كشفت الصين المعروفة ببرنامجها السري للأسلحة النووية، لأول مرة عن تفاصيل رئيسية لبعض الصواريخ النووية التي تمتلكها، حيث نشر تلفزيون الصين الرسمي مؤخراً تقارير مفصلة عن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والتي تستطيع حمل رؤوس نووية مثل DF-41 وصاروخ DF-5، من عائلة صواريخ "دونغفنغ" أو "ريح الشرق"، والتي تستطيع حمل رأس نووي بقوة تعادل 200 ضعف حجم قنبلة هيروشيما، وتستطيع ضرب أي مكان في الولايات المتحدة وأوروبا بدقة 500 متر.
وتعد هذه الصواريخ عنصراً أساسياً في الردع النووي الاستراتيجي للبلاد في ظل المنافسة مع الولايات المتحدة الأمريكية. وفي ظل تسارع سباق التسلّح النووي، يتصاعد القلق الأمريكي من الصين كأسرع دولة حول العالم توسّع قدراتها النووية منذ حقبة الحرب الباردة. فما نعرفه عن ترسانة الصين من الصواريخ العابرة للقارات (ICBMs) يُشير إلى تحوّل جذري في ميزان الردع، يجعل واشنطن تتفحص عن كثب مخاطر تحول الصين إلى قوة نووية مقاربة لها في الحجم والفعالية.
كيف تخزن الصين الصواريخ النووية بأسرع معدل في العالم؟
- تُعزز الصين ترسانتها النووية بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. وتشير التقارير إلى أن مخزونها النووي ينمو بسرعة، وقد يُعادل قريبًا قوة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات التي تمتلكها أمريكا أو روسيا. يُثير هذا التوسع مخاوف بشأن سباق تسلح نووي عالمي جديد.
- وأظهرت دراسة بحثية حديثة نشرت في 17 يونيو/حزيران 2025 أن الصين تزيد مخزونها من الرؤوس النووية بمعدل أسرع من أي دولة أخرى. وقدر تقرير نشره معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن الصين تمتلك الآن ما لا يقل عن 600 رأس نووي، مع إضافة نحو 100 رأس نووي سنويا إلى المخزون منذ عام 2023.
- بالمعدل الحالي للزيادة، قد تمتلك الصين 1500 رأس نووي بحلول عام 2035. وهذا يقارب العدد الذي تمتلكه روسيا والولايات المتحدة حالياً والجاهز للاستخدام في وقت قصير.
- ويبلغ إجمالي مخزونات الأسلحة لدى روسيا والولايات المتحدة، والتي تشمل الأسلحة الجاهزة للاستخدام والرؤوس الحربية المُجمدة، أكبر بكثير. ووفقًا لبحث أجراه معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، تمتلك روسيا 5459 رأساً حربياً، بينما تمتلك الولايات المتحدة 5177 رأساً حربياً، وتمتلك الدولتان حوالي 90% من المخزون العالمي.
- وفي العام الماضي، وافقت الولايات المتحدة على استراتيجية نووية جديدة تركز على التهديد الذي تشكله الصين بالتحديد. ويعتقد البنتاغون أن الصين تمتلك 24 رأسا نوويا مثبتة بالفعل على صواريخ أو تقع في قواعد بها قوات تشغيلية، وهو ما يعني أنه يمكن إطلاقها في وقت قصير للغاية.
- وسّع شي جين بينغ، زعيم الصين، ترسانة بلاده النووية بوتيرة أسرع من أي زعيم صيني آخر. وكان قادة سابقون، مثل دينغ شياو بينغ، يزعمون أن الصين تحتاج فقط إلى احتياطيات متواضعة لردع الخصوم المحتملين.
- تُثير القدرات النووية الصينية قلقًا بالغًا لدى تايوان، الجزيرة المدعومة أمريكياً وتقول الصين إنها جزء من أراضيها. وتريد بكين إعادة توحيد تايوان مع جمهورية الصين الشعبية، وباستخدام القوة عند الضرورة. ويرى علماء صينيون أن امتلاك رادع قوي، كالأسلحة الباليستية والنووية، قد يمنع أي طرف ثالث من التدخل في أي صراع.
