كيف تتحايل أيباك لدعم مرشحيها في انتخابات التجديد النصفي الأمريكية في الخفاء؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/12/31 الساعة 11:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/12/31 الساعة 12:04 بتوقيت غرينتش
خطط أيباك الجديدة لدعم مرشحيها في الخفاء عبر منظمات مجهولة /عربي بوست

دفع الغضب الشعبي إزاء حرب الإبادة الجماعية في غزة اللوبيَّ المؤيد لإسرائيل في الولايات المتحدة، وفي مقدمته لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك)، إلى التخلي عن حملات الدعم العلنية التي تبنتها خلال الانتخابات السابقة لدعم مرشحي الكونغرس المؤيدين للاحتلال، وتبني استراتيجية حذرة لدعم مرشحيها عبر منظمات وقنوات أخرى مجهولة المصدر.

وعلى مدى عقود، كانت أيباك تعمل خلف الكواليس للضغط على النواب الأمريكيين وموظفيهم لدعم إسرائيل.

وأيباك هي منظمة أمريكية يهودية، وتُعدّ أقوى جماعات الضغط في الولايات المتحدة، وأكثرها تأثيراً. وتهدف المنظمة، التي تأسست عام 1953 بمبادرة من يشعيا كينن، وهو عضو سابق في اللجنة الصهيونية الأمريكية للشؤون العامة، إلى ضمان دعم أمريكي متواصل لإسرائيل.

بماذا يُبشّر تصفيق الكونغرس للإبادة الجماعية؟
الكونغرس الأمريكي خلال كلمة سابقة لنتنياهو/رويترز

خطة أيباك البديلة

وفي عام 2024، وفي خضم الغضب العام المتزايد إزاء حرب إسرائيل على غزة، أطلقت أيباك حملة علنية غير مسبوقة من خلال "مشروع الديمقراطية المتحدة"، وهي لجنة العمل السياسي الكبرى وذراع الإنفاق المستقل لأيباك، وأنفقت 100 مليون دولار لدعم مرشحين داعمين لإسرائيل، ونسبت لنفسها الفضل في دعم 361 مرشحاً مؤيداً لإسرائيل فازوا في مئات السباقات الانتخابية.

غير أن هذا الدعم قوبل باستياء شعبي واسع النطاق، وأشعل فتيل حركة متنامية تهدف إلى القضاء على نفوذ أيباك ودعم مرشحين مستقلين للكونغرس شريطة تعهدهم برفض دعم جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، وفق تقرير لموقع ذا إنترسبت الأمريكي.

والآن، ومع اقتراب انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، تراجعت أيباك ومرشحوها المفضلون عن الاستراتيجية الانتخابية الهجومية والعدوانية التي انتهجوها في الانتخابات السابقة.

وأوضح تقرير إنترسبت أن هذا التراجع لا يعني أن أيباك تخطط للتخلي عن نفوذها. فبينما لم تُعلن اللجنة تأييدها لأي مرشحين جدد في انتخابات التجديد النصفي المقبلة، فإنها تعمل سراً لدعم حملات مرشحيها المفضلين.

أيباك
لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية"- (أيباك) / رويترز

فعلى سبيل المثال، أقامت رئيسة مجلس إدارة أيباك في وقت سابق من هذا الشهر فعالية لجمع التبرعات لمرشحة لمجلس نواب ولاية إلينوي، التي صرّحت علناً بأنها لا تسعى للحصول على تأييد اللجنة. وفي دائرة انتخابية أخرى في الولاية نفسها، حشد مانحو أيباك الدعم لحملة أحد أقطاب العقارات للترشح للكونغرس.

وتمثل هذه التحركات أحدث سلسلة من التحولات الاستراتيجية التي أجرتها أيباك في السنوات الأخيرة أثناء تعاملها مع المشهد السياسي المتغير بشأن القضايا المتعلقة بإسرائيل، بحسب ذا إنترسبت.

تراجع العلامة التجارية

ونقل الموقع الأمريكي عن النائبة الديمقراطية السابقة عن ولاية إلينوي، ماري نيومان، قولها عن أيباك: "إنهم يدركون تماماً أن علامتهم التجارية في الحضيض".

وأضافت نيومان: "يُنظر إلى لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) نظرة سلبية في جميع أنحاء البلاد. فعندما تطرق الأبواب وتشارك في الحملات الانتخابية وتشارك في التجمعات الانتخابية هنا، يقول الديمقراطيون الوسطيون العاديون: "لا، لا مزيد من أيباك ولا مزيد من لجان العمل السياسي".

يُذكر أنه في الوقت الذي شهد فيه الدعم الشعبي الأمريكي لإسرائيل تراجعاً حاداً في الآونة الأخيرة بسبب الحرب التي دامت عامين على غزة، بدأ عدد ملحوظ من نواب الحزب الديمقراطي الأمريكي التخلي عن الدعم المادي الذي تقدمه أيباك.

ورصدت تقارير أمريكية عدداً من مظاهر هذا النهج الذي تبناه نواب ديمقراطيون في الكونغرس، ومن أبرزهم زعيم الأقلية في مجلس النواب، حكيم جيفريز.

جماعات الضغط
أبرز جماعات الضغط "اللوبيات" في أمريكا/ عربي بوست

وعلّقت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية على تغير الموقف الديمقراطي في الكونغرس بقولها: "مع التراجع الجذري الذي يشهده الدعم الأمريكي لإدارة الحكومة الإسرائيلية للحرب في غزة، وتراجع دعم الناخبين الديمقراطيين للدولة اليهودية بشكل حاد، أصبحت أيباك علامة تجارية سامة بشكل متزايد بالنسبة لبعض الديمقراطيين في الكونغرس".

وقالت لارا فريدمان، رئيسة مؤسسة السلام في الشرق الأوسط، إن مجرد رفض تلقي أموال من أيباك لن يكون كافياً ليكون المعيار الجديد للمرشحين التقدميين لفترة طويلة.

وأضافت فريدمان أن التعهد بعدم قبول أموال المجموعة "لا يعني شيئاً" في حد ذاته. وتابعت: "ما يهم هو موقف المرشحين، أو شاغلي المناصب الذين يسعون للعودة إليها، من القضايا المطروحة".

وقال حامد بنداس، مدير الاتصالات في مشروع سياسات معهد فهم الشرق الأوسط: "نشهد تزايداً في عدد الديمقراطيين الذين يرفضون تلقي أموال لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) لأنها أصبحت عبئاً انتخابياً".

وأضاف بنداس: "غير أنه من غير الواضح ما إذا كانوا سيحافظون على هذا الموقف برفضهم الدعم من منظمات أخرى — وعلى رأسها، وإن لم يقتصر الأمر عليها، "الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل" — التي تتبنى أجندات سياسية مماثلة لأيباك، لا سيما في ما يتعلق بتزويد إسرائيل بالمزيد من الأسلحة".

منظمات بديلة

وبتغيير نهجها من حملات الدعم العلنية إلى الدعم الخفي، تكون أيباك قد عادت إلى استراتيجية اتبعتها في الانتخابات السابقة، حيث كانت توجه الأموال إلى المرشحين عبر قنوات أخرى لإبعاد اسمها عن السباق الانتخابي.

ودعم مانحو أيباك مرشحيها من خلال التبرع لجماعات تمويل سياسي مجهولة المصدر لا علاقة لها ظاهرياً بالسياسة الإسرائيلية، مثل لجنة العمل السياسي "314 أكشن".

وقالت نيومان: "نعلم أن أيباك تدرك مدى سوء سمعتها، لدرجة أنها تسحب علامتها التجارية من الحملات الانتخابية، وتوجه أموالها عبر لجان العمل السياسي الأخرى والجهات المانحة مثل منظمة 314 أكشن، والعديد من لجان العمل السياسي الصغيرة، وبالطبع أعضاء أيباك الأفراد الذين يتبرعون، لأن المرشحين يستطيعون القول إنهم تلقوا أموالاً من مانحين، وليس من أيباك، لتجنب ربط أسمائهم بها".

ولا تتراجع أيباك بالضرورة تحت وطأة الانتقادات، بل تعود إلى الطريقة التي كانت تعمل بها قبل أن تبدأ الإنفاق مباشرة على الانتخابات في انتخابات عام 2022.

فقبل إطلاق لجنتها السياسية ولجانها التابعة، كانت أيباك ناشطة في السياسة لأكثر من نصف قرن، وتعمل بهدوء في أروقة الكونغرس وحول واشنطن العاصمة، لتأسيس واحدة من أنجح أجهزة الضغط في البلاد.

وانطلقت أيباك في البداية بوصفها وسيلة لمواجهة التغطية الإعلامية السلبية لإسرائيل، وسرعان ما وسّعت نطاق تركيزها ليشمل التأثير في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل.

ورسّخت أيباك مكانتها مصدراً رئيسياً للمعلومات حول قضايا الشرق الأوسط لأعضاء الكونغرس، وأنشأت مكاتب إقليمية في جميع أنحاء البلاد، منشّطةً شبكة من النشطاء المحليين المؤيدين لإسرائيل.

ودأبت أيباك على ممارسة الضغط على الرؤساء ومكاتب الكونغرس، وموّلت رحلات إلى إسرائيل لأعضاء الكونغرس، واستضافت أعضاءً لإلقاء كلمات في مؤتمرها السياسي السنوي، موسّعةً بذلك نفوذها في أروقة السلطة دون الخوض في السياسة الانتخابية.

لكن هذا النهج تغيّر مع تزايد عدد المرشحين الذين بدأوا حملاتهم الانتخابية بانتقاد الدعم العسكري الأمريكي غير المشروط لإسرائيل في أواخر العقد الأول من الألفية الثانية.

وحينها، بدأت أيباك بالإنفاق على الحملات الانتخابية، بدءاً بتمويل إعلانات تابعة لمنظمة "الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل"، التي هاجمت بيرني ساندرز في ولاية نيفادا خلال حملته الانتخابية التمهيدية الرئاسية لعام 2020.

تحميل المزيد