حروب الاحتلال الأخرى.. 4 مشاهد تُظهر انتهاكات إسرائيل في الضفة الغربية والقدس المحتلتين

عربي بوست
تم النشر: 2025/08/05 الساعة 12:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/08/05 الساعة 12:52 بتوقيت غرينتش
الاحتلال يدمر البنية التحتية في الضفة الغربية/ الأناضول

لا تقتصر جرائم الاحتلال الإسرائيلي على الحرب التي يشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فهناك عدة جبهات أخرى تعتدي فيها إسرائيل على الشعب الفلسطيني، إذ تشهد الضفة الغربية المحتلة هي الأخرى حرباً، ومزيداً من الاقتحامات وعمليات التهجير، فضلاً عن اقتحام المستوطنين اليهود بصحبة وزراء يمينيين المسجد الأقصى بأعداد غير مسبوقة.

وسلطت تقارير عدة الضوء على شهادات فلسطينيين في الضفة الغربية ما وصفوا أوضاعاً حياتية صعبة وسط إجراءات صارمة تشهدها الأراضي المحتلة، بحسب تقارير أممية وحقوقية وشهادات عيان.

فيما حذرت منظمات حقوقية فلسطينية من "تهجير ناعم وتطهير صامت" تنتهجه إسرائيل في الضفة الغربية ضد التجمعات البدوية في الأغوار الشمالية، وطالبت بحماية دولية للمدنيين في المنطقة.

وقالت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية إن جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين نفذوا خلال يوليو/تموز الماضي ألفاً و821 اعتداء في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس الشرقية.

اقتحام الأقصى

وفي القدس المحتلة، جدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، صباح الأحد الماضي، اقتحامه المسجد الأقصى رفقة مستوطنين، في خطوة باتت خبراً مكرراً في الآونة الأخيرة.

بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، قاد صلاة تلمودية في باحات المسجد، بذكرى ما يسمونه "خراب الهيكل".

وبثت وسائل إعلام عبرية، بينها صحيفة يسرائيل هيوم والقناة السابعة، مقاطع مصورة لعملية الاقتحام.

وفي هذه المقاطع، ظهر بن غفير رفقة عدد من أتباعه المستوطنين وهم يؤدون صلوات تلمودية في باحات الأقصى.

ولاحقاً، ظهر بن غفير في باحات الأقصى وهو يتلو صلاة تلمودية من هاتفه، وسط حشد كبير من أنصاره.

وفي تصريح له من داخل باحات الأقصى، نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، قال بن غفير: "المقاطع التي تنشرها حماس تأتي في سياق واحد، محاولتهم للضغط على دولة إسرائيل".

والخميس والجمعة، نشرت سرايا القدس وكتائب القسام، الجناحان العسكريان لحركتي الجهاد الإسلامي وحماس، مقطعي فيديو لأسيرين إسرائيليين، وهما في حالة هزال شديد، جراء سياسة التجويع التي تنتهجها تل أبيب في غزة.

وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير
الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير في مسيرة الأعلام٬ أرشيفية/ رويترز

ومتوعداً بتهجير الفلسطينيين، أضاف بن غفير: "يجب إيصال رسالة من هنا: احتلال كامل لقطاع غزة، إعلان السيادة على كامل القطاع، القضاء على كل عنصر من حماس، وتشجيع الهجرة الطوعية".

وسبق ذلك، اقتحام مئات المستوطنين الأقصى الأحد، حيث أدوا صلوات تلمودية، على مرأى من الشرطة التي تؤمّن الاقتحامات، ويسيطر عليها بن غفير ضمن صلاحياته.

والسبت، حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من دعوات أطلقتها منظمات استيطانية لتنفيذ اقتحام واسع للمسجد الأقصى، الأحد، في ذكرى ما يسمونه "خراب الهيكل".

واعتبرت الوزارة في بيان، تلك الدعوات "إمعاناً إسرائيلياً رسمياً في استهداف الأقصى، بهدف تكريس تقسيمه الزماني، ريثما يتم تقسيمه مكانياً أو هدمه بالكامل".

وسبق لبن غفير أن اقتحم الأقصى مرات عديدة، ما أثار انتقادات وغضباً فلسطينياً وعربياً.

ويؤكد الفلسطينيون أن إسرائيل تكثف جرائمها لتهويد القدس الشرقية، بما فيها المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية.

ردود فعل غاضبة

وأدانت دول ومنظمات عربية اقتحام بن غفير المسجد الأقصى في القدس الشرقية، برفقة مستوطنين وتحت حماية الشرطة الإسرائيلية.

جاء ذلك وفق بيانات رسمية صادرة عن فلسطين، والأردن، والسعودية، وحركة حماس.

وأدان بيان لوزارة الخارجية الأردنية اقتحام بن غفير الجديد للمسجد، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، مؤكداً أنه "لا سيادة لإسرائيل على المسجد الأقصى".