- وأشار مؤلفو التقرير في معهد ستوكهولم إلى أنه يجري بناء مئات من منشآت الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBM)، وهي صواريخ بعيدة المدى تُستخدم لحمل الأسلحة النووية، في حقول صحراوية شمال الصين. ووفقاً للتقرير، تضم ثلاث مناطق جبلية شرق الصين أيضاً صوامع صواريخ باليستية عابرة للقارات.
ما أبرز الصواريخ النووية العابرة للقارات التي تملكها الصين؟
1- صاروخ DF‑5B
- عرضت الصين مؤخراً ولأول مرة، القدرات القتالية للصاروخ الباليستي العابر للقارات DF-5B، وهو عنصر أساسي في الردع النووي الاستراتيجي للبلاد. وبمدى مُعلن يبلغ 12 ألف كيلومتر وحمولة تُقدر بما بين 3 إلى 4 ملايين طن من مادة TNT، فإن صاروخ DF-5B قادر على إلحاق دمار كارثي بأي عدو، بحسب مجلة Army Recognition العسكرية.
- يتجاوز انفجار الصاروخ، مستوى الانفجار الناتج عن القنابل الذرية المستخدمة في الحرب العالمية الثانية ما بين 150 و200 مرة، ما يجعله أحد أقوى الأسلحة المعروفة حالياً في ترسانة الصواريخ الصينية. ويُنظر إلى الكشف الرسمي كجزء من جهد أوسع تبذله بكين لتعزيز ثقتها في جهود تحديث جيشها وردع التهديدات المحتملة.
- يمثل الصاروخ الباليستي العابر للقارات DF-5B الصيني الصنع تطوراً كبيراً عن طراز DF-5 السابق، الذي سبق تطويره خلال الحرب الباردة. ويتمثل التحسين الأكثر أهمية في دمج تقنية MIRV، أو مركبة إعادة الدخول المتعددة ذات الاستهداف المستقل.
- يتيح هذا النظام المتقدم لصاروخ واحد حمل وإطلاق عدة رؤوس حربية نووية، كل منها قادر على ضرب هدف مختلف عبر مناطق جغرافية واسعة. وفي حين أن DF-5 الأصلي كان مزوداً برأس حربي واحد فقط، فإن DF-5B يمكنه حمل ما بين 6 و10 رؤوس، ما يزيد بشكل كبير من قدرته الضاربة.
- ويعود كل رأس حربي إلى الغلاف الجوي بشكل مستقل، ما يجعل من الصعب للغاية على أنظمة الدفاع الصاروخي اعتراضه. ولا يعزز هذا التطور من قوة DF-5B القاتلة فحسب، بل يعزز أيضاً بشكل كبير قيمته الرادعة الاستراتيجية من خلال إجبار الخصوم على مواجهة تهديدات متعددة متزامنة من صاروخ واحد.
- المدى: 12,000–16,000 كم، يصل أمريكا وأوروبا الغربية بالكامل.
- الرؤوس: يصل إلى 10 رؤوس نووية MIRV – كل رأس بقدرة ~1 ميغاطن
- الدقة: صاروخ بالوقود السائل، ودقته تصل إلى 500 متر يحتاج 30 دقيقة للوصول إلى هدفه وتدميره.
2- صاروخ DF‑41
- يُعد صاروخ DF-41، الذي تصنعه الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا مركبات الإطلاق وتشغله قوة الصواريخ التابعة لجيش التحرير الشعبي (PLARF)، أحدث صاروخ باليستي عابر للقارات متحرك برّي في الصين. ويُعتقد أن هذا الصاروخ قادر على حمل عدة رؤوس نووية (MIRVs)، ويبلغ مداه أكثر من 12,000 كيلومتر، ما يجعله قادر على ضرب أي هدف في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية.
