الأول التي وصفتها بـ"الهجوم الإرهابي".
جاء الحكم بعد محاكمة استمرت يومين في محكمة وستمنستر الجزئية، فيما وجدت المحكمة أن الشابات "مذنبات"، وحُكم على كل منهن بالإفراج المشروط لمدة 12 شهراً، فيما قال نائب القاضي الجزئي تان إكرام: "هل من الممكن أن يرى شخص عاقل هذه الصور ويفسرها على أنها مجرد رمز للحرية"، حسب ما نقلته شبكة الإذاعة البريطانية (BBC). كانت الشرطة قد تعقبت الشابات لعدة أيام (بين 3 أيام و11 يوماً) حتى ألقت القبض عليهن جميعاً ووجهت لهن التهم.
ملاحقة بسبب كوفية على طريقة "أبو عُبيدة"
في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قالت شرطة العاصمة إنها "تبحث بشكل حثيث" عن رجلين ظهرا في إحدى مظاهرات بريطانيا المؤيدة لفلسطين وهما يرتديان عصابات رأس على غرار الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة"، في المسيرة المؤيدة لفلسطين، وتعهدت الشرطة باتخاذ "إجراءات استباقية" بمجرد التعرف على الشخصين المتنكرين بالأقنعة والأوشحة.
البحث عن شابة بسبب لوحة "جوز الهند"
في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2023، نشرت الشرطة البريطانية صورة سيدة شابة تحمل لوحة مرسوماً عليها نخلة جوز الهند وصورة لرئيس الوزراء ريشي سوناك ووزيرة الداخلية آنذاك سويلا بريفمان، وطالبت عبر منصة إكس (تويتر سابقاً) من يعرف الشابة أن يدلي بمعلومات عنها، وذلك من خلال صورة التقطت لها من مظاهرات بريطانيا المؤيدة لفلسطين.
ورأت الشرطة أن في الصورة إشارة إلى عنصرية تجاه سوناك وبرفمان للإشارة إليهما باعتبارهما "جوز هند". وحسب صحيفة The Telegraph البريطانية، تعتبر "الإشارة إلى جوز الهند إهانة للأشخاص غير البيض، للتلميح إلى أنهم يخونون ثقافتهم الأصلية ويخضعون للرأي الأبيض".
صورة للصليب المعقوف وراء ملاحقة أكثر من شخص
في الشهر نفسه، نشرت الشرطة البريطانية صورة امرأة تبحث عنها، وكانت السيدة المشاركة في مظاهرات بريطانيا المؤيدة لفلسطين تحمل لافتة تظهر نجمة داوود ملفوفة حول الشعار النازي للصليب المعقوف، وكتب عليها: "لا ينبغي لأي سياسي بريطاني أن يكون صديقاً لإسرائيل"، حسب صحيفة Daily Mail البريطانية.
بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023، اعتقلت الشرطة البريطانية شخصاً لحمله لافتة عليها صليب معقوف داخل نجمة داوود، من تظاهرة أقيمت في العاصمة لندن. واعتبرت الشرطة ذلك "اشتباهاً في تحريضه على الكراهية العنصرية".
حينها، أدلى نائب مساعد مفوض الشرطة أدي أديلكان لصحيفة The Independent البريطانية بتعليق قال فيه: "أي شخص عنصري أو يحرض على الكراهية ضد أي مجموعة يجب أن يتوقع أن يتم القبض عليه. كما سنفعل لأي شخص يدعم حماس أو أي منظمة محظورة أخرى". وأضاف: "لن نتسامح مع أي شخص يحتفل أو يروج لأعمال إرهابية، مثل قتل أو اختطاف الأبرياء، أو من ينشر خطاب الكراهية".
اعتقال شابتين لعدم وجود مترجم لكلمة عربية
في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023، ضمن اعتقالات مظاهرات بريطانيا المؤيدة لفلسطين ألقت الشرطة في لندن القبض على شابتين بسبب حملهما لافتة تحتوي على كتابة باللغة العربية لم يتمكن ضباط الشرطة من ترجمتها على الفور.
وذكرت محطة "سكاي نيوز" البريطانية أنه طُلب من الشابتين ترجمة اللافتة الخاصة بهما، وهو ما فعلتاه، لكن شرطة العاصمة ألقت القبض عليهما بعد أن لم تتمكن المنظمة من التحقق من الترجمة دون وجود مترجم مستقل في مكان الحادث. وذلك بتهمة "الاشتباه في ارتكابهما جريمة عنصرية تتعلق بالنظام العام"، فيما تم نقلهما إلى مركز الشرطة للاستجواب.
وفي مقطع فيديو يصور الحادثة، طلبت الشرطة من إحدى النساء ترجمة اللافتة الخاصة بها، فأجابت: "من سيشمّر عن سواعده إلى الجنة؟". وذلك أثناء احتجاج لحزب التحرير أمام السفارة المصرية (في ساوث ستريت في مايفير) للمطالبة بفتح معبر رفح.
لافتة "تعميم الانتفاضة" لـ"إثارة الكراهية والعنصرية"
في مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023، اعتقلت الشرطة البريطانية 9 أشخاص بسبب لافتة كتب عليها "globalise the intifada" أو ما ترجمته "تعميم الانتفاضة على مستوى عالمي" أو "جعل الانتفاضة (الانتفاضة الفلسطينية) ظاهرة عالمية". جاء ذلك عقب تعليق الشبان التسعة اللافتة خارج مبنى في بارك سكوير (يقع بإحدى أغلى مناطق لندن)، تعبيراً عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية.
قالت شرطة العاصمة إن الكلمة العربية "الانتفاضة" تعني "التخلص بشكل سريع من النضال"، وأضافت أنها "غالباً ما تستخدم لوصف فترات الانتفاضة، التي يتضمن بعضها استخدام الإرهاب، من قبل الفلسطينيين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية".
وأكدت الشرطة أن هذا الاعتقال من إحدى مظاهرات بريطانيا المؤيدة لفلسطين جاء بموجب المادة 18 من قانون النظام العام التي تحظر عرض "أي مواد مكتوبة تنطوي على تهديد أو إساءة أو إهانة" إذا كان القصد أو النتيجة المحتملة هي إثارة الكراهية العنصرية"، فيما أزالت الشرطة اللافتة وأبقت قوات بالمنطقة لبعض الوقت، حسب ما نقلته صحيفة The Guardian البريطانية.
قد يٌهمك أيضاً: "عُثر عليها ميتة"، و"فتاة" بدلاً من "طفلة".. ملخص تغطية الصحف الغربية عن الطفلة هند