يواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي تحديات عملياتية في هجومه العسكري على مدينة غزة "عربات جدعون 2″، وفي الوقت الذي رفض فيه مئات آلاف الفلسطينيين النزوح من المدينة بعد أوامر إسرائيلية متكررة، ذهب رئيس أركان الجيش إيال زامير لدعوتهم بـ"التمرد على حركة حماس".
وفي 8 أغسطس/آب الماضي، أقرت الحكومة الإسرائيلية خطة طرحها رئيسها بنيامين نتنياهو لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل تدريجياً، بدءاً بمدينة غزة، التي يسكنها نحو مليون فلسطيني.
ومنذ 11 أغسطس/آب 2025، بدأ الاحتلال الإسرائيلي عمليته "عربات جدعون 2" في مدينة غزة، وتقتضي الخطة نشر 6 فرق عسكرية، وهي: 162، و36، و98، فرقة غزة، و99، و146.
وفي 5 سبتمبر/أيلول 2025، شرع الاحتلال الإسرائيلي في عملية تدمير تدريجية مكثفة للأبراج السكنية بمدينة غزة، وتوعّد بعدها وزير الجيش يسرائيل كاتس بـ"أبواب الجحيم" على مدينة غزة.
وفي 15 سبتمبر/أيلول، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدء المرحلة الثانية من احتلال مدينة غزة، والتي تشكّل المرحلة الأساسية من خطة الجيش للسيطرة على المدينة.

وفي 21 سبتمبر/أيلول، أعلن جيش الاحتلال تعميق عملياته العسكرية في مدينة غزة عبر إدخال قوات إضافية، فيما قالت مواقع إسرائيلية إن 70 ألف جندي يتواجدون داخل مدينة غزة.
وفي 23 سبتمبر/أيلول، أعلن جيش الاحتلال مقتل أول أحد عناصره، وهو قائد سرية في الكتيبة 77 التابعة للواء المدرع السابع، في مدينة غزة، بعد إطلاق قذيفة "آر بي جي" على دبابة.
وفي 25 سبتمبر/أيلول، أعلن الجيش مقتل جندي آخر في الكتيبة 932 التابعة للواء ناحال، جراء المعارك الدائرة في مدينة غزة.
أين وصل الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة؟
في 25 سبتمبر/أيلول 2025، قال الجيش الإسرائيلي إن الفرق 162، و98، و36 تواصل القتال في عمق مدينة غزة، أما الفرقة 99 فإنها تواصل عملها من المحور الشمالي للمدينة.
أولاً: محور الجنوب الغربي
تتمركز آليات الاحتلال عند مقر الإذاعة والتلفزيون مقابل دوّار الـ17 في حي تل الهوى، لكن دون تقدم نحو جهة الغرب.
وخلال الأيام الماضية، قام جيش الاحتلال باقتحام "المستشفى الأردني"، وتدمير المباني السكنية في محيطه.
وفي بيان سابق، قالت جمعية الهلال الأحمر إن آليات الاحتلال الإسرائيلي تتمركز عند البوابة الجنوبية لمستشفى القدس.
كما تتواجد آليات الاحتلال في وسط شارع الجامعة الإسلامية، وكذلك في منطقة وزارة الأسرى، وشارع الصناعة.
ثانياً: المحور الشمالي الشرقي (الشيخ رضوان)
يتركز نشاط جيش الاحتلال في منطقة شارع النفق في حي الشيخ رضوان، وكذلك شارع الجلاء في محيط مفترق الصاروخ.
ثالثاً: المحور الشمالي الغربي
تستمر العمليات في مناطق المقوسي والكرامة وصولاً لأحياء النصر والشاطئ وشارع الشفاء، حيث تتمركز آليات الاحتلال عند مفترق الشباب والرياضة.
وبذلك يكون جيش الاحتلال قد تقدم مئات الأمتار انطلاقاً من منطقة المخابرات وأبراج المقوسي، باتجاه الجنوب.
وتشهد أحياء النصر والشيخ رضوان ومخيم الشاطئ قصفاً عنيفاً من جيش الاحتلال عبر الطائرات الحربية والمدفعية الإسرائيلية.
