صوَّر فريق من المحامين والمسؤولين الإسرائيليين في دفاعهم أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، إسرائيل على أنها ضحية للإبادة الجماعية وليس غزة. واتهم دفاع إسرائيل أمام العدل الدولية جنوب أفريقيا بدعم حماس، وزعموا أن حكومتها تمثل الذراع القانونية للمسلحين الفلسطينيين الذين شنوا هجمات مميتة على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
واستفاد دفاع إسرائيل أمام العدل الدولية من غياب المراجعات أو المناقشة لمرافعته، وشرعت إسرائيل أمام العدل الدولية تفعل ما يفعله مسؤولوها العسكريون والسياسيون ليل نهار طوال هذه الحرب على غزة: إطلاق العنان لطوفان ما كان يُعرف داخل إدارة ترامب بـ"الحقائق البديلة" أو قلب الحقائق، حسبما ورد في تقرير لموقع The Intercept الأمريكي.
دفاع إسرائيل أمام العدل الدولية يتهم جنوب أفريقيا بتنفيذ أوامر حماس
افتتح ممثل إسرائيل، تال بيكر، دفاع إسرائيل أمام العدل الدولية بإخبار قضاة المحكمة بأن قضية جنوب أفريقيا "تشوه الصورة الواقعية والقانونية تشويهاً بالغاً"، زاعماً أنها تسعى إلى محو التاريخ اليهودي. وقال إن الحجج القانونية التي قدمها فريق جنوب أفريقيا "لا تختلف كثيراً" عن خطاب حماس، واتهمهم بـ"تسليح" مصطلح "الإبادة الجماعية".
وهاجم غير مرةٍ حكومة جنوب أفريقيا، واتهمها بتنفيذ أوامر حماس، وزعم أن أجندتها الحقيقية تتلخص في "إحباط" حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. وقال بيكر: "جنوب أفريقيا تربطها علاقات وثيقة مع حماس. واستمرت هذه العلاقات دون انقطاع حتى بعد فظائع 7 أكتوبر/تشرين الأول".
وقال إن جنوب أفريقيا، وليس إسرائيل، هي من يُفترض أن تخضع لإجراءات مؤقتة من محكمة العدل الدولية، بسبب دعمها المزعوم لـ"حماس". لكن بيكر أهمل الإشارة إلى حقيقة أن نتنياهو نفسه ساند طويلاً احتفاظ حماس بالسلطة في غزة، وعمل على ضمان استمرار تدفق الأموال إليها من قطر على مر السنين، ظناً منه أنها أفضل استراتيجية لمنع إنشاء دولة فلسطينية، حسب الموقع الأمريكي.
ورفض بيكر توصيف جنوب أفريقيا للنطاق التاريخي لتدمير المدنيين في غزة والذي أودى حتى الآن بحياة أكثر من 10 آلاف طفل.
وتجاهل أن إسرائيل قتلت في ثلاثة أشهر، أكثر من 23 ألف شخص في غزة، وهو معدل قتل يفوق بالنسبة للزمن الذي جرى فيه بنسب كبيرة ما حدث في حرب أوكرانيا، التي ستدخل عامها الثالث، وهي الحرب التي أصدرت فيها محكمة العدل الدولية أمراً طارئاً لروسيا لوقفها، بسبب الاشتباه في حدوث إبادة جماعية، كما أن هذا المعدل يفوق بالنسبة للزمن حرب البوسنة التي قتل فيها نحو 100 ألف شخص على مدار أكثر من ثلاثة أعوام، وحكمت فيها "العدل الدولية" بأنها شهدت عملية إبادة جماعية.
زعم أن بنية المقاومة مقامة بالمباني رغم أن الاحتلال يشكو دوماً من أنها مخبأة في الأنفاق
واعتبر محامي إسرائيل أن ما "لا مثيل له وغير مسبوق" في هذه الحرب هو أن حماس "أقامت بنية تحتية عسكرية في أنحاء غزة داخل وتحت مناطق مأهولة بالسكان".
