كيف تساعد “أمازون” و”جوجل” الاحتلال الإسرائيلي في تخزين معلومات استخباراتية عن كل إنسان في غزة؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/09/15 الساعة 13:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/09/15 الساعة 13:12 بتوقيت غرينتش
مليارات الملفات جمعت وخزنت عن سكان غزة لدى الخدمات السحابية في شركة أمازون/ تعبيرية٫ جيتي

في العاشر من يوليو/تموز الماضي، تحدثت قائدة وحدة مركز الحوسبة ونظم المعلومات في جيش الاحتلال الإسرائيلي في مؤتمر بعنوان "تكنولوجيا المعلومات لجيش الدفاع الإسرائيلي" في تل أبيب. وفي خطابها أمام حوالي 100 عسكري وصناعي، أكدت العقيد راشيلي ديمبينسكي علناً لأول مرة استخدام أن الجيش خدمات التخزين السحابي والذكاء الاصطناعي التي تقدمها شركات التكنولوجيا العملاقة٬ في هجوم إسرائيل المستمر على قطاع غزة. وفي العرض الذي قدمته ديمبينسكي ظهرت شعارات شركات Amazon Web Services التي تعرف اختصاراً بـ(AWS) وGoogle Cloud وMicrosoft أكثر من مرة.

وأوضحت ديمبينسكي في البداية أن وحدتها العسكرية، المعروفة باسم "مامرام" بالعبرية، تستخدم بالفعل "سحابة تشغيلية" مستضافة على خوادم عسكرية داخلية، بدلاً من السحابات العامة التي تديرها شركات مدنية. ووصفت هذه السحابة الداخلية بأنها "منصة أسلحة"، والتي تتضمن تطبيقات لتحديد الأهداف للقصف، وبوابة لعرض لقطات حية من الطائرات بدون طيار فوق سماء غزة، بالإضافة إلى أنظمة إطلاق النار والقيادة والتحكم.

لكن مع بداية الغزو البري لغزة في أواخر أكتوبر 2023، تابعت ديمبينسكي أنه سرعان ما أصبحت الأنظمة العسكرية الداخلية مثقلة بسبب العدد الهائل من الجنود والعسكريين الذين تمت إضافتهم إلى المنصة كمستخدمين، مما تسبب في مشاكل تقنية هددت بإبطاء الوظائف العسكرية الإسرائيلية. لذا قرروا أنهم بحاجة إلى "الخروج إلى العالم المدني"٬ وفقاً لوصفها. 

لذا سمحت الخدمات السحابية التي تقدمها شركات التكنولوجيا الكبرى مثل أمازون وجوجل وماكيروسوفت للجيش بشراء خوادم تخزين ومعالجة غير محدودة بنقرة زر، دون الالتزام بتخزين الخوادم فعلياً في مراكز الكمبيوتر التابعة للجيش.

كيف تخدم شركة "أمازون" الجيش الإسرائيلي في حربه على غزة؟

لكن الميزة "الأكثر أهمية" التي قدمتها شركات الحوسبة السحابية، كما قالت ديمبينسكي، كانت قدراتها المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي. وقالت مبتسمة: "لقد وصلنا بالفعل إلى نقطة حيث تحتاج أنظمتنا حقًا إلى هذه الثروة الهائلة من الخدمات والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي". وأضافت أن العمل مع هذه الشركات منح الجيش "فعالية عملياتية كبيرة جدًا" في قطاع غزة على حد تعبيرها.

ولم تحدد ديمبينسكي الخدمات التي تم شراؤها من شركات الحوسبة السحابية، أو كيف ساعدت الجيش. وفي تعليق لموقعي +972 وLocal Call الإسرائيليين أكد الجيش الإسرائيلي أن المعلومات السرية وأنظمة الهجوم المخزنة على السحابة الداخلية لم يتم نقلها إلى السحابة العامة التي توفرها شركات التكنولوجيا.

يقول موقع responsible statecraft الأمريكي إن هذين الموقعين أجريا تحقيقاً كشف أن الجيش الإسرائيلي قام في الواقع بتخزين المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها من خلال المراقبة الجماعية لسكان غزة على خوادم تديرها AWS التابعة لشركة أمازون. ويمكن للتحقيق أيضاً أن يكشف أن بعض مزودي السحابة قدموا ثروة من قدرات وخدمات الذكاء الاصطناعي لوحدات الجيش الإسرائيلي منذ بدء الحرب على غزة. 

