مليارات الدولارات في مهبّ الريح.. هذا ما يعنيه تعليق اتفاقية التجارة الحرّة الأوروبية مع إسرائيل بسبب الحرب على غزة

عربي بوست
تم النشر: 2025/09/17 الساعة 12:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/09/17 الساعة 12:29 بتوقيت غرينتش
علم الاتحاد الأوروبي في بروكسل/الأناضول

في خطوة دراماتيكية تُمثّل نقطة تحوّل في العلاقات الإسرائيلية الأوروبية، صوّتت المفوضية الأوروبية، الأربعاء 17 سبتمبر/أيلول 2025، بالموافقة على مقترح بفرض حزمة عقوبات جديدة ضد تل أبيب، بسبب الحرب على غزة، تتضمن تعليق بنود تجارية رئيسية في اتفاقية التجارة الحرّة الأوروبية مع إسرائيل.

كما اقترحت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، حزمة عقوبات على الوزيرين الإسرائيليين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ومستوطنين مارسوا العنف ضد فلسطينيين، وأعضاء في حركة حماس، وهو الإجراء الذي بات يستلزم الآن التصويت عليه بأغلبية مؤهلة تبلغ 65% في الاتحاد الأوروبي.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، اقترحت في خطابها السنوي "حالة الاتحاد" أمام الجمعية العامة للبرلمان الأوروبي قبل عدة أيام فرض عقوبات على "وزراء متطرّفين ومستوطِنين عنيفين" في إسرائيل، بالإضافة إلى مراجعة شاملة للاتفاق التجاري.

اتفاقية التجارة الحرّة الأوروبية
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير/الأناضول

يأتي ذلك بينما تواجه تل أبيب عزلة دولية عبّر عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال مؤتمر لوزارة المالية، اعترف خلاله على نحو نادر بالعزلة الناجمة عن الانتقادات الدولية لحرب إسرائيل في غزة. وقال إن إسرائيل تواجه تهديداً اقتصادياً يتمثّل في التعرّض لعقوبات وإجراءات أخرى.

وتشكّل العلاقات التجارية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي أهمية خاصة لدولة الاحتلال، وهو ما عبّرت عنه صحيفة لوفيغارو الفرنسية في تقرير تناول العلاقات التجارية بين تل أبيب وأوروبا، جاء تحت عنوان: "التجارة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل: لماذا قد تُكلّف العقوبات الأوروبية الدولة العبرية ثمناً باهظاً؟"

ما هي أبرز البنود التي صوّتت عليها المفوضية الأوروبية؟

  • إلغاء مؤقت لبعض التفضيلات الجمركية للمُصدّرين الإسرائيليين، وهي خطوة من شأنها إعادة فرض التعريفات الجمركية وتقليص الجدوى الاقتصادية للمنتجات الإسرائيلية في السوق الأوروبية.
  • تقليص التمويل الثنائي للمشروعات والبرامج المشتركة، باستثناء المشاريع في مجالات المجتمع المدني.
  • فرض عقوبات على وزراء اليمين في الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين.

ماذا يعني التعليق الجزئئ لاتفاقية التجارة الحرّة الأوروبية مع إسرائيل؟

حذّر خبراء ومسؤولون إسرائيليون من أن تعليق الاتفاقيات التجارية مع أوروبا قد "يزعزع" اقتصاد بلادهم.

وقالت صحيفة معاريف العبرية: "من المتوقع أن يُصعّب الإلغاء الجزئي للتفضيلات الجمركية الأمر على المصنّعين الإسرائيليين في قطاعات الأدوية والتكنولوجيا والكيماويات والزراعة".

وتابعت أن الشركات الإسرائيلية ستُجبر على البحث عن أسواق بديلة، وهو ما لا ينجح دائماً، بحسب الصحيفة.

ونقلت معاريف عن رائدة الأعمال والمحللة الاقتصادية والجيوسياسية الدكتورة بيلا باردا بركات، قولها إن "الاتحاد الأوروبي اكتفى لسنوات بالقوة الناعمة تجاه إسرائيل، كالإدانات أو الخطوات الرمزية مثل وسم منتجات المستوطنات عام 2015".

الاحتلال
مقاطعة المنتجات الإسرائيلية/ رويترز

وتابعت بركات: "أما الآن، ولأول مرة، فهناك حديث علني عن تعليق جزئي للاتفاقية – وهو انتقال من أوروبا النمطية إلى أوروبا الحازمة".

وأضافت: "اتفاقية الشراكة التي وُقّعت عام 1995 هي الأهم بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، حيث أصبحت منذ ذلك الحين أساساً لتجارة واسعة النطاق".

من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي السابق في "بنك إسرائيل" عيدو نوردن إلى إخفاقات السياسة الخارجية الإسرائيلية.

وقال إن "هذه الإخفاقات تعرّض إسرائيل للخطر في الساحة الدولية، وجزء من هذا الخطر فقط يتحقّق الآن أمام أعيننا".

وأضاف نوردن أن لبيان الاتحاد الأوروبي تبعات عملية خطيرة، مشيراً إلى أن "هناك مشاريع مشتركة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي تمنح قيمة مضافة كبيرة للطرفين – مثل برنامج هورايزن في مجال البحث".

ويُعد "هورايزن يوروب" منصة الاتحاد الأوروبي الرئيسية للأبحاث والابتكار، ويهدف إلى دعم النمو الاقتصادي، والتقدّم التكنولوجي، وخلق فرص عمل.

فيما حذّر مسؤول إسرائيلي كبير، في حديث مع صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، من أنه إذا تم التصويت من جانب الاتحاد الأوروبي على تعليق جزئي لاتفاقية التجارة "فإننا في طريقنا إلى كارثة حقيقية".

ووفقاً لرئيسة مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، بلغ حجم التجارة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل 42.6 مليار يورو في عام 2024، 37% منها استفادت من إعفاءات جمركية وضريبية. وقالت كالاس في مقابلة مع موقع يورونيوز: "هذا مبلغ كبير، ومن المؤكد أن خطوة كهذه ستكون ذات تكلفة عالية بالنسبة لإسرائيل".

ما هي اتفاقية التجارة الحرّة الأوروبية مع إسرائيل؟

اتفاقية الشراكة الأوروبية-الإسرائيلية هي إطار قانوني واقتصادي يربط إسرائيل بالاتحاد الأوروبي.

ووُقِّعت الاتفاقية عام 1995، ودخلت حيّز التنفيذ عام 2000. وتأتي هذه الاتفاقية ضمن ما يُعرف بـ "اتفاقيات الشراكة الأوروبية-المتوسطية"، وهي جزء من سياسة الجوار الأوروبية.

وتشمل الأهداف الرئيسية للاتفاقية:

  • تحرير التجارة: إلغاء الرسوم الجمركية تدريجياً على معظم السلع الصناعية، وتنظيم تجارة المنتجات الزراعية، بهدف إنشاء منطقة تجارة حرّة بين الطرفين.
  • الحوار السياسي: إقامة حوار منتظم بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حول قضايا إقليمية ودولية، بما فيها عملية السلام في الشرق الأوسط.
  • التعاون الاقتصادي والعلمي: تعزيز التعاون في مجالات البحث العلمي، والتكنولوجيا، والبيئة، والطاقة، والنقل، والمعايير الفنية.
  • التنمية الاجتماعية والثقافية: دعم المشاريع في التعليم، والثقافة، والإعلام.
  • حقوق الإنسان: نصّت المادة 2 على أن احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية "عنصر جوهري" في الاتفاقية.
مدينة
مدينة "تل أبيب" العاصمة الاقتصادية لدولة الاحتلال/ أرشيفية (رويترز)

ما هو حجم التجارة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي؟

  • بلغت حصة إسرائيل من إجمالي تجارة السلع للاتحاد الأوروبي حوالي 0.8% في عام 2024، مما جعلها تحتل المرتبة 31 ضمن الشركاء التجاريين للاتحاد على المستوى العالمي، وفق المفوضية الأوروبية.
  • وتحتل إسرائيل المركز الثالث في قائمة أكبر الشركاء التجاريين للاتحاد الأوروبي في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بعد المغرب والجزائر. 
  • ويُعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل، حيث يُمثّل 32% من إجمالي تجارة إسرائيل في السلع مع العالم في عام 2024.
  • وجاءت 34.2% من واردات إسرائيل من الاتحاد الأوروبي، بينما ذهبت 28.8% من صادرات البلاد إلى الاتحاد الأوروبي. 
  • وبلغ إجمالي التجارة السلعية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل 42.6 مليار يورو في عام 2024 (حوالي 50 مليار دولار). وبلغت قيمة واردات الاتحاد الأوروبي من إسرائيل 15.9 مليار يورو (حوالي 18 مليار دولار)، تتصدّرها الآلات ومعدات النقل (بنسبة 43.9%)، والمواد الكيميائية (بنسبة 18%)، والسلع المُصنّعة الأخرى (بنسبة 12.1%).
  • أما صادرات الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل، فبلغت 26.7 مليار يورو (حوالي 30 مليار دولار)، وتتصدرها الآلات ومعدات النقل (بنسبة 43%)، والمواد الكيميائية (بنسبة 18%)، والسلع المُصنّعة الأخرى (بنسبة 11.7%). 
  • وبلغ حجم التجارة البينية في الخدمات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل 25.6 مليار يورو (حوالي 29 مليار دولار) في عام 2023. ومثّلت واردات الاتحاد الأوروبي من الخدمات 10.5 مليار يورو (حوالي 13 مليار دولار)، في حين بلغت الصادرات 15.1 مليار يورو (حوالي 18 مليار دولار).
تحميل المزيد