يسير بايدن وترامب على الطريق ليكونا أكبر مرشحين رئاسيين سناً في تاريخ الولايات المتحدة. وتنتظرهما أيضاً ما يمكن أن يصبح أطول حملة انتخابية عامة على الإطلاق، معركة ستكون بين مرشح متهم بالعداء للمهاجرين وحب الاستبداد وآخر متهم بإشعال التضخم والحروب.
وإذا نجح ترامب في تأمين ترشيح الحزب الجمهوري قريباً، فسيخوض الرجلان ماراثوناً وجهاً لوجه في الانتخابات العامة المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني.
ويهدد اختبار قدرات التحمل هذا بالتحول لمصدر إزعاج لكل من المرشحين والعاملين في حملتهم الانتخابية، وكذلك للناخبين الذين قالوا إنهم يخشون إعادة مباراة عام 2020، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
وسيظل بايدن (81 عاماً) وترامب (77 عاماً)، اللذان يقعان باستمرار في الخطأ، تحت الأضواء لعدة أشهر. وسيحتاج المسؤولون عن حملتيهما الانتخابيتين إلى معرفة كيفية العبور بهما بنجاح من هذا الجهد الطويل، مع تعديل كيفية جمع التبرعات الانتخابية وإنفاقها أيضاً.
كلاهما مسن ويرتكب أخطاءً عديدة
وفي الأيام الأخيرة، ارتكب كل من بايدن وترامب أخطاء لفتت الانتباه إلى سنهما. خلال حدث أقيم مؤخراً في البيت الأبيض، خلط بايدن بين اثنين من وزراء حكومته؛ هما وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس ووزير الصحة والخدمات الإنسانية زافيير بيسيرا.
وفي ولاية نيو هامبشاير الأسبوع الماضي، خلط ترامب بين نيكي هيلي، التي تواصل تحديه على ترشيح الحزب الجمهوري، ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، حيث طرح نقاشاً ممتداً ألقى فيه باللوم على هيلي لفشلها في تأمين مبنى الكابيتول الأمريكي ضد هجوم 6 يناير/كانون الثاني 2021، الذي اتُهِم ترامب بالتحريض عليه.
وتجعل انتصارات ترامب المتتالية في الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير وفي أيوا المواجهة المباشرة مع بايدن تبدو حتمية. ورغم أنَّ هيلي تعهدت بالبقاء في السباق الرئاسي، لكن فرصها في التغلب على ترامب ضعيفة، حتى إنَّ كلا الحزبين بدآ يتعاملان بالفعل مع المنافسة بين بايدن وترامب وكأنها حملة انتخابات عامة.
إنها أطول انتخابات في تاريخ أمريكا، ولأول مرة رئيس حالي أمام رئيس سابق متهم بجرائم
وعلى مدار تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لم يحدث هذا قط في وقت مبكر أي أن يتم حسم المرشحين النهائيين في شهر يناير/كانون الثاني.
فعلى سبيل المثال، خلال عامي 1996 و2000، لم تؤدِّ الانتخابات التمهيدية التنافسية إلى تحويل الانتباه نحو واحد على الأقل من المرشحين الأوفر حظاً إلا في أواخر شهر مارس/آذار.
وستختبر مباراة العودة الطويلة بين بايدن وترامب قدرة المرشحين على التحمل، وتعيد توزيع إنفاق أموال الحملة الانتخابية وتطغى على عقد الصفقات في الكابيتول هيل (الكونغرس). إذ من المتوقع أن تتدفق مئات الملايين من الدولارات المخصصة للدعاية الانتخابية على ما يقرب من ست ولايات متأرجحة بين المرشحين، التي من المرجح أن تحسم الانتخابات. ويسعى الجانبان إلى جمع المانحين لتمويل السباق المرهق.
وقد بدأ بعض الناخبين يشعرون بالاستنزاف بالفعل.
وما يجعل الحملة الحالية أيضاً غير عادية هي أنها تضع رئيساً حالياً في مواجهة رئيس سابق؛ مما يعني أنَّ كليهما لا يحتاجان إلى تعريف نفسيهما للشعب الأمريكي. وبالنسبة لترامب، يشمل ذلك انفراده بأنه أول رئيس أمريكي سابق متهم بارتكاب جرائم فيدرالية. ويواجه 91 تهمة مرتبطة بتعامله مع وثائق سرية وجهوده لإلغاء الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
ويهدف فريق بايدن إلى تذكير الناخبين الأمريكيين بما لم يعجبهم في فترة ولاية ترامب الأولى ولماذا صوتوا لصالحه. وقد اعتقدوا منذ فترة طويلة أنَّ أرقام استطلاعات الرأي الباهتة للرئيس ستتحسن بمجرد تركيز الناخبين على الدراما والفوضى التي أحاطت بترامب وقراره بالتشبث بالسلطة بعد انتخابات عام 2020.
ترامب متهم بأنه ديكتاتور وبايدن رجل التضخم والحروب
ويشير فريق بايدن إلى أنَّ العديد من الناخبين الذين حددوهم على أنهم قابلون للإقناع لم يعتقدوا أنه ستكون هناك مباراة عودة بين الرجلين.
ومع اقتراب مثل هذه المنافسة، بدأ الرئيس في توجيه هجمات مباشرة أكثر ضد ترامب. وتسلط حملة بايدن الضوء على التعليقات التي أدلى بها ترامب، التي يشير فيها إلى أنه سيحكم مثل الديكتاتور في أول يوم له في منصبه، وتجادل بأنَّ ترامب سيزيد من تهديد حقوق الإجهاض.