وتجاهل بوضوحٍ أنه وفقاً للتقارير الإسرائيلية نفسها، فإن معظم بنية حماس العسكرية مخبأة في أنفاق تقع على أعماق سحيقة، تصل إلى 70 متراً، وأحياناً 100 متر، تسميها إسرائيل مترو حماس، مما يجعلها وفقاً لتقديرات خبراء عسكريين غربيين، كثير منهم مؤيدون لإسرائيل عصية على كل الذخائر الإسرائيلية وحتى الأمريكية، ومن ثم فليس هناك أي مبرر عسكري لقصف الأهداف المدنية، لأنه سيكون من الغباء من حماس ترك الأنفاق العميقة وإخفاء أسلحتها في مبانٍ سطحية سهلة الاستهداف.
والدليل على عدم وجود أي مبرر عسكري لقصف الأهداف المدنية، هو أن إسرائيل لم تجد أهدافاً عسكرية تذكر بها، وادعاءاتها في هذا الصدد كانت محدودة وقوبلت غالباً بالسخرية، إضافة إلى أن حملة القصف لم تؤدّ إلا إلى مقتل عدد ضئيل من قيادات الصف الأول لـ"حماس" وفقاً لتصريحات إسرائيل نفسها، التي لم تستطع ادعاء التفاخر سوى بقتل قلة قليلة من قيادات حماس حتى الآن.
المحامي استند إلى مزاعم إسرائيلية سابقة ثبت كذبها، وادعى أن حماس هي التي دمرت مباني غزة
ويشير الموقع الأمريكي إلى أن بيكر تحدث كما لو أن العديد من مزاعم إسرائيل حول عمليات حماس السرية لم يثبت كذبها، أو تبين أنه مبالغ فيها إلى حد كبير، مثل الادعاء الإسرائيلي بوجود مستودع أسلحة يخص حماس تحت مستشفى الشفاء أكبر مستشفيات غزة.
وزعم بيكر أيضاً، أن محامي جنوب أفريقيا لم يتمكنوا من ذكر عدد البنايات التي قُصفت ودُمرت في غزة خلال الأشهر الثلاثة الماضية من القصف الإسرائيلي المستمر.
وزعم أن المباني المدمرة كانت في الواقع "فخاخاً" أعدتها حماس، وليس إسرائيل هي من دمرتها.
وهذا ادعاء مضحك، حسب الموقع الأمريكي، ليس فقط بالنظر إلى حجم القصف الإسرائيلي لأحياء بأكملها، ولكن لأن الجنود الإسرائيليين أنفسهم نشروا مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يضغطون زر التفجير بكل سعادة لمحو أحياء بأكملها.
كيف تكشف بيانات الأمم المتحدة والاحتلال تعمُّد إسرائيل تدمير مباني غزة دون أي هدف عسكري؟
لم تقدم إسرائيل أي تفسير لتدميرها عشرات الآلاف من المباني في غزة دون أي مبرر عسكري سوى هدف الإبادة الجماعية وجعل القطاع غير صالح للسكن، كما قال مسؤولوها أنفسهم.
ففي 12 ديسمبر/كانون الأول 2013، كشفت تقديرات للأمم المتحدة، أن نحو 40 ألفاً من مباني قطاع غزة تضررت كلياً أو جزئياً، حسب صور تعود لتاريخ 26 نوفمبر/تشرين الثاني، تابعة لمركز الأمم المتحدة للأقمار الاصطناعية.
ولو أن الهدف المزعوم وهو القضاء على حماس "حقيقي"، ولو أن هذه البنايات تؤوي مقاتلين من حماس، ولو تم افتراض أن تدمير كل بناية أدى إلى إصابة أو استشهاد مقاتل واحد فقط من حماس، فهذا يعني أن الحركة قد قضي عليها في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، لأنه وفقاً لأغلب التقديرات الموثوقة فإن إجمالي عدد مقاتلي حماس لا يزيد على 40 ألفاً على أقصى تقدير (أغلب التقديرات أقل من ذلك)، علماً بأنه قرب نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2023، زعمت إسرائيل أنها قتلت 5 آلاف من حماس.
ورغم أن أرقام إسرائيل بشأن شهداء حماس تم التشكيك فيها في ذلك الوقت، من قبل خبراء غربيين، فإن الفارق الهائل بين عدد الضحايا المدنيين والمباني المدمرة من ناحية وبين شهداء حماس حسب الأرقام الإسرائيلية يطرح سؤالاً ملحاً ألا وهو: ما هو الهدف العسكري من تدمير 40 ألف منزل إن لم يكن بها مقاومون فلسطينيون؟.