ووصفت مصادر في وزارة الدفاع الإسرائيلية وصناعة الأسلحة الإسرائيلية وشركات السحابة الثلاث وسبعة مسؤولين استخباراتيين إسرائيليين شاركوا في العملية منذ بدء الغزو البري في أكتوبر، لموقعي +972 وLocal Call كيف يشتري الجيش موارد من القطاع الخاص لتعزيز قدراته التكنولوجية في زمن الحرب. وفقًا لثلاثة مصادر استخباراتية، فإن تعاون الجيش مع أمازون AWS وثيق بشكل خاص٬ حيث يوفر عملاق السحابة لمديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مزرعة خوادم تُستخدم لتخزين كميات كبيرة من المعلومات الاستخباراتية عن الفلسطينيين في الحرب.

وبحسب مصادر متعددة، فإن السعة الهائلة لنظام الحوسبة السحابية الخاص بأمازون AWS تسمح للجيش بالحصول على "تخزين لا نهاية له" لتخزين المعلومات الاستخباراتية عن "كل شخص" تقريباً في غزة. ووصف أحد المصادر الذي استخدم النظام السحابي أثناء الحرب الحالية قيامه "بطلبات من أمازون" للحصول على معلومات أثناء تنفيذ مهامه العملياتية، والعمل بشاشتين – إحداهما متصلة بأنظمة الجيش الخاصة، والأخرى متصلة بنظام AWS الخاص بأمازون.

مليارات الملفات جمعت وخزنت عن سكان غزة

وأكدت مصادر عسكرية أن نطاق المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها من مراقبة جميع السكان الفلسطينيين في غزة كبير للغاية بحيث لا يمكن تخزينها على خوادم عسكرية وحدها. وعلى وجه الخصوص، وفقًا لمصادر استخباراتية، كانت هناك حاجة إلى قدرات تخزين وقوة معالجة أكبر بكثير للاحتفاظ بمليارات الملفات الصوتية (غير المعلومات النصية أو البيانات الوصفية فقط)، مما أجبر الجيش على اللجوء إلى خدمات الحوسبة السحابية التي تقدمها شركات التكنولوجيا الأمريكية.

وقال مصدر عسكري إسرائيلي بأن الكم الهائل من المعلومات المخزنة في سحابة أمازون ساعدت حتى في حالات نادرة في التخطيط للغارات الجوية على غزة – وهي الغارات التي كانت تقتل وتؤذي المدنيين الفلسطينيين أيضاً. وبالنظر إلى كل هذا، فإن التحقيق الذي تحدثنا عنه٬ يكشف عن بعض الطرق التي تساهم بها شركات التكنولوجيا الكبرى في حرب إسرائيل المستمرة – وهي الحرب التي أشارت إليها المحاكم الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني.

"ادفع مليون دولار، واحصل على ألف خادم إضافي".. ما هو مشروع نيمبوس؟

في عام 2021، وقعت إسرائيل عقدًا مشتركًا مع جوجل وأمازون تحت اسم "مشروع نيمبوس". وكان الهدف المعلن للعطاء، الذي تبلغ قيمته 1.2 مليار دولار، هو تشجيع الوزارات الحكومية الإسرائيلية على نقل أنظمة المعلومات الخاصة بها إلى خوادم السحابة العامة للشركات الفائزة، والحصول على خدمات متقدمة منها.

لكن الصفقة كانت مثيرة للجدل إلى حد كبير، حيث وقع مئات العمال في كلتا الشركتين على رسالة مفتوحة في غضون أشهر تدعو إلى قطع العلاقات مع الجيش الإسرائيلي. وتزايدت احتجاجات موظفي أمازون وجوجل منذ 7 أكتوبر، وتم تنظيمها تحت شعار "لا للتكنولوجيا من أجل الفصل العنصري". في أبريل/نيسان الماضي، طردت شركة جوجل – التي تم إدراجها لفترة وجيزة كراعٍ لمؤتمر تكنولوجيا المعلومات للجيش الإسرائيلي الذي تحدث فيه ديمبينسكي، 50 موظفًا لمشاركتهم في احتجاج ضد الحرب٬ في مكاتب الشركة في نيويورك.

وذكرت تقارير إعلامية أن الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع سيقومان فقط بتحميل المواد "غير السرية" إلى السحابة العامة في إطار مشروع نيمبوس. لكن هذا التحقيق الذي تناوله موقع responsible statecraft الأمريكي٬ يكشف أنه منذ أكتوبر 2023 على الأقل، كانت شركات سحابية كبيرة تقدم خدمات تخزين البيانات والذكاء الاصطناعي لوحدات الجيش التي تتعامل مع المعلومات السرية. 