وجددت الوزارة رفضها "تسهيل شرطة الاحتلال الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين المتطرفين".

بدورها، أعربت وزارة الخارجية السعودية في بيان عن "إدانة المملكة بأشد العبارات الممارسات الاستفزازية المتكررة من قبل مسؤولي حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى المبارك".

وقالت وزارة الخارجية السعودية إن الممارسات الإسرائيلية الاستفزازية بحق المسجد الأقصى تقوّض فرص السلام وتؤجج الصراع في المنطقة.

تهويد القدس
توسع الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأقصى في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة / الأناضول

من جانبها، قالت حركة حماس إن اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير للمسجد الأقصى برفقة مستوطنين، بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة والتجويع على قطاع غزة، "سلوك إجرامي يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي".

وأضافت الحركة في بيان أن "ما شهدته باحات المسجد الأقصى من اقتحامات واسعة لقطعان المستوطنين، وفي مقدمتهم بن غفير وعضو كنيست الاحتلال المتطرف عميت هالفي، يمثل جريمة متصاعدة بحق المسجد الأقصى".

وشددت على أن "هذا السلوك الإجرامي يهدد بشكل مباشر السلم والأمن الإقليمي والدولي، ما يستوجب موقفاً جاداً من المجتمع الدولي والأمم المتحدة لردع الاحتلال ومحاسبته على جرائمه".

من جانبه، قال رئيس مركز القدس الدولي، حسن خاطر، إن ما جرى في المسجد الأقصى من انتهاكات واقتحامات هو استمرار لسلسلة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد، ومؤشر خطير على ما ينتظر المسجد في المرحلة القادمة.

وأوضح خاطر في حديث لوكالة صفا الفلسطينية أن الاقتحام الأخير للأقصى شهد اقتحامات قياسية للمستوطنين تجاوزت الـ3 آلاف مقتحم، بمشاركة وزراء في حكومة الاحتلال، وخاصة بن غفير، وأعضاء كنيست.

وأضاف أن مشاركة هؤلاء الوزراء في الاقتحام أعطت انطباعاً وصورة مفزعة عما يتم تدبيره بحق المسجد الأقصى، خاصة أن بن غفير أدلى بتصريحات صحفية أمام قبة الصخرة المشرفة، وهذا تطور خطير وغير مسبوق.

انتهاكات الاحتلال في الضفة الغربية

وفي الضفة الغربية، تسارعت وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية خلال الأيام الماضية، ليضيف الاحتلال فصلاً جديداً في سجل جرائمه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سواء في غزة أو الضفة والقدس.

ويمكن رصد أبرز هذه الانتهاكات التي شهدتها الضفة الغربية مؤخراً فيما يلي:

  • تهجير ناعم: 

حذرت منظمة حقوقية فلسطينية، الإثنين 4 أغسطس/آب، من "تهجير ناعم وتطهير صامت" تنتهجه إسرائيل في الضفة الغربية ضد التجمعات البدوية بالأغوار الشمالية، وطالبت بحماية دولية للمدنيين بالمنطقة.

وقالت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، في بيان، إن منطقة الأغوار "تشهد تصعيداً خطيراً ضمن سلسلة الانتهاكات التي تمارسها قوات الاحتلال وميليشيات المستوطنين بحق الفلسطينيين".

وأوضحت أن ما تتعرض له التجمعات البدوية في الأغوار يعد "تهجيراً ناعماً وتطهيراً صامتاً" للفلسطينيين بالمنطقة.

وأضافت أن اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال "ليست أحداثاً عشوائية، بل جزءاً من سياسة إسرائيلية منهجية تهدف إلى تفكيك البنية الاجتماعية والاقتصادية للفلسطينيين في الأغوار".

وتمتد منطقة الأغوار من منطقتي بيسان حتى صفد شمالاً ومن عين الجدي حتى النقب جنوباً، ومن منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غرباً.

إسرائيل دولة الجدران
الاحتلال يبني جدار الفصل العنصري بالضفة الغربية/ الأناضول

وتشكل الأغوار نحو 30% من الضفة، بمساحة إجمالية 720 ألف دونم وتتبع إدارياً ثلاث محافظات: طوباس ونابلس شمالي الضفة وأريحا وسطها، ويقطنها نحو 70 ألف نسمة، وفق مركز المعلومات الوطني الفلسطيني (حكومي).

ووفق المنظمة الحقوقية، تعد الأغوار من أهم المناطق الزراعية والرعوية في الضفة الغربية، وتشكّل مصدر رزق أساسي لمئات العائلات التي تعتمد على تربية الأغنام والزراعة كمصدر عيش.

وقالت المنظمة: "الممارسات الاستيطانية الأخيرة تعد سعيا حثيثا لخلق بيئة طاردة للسكان الفلسطينيين من خلال استهداف الثروة الحيوانية، مصادر المياه، والمراعي الطبيعية".