ولكن الهدف الواضح هو قتل الفلسطينيين وتهجيرهم ومنعهم من العودة لديارهم، وتدمير روابطهم وبنيتهم الاجتماعية لإنهاء وجودهم كجماعة متماسكة، وكل هذه تعد من الأعمدة الرئيسية لجريمة الإبادة الجماعية.
زعم أن الدولة العبرية تمتثل للقانون، وتجاهل عصيانها للشرعية الدولية منذ عقود
وقال بيكر إن "جنوب أفريقيا تسترت على البيئة الكارثية التي صنعتها حماس، وإن إسرائيل ملتزمة بالامتثال للقانون، عكس حماس التي تزدري القانون".
على أن بيكر لم يكلف نفسه عناء التطرق إلى أي من عشرات القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة على مدار عقود والتي تدين عدم شرعية نظام الفصل العنصري الإسرائيلي واحتلاله غير القانوني، فضلاً عن استخدامها الأطفال الفلسطينيين كدروع بشرية وقتل وتشويه المتظاهرين المدنيين السلميين عمداً، حسب موقع The Intercept.
محامٍ آخر اعتبر أن إسرائيل هي التي تعرضت لإبادة جماعية!
وافتتح مالكولم شو، المحامي البريطاني الذي يمثل إسرائيل، دفاعه بمهاجمة إشارة جنوب أفريقيا يوم الخميس إلى ما وصفته بنكبة مستمرة منذ 75 عاماً يعيشها الفلسطينيون على يد إسرائيل. وقال شو عن هذا التوصيف إنه "مشين"، وإن "السياق" التاريخي الوحيد المهم هو أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، التي وصفها بـ"الإبادة الجماعية الفعلية في هذه الحالة".
وبالنظر إلى حصيلة القتلى المدنيين التي تسببت فيها إسرائيل في غزة- والتي تجاوزت 23 ألفاً حتى الأسبوع الماضي- كان ذلك تصريحاً صاعقاً. ووفقاً للإحصائيات الرسمية الإسرائيلية، قُتل نحو 1200 شخص في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول. وكان من بين هؤلاء 274 جندياً، و764 مدنياً، و57 شرطياً إسرائيلياً، و38 حارساً أمنياً محلياً. ولم يُحدَّد عدد الإسرائيليين الذين قُتلوا في حوادث "نيران صديقة" على يد الجنود الإسرائيليين الذين ردوا على هجمات حماس في ذلك اليوم، (والذي كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية أنه عدد كبير، وأن عمليات قتل الإسرائيليين على يد الجيش الإسرائيلي كانت عمدية، لأن مقاتلي حماس كانوا مندسين بينهم، وأن مشاهد القصف الإسرائيلي المحتمل لبيوت وسيارات الإسرائيليين وصفت بأنها تشبه عمليات القصف الإسرائيلية لغزة).
محاولة لصرف الانتباه عن النواحي الموضوعية والتركيز على الجوانب الشكلية للقضية
وأمضى شو جزءاً كبيراً من وقته يجادل بأن جنوب أفريقيا لم تتبع الإجراءات المقررة لتوجيه تهمة الإبادة الجماعية إلى المحكمة الدولية من طرف ثالث. واتهم حكومة جنوب أفريقيا بالتقاعس عن إجراء ما يكفي من اتصالات مباشرة مع إسرائيل لتبلغها بوجود خلاف بين الدولتين.
وقال إن جنوب أفريقيا "على ما يبدو تظن أن رقصة التانغو لا تحتاج إلى شخصين"، فقررت جنوب أفريقيا "من جانب واحدٍ وجود خلاف" بين إسرائيل وجنوب أفريقيا، رغم عروض إسرائيل "التصالحية والودية"، على حد تعبيره، للقاء جنوب أفريقيا ومناقشة مخاوفها إزاء حرب غزة. وهذا ينافي المنطق، خاصةً أن بريتوريا اتهمت إسرائيل علناً في نوفمبر/تشرين الثاني، بارتكاب جرائم إبادة جماعية، ودعت المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو. وردت إسرائيل بسحب سفيرها.