وقالت مصادر أمنية متعددة إن الضغط على الجيش الإسرائيلي منذ أكتوبر أدى إلى زيادة كبيرة في شراء الخدمات من Google Cloud وAWS من Amazon وMicrosoft Azure، حيث حدثت معظم المشتريات من الشركتين السابقتين من خلال عقد نيمبوس. وأوضح مصدر أمني أنه في بداية الحرب، كانت أنظمة الجيش الإسرائيلي مثقلة للغاية لدرجة أنهم فكروا في نقل نظام استخباراتي، والذي كان بمثابة الأساس للعديد من الهجمات في غزة، إلى خوادم سحابية عامة. وقال المصدر عن النظام: "كان هناك 30 ضعفاً من المستخدمين، لذلك انهار النظام".

يقول المصدر: "ما يحدث في السحابة هو أنك تضغط على زر، وتدفع ألف دولار آخر في ذلك الشهر، ويكون لديك 10 خوادم. بدأت الحرب؟ تدفع مليون دولار، ويكون لديك ألف خادم إضافي. هذه هي قوة السحابة. ولهذا السبب أثناء الحرب ضغط الناس في جيش الدفاع الإسرائيلي بشدة على العمل مع الخدمات السحابية".

جوجل وأمازون تقدمات الخدمات للجيش الإسرائيلي على الأرض 

وكجزء من شروط المناقصة، أنشأت الشركتان الفائزتان، جوجل وأمازون، مراكز بيانات في إسرائيل في عامي 2022 و 2023 على التوالي. وأوضح أناتولي كوشنير، المؤسس المشارك لشركة التكنولوجيا الإسرائيلية Comm-IT، التي تساعد الوحدات العسكرية على الانتقال إلى السحابة أن مشروع نيمبوس "أنشأ بنية تحتية" لمراكز كمبيوتر متقدمة تحت الولاية القضائية الإسرائيلية.

وقال إن هذا الترتيب يجعل من الأسهل على "الكيانات الأمنية، حتى الأكثر حساسية منها"، تخزين المعلومات في السحابة أثناء الحرب دون خوف من المحاكم الخارجية – والتي من المفترض أنها قد تطلب المعلومات في حالة رفع دعوى قضائية ضد إسرائيل.

وأضاف كوشنير: "خلال الحرب، نشأت احتياجات في الجيش لم تكن موجودة [من قبل]، وكان من الأسهل بكثير تنفيذها باستخدام هذه البنية التحتية، لأنها البنية التحتية لمالك عالمي يمكنه نقل الخدمات من الأبسط إلى الأكثر تعقيدًا". وأضاف أن هذه الشركات زودت الجيش الإسرائيلي بـ "الخدمات الأكثر تقدمًا" المتاحة، والتي تم استخدامها في حرب غزة الحالية.

وقد تسارع هذا التغيير الجذري في إجراءات الجيش بشكل كبير منذ بدء الحرب. ففي الماضي، قال كوشنير، كان الجيش يعتمد بشكل أساسي على الأنظمة التي طورها بنفسه، والمعروفة باسم "on-prem"، وهو اختصار لـ "on premises". ولكن هذا يعني أنه كان عليه الانتظار لشهور، إن لم يكن لسنوات، لبناء خدمات جديدة كان يفتقر إليها. من ناحية أخرى، في السحابة العامة، أصبحت قدرات الذكاء الاصطناعي والتخزين والمعالجة "أكثر سهولة في الوصول إليها".

وفي معرض تعليقه على تصريحاته، أوضح كوشنير أن "المعلومات الحساسة حقا، والأشياء الأكثر سرية، ليست موجودة [على السحابة المدنية]. الجانب التشغيلي ليس موجودا هناك بالتأكيد. ولكن هناك أمور استخباراتية يتم الاحتفاظ بها جزئيا هناك".

ولكن حتى داخل الجيش، أعرب البعض عن مخاوفهم بشأن احتمالات حدوث خرقاً للبيانات. وقال مصدر استخباراتي: "عندما بدأوا في التحدث إلينا حول السحابة، وسألنا عما إذا كانت هناك مشكلة تتعلق بأمن المعلومات في إرسال معلوماتنا إلى شركة خارجية، قيل لنا إن هذا [الخطر] ضئيل مقارنة بقيمة استخدامه".

"السحابة لديها معلومات عن الجميع في غزة"

وقالت مصادر إسرائيلية لموقعي +972 و Local Call إن معظم المعلومات الاستخباراتية للجيش الإسرائيلي عن الفلسطينيين مدنيين وعسكريين مخزنة على أجهزة الكمبيوتر الداخلية للجيش وليس السحابة العامة المتصلة بالإنترنت. ومع ذلك، وفقًا لثلاثة مصادر أمنية، فإن أحد أنظمة البيانات التي تستخدمها مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مخزنة على سحابة أمازون العامة، AWS.

