لا يزال الحديث جارياً بشأن تشكيل قوة الاستقرار الدولية، التي نصّت على وجودها في غزة خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني، بهدف حفظ الأمن وتسهيل توزيع المساعدات، وسط حالة من الغموض والتخوّفات لدى العديد من الدول العربية والإسلامية التي أبدت تحفظها على المشاركة في هذه القوة خشية أن يُنظر إليها باعتبارها "قوة احتلال".
وبينما لم تتطرق الوفود المشاركة في مفاوضات المرحلة الأولى من اتفاق إنهاء الحرب في غزة لمسألة القوة الدولية، يُتوقع أن تشمل مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق تفاصيل بشأن انتشارها في غزة، وما هية الدول المشاركة في تشكيلها.
وتشهد إسرائيل حالياً جولات مكثفة من زيارات لمسؤولين أمريكيين، في مقدمتهم نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، ووزير الخارجية، ماركو روبيو، للدفع نحو تثبيت وقف إطلاق النار والبدء في مفاوضات المرحلة الثانية من الاتفاق.
⭕️ نائب الرئيس الأمريكي: وقف إطلاق النار في #غزة صامد ونرفض ضم الضفة الغربية
— عربي بوست (@arabic_post) October 23, 2025
◾️ أكّد نائب الرئيس الأمريكي، اليوم، أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة "صامد"، وأن كلاً من إسرائيل وحركة #حماس يحترمانه رغم بعض الخروقات الفردية.
◾️ وقال إن الاتفاق لا يزال مستقراً بفضل الالتزام النسبي من… pic.twitter.com/demO80aqZO
وبينما أشارت تقارير أمريكية إلى أن دولاً عدة أعربت عن اهتمامها بالانضمام إلى القوة الدولية، وفقاً لمصادر مطلعة نقلت عنها صحيفة وول ستريت جورنال، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن دبلوماسيين ومسؤولين آخرين مطّلعين من عدة دول أنه لم يتم تحقيق سوى تقدم ضئيل بشأن موعد تجميع القوة بسبب عدم وضوح مهمتها، وهو ما يبدو أنه العقبة الأكثر خطورة.
يُذكر أن فكرة نشر قوة حفظ سلام دولية في غزة كانت قيد النقاش منذ بدء الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأشارت مقترحات مختلفة من فرنسا والولايات المتحدة ودول أخرى إلى ضرورة تشكيل مثل هذه القوة سريعاً في اليوم التالي للحرب.
ماذا قالت خطة ترامب عن قوة الاستقرار الدولية؟
نصّ البند الـ15 من خطة ترامب على ما يلي:
- ستعمل الولايات المتحدة مع الشركاء العرب والدوليين على إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة (ISF) للانتشار الفوري في غزة.
- ستقوم هذه القوة بتدريب ودعم قوات الشرطة الفلسطينية في غزة، وستتشاور مع الأردن ومصر اللتين تتمتعان بخبرة واسعة في هذا المجال، وستكون هذه القوة الحل الأمني الداخلي طويل الأمد.
- ستعمل قوة الاستقرار الدولية مع إسرائيل ومصر للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية، إلى جانب قوات الشرطة الفلسطينية المدرّبة حديثاً.
- تتكفل القوة بمنع دخول الأسلحة إلى غزة وتسهيل التدفق السريع والآمن للبضائع لإعادة إعمار غزة وإنعاشها.
- سيتم الاتفاق على آلية لفض النزاع بين الطرفين.
وإلى جانب دورها كقوة حفظ سلام، ستكون قوة الاستقرار الدولية حلقة وصل بين الهيئة الانتقالية الدولية أو مجلس السلام، المُرشّحة لإدارة الحكم في غزة بعد نهاية الحرب الإسرائيلية، وحكومة فلسطينية تكنوقراطية ستتولى السيطرة على غزة، وفق تقرير لوكالة الأنباء اليهودية.
وستخضع القوة الدولية للسلطة المباشرة لمجلس السلام.
من هي الدول المرشحة للانضمام إلى القوة الدولية؟
رغم عدم إعلان أي من الدول حتى الآن بشكل رسمي مشاركتها ضمن قوة الاستقرار الدولية باستثناء إندونيسيا، برزت أسماء دول عدة مرشحة للانضمام إلى القوة، وفي مقدمتها:
- مصر
- تركيا
- أذربيجان
- باكستان
- ماليزيا
وقال الرئيس الإندونيسي، برابوو سوبيانتو، خلال خطاب ألقاه في الأمم المتحدة الشهر الماضي، إن بلاده مستعدة لنشر 20 ألف جندي أو أكثر "للمساعدة في تأمين السلام في غزة" ومناطق الحرب الأخرى.
ونقلت مجلة بوليتيكو عن مسؤول دفاعي أمريكي أن إندونيسيا وأذربيجان وباكستان تُعدّ من أبرز الدول المرشحة لإرسال قوات إلى غزة.