وصف دعوات المسؤولين الإسرائيليين إلى الإبادة الجماعية بأنها مجرد تصريحات عشوائية
وتطرق شو بعد ذلك إلى التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الإسرائيليون والتي قدمتها جنوب أفريقيا إلى المحكمة على أنها دليل على "نية الإبادة الجماعية". لكن شو وصف هذه التصريحات بأنها "تأكيدات عشوائية لا تثبت أن إسرائيل لديها أو كانت لديها النية لتدمير" الشعب الفلسطيني. وأكد أن أياً من هذه التصريحات لا يشكل سياسة رسمية للحكومة الإسرائيلية.
وقال إن العامل الوحيد المهم الذي على المحكمة مراعاته هو ما إذا كانت هذه التصريحات تعكس قرارات أو توجيهات رسمية صادرة عن القادة الإسرائيليين ومجلس الحرب. وأعلن شو أنها ليست كذلك، مستشهداً بعدة تصريحات إسرائيلية رسمية تأمر الجنود بالامتثال للقوانين الدولية وبذل الجهود لحماية المدنيين من الأذى أو الموت. لكنه تجاهل الرد على أدلة الفيديو، التي عرضها الفريق القانوني لجنوب أفريقيا والتي تظهر كيف نفذت القوات الإسرائيلية على الأرض تصريحات المسؤولين الإسرائيليين عن تدمير غزة أثناء فرض حصار على القطاع.
"لا داعي للمناقشات اللاهوتية".. هكذا حاول التقليل من دعوة نتنياهو لإبادة الفلسطينيين استناداً للتوراة
وتطرق المحامي البريطاني بشكل مباشر إلى استشهاد نتنياهو بقصة توراتية عن تدمير العماليق، يأمر فيها الله بني إسرائيل بأن "يهاجموا عماليق ويدمروا كل ما لهم تدميراً كاملاً. لا تُبقوا على أحد. اقتلوا الرجال والنساء والأطفال والرضع والبقر والغنم والجمال والحمير".
وقال شو إنه "لا ضرورة هنا لمناقشة لاهوتية". وقال إن جنوب أفريقيا أخرجت كلمات نتنياهو من سياقها، وتجاهلت الجزء الذي أكد فيه أن الجيش الإسرائيلي هو "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"، و"يفعل ما بوسعه لتحاشي إيذاء غير المتورطين".
والمغزى الضمني من حجة شو هو أن عبارات نتنياهو الجوفاء حول نبل جيش الدفاع الإسرائيلي تبطل بشكل أو بآخر، خطورة الاستشهاد بأمر توراتي لوصف عملية عسكرية ضد أشخاص وصفهم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بأنهم "حيوانات بشرية".
وكان بنيامين نتنياهو، عند إعلانه إطلاق الحرب البرية الواسعة، قد استشهد بالتوراة قائلاً: "عليكم بتذكر ما فعله العماليق بالإسرائيليين. نحن نتذكر، ونحن نقاتل".
كما قال نتنياهو إن جنود جيش الاحتلال جزء من إرث المحاربين اليهود الذي يعود تاريخه إلى 3000 عام منذ عهد يوشع بن نون".
ولهذا التصريح مغزى خطير، يمكن فهمه عبر مراجعة الأجزاء التي تتحدث عن العماليق في التوراة وما يجب أن يُفعل بهم من وجهة النظر الواردة فيها.
ففي كتاب صموئيل، الفصل 15، تقول الآية 3: "والآن اذهب واضرب العماليق، وحرموا كل ما لهم، ولا تعفوا عنهم. بل اقتلوا على السواء الرجل والمرأة، الطفل والرضيع، بقراً وغنماً، جملاً وحماراً".
والتحريم هنا بمعنى الإبادة.
ولقد استشهد موقع Medium الأمريكي بهذه الآية في تقرير سابق، وقال إن الآية تشرح بشكل مثاليٍّ موقف إسرائيل من الإبادة الجماعية ومن فلسطين وحرقها العشوائي للنساء والأطفال الفلسطينيين منذ عام 1947، وذلك استناداً إلى التوراة، ويقول تقرير الموقع إن مثل هذه الأعمال تجعل مجموعة من الصهاينة في العالم مكافئة بشكل جذري لتنظيم داعش، حسب تعبيره.
ويضيف الموقع: "تتضمن مثل هذه الآيات أيضاً قواعد الإبادة الجماعية والرجعية التي بررت الحرق العشوائي للنساء والأطفال اليابانيين بقنبلتين نوويتين. وهذا يجعل مجموعة من الليبراليين في العالم المسيحي الغربي مكافئة بشكل جذري لتنظيم داعش"، حسب وصفه.
اعتبر أوامر إسرائيل للفلسطينيين بإخلاء منازلهم قبل القصف لفتة إنسانية!
وبعد عرضه مجموعة من التصريحات الإسرائيلية العلنية عن حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، قال شو ساخراً: "نية إبادة جماعية؟".
ويعلق موقع The Intercept الأمريكي قائلاً: "وكأن هذه الكلمات والادعاءات تمحو بطريقة أو بأخرى ما يحدث على أرض الواقع ويشاهده العالم أجمع يومياً منذ أكثر من ثلاثة أشهر، إضافة إلى تصريحات متعددة تتضمن نية الإبادة الجماعية".
ويقول الموقع الأمريكي إنه بدون أي شعور بالخجل، وصف شو تصريحات إسرائيل التي تأمر الفلسطينيين في غزة بإخلاء منازلهم في الحال، بأنها لفتة إنسانية. وكانت جنوب أفريقيا وصفت أمر الإخلاء لأكثر من مليون شخص خلال مهلة قصيرة بأنه عمل من أعمال الإبادة الجماعية في حد ذاته.
آخر المدافعين عن إسرائيل يتهم جنوب أفريقيا بمحاولة فرض وقف إطلاق نار لصالح حماس
وأنهى كريستوفر ستاكر مرافعة دفاع إسرائيل أمام العدل الدولية باتهام جنوب أفريقيا بأنها تحاول فرض وقف لإطلاق النار من جانب إسرائيل فقط، وأن هذا سيمكّن حماس من أن تكون "حرة في مواصلة الهجمات، وهو أمر لديها نيّة معلنة لتفعله". وقال إن المذبحة بحق المدنيين والدمار في غزة الذي أشارت إليه جنوب أفريقيا لا يشكلان بطبيعتهما إبادة جماعية، وإنه "ليس من صلاحيات المحكمة" أن تصدر أمراً باتخاذ تدابير مؤقتة لتوجيه إسرائيل بوقف جميع العمليات العسكرية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.
وقال إن لإسرائيل حقاً مشروعاً في عمل عسكري بغزة تسعى جنوب أفريقيا إلى منعه، وإن أمر محكمة العدل الدولية بوقف جميع العمليات من شأنه أن يسبب "تحيزاً لا يمكن إصلاحه" ضد حقوق إسرائيل.
استعان بواحد من ألاعيب نتنياهو وهو تشبيه حربه على الفلسطينيين بالصراع ضد النازية
واستعان استاكر بواحدة من ألاعيب نتنياهو، فشبه حرب غزة بالحرب العالمية الثانية، قائلاً إن محكمة دولية تأمر إسرائيل بوقف العمليات في غزة يشبه أن تجبر محكمة في الأربعينيات الحلفاء في الحرب العالمية الثانية على الاستسلام لقوى المحور في أوروبا. وقال إن تعليق العمليات العسكرية "سيحرم إسرائيل من القدرة على مواجهة التهديد الأمني ضدها"، وسيسمح لـ"حماس "بارتكاب مزيد من الفظائع. وأضاف أن القرارات التي تطلبها جنوب أفريقيا فضفاضة، ولو نفذتها المحكمة الدولية، فإنها ستؤدي إلى تعطيل العمليات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية الأخرى بخلاف غزة. وقال ذلك كما لو أن إسرائيل تحمي نادياً ريفياً في الضفة الغربية من اللصوص والمخربين لا أنها تترأس نظام فصل عنصري غير قانوني يتعرض الفلسطينيون في ظله لظروف لا تختلف عن تلك التي شهدتها جنوب أفريقيا منذ عقود مضت.
ولو اتخذت المحكمة جانب إسرائيل ورفضت دعوى جنوب أفريقيا، فسوف تعتبر إسرائيل ذلك دليلاً على عدالة قضيتها. وإذا وافق القضاة على طلب جنوب أفريقيا بإصدار أمر بوقف الهجمات العسكرية الإسرائيلية، فسيُطرح السؤال حول ما إذا كانت إسرائيل ورعاتها في واشنطن العاصمة، سيحترمون القانون الدولي. ولو أننا تعلمنا شيئاً من التاريخ عن هذه المسألة، فمستقبل الفلسطينيين في غزة لا يبدو مشرقاً.