أين يتواجد الفلسطينيون في مدينة غزة؟
رغم تسجيل حركة نزوح واسعة خلال الأيام والأسابيع الماضية، إلا أن عدداً كبيراً من أهالي غزة لم يتركوا المدينة، وسط استمرار الحركة على شارع الرشيد (طريق البحر).
ويتكثف وجود الأهالي في أحياء شرق المدينة، تحديداً أحياء الدرج وجزء من التفاح، وجزء أقل من الزيتون، وجنوباً في جزء من الصبرة وغرب تل الهوى والشيخ عجلين.
كما يتكثف وجود الأهالي في حي الرمال وجزء قليل من حي النصر (شارع الثورة حتى الشفاء)، والجزء الجنوبي من الشاطئ ومنطقة الميناء.
وقال مكتب الإعلام الحكومي بغزة إن نحو 900 ألف فلسطيني بمدينة غزة يتمسكون بحقهم في البقاء ويرفضون التهجير القسري رغم القصف العنيف وجرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال.
ما أبرز التحديات العملياتية التي يواجهها الجيش الإسرائيلي في غزة؟
تقول القناة 12 العبرية، تعليقاً على مقتل جندي من لواء ناحال بنيران قناص داخل مدينة غزة، إن هناك نقطة ضعف بارزة في القتال، فالمواقع الدفاعية المخصصة لحماية المقاتلين أصبحت في الواقع مكشوفة، ما يسهل على المقاتلين الفلسطينيين تحديدها.
ويقر جيش الاحتلال بأن هذا تحدٍّ عملياتي معقد، ويبحث عن حلول تعزز الحماية وتمنع تحول هذه المواقع إلى هدف قاتل، بحسب القناة.
وأشارت القناة إلى أن وجود المنازل الفلسطينية في الأحياء المهجورة يشكل قاعدة حماية للمقاتلين الفلسطينيين، ما يضيف طبقة إضافية من التعقيد أمام جنود الجيش الإسرائيلي.
وتابعت بأن التحدي الذي يواجهه الجيش الإسرائيلي هو كيفية حماية جنوده المتمركزين في عمق المدينة دون تعريضهم لمخاطر إضافية، ورغم أن الوحدات العسكرية بُنيت بهدف توفير استجابة حيوية في ظل القتال الدائر، لكن في تضاريس مدينة غزة الكثيفة والمعقدة، قد تتحول هذه الوحدات من حل مؤقت إلى مشكلة تهدد حياتهم.
التحدي الثاني الذي يواجه جيش الاحتلال في مدينة غزة هو عزم مقاتلي حركة حماس على أسر جنود.
وبحسب صحيفة "معاريف"، فإن الجيش يتبع حالياً نهج التقدم البطيء والشامل، ويستبق كل منطقة يدخلها بنيران كثيفة.

وأوضحت أن حركة حماس تتجنب حالياً الهجوم وتدير قتالاً دفاعياً منظماً ضد القوات، ويختبئ مقاتلوها تحت الأرض ويجهزون أنفسهم لـ"حرب عصابات" تنوي من خلالها مهاجمة القوات بعد تمركزها في جميع أنحاء المدينة.
ويزعم جيش الاحتلال أن حركة حماس زرعت عدداً كبيراً من العبوات بهدف إصابة القوات.
ومن المخاطر الأخرى حالة المباني الشاهقة التي بدأت بالانهيار بسبب الهجمات، وسقوط أجزاء من الحجارة والكتل والجدران في كثير من الأحيان، ما يهدد تقدم القوات.
وفي المنطقة الشمالية من مدينة غزة، تواجه قوات الاحتلال المزيد من الخلايا المسلحة التي تشتبك معها، في الوقت الذي خفت فيه حدة الاحتكاكات في جنوب المدينة، بحسب معاريف.
وتشير الصحيفة إلى أن الجيش و"الشاباك" يدركان أن حماس حددت هدفاً رئيسياً يتمثل في اختطاف جنود خلال العملية، وتدرك المؤسسة الأمنية أن حماس تسعى إلى تحقيق هذا الهدف في القريب العاجل.
وتعتقد المؤسسة الأمنية أنه من المناسب في هذا الوقت التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وأوضحت في رسالة إلى نتنياهو أنه يجب العمل مع الأمريكيين للمضي قدماً في خطة اليوم التالي.
