ما زال تشكيل قوة حفظ السلام في غزة وفقاً لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يواجه عقبات عدة، وبعد تقديمها اقتراحاً بمنح تفويض من الأمم المتحدة لقوة حفظ السلام الدولية، قامت الولايات المتحدة بوضع تعديلات للمرة الثانية عليه، لكنها تواجه حتى اللحظة معارضة من روسيا والصين ودول عربية.
وفي 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، قدمت الولايات المتحدة مشروع القرار والذي يتضمن أن القوة الدولية ستكون "قوة إنفاذ"، وليس قوة حفظ سلام.
وينص البند 15 من خطة ترامب، على أن الولايات المتحدة مع شركائها العرب والدوليين لإنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة للانتشار فوراً في غزة.
وبموجب البند، فإن هذه قوة حفظ السلام الدولية ستقوم بتدريب ومساندة قوات الشرطة الفلسطينية في غزة ثم فحصها، وستتشاور مع الأردن ومصر اللذين لديهما خبرة كبيرة في هذا المجال، وستكون هذه القوات هي الحل طويل الأمد لتوفير المتطلبات الأممية.
كما يتضمن البند، أن قوة حفظ السلام الدولية ستعمل مع إسرائيل ومصر في تأمين المناطق الحدودية مع الشرطة الفلسطينية مع قوات الشرطة الفلسطينية المدربة حديثاً، لمنع دخول السلاح إلى غزة، وتسهيل الدخول السريع والآمن للبضائع لإعادة بناء وتنشيط غزة.
لكن مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة في مجلس الأمن، بشأن مهام القوة الدولية بغزة، يتضمن:
- تأمين حدود غزة مع إسرائيل ومصر، وحماية المدنيين والممرات الإنسانية.
- تدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة، وشراكتها في هذه المهمة.
- العمل على استقرار البيئة الأمنية في غزة من خلال ضمان عملية نزع السلاح، ما في ذلك تدمير البنية التحتية العسكرية والهجومية ومنع إعادة بنائها.
- نزع الأسلحة بشكل دائم من الجماعات المسلحة غير الحكومية.
- القوة الدولية ستكون مخولة "باستخدام جميع التدابير اللازمة لتنفيذ ولايتها ما يتفق مع القانون الدولي، ما في ذلك القانون الإنساني الدولي".
ما هي التعديلات في المسودة الأخيرة بمشروع القرار الأمريكي؟
بحسب وكالة "أسوشيتد برس"، فإن المسودة الأخيرة، أبقت على اللغة المستخدمة في صياغة مشروع القرار مع توفير المزيد من الالتزام بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، ورغم ذلك فإن اللغة لا تزال ضعيفة.
في البند الأول من مسودة القرار، تم إضافة "الحفاظ على وقف إطلاق النار"، بعد أن كان في الأولى تدعو فقط جميع الأطراف إلى تنفيذ خطة ترامب بالكامل، بحسن نية ودون تأخير.
أما في البند الثاني، فتشير مسودة القرار الجديدة، تأكيد واشنطن على إمكانية ما تسميه "مساراً موثوقاً به نحو تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية".
كما أشار البند إلى أن واشنطن ستنشئ مسار حوار بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي يضمن التعايش السلمي والمزدهر.
وتضمن أيضاً إضافة أنه "سيعمل "مجلس السلام" كهيئة حاكمة انتقالية لغزة إلى حين إتمام السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي وتمكنها من تولي زمام الأمور "بشكل آمن وفعال".
وتضيف المسودة أنه بمجرد أن تُنجز السلطة الفلسطينية خطة الإصلاح وتتقدم التنمية في غزة، "قد تتهيأ الظروف أخيراً لمسار موثوق نحو تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية".
كما توضح الفقرة الخامسة، من مسودة القرار المعدلة أن سلطة مجلس السلام وإشرافه "انتقالية".
وفي البند السابع من القرار عدل النص على أن الانسحاب الإسرائيلي سيحدث مع "إرساء قوة الاستقرار السيطرة والاستقرار"، وتؤكد أن هذه الخطوة ستستند إلى "معايير وجداول زمنية مرتبطة بنزع السلاح ومتفق عليها" بين إسرائيل وقوة تثبيت الاستقرار والولايات المتحدة وجهات أخرى.
ما المعيقات التي تحول دون إقرار قوة حفظ السلام بمجلس الأمن؟
المقترح الأمريكي في مجلس الأمن، يواجه معارضة من روسيا والصين وبعض الدول العربية، وبحسب "أسوشيتد برس"، فإن هذه الدول أعربت عن معارضتها الكاملة لمشروع القرار، فيما قدم جميع الأعضاء الآخرين بمجلس الأمن، باستثناء دولتين، تعديلات.
أولاً: الموقف من "مجلس السلام"
ووفقاً للوكالة الأمريكية، فإن الصين وروسيا، دعتا إلى إزالة "مجلس السلام" بموجب خطة ترامب، من القرار بالكامل، وفقاً لما نقلته من أربعة دبلوماسيين.
حيث تعرب هذه الدول عن قلقها إزاء ما يسمى "مجلس السلام" الذي لم يتم إنشاؤه بعد، وعدم وجود أي دور انتقالي للسلطة الفلسطينية.