ويعتزم ترامب وفريقه تذكير الناخبين بالوضع الاقتصادي السابق للوباء، عندما كانت العوائد على اقتراض الأموال منخفضة والغاز أقل تكلفة. ويؤكد ترامب أنَّ العالم كان يشعر بمزيد من الاستقرار في ذلك الوقت، مع هدوء الجيوش الروسية، واضطرابات أقل في الشرق الأوسط.
وارتفع التضخم بعد تولي بايدن منصبه، لكنه تراجع منذ ذلك الحين، في حين ارتفعت الأجور وسط سوق عمل لديها وفرة في فرص العمل لكن عمالة قليلة. وسجلت الأسهم مستويات قياسية هذا العام.
وسوف يستند ترامب، الذي ركز أكثر على بايدن خلال فعالياته الانتخابية الأخيرة، في الانتخابات العامة على حجة مفادها أن الديمقراطيين متساهلون على الحدود، ويسمحون بالهجرة غير الشرعية وتدفق مخدر الفنتانيل.
ويعترف مساعدو ترامب بأنَّ جلسات محاكماته المختلفة ستجعل تحديد مواعيد الفعاليات الانتخابية صعبة، وقد يفشل في حضور بعض الجلسات. وحتى الآن، دمج ترامب إجراءات المحكمة في حملته، واستخدمها لتحفيز مؤيديه بادعاءات لا أساس لها بأنَّ بايدن هو من دبر له الاتهامات.
وسوف تمر أسابيع قبل أن يحصل أي من المرشحين على عدد كافٍ من التفويضات ليكون المرشح الرسمي لحزبه. وستُجرَى أول مسابقة تمهيدية رسمية للحزب الديمقراطي في ولاية كارولينا الجنوبية في الثالث من فبراير/شباط. ومن المرجح أن يحصل كلا الفريقين على التفويضات اللازمة بحلول مارس/آذار.
ومعظم استطلاعات الرأي التي أُجريَت في الأسابيع الأخيرة تعطي ترامب أفضلية على بايدن، أو تظهر أنَّ الاثنين متساويان.
ترامب يتقدم على بايدن
وأظهر استطلاع أجرته وكالة Reuters وشركة Ipsos لأبحاث السوق، يوم الخميس 25 يناير/كانون الثاني، أنَّ ترامب يتقدم على بايدن بست نقاط مئوية، 40% مقابل 34%. وقال حوالي 70% ممن شملهم الاستطلاع، بما في ذلك نصف الديمقراطيين تقريباً، إنهم متفقون على أنه لا ينبغي لبايدن أن يسعى لإعادة انتخابه. وقال 56%، بما في ذلك حوالي ثلث الجمهوريين، إنَّ ترامب لا ينبغي أن يترشح. واتفق ثلاثة أرباع المشاركين في الاستطلاع على أنَّ بايدن أكبر من أن يعمل في الحكومة، ونصفهم قال نفس الشيء عن ترامب.
وكان تحول السباق التمهيدي نحو ما يشبه الانتخابات العامة الأسبوع الماضي محسوساً في الكابيتول هيل، حيث قال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (الجمهوري من كنتاكي) سراً لجمهوريين آخرين يوم الأربعاء، 24 يناير/كانون الثاني، إنَّ السياسات بشأن التوصل إلى اتفاق مع البيت الأبيض لتنفيذ إصلاح شامل لنظام الهجرة في البلاد قد تغيرت.
وقال ماكونيل إنه يكره فعل أي شيء من شأنه الإضرار بفرص حامل لواء حزبه، وهو اعتراف بأنَّ زملاءه من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري بأنهم في مأزق بالنظر إلى أنَّ بعض الجمهوريين لا يريدون إضعاف قدرة ترامب على إدارة الأزمة على الحدود.
ويعد اتفاق الحدود، الذي جعله الجمهوريون شرطاً للموافقة على تخصيص المزيد من المساعدات لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، واحداً من قائمة طويلة من البنود غير المكتملة في الكونغرس. ولم يتفق المُشرِّعون بعد على خطط الإنفاق للعام بأكمله وقد يفرضون إغلاقاً جزئياً على الإدارة الفيدرالية في الأسابيع المقبلة.
وتقدم كلا المرشحين في السن بشكل ملحوظ منذ الحملة الانتخابية الأخيرة. وكانت تلك المنافسة قد تطلبت قدرة أقل على التحمل؛ لأنَّ جائحة "كوفيد-19" قلّلت من الظهور الشخصي لبايدن، على الرغم من أنَّ ترامب عقد تجمعات حاشدة، خاصة في الأيام الأخيرة من الحملة.
وأشار طبيب بايدن إلى أنَّ مشية الرئيس صارت متصلبة، وهو الأمر الذي يعزوه إلى التغيرات المرتبطة بالعمر في العمود الفقري. ويرتدي بايدن أحياناً أحذية رياضية مع بدلاته، وبدأ في استخدام درج أصغر للصعود إلى طائرة الرئاسة لتقليل مخاطر التعثر. ويمزح بشأن عمره مشيراً إلى أنه يجلب له الحكمة.
وقد انتبه ترامب إلى وضعه الصحي في ديسمبر/كانون الأول، أثناء حضوره جلسة استماع في المحكمة. وقد رأى ترامب حينها رسماً تخطيطياً لنفسه، وقال للفنان: "يجب أن أفقد بعض الوزن". لكنه يحرص على إخبار الجماهير أنه "تفوق" في الاختبار المعرفي.