وقال المسؤول الدفاعي الأمريكي إن المفاوضات بشأن تشكيل القوة متواصلة، ولم تُقدّم أي دولة التزاماً ثابتاً.
وقال دان شابيرو، المسؤول الأعلى السابق لشؤون الشرق الأوسط في البنتاغون خلال إدارة بايدن: "يتطلب الأمر شهرين إلى ثلاثة أشهر لتشكيل القوة بدءاً من اليوم الذي يتم فيه اتخاذ القرار بشأن من سيشارك".
وبشأن مشاركة مصر في تشكيل القوة الدولية، قال دبلوماسيون لصحيفة الغارديان إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يستعد لتقديم اقتراح بدعم أوروبي وأمريكي لمنح قوة الاستقرار الدولية المقرّر إنشاؤها صلاحيات قوية للسيطرة على الأمن داخل غزة، وسط توقعات قوية بأن تتولى مصر قيادة هذه القوات.
وتضغط الولايات المتحدة من أجل أن تحظى هذه القوة بتفويض من الأمم المتحدة دون أن تكون قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة بشكل كامل، وستعمل بذات الصلاحيات الممنوحة للقوات الدولية العاملة في هايتي لمحاربة العصابات المسلحة.
ووفقاً لصحيفة الأخبار اللبنانية، تشترط الحكومة المصرية للمشاركة في أي قوة دولية في غزة وجود "توافق دولي" عليها، ومهمات وصلاحيات واضحة، مع رفضها المطلق وجود قوات إسرائيلية إلى جانب تلك القوة في أي موقع داخل القطاع.
وبحسب مصدر مصري تحدّث إلى صحيفة الأخبار، فإن "القاهرة ترفض تماماً الانخراط في قوة دولية يكون هدفها تدمير بنية المقاومة الفلسطينية أو الاشتباك معها نيابةً عن الاحتلال، وتتمسّك بعدم المساس بنفسها بما تبقّى من البنية التحتية للفصائل".
وفيما يتعلق بتركيا، ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى معارضته لأي دور لقوات الأمن التركية في قطاع غزة.
وقال نتنياهو، الأربعاء 22 أكتوبر/تشرين الأول، في معرض رده على سؤال حول فكرة وجود قوات أمن تركية في غزة، خلال مشاركته في مؤتمر صحفي مع نائب الرئيس الأمريكي: "سنقرر هذا الأمر معاً… لدي آراء قاطعة حول ذلك. هل تريد أن تخمّن ما هي؟".

فيما قال فانس إن تركيا سيكون لها "دور بنّاء" مع الدخول في المرحلة التالية من اتفاق وقف إطلاق النار.
وتقول تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي الذي ساعد في إقناع حماس بقبول خطة ترامب، إنها ستشارك في قوة العمل الدولية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار، وإن قواتها المسلحة يمكن أن تعمل بصفة عسكرية أو مدنية، حسبما تقتضي الحاجة، بحسب وكالة رويترز.
فيما لا يُتوقّع أن تُشارك قوات أوروبية ضمن القوة الدولية، وإن كانت بريطانيا قد أرسلت مستشارين لتقديم الدعم لمركز التنسيق الدولي الذي تديره الولايات المتحدة داخل إسرائيل للإشراف على تنفيذ اتفاق إنهاء الحرب في غزة.
وتشير التقديرات إلى أن القوة ستشمل ما لا يقل عن ثلاث إلى أربع فرق عسكرية، بالإضافة إلى الأصول البحرية والدعم الجوي، للقيام بدورها بفعالية، بحسب تقرير وكالة الأنباء اليهودية.
ما هي أبرز التحديات التي تواجه تشكيل قوة الاستقرار الدولية؟
تشكل حالة الارتباك بشأن مهام القوة الدولية، وخشية العديد من الدول، خاصة العربية والإسلامية، أن يُنظر إليها باعتبارها "قوة احتلال"، أبرز العقبات التي تحول دون المضيّ قدماً في تشكيل قوة الاستقرار الدولية.
وبحسب ما أشار إليه المصدر المصري لصحيفة الأخبار، فإن بعض الدول الإسلامية مثل إندونيسيا وتركيا أبدت استعدادها للمشاركة في القوة المُزمع تشكيلها "بشرط وجود ضمانات واضحة وتفادي أي احتكاك مع القوات الإسرائيلية".

وقال ممثلون من عدة دول من المرجّح أن تشارك في هذه القوة، بشكل خاص لصحيفة نيويورك تايمز، إنهم لن يلتزموا بإرسال قوات حتى تتضح الصورة بشكل أكبر بشأن ما يُتوقع من القوة أن تفعله بمجرد وصولها إلى غزة.
ورأى محللون أن الدول العربية لن تنشر جنودها على الأرجح في غزة إذا لم تكن مشاركتها مرتبطة بالمسار المؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية ــ وهو ما تعارضه حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
وقال غيث العمري، الخبير في الشؤون الفلسطينية والباحث البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مركز أبحاث متخصص في شؤون الشرق الأوسط في واشنطن: "إن التدخل العسكري في غزة محفوف بالمخاطر السياسية للدول العربية. فهم لا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم ينفذون أعمال إسرائيل القذرة. لذا، فهم بحاجة إلى دعوة فلسطينية وتفويض من مجلس الأمن الدولي".
وأضاف، وفق ما نقلت نيويورك تايمز: "إنهم لا يريدون أيضاً أن تقتصر مساهمتهم على تأمين وقف إطلاق النار الذي لا يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي".