5 قواعد عسكرية أصابتها إيران.. كل ما نعرفه عن الضربات التي أخفتها إسرائيل

عربي بوست
تم النشر: 2025/07/07 الساعة 14:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/07/07 الساعة 14:24 بتوقيت غرينتش

رغم ما تحيط به سلطات الاحتلال الإسرائيلي قواعدها العسكرية من سرية وتعتيم، كشفت صور أقمار صناعية حديثة أن خمس منشآت حساسة، بينها قواعد جوية واستخباراتية، تعرضت لهجمات صاروخية مباشرة من إيران خلال الحرب الأخيرة.


إذ نشرت صحيفة التلغراف البريطانية تقريراً يستند إلى صور أقمار صناعية قدمتها جامعة ولاية أوريغون، يشير إلى أن خمسة مواقع عسكرية تابعة للاحتلال الإسرائيلي تعرضت لضربات مباشرة بصواريخ باليستية إيرانية، خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً الشهر الماضي.


ورغم حساسية المعلومات، فإن الرقابة العسكرية لدى الاحتلال الإسرائيلي تمنع نشر أي تفاصيل متعلقة بهذه الضربات داخل الأراضي المحتلة، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول طبيعة هذه المواقع المستهدفة، وحجم الأضرار التي تعمّد الاحتلال التعتيم عليها.

ما الذي حاول الاحتلال الإسرائيلي إخفاءه؟

بحسب ما أوردته صحيفة التلغراف في 5 يوليو/تموز 2025، كشف فريق من الباحثين في جامعة ولاية أوريغون أن ستة صواريخ باليستية إيرانية أصابت خمسة مواقع عسكرية تابعة للاحتلال الإسرائيلي، في جنوب ووسط وشمال فلسطين المحتلة.

استند تحليل الفريق البحثي إلى صور أقمار صناعية وبيانات رادارية، كشفت أن الضربات الإيرانية أصابت منشآت عسكرية بالغة الحساسية داخل عمق الأراضي المحتلة.

أبرز المواقع التي تم تحديدها كانت قاعدة تل نوف الجوية، ومعسكر غليلوت شمال تل أبيب، الذي يضم مقر وحدة الاستخبارات 8200، إلى جانب مواقع عسكرية أخرى لم تُكشف تفاصيلها بسبب القيود المفروضة على النشر.
وبحسب ما ورد في التقرير، شملت الأهداف المتضررة قاعدة جوية رئيسية، ومركزاً لجمع المعلومات الاستخبارية، ومنشأة لوجستية، في حين تم رصد 36 ضربة اخترقت منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، متسببة بأضرار مادية جسيمة في البنى التحتية المدنية والصناعية المحيطة.

أين وقعت الضربات؟

قاعدة تل نوف الجوية


سبق أن استهدفت إيران قاعدة تل نوف الاستراتيجية بعدة ضربات صاروخية، ليس فقط خلال الحرب الأخيرة، بل في ضربات سابقة أيضاً خلال العام الماضي، حيث تعرضت القاعدة لقصف عنيف وانفجارات ضخمة.

ورغم اعتراف الاحتلال بتضرر عدد من قواعده سابقاً، بما فيها تل نوف، فقد لجأت سلطاته إلى استخدام تقنية "السحابة الرقمية" لإخفاء صور القاعدة عن جميع الخرائط الإلكترونية، في محاولة للتعتيم على حجم الدمار الذي لحق بالموقع.

وقاعدة تل نوف هي قاعدة عسكرية إسرائيلية يوجد بها مطار عسكري ومدرج، تقع في مدينة الرملة المحتلة، وبُنيت في عام 1939 على يد الجيش البريطاني الذي أورثها للعصابات الصهيونية قبيل النكبة.

5 قواعد عسكرية أصابتها إيران.. كل ما نعرفه عن الضربات التي أخفتها إسرائيل
مقاتلات إسرائيلية في قاعدة تل نوف الجوية – أرشيفية – wikipedia Creative Commons

تُعتبر "تل نوف" بمثابة مدينة عسكرية، فهي واحدة من 3 قواعد رئيسية لسلاح الجو الإسرائيلي، والمركز التشغيلي والتدريبي الأساسي لجميع قوات المظليين في الجيش الإسرائيلي. كما تضم القاعدة سرب طائرات دون طيار من طراز "هيرون تي بي-إيتان" الألمانية، وفق اتفاقية عسكرية بين ألمانيا والاحتلال، ويُعتقد بأن القاعدة تحتوي كذلك على مستودعات لإخفاء القنابل النووية الإسرائيلية المخصصة للطائرات الهجومية.

كما تحتوي المنشأة على 3 مدارج، وعدد من الأسراب التشغيلية، منها: سربا طائرات "إف-15″، وسرب طائرات "يسعور"، والوحدة 555 الخاصة بالحرب الإلكترونية والمحمولة جواً عبر طائرات "سي-130″، وطائرات "يسعور".

قاعدة غليلوت


تقع قاعدة غليلوت شمال مدينة تل أبيب، وتُعد مركز الثقل الاستخباراتي للجيش الإسرائيلي، إذ تضم المقر الرئيسي لوحدتي 8200 و9900 المتخصصتين في الاستخبارات الإلكترونية (SIGINT) والاستشعار الفضائي، إلى جانب المقر المركزي لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، ومدرسة الاستخبارات، ومباني القيادة والاتصالات.


وبالقرب من القاعدة، يقع مقر جهاز "الموساد" ومركز التراث الاستخباراتي. ويصف مراقبون هذه المنطقة بأنها "عقل الاستخبارات الإسرائيلية"، حيث تُدار منها عمليات التجسس الخارجي، والهجمات السيبرانية، وجمع المعلومات الأمنية.


وقد تعرضت القاعدة لعدة استهدافات معلنة، أبرزها ما أعلنه حزب الله اللبناني في 25 أغسطس/آب 2024، عندما قصف الموقع بـ340 صاروخ كاتيوشا وعدد من الطائرات المسيّرة، رداً على اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شكر. وعاد الحزب في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه ليؤكد تنفيذ ضربة جديدة استهدفت القاعدة بصواريخ "نوعية".


كما سجلت وحدتا 8200 و9900 إخفاقات استخباراتية، أبرزها فشلهما في الإنذار المبكر عن عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد مستوطنات غلاف غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

5 قواعد عسكرية أصابتها إيران.. كل ما نعرفه عن الضربات التي أخفتها إسرائيل
خارطة للموقع والمنشآت والقواعد العسكرية الإسرائيلية التي طالتها الصواريخ الإيرانية – عربي بوست

قاعدة تسيبوريت

تُعرف قاعدة تسيبوريت، أو Camp Zipporit، بأنها منشأة عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي تقع في شمال فلسطين المحتلة، وتختص بإنتاج وتطوير الأسلحة والدروع. وتُعد أحد المرافق التابعة للجيش الإسرائيلي التي تركز على صناعة وتطوير الأسلحة المدرعة.


ورغم أن الاحتلال لم يصدر تصريحات رسمية عن استهدافها، وذلك ضمن إطار الرقابة العسكرية، أشارت تحليلات صور الأقمار الصناعية والرادارات إلى أن تسيبوريت كانت من بين المواقع ذات الأهمية الاستراتيجية التي تأثرت فعلياً بالضربات الإيرانية، باعتبارها مركزاً إنتاجياً حيوياً في البنية العسكرية الإسرائيلية.

الاحتلال يُخفي تأثير الضربات

مع بدء الحرب على إيران، فرضت حكومة الاحتلال إجراءات صارمة على وسائل الإعلام، في محاولة واضحة للسيطرة على الرواية العامة. الرقابة العسكرية الإسرائيلية أصدرت تعليمات مباشرة تُقيّد حرية التغطية، سواء للصحفيين المحليين أو للمراسلين الأجانب، في خطوة اعتبرها مراقبون جزءاً من توجه أوسع للائتلاف اليميني الحاكم نحو تشديد قبضته على جميع مفاصل الدولة. وقد رفض جيش الاحتلال التعليق على أسئلة صحيفة ذا تلغراف بشأن الضربات التي أصابت منشآت عسكرية، متذرعاً بقيود الرقابة.


لكن محاولة التعتيم لم تحجب واقع الضربات كلياً، إذ كشف تقرير الصحيفة البريطانية أن الهجمات الإيرانية لم تقتصر على أهداف عسكرية فحسب، بل طالت سبع منشآت حيوية، من بينها مرافق نفطية، ومحطات توليد كهرباء، فضلاً عن تدمير جزء من معهد وايزمان، أحد أبرز مراكز البحث العلمي لدى الاحتلال.


كما لحقت أضرار جسيمة بالمركز الطبي الجامعي "سوروكا" في بئر السبع، أحد أكبر المرافق الصحية في الجنوب، إضافة إلى ضربات طالت سبع مناطق سكنية مكتظة، تسببت في تشريد أكثر من 15 ألف إسرائيلي.

5 قواعد عسكرية أصابتها إيران.. كل ما نعرفه عن الضربات التي أخفتها إسرائيل
معهد وايزمان للعلوم قبل وبعد القصف الإيراني يوم الأحد ١٥ يونيو ٢٠٢٥ 


ورغم هذا الحجم من الدمار، لم يعلن الاحتلال سوى عن مقتل 28، في وقت أشارت فيه التقارير إلى تضرر ممتلكات سكنية في معظم مناطق الاحتلال.

ووفق ما نقلته ذا تايمز أوف إسرائيل، أطلقت إيران خلال الحرب أكثر من 500 صاروخ باليستي، ونحو 1,100 طائرة مسيّرة، لم تُصِب منها الأراضي المحتلة سوى واحدة فقط.

لكن تقرير صحيفة تلغراف أشار في تحليله إلى أن معدلات اعتراض الصواريخ تراجعت تدريجياً، إذ نجح عدد متزايد من الصواريخ الإيرانية في اختراق المنظومة الدفاعية خلال الأيام الثمانية الأولى من الحرب، لتصل نسبة النجاح إلى نحو 16% في اليوم السابع.


ورغم ذلك، لا تؤكد الصحيفة البريطانية تفسيراً قاطعاً لهذا التراجع، لكنها رجّحت أن الاحتلال قد يكون قرر ترشيد استخدام صواريخ الاعتراض، للحفاظ عليها لحالات "التهديد الحرج".


كما نقلت وول ستريت جورنال خلال أيام الحرب أن الاحتلال بدأ يعاني من نقص في صواريخ "آرو"، وقد يضطر إلى اختيار الأهداف التي يُعترضها، وتجاهل أخرى، وهو ما نفاه الجيش الإسرائيلي، زاعماً أنه كان مستعداً بشكل كافٍ للسيناريوهات كافة.


إلى جانب ذلك، أشارت ذا تلغراف إلى أن نوعية الصواريخ الإيرانية المستخدمة ربما لعبت دوراً في انخفاض فعالية أنظمة الدفاع، إذ يُعتقد أن بعضها أكثر تطوراً وتعقيداً من سابقاتها، ما يصعّب عملية اعتراضها.


ويُذكر أن الاحتلال يعتمد على منظومة دفاع جوي متعددة الطبقات، صُمّمت لاعتراض أنواع مختلفة من المقذوفات، من بينها "القبة الحديدية"، و"مقلاع داوود"، و"حيتس" (آرو).


ورغم ذلك، ظلت هذه المنظومة مدعومة طوال الحرب بأنظمة دفاع أميركية، شملت صواريخ "ثاد" الأرضية وصواريخ اعتراضية أُطلقت من قواعد أميركية بحرية في البحر الأحمر.


وعلى الرغم من الغارات الإسرائيلية التي استهدفت البنية العسكرية الإيرانية وبرنامجها النووي، أشار تقرير ذا تلغراف إلى أن جزءاً كبيراً من الترسانة الباليستية الإيرانية لا يزال سليماً، ما يعني أن القدرة الهجومية للجمهورية الإسلامية لم تُستنفد، الأمر الذي يُبقي على احتمالات التصعيد قائمة.

لماذا هذا مهم؟

تُعتبر القواعد الإسرائيلية، والجوية خصوصاً، من أكثر المنشآت العسكرية سرية وتأثيراً في المعارك والحروب التي خاضها الاحتلال خلال العقود الأخيرة، نظراً لدورها الحيوي في العمليات القتالية والدفاعية والتجسسية الاستطلاعية.


وبينما يعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بوجود 10 قواعد جوية عسكرية رسمياً، فقد كشفت وثائق مسربة في وقت سابق عن وجود قواعد أخرى سرية يستخدمها سلاح الجو الإسرائيلي.

5 قواعد عسكرية أصابتها إيران.. كل ما نعرفه عن الضربات التي أخفتها إسرائيل
خارطة للقواعد الجوية العسكرية الإسرائيلية (عربي بوست)

وتلجأ سلطات الاحتلال إلى إخفاء هذه القواعد على الخرائط، عبر تحويلها إلى أراضٍ زراعية أو صحراوية وهمية، أو تمويهها بمساحات بيضاء أو سوداء لإخفاء مواقعها الدقيقة عن الخصوم.


وتتنوع مهام هذه القواعد بين الاستطلاع والتجسس واعتراض الطائرات والصواريخ المعادية، إلى جانب توفير الدعم الجوي للقوات البرية والبحرية والمدفعية، وتزويدها بالمعلومات الاستخباراتية اللازمة، كما تلعب دوراً أساسياً في تنفيذ هجمات على جبهات داخلية وخارجية.


ويرجع تاريخ بعض هذه القواعد إلى ما قبل قيام دولة الاحتلال، حيث أسس الجيش البريطاني خلال فترة الانتداب قواعد لسلاحه الجوي، ورثتها عنه إسرائيل. وبعد عام 1948، أسست دولة الاحتلال العديد من القواعد الجوية وتوابعها، سواء بجهدها الداخلي أو بدعم أمريكي كامل.

تحميل المزيد