أما التحدي العملياتي الثالث الذي يواجه جيش الاحتلال، فهو المخاوف من التسبب بمقتل أسرى إسرائيليين لدى حركة حماس.
وقد حذرت كتائب القسام، الأربعاء 24 سبتمبر/أيلول 2025، الاحتلال الإسرائيلي من توسيع عملياته العسكرية في مدينة غزة.
وأكدت أن "استمرار التوغل" سيضاعف الخطر على الأسرى الإسرائيليين لديها.
وفي رسالة نشرتها على "تلغرام"، قالت القسام: "كما تم تحذيركم سابقاً.. كلما زاد توسيع نطاق عملياتكم الإجرامية في مدينة غزة، سيزداد الخطر على أسراكم".
وطلبت القسام، في رسالتها التي نشرتها باللغتين العربية والعبرية، من الجيش الإسرائيلي "التراجع إلى الخلف وفوراً".
وأرفقت رسالتها بخريطة بلونين الأحمر والأبيض، حيث يمثل الأحمر أحياء الصبرة والزيتون (شرقاً) وتل الهوى (جنوب غرب)، والأبيض يمثل المناطق الغربية من المدينة.
وخلال الأيام الماضية، تم رصد توغل آليات عسكرية إسرائيلية في الأحياء التي حددتها "القسام" باللون الأحمر في خريطتها.
ويقول المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، إن نتنياهو يتمنى تحقيق إنجاز سريع يقدمه لقاعدته السياسية، بين رأس السنة العبرية والذكرى الثانية للحرب على غزة.
لكن هذا الطموح يتعارض مع الحذر الذي يتّخذه رئيس الأركان، ولذلك لا تُوَجَّه أرتال مدرعة إلى قلب مدينة غزة، رغم تقدّم قوات كبيرة بالفعل إلى محيط مخيمي جباليا والشاطئ للاجئين.
كيف تدير القسام عملياته في مدينة غزة؟
بحسب مصادر لـ"عربي بوست"، فإن كتائب القسام قسّمت أفرادها إلى قسمين:
الأول: مخصص للتعامل مع جيش الاحتلال وآلياته في محاور التقدُّم.
الثاني: للتعامل مع مجموعات ياسر أبو شباب و"المستعربين" داخل المدينة.
وبالفعل، تمكن مقاتلو القسام من إحباط عملية خاصة لجماعة ياسر أبو شباب في مدينة غزة قبل أيام، وقاموا بتفجير جيب لهم في منطقة الشيخ رضوان، وإعدام عدد من عناصرها في أكثر من منطقة.

وكما أعلنت كتائب القسام في وقت سابق، فإن الاستراتيجية التي يتبعها مجاهدوها هي أسر جنود جدد.
وخلال الأيام السابقة، أعلنت كتائب القسام عن عدة عمليات، أبرزها:
- استهداف جرافتين عسكريتين من نوع "D9" بقذائف "الياسين 105" شمال شرق حي الشيخ رضوان بمدينة غزة في 22 سبتمبر/أيلول 2025.
- استهداف جيب يتبع لعدد من "المستعربين" بعبوة أرضية قرب مفترق بهلول في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، ما أدى إلى مقتل من بداخله، في 23 سبتمبر/أيلول 2025.
- استهداف دبابتين من نوع "ميركفاه" بقذيفتي "الياسين 105" في منطقة تل الهوى جنوب مدينة غزة في 24 سبتمبر/أيلول 2025.
- استهداف دبابة "ميركفاه" بقذيفتي "الياسين 105" قرب مسجد "الأنباشي حسن" في حي تل الهوى جنوب مدينة غزة في 23 سبتمبر/أيلول 2025.
- الإغارة على تجمع لجنود وآليات العدو والاشتباك معهم من المسافة صفر في محيط بركة الشيخ رضوان بمدينة غزة في 22 سبتمبر/أيلول 2025.
- استهداف دبابة "ميركفاه" بعبوة أرضية في محيط مسجد البراء جنوب حي الصبرة جنوب مدينة غزة بتاريخ 19 سبتمبر/أيلول 2025.
- قنص جندي وإصابته إصابة مباشرة في منطقة الزرقا جنوب جباليا في 20 سبتمبر/أيلول 2025.