لقد استخدم الجيش هذا النظام في غزة للمراقبة الجماعية منذ نهاية عام 2022 على الأقل، ولكن لم يكن يعتبر نظامًا عمليًا بشكل خاص قبل الحرب الحالية. الآن، وفقًا لهذه المصادر، يحتوي نظام أمازون على "مخزن لا نهائي" للمعلومات لاستخدام الجيش.

وأكدت مصادر دفاعية أن المعلومات الاستخباراتية المحفوظة على نظام AWS لا تزال تعتبر "ضئيلة" من حيث استخدامها العملياتي، مقارنة بما يتم الاحتفاظ به في الأنظمة الداخلية للجيش. ومع ذلك، قال ثلاثة مصادر شاركت في هجمات الجيش إنه تم استخدامها في عدد من الحالات لتوفير "معلومات تكميلية" قبل الغارات الجوية ضد عناصر عسكرية مشتبه بهم، والتي أسفر بعضها عن آلاف العديد من المدنيين.

وكما كشف موقعا +972 وLocal Call في تحقيق سابق، فإن الجيش الإسرائيلي سمح بقتل "مئات المدنيين" في هجمات ضد كبار قادة حماس على مستوى قائد لواء وأحيانًا حتى قائد كتيبة أو سرية. وفي بعض هذه الحالات، أوضحت مصادر أمنية، تم تشغيل سحابة أمازون والاستفادة منها في شن هذه الهجمات المميتة.

وتقول المصادر إن النظام القائم على نظام أمازون AWS مفيد بشكل خاص للمخابرات الإسرائيلية لأنه قادر على تخزين المعلومات "عن الجميع في غزة"، دون قيود على التخزين. 

مساحة تخزين لا نهاية لها في خدمة الجيش الإسرائيلي

يقول مصدر استخباراتي إسرائيلي آخر: "إن سحابة أمازون هي مساحة تخزين لا نهاية لها. حيث لا تزال هناك خوادم الجيش العادية، وهي كبيرة جدًا … ولكن أثناء جمع المعلومات الاستخباراتية، في بعض الأحيان، تجد شخصًا يثير اهتمامك، وتقول: "يا لها من مشكلة، إنه غير مدرج كهدف مراقبة، ليس لدي معلومات عنه". لكن السحابة توفر لك معلومات عنه، لأنها تحتوي على [معلومات عن] الجميع في غزة"٬ على حد تعبيره.

في السياق٬ دعا نائب قائد الوحدة 8200 الاستخباراتية الإسرائيلية في مقال كتبه في مجلة استخباراتية إسرائيلية تدعى (intelligence research) إلى "شراكات جديدة" مع مقدمي خدمات الحوسبة السحابية العامة، لأن "قدرات الذكاء الاصطناعي لديهم لا يمكن تعويضها" وتتفوق على قدرات الجيش. وألمح إلى أن شركات الحوسبة السحابية ستستفيد أيضًا من الشراكة مع الجيش: "تحتفظ أمان الاستخبارات العسكرية بمعظم البيانات في جيش الدفاع الإسرائيلي -بما في ذلك البيانات حول الأعداء، من مجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار- البيانات التي ستدفع الشركات المدنية ثروة للحصول عليها".

وقالت مصادر في صناعة التكنولوجيا الفائقة إن وزارة الدفاع الإسرائيلية تعتبر عميلاً مهماً و"استراتيجياً" لشركات الحوسبة السحابية الثلاث. وهذا ليس فقط بسبب النطاق المالي الكبير للمعاملات، ولكن لأن إسرائيل يُنظر إليها على أنها مؤثرة في تشكيل الرأي بين أجهزة الأمن في جميع أنحاء العالم وفي قيادة "الاتجاهات" التي تتبناها أجهزة أخرى. 

أحد الأشخاص الذين أداروا لسنوات سياسة المشتريات في وزارة الدفاع، وحافظوا على الاتصال بشركات الحوسبة السحابية العملاقة، هو العقيد آفي دادون، الذي تحدث إلى +972 وLocal Call لهذا التحقيق. حتى عام 2023، كان يرأس إدارة المشتريات في وزارة الدفاع وكان مسؤولاً عن المشتريات العسكرية التي بلغت أكثر من 10 مليارات شيكل (حوالي 2.7 مليار دولار) سنويًا.

يقول المصدر: "بالنسبة لشركات الحوسبة السحابية، فإن هذا هو أقوى تسويق. ما يستخدمه الجيش الإسرائيلي كان وسيظل أحد أفضل نقاط البيع للمنتجات والخدمات في العالم. بالنسبة لهم، إنه مختبر. بالطبع يريدون العمل معنا".

"مشاركة مباشرة في الأدوات المستخدمة لقتل الفلسطينيين"

في السنوات الأخيرة، لم تصبح أمازون شريكاً للجيش الإسرائيلي فحسب، بل أصبحت أيضًا مزودًا للخدمات السحابية للعديد من وكالات الاستخبارات الغربية. في عام 2021، وقعت AWS اتفاقية مع وكالات الاستخبارات البريطانية GCHQ و MI5 و MI6 لتخزين المعلومات "السرية" وتسريع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. 

وبالمثل، أعلنت الحكومة الأسترالية أنها ستستثمر 1.3 مليار دولار أمريكي لبناء سحابة للمواد الاستخباراتية "السرية للغاية" على خوادم أمازون. كما وقعت شركة التكنولوجيا العملاقة اتفاقية مع البنتاغون، إلى جانب ثلاث شركات كبيرة أخرى، لبناء سحابة عملاقة من شأنها أن تخدم وزارة الدفاع الأمريكية "لجميع مستويات التصنيف".

وتنشر أمازون قواعد غامضة حول "بناء الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول"، والتي تشير فقط إلى "الحصول على البيانات واستخدامها وحمايتها بشكل مناسب"، و"منع إخراج النظام الضار وإساءة استخدامه". فيما تنص مبادئ ونهج الذكاء الاصطناعي المسؤول لشركة مايكروسوفت على ما يلي: "نحن ملتزمون بضمان تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وبطرق تستحق ثقة الناس". 

كما تنشر جوجل قائمة بمبادئ الذكاء الاصطناعي الخاصة بها والتي تنص بشكل أكثر وضوحًا على أن جوجل "لن تصمم أو تنشر الذكاء الاصطناعي في التقنيات التي تسبب أو من المحتمل أن تسبب ضرراً عاماً… الأسلحة أو التقنيات الأخرى التي يكون الغرض الرئيسي منها أو تنفيذها هو التسبب في إصابة الأشخاص أو تسهيلها بشكل مباشر … التقنيات التي تجمع أو تستخدم المعلومات للمراقبة التي تنتهك المعايير المقبولة دوليًا … [أو] التقنيات التي يتعارض غرضها مع المبادئ المقبولة على نطاق واسع للقانون الدولي وحقوق الإنسان".

ومع ذلك، يقول غابرييل شوبينر، وهو ناشط في منظمة No Tech For Apartheid، إن هذه المبادئ "ليس لها تأثير حقيقي" لأن شركات الحوسبة السحابية التي "تستخدمها كعلاقات عامة لإظهار مدى مسؤوليتها".  مشيراً ليس لدى هذه الشركات أي وسيلة لمعرفة في الوقت الفعلي كيف يستخدم عملاؤها خدماتها.

ويقول شوبينر ـ الذي عمل سابقاً في جوجل وشارك في احتجاجات نظمها موظفو جوجل ضد توريد التكنولوجيا التي يقولون إن الجيش الإسرائيلي يستخدمها في حرب غزة٬ إن جوجل كانت تستخدم دائماً "لغة غامضة" عند بيان مبادئها الأخلاقية. ويضيف أن الشركة تواصل الزعم بأن عقودها مع إسرائيل "تهدف في المقام الأول إلى الاستخدام المدني، على الرغم من أنه من الواضح أن العديد من الإجراءات في نيمبوس تستهدف الاستخدام العسكري".

وقال نديم ناشف، المدير التنفيذي لمركز حملة – المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي، الذي يركز على الحقوق الرقمية الفلسطينية، إن مطلبه الأساسي من شركات الحوسبة السحابية هو "التأكد من عدم استخدام منتجاتها لإيذاء الناس"، وهو ما لا يحدث حاليًا في الممارسة العملية. وعلى الرغم من الخطاب حول الاهتمام بحقوق الإنسان، فإن منتجات شركات الحوسبة السحابية العملاقة تُباع "لحكومات وأنظمة تقمع الناس وتقتلهم٬ بما في ذلك الجيش الإسرائيلي". وبحسب ناشف، فإن التقارب الموجود في إسرائيل بين القطاع الخاص والجيش يسهل التعاون دون خطوط حمراء، مما يؤدي إلى "مزيد من السيطرة على الفلسطينيين وخاصة في خضم الحرب".

تحميل المزيد