فيما طلبت دول أخرى في مجلس الأمن توضيحات إضافية بشأن "مجلس السلام"، ما في ذلك من سيشكله وكيفية عمله، والمسودة الجديدة لم تجرِ أي تغيرات جوهرية بشأنها.
ثانياً: رفض المشاركة في قوة "فرض" السلام
إلى ذلك ترفض الدول العربية وغيرها من الدول، المشاركة في قوة حفظ السلام، دون الحصول على التفويض عبر مجلس الأمن.
من جانبها، تعارض إسرائيل قوة مثل عملية حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، "اليونيفيل"، والتي كان دورها في المقام الأول هو المراقبة، ووفقاً للإسرائيليين، لم تكن لديها الإرادة ولا التفويض لمواجهة حزب الله.
كما أعلنت الإمارات والأردن، أنها لن تشارك في قوة دولية مسلحة في قطاع غزة.
وتقول القناة 12 العبرية، إن المصريين وكذلك السعوديين سيترددون في قبول هذه المهمة، ونقلت عن شخصية رفيعة المستوى في الحكومة الإندونيسية، أنها غير متحمسة بالمشاركة.
في هذا الإطار، يقول إيران ليرمان نائب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، إن "الشركاء العرب، لم يطلقوا النار على حماس، هذا ما نعرفه".
وخلال زيارته لدولة الاحتلال، صرح نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، بأن الولايات المتحدة لن تنشر قوات في غزة. كما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن بلاده مستعدة لتدريب القوات الفلسطينية على حفظ الأمن في غزة، لكنه لم يلتزم بإرسال قوات فرنسية إلى غزة.
فيما نقلت الوكالة الأمريكية، أن موسكو وبكين طلبتا حذف أكثر من نصف مشروع القرار، ولا تريدان سوى قوة حفظ السلام الدولية، وتقديم تقاريرها إلى مجلس الأمن.
وفي المقابل، فإن إسرائيل لها معاييرها الخاصة، فهي تفضل قوات من دول عربية صديقة تربطها بها علاقة جيدة، مثل مصر والأردن والإمارات، بحسب صحيفة "فورين بوليسي".
ونقلت الصحيفة عن ليرمان، أن الإسرائيليين سيرحبون بـ"الإندونيسيين والأذربيجانيين"، لكنهم غير متأكدين بشأن الباكستانيين، فيما ترى إسرائيل أن وجود قوة تركية على الأرض في غزة سيعزز حماس ويعزز التهديد الأمني بدلاً من أن يُضعفه.
ثالثاً: مسار إقامة دولة فلسطينية مستقلة
كما برزت نقاط خلاف حول قضايا أخرى، وهي:
- مسار إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
- الجدول الزمني لانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
ورغم أن مسودة القرار الأمريكي، تستجيب لتلك القضايا، إلا أنه لم يضع تصوراً بشأن دولة فلسطينية مستقلة مستقبلية، بحسب الوكالة الأمريكية.
وفي هذا الإطار، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يعارض قيام دولة فلسطينية، وحكم السلطة الفلسطينية لقطاع غزة، التي تدير أجزاءً من الضفة الغربية.
رابعاً: مشروع قرار مضاد من روسيا
إلى ذلك، وزعت روسيا مشروع قرارها الخاص إلى أعضاء مجلس الأمن، بشأن اتفاق إنهاء الحرب في غزة.
واللافت أن المقترح الروسي يتناقض مع مشروع القرار الذي روجت له الولايات المتحدة بشأن قوة حفظ السلام الدولية في قطاع غزة، وفقاً لنسخة الوثيقة الروسية التي حصلت عليها القناة 12 العبرية.
ويشكل مشروع القرار الروسي، عقبة كبيرة أمام مشروع القرار الأمريكي، وسوف يؤخر التصويت عليه في مجلس الأمن، بل وقد يعرقل حتى تنفيذ خطة ترامب لإنهاء الحرب.
وتشير التقديرات الإسرائيلية، إلى أن مشروع القرار الروسي تم تنسيقه مع الصين، بعد فشل المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن مشروع القرار الأمريكي.
ووفقاً للقناة 12 العبرية، فإن:
- مشروع القرار الروسي لا يتطرق إطلاقاً إلى ضرورة نزع السلاح من قطاع غزة أو نزع سلاح حركة حماس.
- في حين ركز المشروع الأمريكي على القوة الدولية التي سيتم نشرها في غزة ومجلس السلام الذي سيشرف على حكومة التكنوقراط التي ستدير غزة، فإن المشروع الروسي يرفض الأفكار الأمريكية بشأن مجلس السلام، وينقل سلطة التفويض لنشر قوة حفظ السلام الدولية إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
- يرفض المشروع الروسي آليات الانسحاب الإسرائيلي وفقاً لخطة ترامب، و"الخط الأصفر"، أو وجود أي منطقة عازلة على الحدود بين قطاع غزة وإسرائيل.
- ينص مشروع القرار الروسي على رفض أي محاولة للتغيير الديمغرافي في قطاع غزة، ما في ذلك أي عمل من شأنه تقليص مساحة القطاع.
- يركز المشروع الروسي أيضاً على قضايا سياسية أوسع ويؤكد بشكل أكثر وضوحاً على حل الدولتين، وأن قطاع غزة يجب أن يكون تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية.
- يؤكد مشروع القرار الروسي، على أهمية وحدة وسلامة أراضي قطاع غزة والضفة الغربية تحت السلطة الفلسطينية.