وأشارت إلى مجموعة اعتداءات بينها تسميم قطيع من المواشي، ما أدى إلى نفوق بعضها، وإطلاق الأبقار والمواشي في أراضي الفلسطينيين الزراعية، ما يؤدي إلى إتلاف المحاصيل، إضافة إلى سياسة هدم المنازل واقتحام التجمعات والاعتداء على البيوت وساكنيها.

من جهته، نقلت وكالة الأناضول عن المشرف العام على المنظمة حسن مليحات، أن عدد التجمعات البدوية في الضفة يصل إلى 212، تم تهجير 64 منها، ويصل تعداد أفرادها المهجرين إلى نحو 9 آلاف شخص.

  • هدم للمنازل

يأتي ذلك بينما هدمت جرافات إسرائيلية، الثلاثاء 5 أغسطس/آب، مدرسة قيد الإنشاء في قرية العقبة بمحافظة طوباس، ومنزلاً قيد الإنشاء في قرية أرطاس بمحافظة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة.

وقال مدير التربية والتعليم في مدينة طوباس (شمال) عزمي بلاونة، إن "قوات الاحتلال اقتحمت قرية العقبة برفقة جرافات، وبدأت بهدم المدرسة المموّلة من الوكالة الفرنسية"، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

وأضاف أن "الاحتلال كان قد أخطر، قبل عدة أشهر، بوقف العمل في المدرسة بدعوى عدم الترخيص، واستولى حينها على جرافات ثقيلة كانت تعمل في الموقع".

وفي بيت لحم (جنوب)، أفاد عضو مجلس قرية أرطاس جنوب المدينة سمير أبو صوي، أن جرافات إسرائيلية "هدمت منزلاً قيد الإنشاء في القرية، بدعوى عدم الترخيص"، وفق ما نقلت عنه وكالة "وفا".

الضفة الغربية
منظر عام يظهر بناء مستوطنة رمات جفعات زئيف الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة/ رويترز

وبيّن أبو صوي بأن "قوة إسرائيلية معززة بجرافة اقتحمت منطقة جبل أبو زيد جنوب شرق القرية، وأغلقتها بالكامل، ومنعت المواطنين من الوصول إليها، ثم شرعت بهدم منزل مكون من أساسات وأعمدة وغرفة واحدة، يعود للمواطن إيهاب ملحم".

وذكرت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية أن السلطات الإسرائيلية نفذت خلال يوليو/تموز 75 عملية هدم طالت 122 منشأة، بينها 60 منزلاً مأهولاً، و11 غير مأهول، و22 منشأة زراعية، و26 مصدر رزق وغيرها.

وهدم جيش الاحتلال في النصف الأول من العام الجاري 588 منشأة تسببت في تضرر 843 مواطناً منهم 411 طفلاً، فيما أخطرت في الفترة ذاتها 556 منشأة بالهدم، منها 322 منزلا مأهولاً، و18 غير مأهولة، و151 منشأة زراعية، و97 تصنف على أنها مصادر رزق وغيرها، بحسب الهيئة نفسها.

  • اقتحام "قبر يوسف"

ومساء الإثنين، أصيب 4 فلسطينيين خلال اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي المنطقة الشرقية لمدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، وذلك قبيل استعداد مستوطنين إسرائيليين لاقتحام مقام "قبر يوسف" في ذات المنطقة.

وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان نشرته الأناضول، إن طواقمها تعاملت ميدانياً مع 4 إصابات "حالتا استنشاق للغاز، وإصابة بحروق، وحالة سقوط عن مرتفع (خلال الملاحقة)".

ومن جانبها، قالت إذاعة "صوت فلسطين" (حكومية) إن "قوات كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت المنطقة الشرقية في نابلس" مشيرة إلى اندلاع مواجهات بين شبان فلسطينيين والجيش الإسرائيلي في ذات المنطقة.

وأضافت أن حافلات للمستوطنين تنتظر أمام حاجز حوارة، جنوب نابلس، استعداداً لاقتحام "قبر يوسف" في المنطقة الشرقية.

قوات الاحتلال الإسرائيلي بنابلس/رويترز

ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لما قالوا إنها حافلات للمستوطنين تنتظر على الحاجز لاقتحام القبر.

ويوجد "قبر يوسف" في الطرف الشرقي من نابلس الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، ويعتبره اليهود مقاماً مقدساً منذ احتلال إسرائيل الضفة الغربية عام 1967.

ويروّج المستوطنون بأن رفات النبي يوسف بن يعقوب أُحضرت من مصر ودُفنت في هذا المكان، لكن علماء آثار نفوا صحة هذه الرواية، قائلين إن عمر المقام لا يتجاوز بضعة قرون، وإنه ضريح لشيخ مسلم اسمه "يوسف دويكات".

تحميل المزيد