لماذا تخشى “إسرائيل” لجوء إيران للصين في إعادة بناء قدراتها العسكرية؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/06/29 الساعة 15:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/06/29 الساعة 15:01 بتوقيت غرينتش
المقاتلة الصينية J-10C التي قد تشتريها إيران - شينخوا

بعد العدوان الإسرائيلي الأمريكي الأخير على إيران، والذي ألحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية العسكرية والمنشآت النووية الإيرانية كما تؤكد ذلك واشنطن وتل أبيب، تتجه طهران لتعويض خسائرها، وربما تكون الصين هي الحل في إعادة بناء القدرات الدفاعية لإيران.

وتكشف الدوائر الأمنية الإسرائيلية قلقاً متصاعداً من احتمال حصول إيران على أسلحة جديدة ونوعية من بكين وحتى روسيا٬ مثل طائرات J-10C الصينية المتطورة. حيث أثبتت هذه الطائرات كفاءة عالية في معارك جوية حديثة، ويُنظر إليها كخيار جاهز لتعويض ضعف سلاح الجو الإيراني، بل وتحويله إلى قوة هجومية جديدة. وهذا الدعم المحتمل يضع العلاقة الثلاثية بين طهران وبكين وموسكو تحت الاختبار٬ فهل تسارع الصين لتكون المزود العسكري الجديد لإيران؟ وكيف سيعيد ذلك تشكيل قواعد الاشتباك الإقليمي؟ 

إيران تسعى لسد ثغراتها الدفاعية والصين مفتاح الحل

  • في تحولٍ كبيرٍ في المشهد الجيوسياسي بالشرق الأوسط، تُسرّع إيران مفاوضاتها مع الصين لشراء طائرات تشنغدو جيه-10سي المقاتلة متعددة المهام، وهي خطوةٌ نتجت عن فشل صفقةٍ طال انتظارها مع روسيا لشراء طائرات سو-35 كما تقول تقارير غربية. ويأتي هذا القرار في أعقاب صراعٍ عنيفٍ استمر 12 يومًا بين "إسرائيل" والولايات المتحدة من جهة وإيران من جهة أخرى، والذي كشف عن نقاط ضعفٍ حرجةٍ في سلاح الجو الإيراني وأنظمة الدفاع الجوي المتقادمة.
  • وتقول مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية٬ إنه بعد وقت قصير من الغارات الجوية الأمريكية التي استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية – فوردو، ونطنز، وأصفهان – توجهت مجموعة من كبار القادة العسكريين الإيرانيين إلى الصين. وهناك، أفادت التقارير أن ممثلي إيران اطلعوا على العديد من الأسلحة العسكرية الصينية المتطورة، مثل طائرة J-10C الحربية من الجيل الرابع.
  • يشير تحول طهران نحو بكين، الذي أوردته صحيفة خراسان الإيرانية ونقلته صحيفة كومرسانت، إلى سعيها لتحديث أسطولها المتهالك في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والمواجهة الأخيرة. ولا يُعيد هذا التطور صياغة الاستراتيجية العسكرية الإيرانية فحسب، بل يُبرز أيضاً الدور المتنامي للصين كمورد دفاعي في الشرق الأوسط، مما يثير تساؤلات حول ديناميكيات القوة المتغيرة في المنطقة.
  • ولطالما عانت القوات الجوية الإيرانية، من صعوبات في الحفاظ على جاهزيتها العملياتية. ووفقاً لتقرير التوازن العسكري 2025، الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، كان لدى القوات الجوية الإيرانية حوالي 150 طائرة مقاتلة قبل الصراع الأخير، لكن معظمها من بقايا حقبة ماضية.
  • ويتألف العمود الفقري للأسطول من طائرات أمريكية الصنع، تم الحصول عليها قبل الثورة الإسلامية عام ١٩٧٩، بما في ذلك ٦٤ طائرة من طراز F-4 Phantom II، و٣٥ مقاتلة من طراز F-5E/F Tiger II، و٤١ طائرة من طراز F-14A Tomcats. إضافةً إلى ذلك، تشغّل إيران ١٨ طائرة من طراز MiG-29A/UB، تم الحصول عليها من الاتحاد السوفيتي في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات. تعاني معظم هذه الطائرات من مشاكل في الصيانة، ويُعتبر العديد منها غير صالح للاستخدام بسبب نقص قطع الغيار والخبرة الفنية.
  • وتقول مجلة "ناشونال إنترست" إنه عندما شنّ سلاح الجو الأمريكي غاراته الجوية في إطار "عملية مطرقة منتصف الليل" والتي استهدف بها المنشآت النووية الإيرانية، لم تحاول أي طائرة حربية إيرانية حتى اعتراض الطائرات الحربية الأمريكية الـ 129 التي دخلت المجال الجوي الإيراني. وللإنصاف، لم يكن سلاح الجو الإيراني نداً للقوات الجوية الغربية الإسرائيلية والأمريكية، وكان جزء كبير من القدرات الجوية الإيرانية قد تدهور بالفعل في الأيام التي سبقت انضمام الأمريكيين إلى الحرب.