- لتفادي الأنظمة الدفاعية يحمل الصاروخ أيضاً شراكاً خداعيةٍ، ويستطيع ضرب الولايات المتحدة خلال 30 دقيقةً من إطلاقه، مُقلصاً الوقت أمام أنظمة الدفاع لتستجيب له.
- وتقول شبكة CCTV المملوكة للدولة إن السلاح الفتاك الذي استلزم تطويره 10 سنواتٍ يُعد "ركيزة استراتيجية القوة النووية لبكين". وDF هي اختصارٌ لكلمة دونغفينغ التي تعني بالصينية "رياح الشرق". وهو اسمٌ يُطلق على مجموعةٍ من الصواريخ التي يستخدمها جيش التحرير الشعبي الصيني.
- المدى: 12,000–15,000 كم، أسرع صاروخ صيني، وتصل سرعته حتى 25 ماخ.
- الرؤوس: 8–10 MIRVs بقدرات 150–250 كيلوطن
3- سلسلة صواريخ DF‑31A/AG/B
- وهي صواريخ باليستية عابرة للقارات من تصميم وانتاج جمهورية الصين الشعبية وهو من الصواريخ طويلة المدى المنطلقة من المنصات البرية المتحركة كالشاحنات. وتتميز السلسلة بالجاهزية العالية، وصعوبة الاكتشاف، ما يجعلها جزءًا أساسياً في الردع النووي الصيني الحديث.
- صاروخ DF-31A/AG/B هو صاروخ صيني عابر للقارات يعمل بالوقود الصلب، ويُطلق من منصات متحركة (TELs). طُوّر عن النسخة الأصلية DF-31 ليحقق مدى أطول ودقة أعلى.
- صاروخ DF-31A يصل مداه إلى 11,200–13,000 كم، قادر على ضرب أهداف داخل الولايات المتحدة. وهناك DF-31B وهو إصدار محسّن من حيث الدقة وسرعة النشر.
- أما صاروخ DF-31AG يتميز بهيكل أقوى وقدرة تنقل أعلى، ويُعتقد أنه مزود برؤوس نووية MIRV متعددة.
4- صاروخ JL‑3 (نووي بحري)
- وهو صاروخ نووي تم اختباره في عام 2019، يُطلق من غواصاتٍ قادرة على نسف مدينة سان فرانسيسكو، بحسب صحيفة The Daily Mail البريطانية.
- الصاروخ JL‑3 قادر على حمل رؤوسٍ نوويةٍ بمدى يبلغ 9,000–10,000 كم ، وهو قادرٌ على إصابة هدفٍ يبعد 4350 ميلاً (7000 كيلومتر). يعني هذا أن بكين باتت قادرةً على شن هجماتٍ نوويةٍ على الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية من داخل مياهها الإقليمية الآمنة.
- والصاروخ مُصممٌ لينطلق من الغواصات النووية الصينية من طراز Jin، التي يُمكن تسليحها بنحو 24 صاروخاً من نوع JL-2. وهي جزء من الردع الاستراتيجي البحري.
5- صاروخ DF‑27
- وهو صاروخ باليستي متوسط المدى عابر للقارات مزود بمركبة انزلاقية تفوق سرعة الصوت (Hypersonic Glide Vehicle – HGV) مع خيارات هجوم بري وهجوم مضاد للسفن.
- أهدافه المحتملة: قواعد أمريكية في المحيط الهادئ (غوام، اليابان، هاواي). وحاملات طائرات ومجموعات بحرية في بحر الصين الجنوبي أو شرق آسيا. ويُرجّح أن يكون مصمماً أيضًا لضرب أهداف في الأراضي الأمريكية عند إطلاقه من الداخل الصيني.
- المدى: 5,000–8,000 كم مع مركبة HGV فرط‑صوتية بحسب تقديرات البنتاغون الأمريكي.
- في طور التطوير منذ 2021 وفق تسريبات استخباراتية.