ماذا يعني حصول إيران على مقاتلة "التنين" الصينية؟

  • صحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية كشفت أن "إسرائيل" تبدي قلقها من احتمال حصول إيران على طائرات مقاتلة صينية تسمى "بالتنين القوي". حيث أعلنت وسائل إعلام إيرانية في وقت سابق من الأسبوع الجاري أن مسؤولين إيرانيين أعربوا مجدداً عن اهتمامهم بشراء طائرة مقاتلة صينية متطورة من طراز J-10C (تشنغدو جيه-10) خلال زيارة وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده إلى العاصمة بكين. وتساءلت الصحيفة العبرية: "هل ستخوض إسرائيل قريبا معركة ضد سلاح الجو الإيراني المُطوّر بفضل الصين؟".
  • تقول الصحيفة العبرية إن الوزير الإيراني "شهود جالساً في قمرة قيادة الطائرة المقاتلة الصينية، وإن لم تكن من أحدث الطرازات المُنتجة في الصين، فقد خضعت مؤخراً لاختبار أثبت قدراتها ضد بعض من أفضل الطائرات التي يُقدمها الغرب".
  • وخلال الصراع الأخير بين الهند وباكستان، تمكنت طائرات J-10C الباكستانية من إسقاط العديد من طائرات رافال الفرنسية الصنع، والتي تُعتبر "من بين أكثر المقاتلات تقدماً وكفاءةً في أوروبا"٬ كما تقول الصحيفة. واستخدمت الطائرة، التي طورتها شركة تشنغدو للفضاء الجوي، صواريخ PL-15 متوسطة وطويلة المدى، التي نجحت في إصابة الطائرات الهندية، رغم إطلاقها من الأراضي الباكستانية.
  • وبحسب "إسرائيل هيوم" فإن "إيران فكرت سابقاً في توقيع صفقة شراء كهذه مع الصين، لكن بكين فضّلت عدم إثارة غضب واشنطن واختارت الامتثال لحظر الأسلحة المفروض على إيران. لكن من المحتمل الآن، بعد النتائج القاسية للعملية الإسرائيلية التي دمرت ما تبقى من سلاح الجو الإيراني، أن تعيد الصين النظر في قرارها".
  • ترى الصحيفة أن "إمكانية الحصول على طائرات مقاتلة متطورة ذات قدرات مثبتة، إلى جانب صواريخ جو ـ جو متطورة، سيناريو قد يثير قلق إسرائيل". و"من المثير للدهشة، أنه من المحتمل جداً أن يكون هذا الاستحواذ الذي تحرص إيران بشدة على إضافته إلى ترسانتها، نتيجة تخطيط إسرائيلي رائد. وعلى مر السنين، أشارت العديد من التقارير إلى أن تشنغدو J-10C هي في الواقع نسخة من طائرة "لافي" الإسرائيلية، التي توقف تطويرها عام 1987 تحت ضغط أمريكي".
  • ورغم نفي إسرائيل والصين المتكرر لهذه الادعاءات، انتشرت في وسائل الإعلام الأمنية بالعالم تقارير عن مهندسين إسرائيليين يعملون على المشروع ويبيعون المعرفة عبر قنوات سرية لصناعة الطيران الصينية. بالإضافة إلى ذلك، تتشابه الطائرتان في تصميمهما الديناميكي الهوائي: أجنحة كانارد، وهيكل يشبه طائرة لافي، ونسبة دفع إلى وزن متشابهة.
  • وأشارت تقارير غربية، بما في ذلك تقارير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومجلة "جينز ديفنس" الأمنية، منذ تسعينيات القرن الماضي إلى أن طائرة J-10C قد تعتمد بشكل كبير على تقنيات "لافي". واعتبرت الصحيفة العبرية أنه "لا شك أن احتمال مواجهة طائرات سلاح الجو لطائرات معادية مصممة في إسرائيل وتحمل الاسم الرمزي "لافي" في الأجواء الإيرانية أمر مثير للاهتمام".
  • تقول الصحيفة العبرية إنه "من المهم التذكير بأن إيران واجهت حتى الآن صعوبة في الحصول على طائرات جديدة لسلاحها الجوي، وأن هذا الاستثمار المالي الضخم في وقت تحتاج فيه إلى إعادة تأهيل صناعاتها الدفاعية وإعادة تجهيز جميع المعدات العسكرية التي تضررت خلال عملية 'الأسد الصاعد' (مسمى إسرائيل لعدوانها على إيران) قد يكون فوق طاقة اقتصادها"، وفق الصحيفة.

إيران أراد الحصول على طائرات روسية.. لكن الكرملين ظل يماطل

  • قبل التوجه للصين٬ أراد الإيرانيون بشدة شراء طائرات حربية روسية – ولا سيما سو-35 – كانت موسكو تُماطل في تسليمها، مُفضلةً استخدامها في أوكرانيا. لكن الحرب الأخيرة تُؤكد أن طهران لم تعد قادرة على الانتظار. فإذا لم تتمكن روسيا، التي يُفترض أنها الراعي الجيوسياسي لإيران، من تسليم الطائرات أو لم تُرد تسليمها، فإن مُشتري الدفاع الإيرانيين سيتجهون إلى بكين بدلاً من ذلك.
  • وبما أن روسيا لن تفي -حتى الآن- لطهران طلباتها، فستلجأ طهران إلى الصين. وهذه صفقة جيدة للطرفين؛ إذ ستعزز سوق تصدير الأسلحة الصينية، وستمنح إيران قدرات جديدة بشكل ملحوظ، حيث كانت قوتها الجوية في حالة يرثى لها حتى قبل الحرب. إذا اشترت إيران هذه الأنظمة الصينية، فستعزز جيشها بشكل كبير، وستجعله قوة قتالية أكثر كفاءة. في الواقع، يبدو أنه منذ الضربات الإسرائيلية، يشرع الإيرانيون في حملة تحديث حقيقية لجعل جيشهم أكثر قدرة على المنافسة مع جيوش المنطقة٬ كما تقول مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية.
  • وفي هذا السياق٬ تقول صحيفة "وول ستريت جورنال"٬ إنه في حين تعاني إيران من أخطر تهديد تواجهه منذ عقود، فإن تحالفها مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية ــ وهو المحور الذي أثار قلق الولايات المتحدة وحلفائها بشكل متزايد ــ يواجه اختبارا حيويا: فهل يسارع شركاؤها إلى مساعدتها؟
  • يمكن لبكين وموسكو وبيونغ يانغ الآن أن تقدم لإيران مساعدةً حاسمةً للتعافي من الأضرار التي ألحقتها الضربات الأمريكية والإسرائيلية ببرنامجها النووي وترسانتها من الأسلحة التقليدية. قد يُعزز ذلك التحالف، ويرسل إشارةً قويةً للصراعات المحتملة في تايوان وشبه الجزيرة الكورية وأوروبا  الشرقية.
  • وفي الواقع، ساعدت القوى الثلاث إيران في بناء البرنامج النووي الذي حاولت الولايات المتحدة وإسرائيل تدميره. حيث شُيّد مرفق أصفهان، أكبر مجمع أبحاث نووية في إيران وهدف رئيسي للضربات الأمريكية، بمساعدة صينية عند افتتاحه عام ١٩٨٤، وفقًا لمنظمة مبادرة التهديد النووي غير الربحية. ويعمل فيه ثلاثة مفاعلات بحثية صغيرة، مُزوّدة من الصين.
  • كما ساهم كوريون شماليون في تصميم الأنفاق تحت الأرض المستخدمة في المواقع النووية الإيرانية. وأعلنت موسكو أن مئات الخبراء النوويين الروس يعملون حاليًا داخل إيران. لكن يبدو أن الصين وروسيا وكوريا الشمالية غير راغبين – حتى الآن- في الاندفاع بقوة إلى جانب إيران. والسبب الرئيسي هو أن قرار ترامب إقحام الولايات المتحدة في الهجوم الإسرائيلي على إيران بضرب المنشآت النووية للبلاد جعل مساعدة طهران على التعافي أكثر خطورة وأكثر تعقيدًا من الناحية الجيوسياسية. 
  • واستقبل بوتين، يوم الاثنين، كبير الدبلوماسيين الإيرانيين ، عباس عراقجي، في موسكو، لكنه لم يعرض أي مساعدة عسكرية معلنة. وأدانت كل من الصين وكوريا الشمالية الضربات الأمريكية على إيران، رغم أنهما لم تذكرا ترامب بالاسم. 
  • وكان الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا قبل ثلاث سنوات حافزاً لتشكيل هذا التجمع، حيث سعت موسكو المعزولة إلى دعم الحرب. زودت إيران روسيا بتقنيات طائرات بدون طيار بالغة الأهمية، بينما أرسلت كوريا الشمالية كميات هائلة من الذخيرة وآلاف الجنود. أما الصين، التي تشتري أكثر من 90% من نفط إيران ، فقد زودت روسيا بما يُسمى بالمنتجات ذات الاستخدام المزدوج التي تدعم المجهود الحربي الروسي.  
  • في الأسبوع الماضي، التقى سيرجي شويجو ، رئيس مجلس الأمن الروسي، في بيونج يانج مع كيم جونج أون لإبرام اتفاق ترسل كوريا الشمالية بموجبه 6 آلاف متخصص في البناء العسكري وإزالة الألغام إلى منطقة كورسك الروسية – وهي نفس المنطقة التي نشر فيها كيم  حوالي 15 ألف جندي  للمساعدة في طرد الجنود الأوكرانيين منذ الخريف الماضي.
  • في النهاية٬ يخلق إعادة تسليح إيران فرصاً لبيع الأسلحة من كوريا الشمالية، التي تعد منذ فترة طويلة مورداً عسكرياً لطهران. ولكن مساعدة طهران قد تقوض مصالح الدول الثلاث المسلحة نوويا. حيث تُجري الصين  محادثات تجارية مع إدارة ترامب، التي فرضت رسومًا جمركية مرتفعة على الواردات الصينية. قد تكون روسيا حريصة على الحفاظ على علاقاتها الطيبة مع ترامب، الذي رفض حتى الآن فرض عقوبات جديدة على روسيا لإجبارها على إنهاء الحرب في أوكرانيا. 
تحميل المزيد